بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين



نتابع درس هذا هو الاسلام

هذا هو الإسلام في الخلاف والحوار

الخلاف والحوار.

لابد للناس أن يختلفوا إذا كان كذلك فلابد أن يتحاوروا، ولهذا دعا الله جل وعلا

المؤمنين أن يكون القول بينهم فيما يتحاورون فيه بالأحسن،

قال الله جل وعلا ﴿وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ﴾[الإسراء:53]،

وأكثر ما يكون القول السيئ عند المناقشة وعند الحوار، فإذا اختلف ولم يأخذوا أحسن

ما يجدون من الأقوال فإنهم سيختلفون، ولذلك الشرع والإسلام لما رأى هذا الخلاف

وأنه واقع وأنه لابد للناس منه فأدب الناس بتأديبه في أن يكون قولهم بالتي هي

أحسن، حتى في الدعوة أمر الله جل وعلا بالحكمة،

قال سبحانه ﴿ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾

[النحل:125]،

وهذا في جميع أصناف الناس المسلمين وغير المسلمين يجادلون بالتي هي أحسن،

والحظ قوله ﴿بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ وليس بالحسنى فقط وإنما بأحسن ما تجد؛ لأن المقصود

الوصول إلى النتيجة، فالناس سيختلفون وإذا لم نرعى هذا الخلاف بيننا بالحوار بالتي

هي أحسن فإنه سينشق المجتمع وستتعدد فيه الطوائف وسيتعدد فيه البغضاء وهذا

خلاف ما أوجب الشرع من حماية البيضة واجتماع الكلمة.

قال أيضا جل وعلا في حوار ومجادلة غير المسلمين ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي

هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ﴾
[العنكبوت:46]

المجتمع بطبيعته بتنقصه ونمائه وبكبره، لابد أن يكون فيه بعض الاتجاهات المذهبية،

لابد أن يكون فيه بعض الاتجاهات الطائفية وهذه بدرت من أول يوم، والانتماءات

المختلفة موجودة سواء انتماءات عرقية أو قبلية أو بلدانية أو مذهبية ونحو ذلك.


وفي عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انقسم الناس إلى مهاجرين وأنصار، وكان هذان

الاسمان المهاجرون والأنصار اسمين شرعيين ذكرهما الله جل وعلا في كتابه، ومع

ذلك لما تعصب الناس من الأنصار للأنصار ومن المهاجرين للمهاجرين أنكر عليهم

النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ففي أحد المعازي أو السرايا حصل خلاف بين غلام

أنصاري وغلام مهاجري فقال الأنصاري: يا للأنصار؛ يعني ينتخي الأنصار، وقال

المهاجري: يا للمهاجرين. فاجتمعوا فغضب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال

«أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم» مع أن اسم المهاجرين اسم شرعي واسم

الأنصار اسم شرعي لكن لما كانت الموالاة والمعاداة على اسم غير اسم الإسلام ويفرق

الأمة نهى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنه وقال «أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم»،

فاختلاف المذهبي والاختلاف الحزبي والاختلاف في الواقع وهذا يكون لابد مع التمدد

وتنوع الناس في معارفهم أن يكون بينهم خلاف، وأن يكون هناك انتماءات وأن يكون

هناك أنواع التعصبات، وأنواع الآراء المختلفة؛ لكن يجب أن يرعى الشرع فيها، وأن

لا يكون الولاء لاسم غير اسم الإسلام، وأن لا يكون الاجتماع اجتماع على غير

الاجتماع على كلمة الله جل وعلا تحت راية ولي الأمر.

وأما إذا تفرق المجتمع بوجود المذاهب والطوائف إلى أن يطعن بعضهم في بعض

بدون وبافتئات ما يراه ولي الأمر فإن هذا يضعف الأمة ويفتّت قوة كلمتها.


النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان في وقته المنافقون، وكان يرعى الظاهر منهم، ولم

يحاسبهم على بواطنهم، وترك بواطنهم لله جل وعلا وقال له بعض الصحابة أو حثه

بعض الصحابة على قتل بعض المنافقين

فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لا، لا يُتحدث أن محمدا يقتل أصحابه»،




لكم منى أجمل تحية