بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لعَمْرُكَ ، ما الدّنيا بدارِ بَقَاءِ ؛ ** كَفَاكَ بدارِ المَوْتِ دارَ فَنَاءِ

فلا تَعشَقِ الدّنْيا ، أُخيَّ ، فإنّما ** يُرَى عاشِقُ الدُّنيَا بجُهْدِ بَلاَءِ

حَلاَوَتُهَا ممزَوجَةٌ بمرارةٍ ** ورَاحتُهَا ممزوجَةٌ بِعَناءِ

فَلا تَمشِ يَوْماً في ثِيابِ مَخيلَةٍ ** فإنَّكَ من طينٍ خلقتَ ومَاءِ

لَقَلّ امرُؤٌ تَلقاهُ لله شاكِراً ؛ ** وقلَّ امرؤٌ يرضَى لهُ بقضَاءِ

وللّهِ نَعْمَاءٌ عَلَينا عَظيمَةٌ ، ** وللهِ إحسانٌ وفضلُ عطاءِ

ومَا الدهرُ يوماً واحداً في اختِلاَفِهِ ** ومَا كُلُّ أيامِ الفتى بسَوَاءِ

ومَا هُوَ إلاَّ يومُ بؤسٍ وشدةٍ ** ويومُ سُرورٍ مرَّةً ورخاءِ

وما كلّ ما لم أرْجُ أُحرَمُ نَفْعَهُ ؛ ** وما كلّ ما أرْجوهُ أهلُ رَجاءِ

أيَا عجبَا للدهرِ لاَ بَلْ لريبِهِ ** يخرِّمُ رَيْبُ الدَّهْرِ كُلَّ إخَاءِ

وشَتّتَ رَيبُ الدّهرِ كلَّ جَماعَةٍ ** وكَدّرَ رَيبُ الدّهرِ كُلَّ صَفَاءِ )(

إذا ما خَليلي حَلّ في بَرْزَخِ البِلى ، ** فَحَسْبِي بهِ نأْياً وبُعْدَ لِقَاءِ

أزُورُ قبورَ المترفينَ فَلا أرَى ** بَهاءً ، وكانوا ، قَبلُ ، أهل هاءِ

وكلُّ زَمانٍ واصِلٌ بصَريمَةٍ ، ** وكلُّ زَمانٍ مُلطَفٌ بجَفَاءِ

يعِزُّ دفاعُ الموتِ عن كُلِّ حيلةٍ ** ويَعْيَا بداءِ المَوْتِ كلُّ دَواءِ

ونفسُ الفَتَى مسرورَةٌ بنمائِهَا ** وللنقْصِ تنْمُو كُلُّ ذاتِ نمَاءِ

وكم من مُفدًّى ماتَ لم يَرَ أهْلَهُ ** حَبَوْهُ ، ولا جادُوا لهُ بفِداءِ

أمامَكَ ، يا نَوْمانُ ، دارُ سَعادَةٍ ** يَدومُ البَقَا فيها ، ودارُ شَقاءِ

خُلقتَ لإحدى الغايَتينِ ، فلا تنمْ ، ** وكُنْ بينَ خوفٍ منهُمَا ورَجَاءُ

وفي النّاسِ شرٌّ لوْ بَدا ما تَعاشَرُوا ** ولكِنْ كَسَاهُ اللهُ ثوبَ غِطَاءِ