بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

أحبتى فى الله

نكمل سويا درس هذا هو الاسلام

هذا هو الإسلام في نظام الحكم

الإسلام ليس دينا للتعبد بين الإنسان وبين ربه في المساجد؛ بل الإسلام دين للفرد ودين

للجماعة، الإسلام نظام للإنسان في نفسه وفي مجتمعه، وهو أيضا نظام حكم،



لنبيه ﴿وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ﴾[النساء:58]،

و لنبيه

في بُعده عن حكم الجاهلية

﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ

يُوقِنُونَ﴾
[المائدة:50]،

راع الإسلام أساسيات ما يقوم عليه مجتمع الناس في نظام

حكمهم:

فراعى أولا الحرية، والحرية تتنوع:

ومنها الحرية الدينية قال الله جل وعلا

﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾
[البقرة:265]،

وقال لنبيه ﴿فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ (21) لَّسْتَ عَلَيْهِم

بِمُصَيْطِرٍ﴾
[الغاشية:

21-22]، وقال أيضا لنبيه ﴿أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى

يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ﴾
[يونس:99] وهذه

الحرية طبقت بتطبيق ظاهر بين في عهده عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ وفي عهده الخلفاء

الراشدين فلم يجبر أحد على أن يعتنق الإسلام؛ بل كان يعرض له الإسلام فإن قبله وإلا

ترك، وهذا لأجل هذا الأصل في أنه من كان على ملة كاليهودية والنصرانية فإنه لا

يفتن عنها كما جاء في رسالة من رسائل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لبعض عماله

قال«ومن كان على يهوديته أو نصرانيته فإنه لا يفتن عنها» يعني لا يلجأ حتى يترك

ذلك وسيرة الخلفاء في ذل في التسامح في هذا الجانب وفي تركه ظاهرة بينة.

من أساسيات الشرع في الحريات رعاية الحرية الاقتصادية ورعاية الحرية الشخصية

قال الله جل وعلا ﴿وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾

[البقرة:275]

وسيأتي مزيد بيان لذلك

في محور الاقتصاد والمال.

الحرية الشخصية للإنسان في بيته فيما يزاوله، الحرية الشخصية في ماله فيما يزاوله،

هذا أصل قعده الشرع ولذلك راع الشرع حرية الإنسان في نفسه في بيته، فلما أراد

بعض الناس؛ بل نظروا إلى داخل بيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولما حدث النبي بذلك

قال «لو علمت من شأنكم لفقأت عينك» يعني لأنه تدخل ونظر إلى ما ليس له النظر فيه

فالإسلام رعى الحريات، ولا يمكن هناك اجتماع حكم أو اجتماع دولة أو اجتماع للناس

يألفون فيه ويجتمعون فيه على مصلحتهم إلا بنوع من الحريات كفلها الشرع لهم.

والحريات واسعة ومتنوعة مما رعاه الشرع.

أيضا من أساسات الشرع في حكم الناس العدالة والمساواة، العدل بين الناس

والمساواة، وأصل الحكم في الناس لأجل تحقيق مصالحهم الناس يجتمعون على واليهم

ويجتمعون على أميرهم ويجتمعون على دولتهم ويجتمعون حكمهم؛ لأجل أنه يحقق

مصالحهم، وأعظم ما يرضي الناس وتحقق به المصالح العدل فيما بينهم، والعدل عرفه

العلماء بأنه إعطاء كل ذي حق حقه، ومعلوم أن صاحب الحق يتفاوت كما يتفاوت

الناس في إعطائهم بعض الحقوق؛ لكن العدالة أن يوصل الحق إلى صاحب الحق دون

مضاربة ودون طغيان على صاحب الحق.

والمساواة مطلوبة وكما أن الناس في التكليف سواء لا فرق بين عربي وأعجمي إلا

بالتقوى، والناس سواسية في التكليف كأسنان المشط، فإنهم كذلك يطلب أن يكونوا

سواسية فيما يحتاجونه في دنياهم في مصالحهم وفيما يدفعون به الأذى وفي القضاء

ونحو ذلك، ولهذا أكد الشرع على سواسية الناس في مجمل حقوقهم وما به حياتهم

وعلى سواسية الناس أمام القاضي وعلى سواسية الناس في تحصيل مصالحهم.

من أساسيات في الحكم أن تُحفظ بيضتهم وأن تحفظ اجتماعهم وقوتهم فأول مهمات

الحكم أن يجمع الناس وأن يحفظ لهم بيضتهم واجتماعهم؛

بأن يقيم فيهم شرع الله جل وعلا.

ومن أساسيات ذلك التي رعاها الشرع النصح بين المؤمنين قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ «الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة ثلاثا»

قلنا: لمن يا رسول الله؟

قال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ «لله ولكتابه ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم»

، فالنصح

للعامة والنصح لولاة الأمر هذا أصل من أصول الشريعة، وقد عاهد النبي صَلَّى اللهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعض الصحابة على أن يقولوا الحق لا تأخذهم في الله لومة لائم، وعاهد

النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طائفة من الصحابة على أن ينصحوا لكل مسلم على اختلاف

طبقات المسلمين.

وهذا داخل في أصل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد وصف الله جل وعلا هذه

الأمة في هذه الصفة

قال جل وعلا ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ

وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ﴾
[آل عمران:110]،

والنصح من الأمر بالمعروف

والنهي عن المنكر وهذا و القاعدة وأشكاله وضوابطه وظروفه تختلف

باختلاف الزمان والمكان.

ولذلك كما سيأتي الإشارة إليه الأنظمة الحديثة كمجلس الشورى أو المجالس -مجالس

الأمة- أو نحو ذلك، هي نوع وأداة ووسيلة من وسائل النصح التي راعى الشرع فيها

القاعدة العامة وترك الوسيلة للناس يطوروها كلما احتاجوا إلى ذلك فإذا تعقد الزمان

وتعقد علاقات الناس، ولم يوصل إلى النصح إلا بأسلوب ينظمه ولي الأمر فإنه يجب

عليه أن ينظمه حتى تكون النصيحة واضحة واصلة إلى الحاكم وولي الأمر.

كذلك النقد والقول الآخر وكما يسمى المعارضة بضوابطها الشرعية، هذه مقبولة لكن

بشروطها الشرعية ومن أهمها أن لا تحدث فتنة وأن لا تفرق المسلمين، فإذا كان النقد

والمعارضة والقول الآخر فيه مصلحة الناس ولو شق سماعه؛ ولكن لا يسبب فتنة أو

عملية في الناس ولا يؤدي بهم إلى فساد في اجتماع كلمتهم فإنه مأذون به.

أما الحكم في نفسه، فأركان الحكم التي ...: الحاكم، وأهل الحل والعقد، وأهل الشورى

والرقابة، والقضاء، والدواوين والأجهزة التنفيذية.

والحاكم الشرع فصل القول فيه؛ فيما يجب عليه، وفيما يجب له، وكيف يختار، وكيف

تكون ولايته.

وكذلك في أهل الحل والعقد ومن يكونون، وكيف يزاول وليّ الأَمر الأمر بينه وبينهم.

وكذلك الشورى والرقابة، فقد كان أهل الشورى عند عمر معروفين وكانوا عدد

معروفين، وهذا يتطور بتطور الزمان وربما صار اليوم له مجالس وأعدادا كبيرة

يمثلون شرائح الأمة حتى في اختلافهم في علومهم وفي إدراكاتهم وفي بلداهم وفي

قبائلهم إلى آخره، حتى تكون مسألة الشورى أو مجالس الشورى هي التي يناط بها

كما يسمى التشريع، أو يناط بها وضع الأنظمة. والرقابة على أداء الأجهزة التي تنفذ

هذه الأنظمة.

القضاء أصل من أصول الشرع، ولم ترع حضارة أو يرع دين أو يرع شريعة القضاء

كما قضته هذه الشريعة، قد قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في وصف القضاة

«القضاة ثلاثة قاضيان في النار وقاضٍ في الجنة»، وذكر أن القاضيين في النار،

القاضي الذي عرف الحق فعدل عنه أو القاضي لم يعرف الحق ولم يحكم به أما الذي لم

يعرف الحق ولم يحكم به، أما القاضي الذي عرف الحق فحكم به ولم تأخذه في ذلك

لومة لائم فهذا هو الذي يكون قاضيا محمودا وعده النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالجنة.

القضاء نزيه لا سلطة لأحد عليه في الشرع، فالقاضي يجب عليه أن يبلغ حكم الله،

وقوله في ذلك ملزم، وقد يكون القاضي القضاء في ذلك على رتبة واحدة أو يكون على

عدة رتب، كما عندنا مثلا هنا القضاء في المحاكم ثم التمييز ثم مجلس القضاء الأعلى،

وفي بلدان أخرى ثلاث، المهم أن سلطة القضاء ومهمة القضاء نزيهة لا سلطان لحاكم

ولا سلطان لمحكوم عليها؛ لأنه يحكم بحكم الله جل وعلا، فإذا تدخل الرعية فإنه تدخل

في حكم الله فيما شرعه للفصل بين الناس ترتفع إذا تدخل في السلطة القضائية يرتفع

العدل ويحل بعض الظلم فيما بين الناس وبينهم، وهذا ما يفكك البيضة وكل الوسائل

التي يحفظ ... فإن هذا الوزارات المصالح المختلفة إنما هي أجهزة للتنفيذ ما أمر الله

جل وعلا به، لتنفيذ ما أعطاه ولي الأمر لهؤلاء من الأمانة، لتنفيذ الأنظمة، لتنفيذ

التشريعات ويجب أن يؤدوا الأمانة



﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا

حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ﴾
[النساء:58].