حقد اهل الكتاب الاعمى

فهذه أم المؤمنين صفية بنت حيي بن أخطب تقول عن أبيها وعمها عندما جاء الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة يحمل النور معه. وكان أهل الكتاب يعرفون علامات مبعثه وصفاته ولكن العمى عمى القلب فهذا حيي بن أخطب وهو القطب الدوار والخصم الألد الذي حرك أعداء هذا الدين لهذه الغزوة وأثار كوامن قريش وألبهم ضد المسلمين وضد حامل هذه الرسالة الصافية صلوات الله وسلام عليه. تحدث أم المؤمنين فتقول فيما رواه ابن إسحاق:
قال حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال حُدثت عن صفية بنت حيي بن أخطب أنها قالت: " كنت أحب ولد أبي إليه وإلى عمي أبي ياسر لم ألقهما قط مع ولد لهما إلا أخذاني دونه
قالت: "فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ونزل قباء في بني عمرو بن عوف قالت غدا عليه أبي حيي بن أخطب وعمي أبو ياسر مغلسين قالت فلم يرجعا حتى كانا مع غروب الشمس". قالت: "فأتيا كالين كسلانين ساقطين يمشيان الهوينى. قالت: فهششت إليهما كما كنت أصنع فوالله ما ألتفت إلي واحد منهما مع ما بهما من الغم. قالت: وسمعت عمي أبا ياسر وهو يقول لأبي حيي بن أخطب أهو هو قال: نعم والله قال: أتعرفه وتثبته؟ قال: نعم قال: فما في نفسك منه؟ قال عداوته والله ما بقيت"
والحديث بهذا الإسناد - منقطع - لأن عبد الله بن أبي بكر بن حزم روى عن مجهول - الواسطة بينه وبين صفية -.
والحديث وإن كان منقطعاً فالآيات والواقع الملموس من هذه الطائفة تؤيده وقد دل كتاب الله على معنى هذا الحديث في أكثر من آية منها علي سبيل المثال قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ال عمران
قال ابن كثير: "هذا توبيخ من الله وتهديد لأهل الكتاب الذين أخذ الله عليهم العهد على ألسنة الأنبياء أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، وأن ينوهوا بذكره في الناس فيكونوا على أهبة من أمره فإذا أرسله الله تابعوه، فكتموا ذلك وتعوضوا - بتشديد الواو التي بعد العين - عما وعدوا عليه من الخير في الدنيا والآخرة بالدون الطفيف والخط الدنيوي السخيف فبئست الصفقة صفقتهم وبئست البيعة بيعتهم"
وقال الطبري عند تفسير هذه الآية: "واذكر أيضا من هؤلاء اليهود وغيرهم من أهل الكتاب منهم يامحمد إذ أخذ الله ميثاقهم ليبين للناس أمرك الذي أخذ ميثاقهم على بيانه للناس في كتابهم الذي في أيديهم وهو التوراة والإنجيل وأنك لله رسول مرسل بالحق ولا يكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم. يقول: فتركوا أمر الله وضيعوه ونقضوا ميثاقه الذي أخذ عليهم بذلك فكتموا أمرك وكذبوا بك واشتروا به ثمناً قليلاً".
يقول: "وابتاعوا بكتابهم ما أخذ عليهم الميثاق أن لا يكتموه من أمر نبوتك عوضاً منه خسيساً قليلاً من عوض الدنيا ثم ذم جل ثناؤه شراءهم ما اشتروا به من ذلك فقال: {فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ}"

من كتاب ( مرويات غزوة الخندق )