بسم الله الرحمن الرحيم
ويقول الرفاعي في مقال له بعنوان ( معوقات الإصلاح الديني) ..
وفي الحديث التالي من صحيح مسلم ، رقم : ( 4975 ) حسب ترقيم العالميّة ..
[[ حَدَّثَنِي ....... عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُتَّهَمُ بِأُمِّ وَلَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ اذْهَبْ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ فَأَتَاهُ عَلِيٌّ فَإِذَا هُوَ فِي رَكِيٍّ يَتَبَرَّدُ فِيهَا فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ اخْرُجْ فَنَاوَلَهُ يَدَهُ فَأَخْرَجَهُ فَإِذَا هُوَ مَجْبُوبٌ لَيْسَ لَهُ ذَكَرٌ فَكَفَّ عَلِيٌّ عَنْهُ ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَمَجْبُوبٌ مَا لَهُ ذَكَرٌ ]] ..
ويدعي أن في هذا الحديث إساءة للنبي صلى الله عليه وسلم .. وقد سبق وبينا أن الصحابة ومن جاء بعدهم وهم خير القرون كانوا أحرص على النبي صلى الله عليه وسلم من أن يأتي غيرهم ممن عاش بعدهم ليتهمهم بالإساءة .. والرد على هذا الحديث هو ما قاله أهل العلم ..
وقد سبق الرفاعي في انتقاد هذا الحديث محمد الغزالي رحمه الله تعالى وقد رد عليه الشيخ سلمان العودة في كتابه( حوار هادئ مع الغزالي) فقال:
إن الحديث رواه مسلم وذلك برقم (2771) وأحمد (3/281) وغيرهما من أئمة الحديث, فهو حديث صحيح لا مطعن فيه.
وقال الإمام ابن القيم في سند الحديث (ليس في إسناده من يتعلق عليه) مع أنه في مسلم فقد بحث ابن القيم في إسناده فوجد رجال إسناده ثقات لا يمكن أن يتعلق عليهم أو يضعف أحد منهم .
أما الإشكال الوارد في الحديث فقد أجاب عنه ابن القيم -رحمه الله- في زاد المعاد (5/16) بجواب سديد دون أن يحتاج إلى أن يتجشم تضعيف الحديث وهو في مسلم قال ابن القيم -رحمه الله- (وقد أشكل هذا القضاء على كثير من الناس, فطعن بعضهم في هذا الحديث ولكن ليس في إسناده من يتعلق عليه, وتأوله بعضهم على أنه لم يرد حقيقة القتل إنما أراد تخويفه ليزدجر عن مجيئه إليها, قال وهذا كما قال سليمان للمرأتين اللتين اختصمتا إليه في الولد عليَّ بالسكين حتى أشق الولد بينهما ولم يرد أن يفعل ذلك بل قصد استعلام الأمر من هذا القول (يعني سليمان حينما قال أشق الولد بينهما لم يكن يقصد حقيقة الكلام الذي يقوله) وأحسن من هذا أن يقال: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر علياً رضي الله عنه بقتله تعزيراً لإقدامه وجرأته على خلوته بأم ولده -صلى الله عليه وسلم-, فلما تبين لعليّ حقيقة الحال وأنه بريء من الريبة كف عن قتله. والتعزير بالقتل ليس بلازم كالحد بل هو تابع للمصلحة دائر معها وجوداً وعدماً)
على هذا يمكن أن يقال إن الرسول- صلى الله عليه وسلم- أمر بقتله لأنه كان يدخل على أم ولد النبي-صلى الله عليه وسلم- في غيبته ويخلو بها وقد شاع هذا الكلام في الناس فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقتله تعزيراً لأنه تسبب في قالة السوء في بيت الرسول -صلى الله عليه وسلم- بفعله المحرم, إضافة إلى ما يوجد من الشبهة في ذلك, فلما بان الأمر للناس وانتفى الكلام بأن الرجل كان مجبوباً زال ما يدعو إلى تعزيره بالقتل فعفى عنه الرسول -صلى الله عليه وسلم-
أ.هـ كلام الشيخ العودة
وقال ابن عبد البر في الاستيعاب:
هذا الرجل المتهم كان ابن عم مارية القبطية أهداه معها المقوقس وذلك موجود في حديث سليمان بن أرقم عن الزهري عن عروة عن عائشة وأظنه الخصي المأبور المذكور من حينئذ عرف أنه خصي والله أعلم
وذكر الطحاوي في المشكل:-
فقال قائل : وكيف تقبلون مثل هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمره عليا عليه السلام بقتل من لم يكن منه ما يوجب قتله ، وأنتم تروون عنه صلى الله عليه وسلم قال : فذكر ما قد تقدم ذكرنا له في كتابنا هذا من قوله : " لا يحل دم امرئ إلا بإحدى ثلاث : زنا بعد إحصان ، أو كفر بعد إيمان ، أو نفس بنفس " وها لم يقم عليه حجة بأنه كانت منه واحدة من هذه الثلاث خصال
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه :
أن الحديث الذي احتج به يوجب ما قال لو بقيت الحكام على ما كانت عليه في الوقت الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا القول ، ولكنه قد كانت أشياء تحل بها الدماء سوى هذه الثلاثة الأشياء فمنها : من شهر سيفه على رجل ليقتله ، فقد حل له به قتله ومنها : من أريد ماله ، فقد حل له قتل من أراده ، وكانت هذه الأشياء قد يحتمل أن يكون كانت بعد ما في الحديث الذي حظر أن لا تحل نفس إلا بواحدة من الثلاثة الأشياء المذكورة فيه ، فيكون ذلك إذا كان بعده لاحقا بالثلاثة الأشياء المذكورة فيه ، ويكون الحظر في الأنفس مما سواها على حاله وكان في حديث القبطي الذي ذكرنا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا عليه السلام ، إن وجد ذلك القبطي عند مارية ، قتله ، يريد : إن وجده في بيته ، فلم يجده عندها في بيته ، فلما لم يجده في بيته ، لم يقتله ، ولو وجده فيه لقتله كما أمره النبي صلى الله عليه وسلم به فكان من الأشياء التي ذكرنا منها الشيئين اللذين ذكرناهما مما في شريعته صلى الله عليه وسلم : أن من وجد رجلا في بيته قد دخله بغير إذنه حلال له قتله ، وكذلك منها : من أدخل عينه في منزل رجل بغير أمره ليرى ما في منزله ، حل له فقء عينه ، وكذلك روي عنه صلى الله عليه وسلم في الذي اطلع في بيته من جحر فيه من قوله له : " لو أعلم أنك تنظر ، لطعنت به يريد مدرى كان في يده في عينك " ومن قوله : " من اطلع على رجل في بيته ، فحذفه ، ففقأ عينه ، فلا جناح عليه " ومن قوله : " من اطلع على قوم ففقئوا عينه ، فلا قصاص له ولا دية " وقد ذكرنا ذلك كله فيما تقدم في كتابنا هذا ، وكان مثل ذلك : من دخل ببدنه بيت رجل بغير إذنه ، حل له قتله ، فبان بحمد الله عز وجل ونعمته أن لا تضاد في شيء من آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا خروج لبعضها عن بعض ، والله عز وجل نسأله التوفيق أ.هـ
المفضلات