تعبير ثالث
(لكل اجل كتاب، يمحو الله ما يشاء ويثبت؛ وعنده ام الكتاب)الرعد40-41 .
قالوا : ( أم الكتاب : اصله الذي لا يتغير منه شيء، وهو ما كتبه في الأزل ( الجلالان) .
هذا تعريف متناقض : ففي الأزل ، قبل الخلق ، ليس الله بحاجة ان يكتب لذاته، وليس من خلق ليكتب لهم . وهب ان الله عنده (لوح محفوظ) هو (ام الكتاب) الذي ينزل منه على خلقه: فكيف يمحو الله منه ما يشاء ويثبت ، في كل اجل ، عند تنزيل الكتاب؟ هل يبدأ الله ويعيد؟ فليس ( عنده ام الكتاب) في السماء منذ الأزل ، لان قوله : (يمحو الله ما يشاء ويثبت) من الكتاب بحسب كل اجل ، دليل على كتاب على الأرض ، لا على كتاب في السماء منذ الأزل، لان ما كتبه الله في الأزل لا يتغير منه شيء : لذلك فان ( ام الكتاب ) أي اصله الذي بموجبه ( يمحو الله ما يشاء ويثبت ) هو قابل للتبديل والنسخ ، والمحو الإثبات ؛ وهذا لا يصح الا في كتاب الله الذي على الأرض . فلا صلة (لام الكتاب ) بالسماء ولا بالأزل ؛ لان هذا يقول بقديمين : الله وكتابه الأزلي.
هذا ما يتضح من قوله أيضا : ( حم والكتاب المبين : إنا جعلناه قرانا عربيا لعلكم تعقلون! وانه في أم الكتاب لدينا ، لعلي حكيم) الزخرف 1-4 .يقسم على طريقة أهل الكتاب ( بالكتاب المبين) انه (جعله قرانا عربيا) . فالقران العربي ( مجعول ) ؛ والكتاب المبين قد جعل قرانا عربيا .
وبما ان القران العربي (تصديق الذي بين يديه) (قبله) وتفصيل الكتاب ، يونس 37 ؛ فالكتاب المبين الذي جعل قرانا عربيا هو (الذي بين يديه) أي قبله . وفي قوله : ( وانه في ام الكتاب لدينا، لعلي حكيم) ، إن لفظ (لدينا) قد يكون في السماء ، او على الأرض، فلا يقطع بمعنى كان وجوده.
فالتصريح لا يعني الا انه جعل الكتاب المبين الذي عند أهل الكتاب قرانا عربيا .ولئلا يطالب بإبراز ( ام الكتاب ) استدرك فقال : ( انه لدينا، لعلي حكيم) ، مثل قوله : ( في لوح محفوظ) ، ومثل قوله : (لا يمسه إلا المطهرون) أي انه لا يحل للمشركين ان يلمسوه .
ولما أحرجوه قال ( وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله ) ان (مثل) القران عند اهل الكتاب ، لا في السماء .
المفضلات