قال تعالى : { وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (12) } التوبة .

قال ابن كثير : وإن نكث هؤلاء المشركون الذين عاهدتموهم على مدة معينة أيمانهم، أي: عهودهم ومواثيقهم ، { وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ } أي: عابوه وانتقصوه. ومن ها هنا أخذ قتل من سب الرسول، صلوات الله وسلامه عليه، أو من طعن في دين الإسلام أو ذكره بتنقص؛ ولهذا قال: { فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ } أي: يرجعون عما هم فيه من الكفر والعناد والضلال.[1]

فالذمى المعاهد الموجود فى بلاد المسلمين يكون بينه و بين المسلمين عهد و إن طعن فى الدين فهو ينقض العهد .

قال القرطبى : لأن العمل بما يُخالف العهد هو نقض للعهد .[2]

و قد يكون سؤالك الآن : أين هذا من حرية الحوار ؟

أقول :
جاء فى لسان العرب حرف ( ط ) مادة ( طعن ) :-

والطَّعَنَانُ بالقول؛ قال أَبو زُبيد: وأَبى المُظْهِرُ العَدَاوةِ إلا طَعَناناً، وقولَ ما لا يقال

وفي الحديث: ( لا يكون المؤمنُ طَعَّاناً ) أي وَقَّاعاً في أَعراض الناس بالذم والغيبة ونحوهما، وهو فَعَّال من طَعَن فيه وعليه بالقول يَطْعَن، بالفتح والضم، إذا عابه - إنتهى .

إذًا يُتبين من هذه المعانى أن الطاعن فى الدين ليس بالذى يريد حوارًا ، لا بل الذى يتجرء على الدين ليقول عنه ما ليس فيه و قول ما لا يُقال .
بل و أيضًا الطاعن فى الدين هو الذى يُظهر العداوة لا الذى يُظهر الحاجة إلى حوار .

فللحوار أدابه أما الطاعن فى الدين هو المستهزىء به و بذلك يكون قد جاء بما يُنقض العهد بينه و بين المسلمين ، فهو سبب فيما سيحل عليه من القتل .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]تفسير ابن كثير (4/116) .
[2]تفسير القرطبى (8/83) .