بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله
هذه الشبهات التي يتداولها النصارى _ هداهم الله تعالى _ قد أضحكوا بها الناس على عقولهم ... واظهروا بطرحها شدة غبائهم ...
والمتأمل او المراجع لبعض العلوم وكتب التفسير ..يجد ان رد مثل هذه الامور والاجابة على مثل هذه الاسئلة ... سهل وواضح لكل ذي عينين ... والله المستعان ..
هذه الاسئلة الثلاثة تحمل نفس المضمون .. ولكن مصاغة بطرق مختلفة لتوهم الخلاف..اقتباسأولاً : كيف عرف الملائكة مسألة الدماء ؟ فهم لم يسمعوا من الله سوى جملة " إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً " كيف استنتجوا وجود الدماء في ذلك الخليفة ؟
ثانياً : كلمة "يسفك" تعني "يريق" والإراقة لا تحدث إلا للسوائل أي ان الملائكة توقعت ان تكون تلك المادة سائلة.. وأنها تراق
ثالثاُ : توقعت الملائكة توقع صحيح آخر, وهو ان ذلك الخليفة يمكن قتله عن طريق إراقة تلك المادة السائ
قال الامام الشعراوي رحمه الله تعالى :-
وقوله تعالى: } وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ { أي أن الله سبحانه وتعالى يطلب من سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام أن يقول أنه عند خلق آدم. خلقه خليفة في الأرض. والكلام هنا لا يعني أن الله سبحانه وتعالى يستشير أحدا في الخلق. بدليل أنه قال " إني جاعل " إذن فهو أمر مفروغ منه. ولكنه إعلام للملائكة.. والله سبحانه وتعالى. عندما يحدث الملائكة عن ذلك فلأن لهم مع آدم مهمة. فهناك المدبرات أمرا. والحفظة الكرام. وغيرهم من الملائكة الذين سيكلفهم الحق سبحانه وتعالى بمهام متعددة تتصل بحياة هذا المخلوق الجديد. فكان الإعلام. لأن للملائكة عملا مع هذا الخليفة... ماذا قالت الملائكة: } قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ {.
كيف عرف الملائكة ذلك؟ لابد أن هناك حالة قبلها قاسوا عليها. أو أنهم ظنوا أن آدم سيطغى في الأرض. ولكن كلمة سفك وكلمة دم. كيف عرفتهما الملائكة وهي لم تحدث بعد؟ لابد أنهم عرفوها من حياة سابقة. والله سبحانه وتعالى يقول:{ وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ }[الحجر: 27]
فكأن الجن قد خلق قبل الإنسان. وقوله تعالى: } إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ {.
معنى ذلك أن علمك أيها المخلوق مناسب لمخلوقيتك. أما علم الله سبحانه وتعالى.. فهو أزلي لا نهائي.
ولكن هل قال الملائكة حين أخبرهم الله بخلق آدم ذلك علنا أم أسروه في أنفسهم؟ سواء قالوه أم أسروه. فقد علمه الله. لأنه يعلم ما يسرون وما يعلنون. وأنه يعلم السر وأخفى. فما هو السر. وما هو الأخفى من السر؟ السر هو ما أسررته إلى غيرك. فما أسر به إلى غيري. فهو السر. وما أخفيه في صدري ولا يطلع عليه أحد. هو أخفى من السر. فلا يقال أسررت إلا إذا بحت به لغيري. أما ما أخفيه في صدري. فلا يعلمه أحد إلا الله. فهذا هو ما أخفى من السر.
قال الشعراوي ايضا رحمه الله تعالى:-اقتباسما الغرض من إخبار الله الملائكة بمسألة انشاء الخليفة ؟
والكلام هنا لا يعني أن الله سبحانه وتعالى يستشير أحدا في الخلق. بدليل أنه قال " إني جاعل " إذن فهو أمر مفروغ منه. ولكنه إعلام للملائكة.. والله سبحانه وتعالى. عندما يحدث الملائكة عن ذلك فلأن لهم مع آدم مهمة. فهناك المدبرات أمرا. والحفظة الكرام. وغيرهم من الملائكة الذين سيكلفهم الحق سبحانه وتعالى بمهام متعددة تتصل بحياة هذا المخلوق الجديد. فكان الإعلام. لأن للملائكة عملا مع هذا الخليفة.
اقتباسمالفائدة التي تعود على الله من تسبيح الملائكة له ؟ فكما نعلم فالملائكة والشجر والحيوانات وكل شي يسبح الله ولكن لم نفكر يوماً في الفائدة التي ستعود على الله من ذلك التسبيح ؟
قال تعالى : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات : 56]
ومعنى الآية: أنه تعالى خلق العباد ليعبدوه وحده لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ورازقهم. انظر تفسير ابن كثير
علم الله تعالى بكل ما كان وما سيكون لا ينفي اختيارية الانسان ..فالانسان هو الذي يختار ماذا سيعمل ... والله تعالى لا يجبره على شيء ولكن الله تعالى يعلم انه سيفعل هذا الامر ...ولكن الذي يختار هو الانسان ... والامر ينطبق على ابليس لانه من الجن الذين عليهم مناط التكليف كالانس .. وهم واقعون جميعا _ الانس والجن _ تحت باب الاختيار وليسوا مقهوريناقتباسأولاً : من المفترض أن الله يعلم الغيب وهو من قرر أن يجعل الشيطان يتصرف بهذه الطريقة
طاعة لامر الله تعالى ...اقتباسما فائدة سجود ابليس لادم
قال الشعراوي:-اقتباسما معنى قوله تعالى “مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُك”
وسبحانه لم يسأل إبليس عن المقارنة بينه وبين آدم، ولكن سأله وهو يعلم أزلاً أنّ إبليس قد امتنع باقتناع لا بقهر، ولذلك قال إبليس: أنا خير منه، فكأن المسألة دارت في ذهنه ليوجد حيثية لعدم السجود. ولا يصح في عرفه الإبليسي أن يسجد الأعلى للأدنى، فما دام إبليس يعتقد أنه خير من آدم ويظن أنه أعلى منه، فلا يصح أن يسجد له. وأعلى منه لماذا؟ لأنه قال: { خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } فكأن النار لها علو، وهو في ذلك مخطئ تماماً لأن الأجناس حين تختلف؛ فذلك لأن لكل جنس دوره، ولا يوجد جنس أفضل من جنس، النار لها مهمة، والطين له مهمة، والنار لا تقدر أن تؤدي مهمة الطين، قلا يمكن أن نزرع في النار.
اقتباسرابعاً : لقد أغضب ابليس ربه بأن رفض أن يسجد لآدم, على الرغم من ذلك استجاب الله لطلبه حيث قال له ابليس “أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ” فقال تعالى “إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ”.. لماذا استجاب الله لطلب ابليس ؟قال الطبري رحمه الله تعالى في جامع البيان :-اقتباسمساً : قال ابليس : “أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ”.. .. كيف علم ابليس بأن البشر سيكون لديهم يوم للبعث ؟ كيف استنتج وجود يوم القيامة ؟
فإن قال قائل: فإن الله قد قال له إذ سأله الإنظار إلى يوم يبعثون:(إنك من المنظرين) في هذا الموضع، فقد أجابه إلى ما سأل؟
قيل له: ليس الأمر كذلك، وإنما كان مجيبًا له إلى ما سأل لو كان قال له:"إنك من المنظرين إلى الوقت الذي سألت = أو: إلى يوم البعث = أو إلى يوم يبعثون"، أو ما أشبه ذلك، مما يدل على إجابته إلى ما سأل من النظرة. وأما قوله:(إنك من المنظرين)، فلا دليل فيه لولا الآية الأخرى التي قد بيَّن فيها مدة إنظاره إياه إليها، وذلك قوله:( فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ )، [سورة الحجر: 37 ، 38 / سورة ص: 80 ، 81]، كم المدة التي أنظره إليها، (2) لأنه إذا أنظره يومًا واحدًا أو أقل منه أو أكثر، فقد دخل في عداد المنظرين، وتمَّ فيه وعد الله الصادق، ولكنه قد بيَّن قدر مدة ذلك بالذي ذكرناه، فعلم بذلك الوقت الذي أُنظِر إليه.
وقال ابن عاشور في التحرير والتنوير:-
وَقَدْ أَفَادَ التَّأْكِيدُ بِإِنَّ وَالْإِخْبَارُ بِصِيغَةِ مِنَ الْمُنْظَرِينَ أَنَّ إِنْظَارَهُ أَمْرٌ قَدْ قَضَاهُ اللَّهُ
وَقَدَّرَهُ مِنْ قَبْلِ سُؤَالِهِ، أَيْ تَحَقَّقَ كَوْنُكَ مِنَ الْفَرِيقِ الَّذِينَ أُنْظِرُوا إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ، أَيْ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ خَلْقًا وَقَدَّرَ بَقَاءَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ، فَكَشَفَ لِإِبْلِيسَ أَنَّهُ بَعْضٌ مِنْ جُمْلَةِ الْمُنْظَرِينَ مِنْ قَبْلِ حُدُوثِ الْمَعْصِيَةِ مِنْهُ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِمُغَيِّرٍ مَا قَدَّرَهُ لَهُ، فَجَوَابُ اللَّهِ تَعَالَى لِإِبْلِيسَ إِخْبَارٌ عَنْ أَمْرٍ تَحَقَّقَ، وَلَيْسَ إِجَابَةً لِطِلْبَةِ إِبْلِيسَ، لِأَنَّهُ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ أَنْ يُجِيبَ لَهُ طَلَبًا، وَهَذِهِ هِيَ النُّكْتَةُ فِي الْعُدُولِ عَنْ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ: أَنْظَرْتُكَ أَوْ أَجَبْتُ لَكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى تَكْرِمَةٍ بِاسْتِجَابَةِ طَلَبِهِ، وَلَكِنَّهُ أَعْلَمَهُ أَنَّ مَا سَأَلَهُ أَمْرٌ حَاصِلٌ فَسُؤَالُهُ تَحْصِيل حَاصِل
قال ابن عاشور ايضا:-اقتباسادساً : لماذا آتى ابليس بصفة الجمع في قوله “يُبْعَثُونَ” ؟ كيف استطاع ابليس أن يستنتج وجود أبناء وأحفاد لآدم ؟ لأن الله لم يخلق حواء ولم يأمر آدم بالتكاثر إلا بعد هذه الحادثة بفترة طويلة.. هل كان أبليس مطلعاً على الغيب ؟
وَعَبَّرَ عَنْ يَوْمِ الدِّينِ بِ يَوْمِ يُبْعَثُونَ تَمْهِيدًا لِمَا عَقَدَ عَلَيْهِ الْعَزْمَ مِنْ إِغْوَاءِ الْبَشَرِ، فَأَرَادَ الْإِنْظَارَ إِلَى آخِرِ مُدَّةِ وُجُودِ نَوْعِ الْإِنْسَانِ فِي الدُّنْيَا. وَضَمِيرُ يُبْعَثُونَ لِلْبَشَرِ الْمَعْلُومِينَ مِنْ تَرْكِيبِ خَلْقِ آدَمَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وَأَنَّهُ يَكُونُ لَهُ نَسْلٌ وَلَا سِيَّمَا حَيْثُ خُلِقَتْ زَوْجُهُ حِينَئِذٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مِنْهُمَا نَسْلٌ.
وَعَبَّرَ عَنْ يَوْمِ الْبَعْثِ بِ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ تَفَنُّنًا تَفَادِيًا مِنْ إِعَادَةِ اللَّفْظِ قَضَاءً لِحَقِّ حُسْنِ النَّظْمِ، وَلِمَا فِيهِ مِنَ التَّعْلِيمِ بِأَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ذَلِكَ الْأَجَلَ. فَالْمُرَادُ: الْمَعْلُومُ لَدَيْنَا.
وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ الْمَعْلُومُ لِلنَّاسِ أَيْضًا عِلْمًا إِجْمَالِيًّا.
والله اعلم واحكم وهو الهادي الى سواء السبيل سبحانه
المفضلات