
-
مشاركة للأخ ظل ظليل
إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً [ سورة الإنسان - الآية 3 ]
وحدات الوراثة الحاملة للصفات المميزة لجنس الإنسان أولا ولصفات الجنين العائلية أخيرا وإليها يعزى سير النطفة الإنسانية في رحلتها لتكوين جنين إنسان لا جنين أي حيوان آخر كما تعزى إليها وراثة الصفات الخاصة في الأسرة ولعلها هي هذه الأمشاج المختلطة من وراثات شتى خلقته يد القدرة هكذا من نطفة أمشاج لا عبثا ولا جزافا ولا تسلية ولكنه خلق ليبتلي ويمتحن ويختبر والله سبحانه يعلم ما هو وما اختباره وما ثمرة اختباره ولكن المراد أن يظهر ذلك على مسرح الوجود وأن تترتب عليه آثاره المقدرة في كيان الوجود وأن تتبعه آثاره المقدرة ويجزى وفق ما يظهر من نتائج ابتلائه ومن ثم جعله سميعا بصيرا أي زوده بوسائل الإدراك ليستطيع التلقي والاستجابة وليدرك الأشياء والقيم ويحكم عليها ويختار ويجتاز الابتلاء وفق ما يختار وإذن فإن إرادة الله في امتداد هذا الجنس وتكرر أفراده بالوسيلة التي قدرها وهي خلقته من نطفة أمشاج كانت وراءها حكمة وكان وراءها قصد ولم تكن فلتة كان وراءها ابتلاء هذا الكائن واختباره ومن ثم وهب الاستعداد للتلقي والاستجابة والمعرفة والاختبار وكان كل شيء في خلقه وتزويده بالمدارك وابتلائه في الحياة بمقدار ثم زوده إلى جانب المعرفة بالقدرة على اختيار الطريق وبين له الطريق الواصل ثم تركه ليختاره أو ليضل ويشرد فيما وراءه من طرق لا تؤدي إلى الله إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا وعبر عن الهدى بالشكر لأن الشكر أقرب خاطر يرد على قلب المهتدي بعد إذ يعلم أنه لم يكن شيئا مذكورا فأراد ربه له أن يكون شيئا مذكورا ووهب له السمع والبصر وزوده بالقدرة على المعرفة ثم هداه السبيل وتركه يختار الشكر هو الخاطر الأول الذي يرد على القلب المؤمن في هذه المناسبة فإذا لم يشكر فهو الكفور بهذه الصيغة الموغلة في الدلالة على الكفران ويشعر الإنسان بجدية الأمر ودقته بعد هذه اللمسات الثلاث ويدرك أنه مخلوق لغاية وانه مشدود إلى محور وأنه مزود بالمعرفة فمحاسب عليها وأنه هنا ليبتلى ويجتاز الابتلاء فهو في فترة امتحان يقضيها على الأرض لا في فترة لعب ولهو وإهمال ويخرج من هذه الآيات الثلاث القصار بذلك الرصيد من التأملات الرفيقة العميقة كما يخرج منها مثقل الظهر بالتبعة والجد والوقار في تصور هذه الحياة وفي الشعور بما وراءها من نتائج الابتلاء وتغير هذه الآيات الثلاث القصار من نظرته إلى غاية وجوده ومن شعوره بحقيقة وجوده ومن أخذه للحياة وقيمها بوجه عام الدرس الثاني من صفات الأبرار وصور من نعيم الجنة لهم ومن ثم يأخذ في عرض ما ينتظر الإنسان بعد الابتلاء واختياره طريق الشكر أو طريق الكفران فأما ما ينتظر الكافرين فيجمله إجمالا لأن ظل السورة هو ظل الرخاء الظاهر في الصورة والإيقاع وظل الهتاف المغري بالنعيم المريح فأما العذاب فيشير إليه في إجمال إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا سلاسل للأقدام وأغلالا للأيدي ونارا تتسعر يلقى فيها بالمسلسلين المغلولين ثم يسارع السياق إلى رخاء النعيم
في ظلال القرآن_الإمام سيد قطب
(( قل هو الله أحد ، الله الصمد ، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ))
-
{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25)} سورة الحديد
والآية الكريمة التي نحن بصددها تؤكد أن الحديد قد أنزل إنزالا كما أنزلت جميع صور الوحي السماوي, وأنه يمتاز ببأسه الشديد, وبمنافعه العديدة للناس, وهو من الأمور التي لم يصل العلم الإنساني إلي إدراكها إلا في أواخر الخمسينيات من القرن العشرين.
وهنا يبرز التساؤل: كيف أنزل الحديد؟ وما هو وجه المقارنة بين إنزال وحي السماء وإنزال الحديد؟ ما هو بأسه الشديد؟ وما هي منافعه للناس؟ وقبل الإجابة علي تلك الأسئلة لابد من استعراض سريع للدلالات اللغوية لبعض ألفاظ الآية الكريمة, وكذلك للمواضع التي ورد فيها ذكر( الحديد) في كتاب الله( تعالي).
الدلالات اللغوية لبعض ألفاظ الآية الكريمة :
(النزول) في الأصل هو هبوط من علو, يقال في اللغة : (نزل),( ينزل)( نزولا), و(منزلا) بمعني حل, يحل, حلولا; والمنزل بفتح الميم والزاي هو( النزول) وهو الحلول, و(نزل) عن دابته بمعني هبط من عليها, و(نزل) في مكان كذا أي حط رحله فيه, و(النزيل) هو الضيف.
ويقال: (أنزله) غيره بمعني أضافه أو هبط به; و(استنزله) بمعني( نزله تنزيلا), و(التنزيل) ايضا هو القرآن الكريم, وهو( الإنزال المفرق), وهو الترتيب; وعلي ذلك فإن الإنزال أعم من التنزيل; و(التنزل) هو( النزول في مهلة), و(النزل) هو ما يهيأ( للنزيل) أي مايعد( للنازل) من المكان, والفراش, والزاد, والجمع( انزال); وهو أيضا الحظ والريع,و(النزل) بفتحتىن, و(المنزل) الدار والمنهل( أي المورد الذي ينتهل منه لأن به( ماء) أو هو عين ماء ترده الإبل في المراعي, وتسمي المنازل التي في المفاوز علي طرق( السفار); و(المنزلة) مثله, أو هي الرتبة أو المرتبة; و(المنزلة) لاتجمع.
ويقال استنزل فلان( بضم التاء وكسر الزاي) أي حط عن مرتبته, و(المنزل) بضم الميم وفتح الزاي( الإنزال), نقول:' رب أنزلني( منزلا) مباركا, وأنت خير( المنزلين)*'; و(إنزال) الله( تعالي) نعمه ونقمه علي الخلق هو إعطاؤهم إياها, وقال المفسرون في قول الحق( تبارك وتعالي): ( ولقد رآه نزلة أخري) إن( نزلة) هنا تعني مرة أخري.
وفي قوله( تعالي)' جنات الفردوس نزلا' قال الأخفش: هو من( نزول) الناس بعضهم علي بعض, يقال: ماوجدنا عندك نزلا; و(النازلة): الشديدة من شدائد الدهر تنزل بالناس, وجمعها( نوازل); و(النزال) في الحرب( المنازلة); و(النزلة هي الزكمة من الزكام, يقال به( نزلة), وقد نزل بضم النون.
الحديد في القرآن الكريم :
ورد ذكر الحديد في كتاب الله( تعالي) في ست آيات متفرقات علي النحو التالي:
(1) قل كونوا حجارة أو حديدا* ( الإسراء:50)
(2) آتوني زبر الحديد.....*( الكهف:96)
(3) ولهم مقامع من حديد*( الحج:21)
(4):.. وألنا له الحديد*( سبأ:10)
(5) لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد*.( ق:22)
(6)..وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس..*( الحديد:25)
وكلها تشير إلي عنصرالحديد ماعدا آية سورة ق والتي جاءت لفظة( حديد) فيها في مقام التشبيه للبصر بمعني أنه نافذ قوي يبصر به ما كان خفيا عنه في الدنيا.
شروح المفسرين للآية الكريمة :
ذكر ابن كثير( يرحمه الله) في تفسير قول الحق( تبارك وتعالي): وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس*.
أي وجعلنا الحديد رادعا لمن أبي الحق وعانده بعد قيام الحجة عليه, ولهذا أقام رسول الله( صلي الله عليه وسلم) بمكة بعد النبوة ثلاث عشرة سنة توحي إليه السور المكية, وكلها جدال مع المشركين, وبيان وإيضاح للتوحيد, وبيناته ودلالاته, فلما قامت الحجة علي من خالف, شرع الله الهجرة, وأمرهم بالقتال بالسيوف وضرب الرقاب, وقد روي الإمام أحمد, عن ابن عمر قال.. قال رسول الله( صلي الله عليه وسلم) بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له, وجعل رزقي تحت ظل رمحي, وجعل الذلة والصغار علي من خالف أمري, ومن تشبه بقوم فهو منهم) ولهذا قال تعالي: ( فيه بأس شديد) يعني السلاح كالسيوف والحراب والسنان ونحوها( ومنافع للناس) أي في معايشهم كالسكة والفأس والمنشار والآلات التي يستعان بها في الحراثة والحياكة والطبخ وغير ذلك.. وقوله تعالي( وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب) أي من نيته في حمل السلاح نصرة لله ورسوله( إن الله قوي عزيز) أي هو قوي عزيز ينصر من نصره من غير احتىاج منه إلي الناس, وإنما شرع الجهاد ليبلو بعضكم ببعض.
وذكر صاحبا تفسير الجلالين( رحمهما الله) في تفسير هذه الآية الكريمة مانصه: لقد أرسلنا رسلنا الملائكة إلي الأنبياء( بالبينات) بالحجج القواطع( وأنزلنا معهم الكتاب) بمعني الكتب ـو(الميزان) العدل,( ليقوم الناس بالقسط( وأنزلنا الحديد) أي أنشأناه, وخلقناه, لقوله تعالي( وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج) أي خلق, وقيل: أخرجناه من المعادن,( فيه بأس شديد) يعني السلاح, يقاتل به من أبي الحق وعانده بعد قيام الحجة عليه,( ومنافع للناس) في معايشهم كالفأس والمنشار وسائر الأدوات والآلات,( وليعلم الله) علم مشاهدة, معطوف علي( ليقوم الناس)( من ينصره) بأن ينصر دينه بآلات الحرب من الحديد وغيره( ورسله بالغيب) حال من هاء( ينصره) أي غائبا عنهم في الدنيا, قال ابن عباس: ينصرونه ولايبصرونه( إن الله قوي عزيز) لاحاجة له إلي النصرة لكنها تنفع من يأتي بها.
وذكر صاحب الظلال( رحمه الله رحمة واسعة): وفي النهاية يجيء المقطع الأخير في السورة, يعرض باختصار خط سير الرسالة, وتاريخ هذه العقيدة من لدن نوح وإبراهيم, مقررا حقيقتها وغايتها في دنيا الناس, ملما بحال أهل الكتاب, وأتباع عيسي ـ عليه السلام ـ بصفة خاصة.. فالرسالة واحدة في جوهرها, جاء بها الرسل ومعهم البينات عليها, ومعظمهم جاء بالبينات الخوارق.. والنص يقول: (وأنزلنا معهم الكتاب) بوصفهم وحدة, وبوصف الكتاب وحدة كذلك, إشارة إلي وحدة الرسالة في جوهرها.
(والميزان).. مع الكتاب, فكل الرسالات جاءت لتقر في الأرض, وفي حياة الناس ميزانا ثابتا ترجع إليه البشرية.. ميزانا لايحابي أحدا لأنه يزن بالحق الإلهي للجميع, ولايحيف علي أحد لأن الله رب الجميع.
فلابد من ميزان ثابت يثوب إليه البشر..( ليقوم الناس بالقسط)!
( وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس, وليعلم الله من ينصره, ورسله بالغيب) والتعبير بـ( أنزلنا الحديد) كالتعبير في موضع آخر بقوله تعالي( وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج) كلاهما يشير إلي إرادة الله وتقديره في خلق الأشياء والأحداث... أنزل الله الحديد( فيه بأس شديد) وهو قوة الحرب والسلم( ومنافع للناس) وتكاد حضارة البشر القائمة الآن تقوم علي الحديد( وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب) وهي إشارة إلي الجهاد بالسلاح, تجيء في موضعها من السورة التي تتحدث عن بذل النفس والمال.
ولما تحدث عن الذين ينصرون الله ورسله بالغيب, عقب علي هذا بإيضاح معني نصرهم لله ورسله, فهو نصر لمنهجه ودعوته, أما الله سبحانه فلا يحتاج منهم إلي نصر: إن الله قوي عزيز..
وذكر صاحب ـ(صفوة البيان لمعاني القرآن):.. و(أنزلنا الحديد) أي خلقناه لكم, كقوله تعالي( وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج) أي هيأناه لكم, وأنعمنا به عليكم, وعلمناكم استخراجه من الأرض وصنعته بإلهامنا,( فيه بأس شديد) أي فيه قوة وشدة, فمنه جنة وسلاح, وآلات للحرب وغيرها, وفي الآية إشارة إلي احتىاج الكتاب والميزان إلي القائم بالسيف, ليحصل القيام بالقسط,( ومنافع للناس) في معاشهم ومصالحهم, وما من صنعة إلا والحديد آلتها, كما هو مشاهد, فالمنة به عظمي...
وقال صاحب( صفوة التفاسير) (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد) أي وخلقنا وأوجدنا الحديد فيه باس شديد, لأن آلات الحرب تتخذ منه, كالدروع والرماح والتروس والدبابات وغير ذلك ومنافع للناس أي وفيه منافع كثيرة للناس كسكك الحراثة والسكين والفأس وغير ذلك, وما من صناعة إلا والحديد آلة فيها, قال أبوحيان: وعبر تعالي عن إيجاده بالإنزال كما قال : (وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج) لأن الأوامر وجميع القضايا والأحكام لما كانت تلقي من السماء جعل الكل نزولا منها, وأراد بالحديد جنسه من المعادن قاله الجمهور.
وذكر أصحاب( المنتخب في تفسير القرآن الكريم) مانصه: لقد أرسلنا رسلنا الذين اصطفيناهم بالمعجزات القاطعة, وأنزلنا معهم الكتب المتضمنة للأحكام وشرائع الدين والميزان الذي يحقق الإنصاف في التعامل, ليتعامل الناس فيما بينهم بالعدل, وخلقنا الحديد فيه عذاب شديد في الحرب, ومنافع للناس في السلم, يستغلونه في التصنيع, لينتفعوا به في مصالحهم ومعايشهم, وليعلم الله من ينصر دينه, وينصر رسله غائبا عنهم إن الله قادربذاته, لايفتقر إلي عون أحد.
وجاءوا في الهامش ببعض من صفات الحديد وفوائده.
حديد الأرض في العلوم الكونية:
بينما لاتتعدي نسبة الحديد في شمسنا0.0037% فإن نسبته في التركيب الكيميائي لأرضنا تصل إلي35,9% من مجموع كتلة الأرض المقدرة بحوالي ستة آلاف مليون مليون مليون طن, وعلي ذلك فإن كمية الحديد في الأرض تقدر بأكثر من ألفي مليون مليون مليون طنا, ويتركز الحديد في قلب الأرض, أو مايعرف باسم لب الأرض, وتصل نسبة الحديد فيه إلي90% ونسبة النيكل( وهو من مجموعة الحديد) إلي9% وتتناقص نسبة الحديد من لب الأرض إلي الخارج باستمرار حتى تصل إلي5,6% في قشرة الأرض.
وإلي أواخر الخمسينيات من القرن العشرين لم يكن لأحد من العلماء إمكانية التصور( ولو من قبيل التخيل) أن هذا القدر الهائل من الحديد قد أنزل إلي الأرض من السماء إنزالا حقيقيا!!
كيف أنزل؟ وكيف تسني له اختراق الغلاف الصخري للأرض بهذه الكميات المذهلة؟ وكيف أمكنه الاستمرار في التحرك بداخل الأرض حتى وصل إلي لبها؟ وكيف شكل كلا من لب الأرض الصلب ولبها السائل علي هيئة كرة ضخمة من الحديد والنيكل يحيط بها وشاح منصهر من نفس التركيب, ثم أخذت نسبته في التناقص باستمرار في اتجاه قشرة الأرض الصلبة؟
لذلك لجأ كل المفسرين للآية الكريمة التي نحن بصددها إلي تفسير( وأنزلنا الحديد) بمعني الخلق والإيجاد والتقدير والتسخير, لأنه لما كانت أوامر الله تعالي وأحكامه تلقي من السماء إلي الأرض جعل الكل نزولا منها, وهو صحيح, ولكن في أواخر القرن العشرين ثبت لعلماء الفلك والفيزياء, الفلكية أن الحديد لايتكون في الجزء المدرك من الكون إلا في مراحل محددة من حياة النجوم تسمي بالعماليق الحمر, والعماليق العظام, والتي بعد أن يتحول لبها بالكامل إلي حديد تنفجر علي هيئة المستعرات العظام, وبانفجارها تتناثر مكوناتها بما فيها الحديد في صفحة الكون فيدخل هذا الحديد بتقدير من الله في مجال جاذبية أجرام سماوية تحتاج إليه مثل أرضنا الابتدائية التي وصلها الحديد الكوني, وهي كومة من الرماد فاندفع إلي قلب تلك الكومة بحكم كثافته العالية وسرعته المندفع بها فانصهر بحرارة الاستقرار في قلب الأرض وصهرها, ومايزها إلي سبع أرضين!! وبهذا ثبت أن الحديد في أرضنا, بل في مجموعتنا الشمسية بالكامل قد أنزل إليها إنزالا حقيقيا.
أولا: إنزال الحديد من السماء :
في دراسة لتوزيع العناصر المختلفة في الجزء المدرك من الكون لوحظ أن غاز الإيدروجين هو أكثر العناصر شيوعا إذ يكون أكثر من74% من مادة الكون المنظور, ويليه في الكثرة غاز الهيليوم الذي يكون حوالي24% من مادة الكون المنظور, وأن هذين الغازين وهما يمثلان أخف العناصر وأبسطها بناء يكونان معا أكثر من98% من مادة الجزء المدرك من الكون, بينما باقي العناصر المعروفة لنا وهي(103) عناصر تكون مجتمعة أقل من2% من مادة الكون المنظور,وقد أدت هذه الملاحظة إلي الاستنتاج المنطقي أن أنوية غاز الإيدروجين هي لبنات بناء جميع العناصر المعروفة لنا وأنها جميعا قد تخلقت باندماج أنوية هذا الغاز البسيط مع بعضها البعض في داخل النجوم بعملية تعرف باسم عملية الاندماج النووي تنطلق منها كميات هائلة من الحرارة,. وتتم بتسلسل من أخف العناصر إلي أعلاها وزنا ذريا وتعقيدا في البناء.
فشمسنا تتكون أساسا من غاز الإيدروجين الذي تندمج أنويته مع بعضها البعض لتكون غاز الهيليوم وتنطلق طاقة هائلة تبلغ عشرة ملايين درجة مئوية, ويتحكم في هذا التفاعل( بقدرة الخالق العظيم) عاملان هما زيادة نسبة غاز الهيليوم المتخلق بالتدريج, وتمدد الشمس بالارتفاع المطرد في درجة حرارة لبها, وباستمرار هذه العملية تزداد درجة الحرارة في داخل الشمس تدريجيا, وبازديادها ينتقل التفاعل إلي المرحلة التالية التي تندمج فيها نوي ذرات الهيليوم مع بعضها البعض منتجة نوي ذرات الكربون12, ثم الأوكسجين16 ثم النيون20, وهكذا.
وفي نجم عادي مثل شمسنا التي تقدر درجة حرارة سطحها بحوالي ستة آلاف درجة مئوية, وتزداد هذه الحرارة تدريجيا في اتجاه مركز الشمس حتى تصل إلي حوالي15 مليون درجة مئوية, يقدر علماء الفيزياء الفلكية أنه بتحول نصف كمية الإيدروجين الشمسي تقريبا إلي الهيليوم فإن درجة الحرارة في لب الشمس ستصل إلي مائة مليون درجة مئوية, مما يدفع بنوي ذرات الهيليوم المتخلقة إلي الاندماج في المراحل التالية من عملية الاندماج النووي مكونة عناصر أعلي في وزنها الذري مثل الكربون ومطلقة كما أعلي من الطاقة, ويقدر العلماء أنه عندما تصل درجة حرارة لب الشمس إلي ستمائة مليون درجة مئوية يتحول الكربون إلي صوديوم ومغنيسيوم ونيون, ثم تنتج عمليات الاندماج النووي التالية عناصر الألومنيوم, والسيليكون, والكبريت والفوسفور, والكلور, والأرجون, والبوتاسيوم, والكالسيوم علي التوالي, مع ارتفاع مطرد في درجة الحرارة حتى تصل إلي ألفي مليون درجة مئوية حين يتحول لب النجم إلي مجموعات التيتانيوم, والفاناديوم, والكروم, والمنجنيز والحديد( الحديد والكوبالت والنيكل) ولما كان تخليق هذه العناصر يحتاج إلي درجات حرارة مرتفعة جدا لاتتوافر إلا في مراحل خاصة من مراحل حياة النجوم تعرف باسم العماليق الحمر والعماليق العظام وهي مراحل توهج شديد في حياة النجوم, فإنها لاتتم في كل نجم من نجوم السماء, ولكن حين يتحول لب النجم إلي الحديد فانه يستهلك طاقة النجم بدلا من إضافة مزيد من الطاقة إليه, وذلك لأن نواة ذرة الحديد هي أشد نوي العناصر تماسكا, وهنا ينفجر النجم علي هيئة مايسمي باسم المستعر الأعظم من النمط الأول أو الثاني حسب الكتلة الابتدائية للنجم, وتتناثر أشلاء النجم المنفجر في صفحة السماء لتدخل في نطاق جاذبية أجرام سماوية تحتاج إلي هذا الحديد, تماما كما تصل النيازك الحديدية إلي أرضنا بملايين الأطنان في كل عام.
ولما كانت نسبة الحديد في شمسنا لاتتعدي0.0037% من كتلتها وهي أقل بكثير من نسبة الحديد في كل من الأرض والنيازك الحديدية التي تصل إليها من فسحة الكون, ولما كانت درجة حرارة لب الشمس لم تصل بعد إلي الحد الذي يمكنها من انتاج السيليكون, أو المغنيسيوم, فضلا عن الحديد, كان من البديهي استنتاج أن كلا من الأرض والشمس قد استمد ما به من حديد من مصدر خارجي عنه في فسحة الكون, وأن أرضنا حينما انفصلت عن الشمس لم تكن سوي كومة من الرماد المكون من العناصر الخفيفة, ثم رجمت هذه الكومة بوابل من النيازك الحديدية التي انطلقت إليها من السماء فاستقرت في لبها بفضل كثافتها العالية وسرعاتها الكونية فانصهرت بحرارة الاستقرار, وصهرت كومة الرماد ومايزنها إلي سبع أرضين: لب صلب علي هيئة كرة ضخمة من الحديد(90%) والنيكل(9%) وبعض العناصر الخفيفة من مثل الكبريت, والفوسفور, والكربون(1%) يليه إلي الخارج, لب سائل له نفس التركيب الكيميائي تقريبا, ويكون لب الأرض الصلب والسائل معا حوالي31% من مجموع كتلة الأرض, ويلي لب الأرض إلي الخارج وشاح الأرض المكون من ثلاثة نطق, ثم الغلاف الصخري للأرض, وهو مكون من نطاقين, وتتناقص نسبة الحديد من لب الأرض إلي الخارج باستمرار حتى تصل إلي5,6% في قشرة الأرض وهي النطاق الخارجي من غلاف الأرض الصخري.
من هنا ساد الاعتقاد بأن الحديد الموجود في الأرض والذي يشكل35,9% من كتلتها لابد وأنه قد تكون في داخل عدد من النجوم المستعرة من مثل العماليق الحمر, والعماليق العظام والتي انفجرت علي هيئة المستعرات العظام فتناثرت أشلاؤها في صفحة الكون ونزلت إلي الأرض علي هيئة وابل من النيازك الحديدية, وبذلك أصبح من الثابت علميا أن حديد الأرض قد أنزل إليها من السماء, وأن الحديد في مجموعتنا الشمسية كلها قد أنزل كذلك إليها من السماء, وهي حقيقة لم يتوصل العلماء إلي فهمها إلا في أواخر الخمسينيات, من القرن العشرين, وقد جاء ذكرها في سورة الحديد, ولايمكن لعاقل أن يتصور ورودها في القرآن الكريم الذي أنزل منذ أكثر من أربعة عشر قرنا علي نبي أمي( صلي الله عليه وسلم) وفي أمة كانت غالبيتها الساحقة من الأميين, يمكن أن يكون له من مصدر غير الله الخالق الذي أنزل هذا القرآن بعلمه, وأورد فيه مثل هذه الحقائق الكونية لتكون شاهدة إلي قيام الساعة بأن القرآن الكريم كلام الله الخالق, وأن سيدنا محمدا( صلي الله عليه وسلم) ما كان ينطق عن الهوي( إن هو إلا وحي يوحي* علمه شديد القوي.
ثانيا: البأس الشديد للحديد :
الحديد عنصر فلزي عرفه القدماء, فيما عرفوا من الفلزات من مثل الذهب, والفضة, والنحاس, والرصاص, والقصدير والزئبق, وهو أكثر العناصر انتشارا في الأرض(35,9%) ويوجد أساسا في هيئة مركبات الحديد من مثل أكاسيد, وكربونات, وكبر يتيدات, وكبريتات وسيليكات ذلك العنصر, ولايوجد علي هيئة الحديد النقي إلا في النيازك الحديدية وفي جوف الأرض.
والحديد عنصر فلزي شديد البأس, وهو أكثر العناصر ثباتا وذلك لشدة تماسك مكونات النواة في ذرته التي تتكون من ستة وعشرين بروتونا, وثلاثين نيوترونا, وستة وعشرين إليكترونا, ولذلك تمتلك نواة ذرة الحديد أعلي قدر من طاقة التماسك بين جميع نوي العناصر الأخرى, ولذا فهي تحتاج إلي كميات هائلة من الطاقة لتفتيتها أو للإضافة إليها.
ويتميز الحديد وسبائكه المختلفة بين جميع العناصر والسبائك المعروفة بأعلي قدر من الخصائص المغناطيسية, والمرونة( القابلية للطرق والسحب وللتشكل) والمقاومة للحرارة ولعوامل التعرية الجوية, فالحديد لاينصهر قبل درجة1536 مئوية, ويغلي عند درجة3023 درجة مئوية تحت الضغط الجوي العادي عند سطح البحر, وتبلغ كثافة الحديد7,874 جرام للسنتيمتر المكعب عند درجة حرارة الصفر المطلق.
ثالثا: منافع الحديد للناس :
للحديد منافع جمة وفوائد أساسية لجعل الأرض صالحة للعمران بتقدير من الله, ولبناء اللبنات الأساسية للحياة التي خلقها ربنا( تبارك وتعالي) فكمية الحديد الهائلة في كل من لب الأرض الصلب, ولبها السائل تلعب دورا مهما في توليد المجال المغناطيسي للأرض, وهذا المجال هو الذي يمسك بكل من الغلاف الغازي والمائي والحيوي للأرض, وغلاف الأرض الغازي يحميها من الأشعة والجسيمات الكونية ومن العديد من أشعات الشمس الضارة, ومن ملايين الأطنان من النيازك, ويساعد علي ضبط العديد من العمليات الأرضية المهمة من مثل دورة كل من الماء, والأوكسجين, وثاني أكسيد الكربون, والأوزون وغيرها من العمليات اللازمة لجعل الأرض كوكبا صالحا للعمران.
والحديد لازمة من لوازم بناء الخلية الحية في كل من النبات والحيوان والانسان إذ تدخل مركبات الحديد في تكوين المادة الخضراء في النباتات( الكلوروفيل) وهو المكون الأساسي للبلاستيدات الخضراء التي تقوم بعملية التمثيل الضوئي اللازمة لنمو النباتات, ولانتاج الأنسجة النباتية المختلفة من مثل الأوراق والأزهار, والبذور والثمار والتي عن طريقها يدخل الحديد إلي أنسجة ودماء كل من الانسان والحيوان, وعملية التمثيل الضوئي هي الوسيلة الوحيدة لتحويل طاقة الشمس إلي روابط كيميائية تختزن في أجساد جميع الكائنات الحية, وتكون مصدرا لنشاطها أثناء حياتها, وبعد تحلل أجساد تلك الكائنات بمعزل عن الهواء تتحول إلي مختلف صور الطاقة المعروفة( القش, والحطب, والفحم النباتي, والفحم الحجري, والغاز الفحمي والنفط, والغاز الطبيعي وغيرها), والحديد يدخل في تركيب بروتينات نواة الخلية الحية الموجودة في المادة الحاملة للشفرة الوراثية للخلية( الصبغيات) كما يوجد في سوائل الجسم المختلفة, وهو أحد مكونات الهيموجلوبين وهي المادة الأساسية في كرات الدم الحمراء, ويقوم الحديد بدور مهم في عملية الاحتراق الداخلي للأنسجة والتمثيل الحيوي بها. ويوجد في كل من الكبد, والطحال والكلي, والعضلات والنخاع الأحمر, ويحتاج الكائن الحي إلي قدر محدد من الحديد إذا نقص تعرض للكثير من الأمراض التي أوضحها فقر الدم والحديد عصب الصناعات المدنية والعسكرية فلا تكاد صناعة معدنية أن تقوم في غيبة الحديد.
العلاقة بين رقم سورة الحديد في المصحف الشريف ورقم الآية في السورة بكل من الوزن الذري والعدد الذري للحديد علي التوالي
للحديد ثلاثة نظائر يقدر وزنها الذري بحوالي57,56,54 ولكن أكثرها انتشارا هو النظير الذي يحمل الوزن الذري56(55,847).
ومن الغريب أن رقم سورة الحديد في المصحف الشريف هو57, وهو يتفق مع الوزن الذري لأحد نظائر الحديد, ولكن القرآن الكريم يخاطب المصطفي( صلي الله عليه وسلم) في سورة الحجر بقول الحق( تبارك وتعالي):
ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم( الحجر:87)
وواضح من هذه الآية الكريمة أن القرآن الكريم بنصه يفصل فاتحة الكتاب عن بقية القرآن الكريم, وبذلك يصبح رقم سورة الحديد(56) وهو الوزن الذري لأكثر نظائر الحديد شيوعا في الأرض, كذلك وصف سورة الفاتحة بالسبع المثاني وآياتها ست يؤكد أن البسملة آية منها( ومن كل سورة من سور القرآن الكريم ذكرت في مقدمتها, وقد ذكرت في مقدمة كل سور القرآن الكريم ماعدا سورة( التوبة) وعلي ذلك فإذا أضفنا البسملة في مطلع سورة الحديد إلي رقم آية الحديد وهو(25) أصبح رقم الآية(26) وهو نفس العدد الذري للحديد, ولايمكن أن يكون هذا التوافق الدقيق قد جاء بمحض المصادفة لأنها لايمكن أن تؤدي إلي هذا التوافق المبهر في دقته, وصدق الله العظيم الذي قال في وصفه للقرآن الكريم.
لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفي بالله شهيدا* (النساء:166)
وقوله تعالي (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا )(النساء82 )
بقلم : د. زغلول النجار

ملحوظة : أتذكر أنه كانت هناك جملة مكتوبة في كتاب الكيمياء الخاص بي أثناء المرحلة الثانوية مكتوبة بالنص "ولا يوجد الحديد بصورة نقية إلا في النيازك القادمة من السماء" .... وأعتقد أنه من كان يذاكر ومتفوق في الكيمياء سيتذكر ذلك النص
التعديل الأخير تم بواسطة بن الإسلام ; 30-05-2010 الساعة 09:08 PM
(( قل هو الله أحد ، الله الصمد ، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ))
-
-
مشاركة للأخ ظل ظليل
{أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ }ق6

قال الإمام الطبري رحمه الله تعالى في تفسيره لمعنى البناء: "وقوله عز وجل: ﴿أَفَلَمْ يَنْظُرُوا﴾ يقول تعالى ذكره: أفلم ينظر هؤلاء المكذبون بالبعث بعد الموت المنكرون قدرتننا على إحيائهم بعد بلائهم، ﴿إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا﴾ فسوَّيناها سقفاً محفوظاً، وزيَّناها بالنجوم؟ ﴿وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ﴾ يعني : وما لها من صدوع وفتوق".
وقال الإمام القرطبي في قوله تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ﴾ "أي نظر اعتبار وتفكر وأن القادر على إيجادها قادر على الإعادة ﴿كَيْفَ بَنَيْنَاهَا﴾ فرفعناها بلا عمد ﴿وَزَيَّنَّاهَا﴾ بالنجوم ﴿وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ﴾ جمع فرج وهو الشقّ. وقال الكسائي ليس فيها تفاوت ولا اختلاف ولا فتوق".
وفي تفسير الطبري رحمه الله تعالى نجده يقول: "القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَالسَّمَاءَ بِنَاءً﴾، قال أبو جعفر: وإنما سميت السماء سماءً لعلوِّها على الأرض وعلى سكانها من خلقه، وكل شيء كان فوق شيء آخر فهو لما تحته سماة. ولذلك قيل لسقف البيت: سماوة، لأنه فوقه مرتفع عليه. فكذلك السماء سميت للأرض سماء، لعلوِّها وإشرافها عليها. وعن قتادة في قول الله: ﴿وَالسَّمَاءَ بِنَاءً﴾ قال: جعل السماء سقفاً لك".
ونتساءل الآن: أليس ما فهمه المفسرون رحمهم الله تعالى من هذه الآيات، هو ما يكتشفه العلماء اليوم؟ أليست المادة تملأ الكون؟ أليست النجوم والمجرات كالزينة في السَّماء؟ أليست هذه السماء خالية من أي فروج أو شقوق أو فراغات؟ وهذا يؤكد وضوح وبيان النص القرآني وأن كل من يقرأ كتاب الله تعالى، يدرك هذه الحقائق كلٌّ حسب اختصاصه وحسب معلومات عصره.
التعديل الأخير تم بواسطة أسد الإسلام ; 31-05-2010 الساعة 12:40 AM
(( قل هو الله أحد ، الله الصمد ، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ))
-
-
{وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) } سورة يس

هل الشمس تدور أم تجري؟
لنتأمل هذه النفحة الإعجازية من كلام الحق تبارك وتعالى، وهي رد على من يشكك في هذا القرآن، لنستخدم لغة الحقائق والصور العلمية لنثبت أن القرآن هو الحق....
أحبتي في الله! لن أطيل عليكم في هذه المقالة، فقط أحببت أن أبث إليكم هذه النفحة الإعجازية الرائعة، فالمؤمن الذي يحب القرآن يحب دائماً أن يحدث الآخرين عما يحب: عن عجائبه وأسراره والأشياء المذهلة فيه، وإذا ما تحدث عنه أحد بسوء تجده يغار على حبيبه ويدافع عنه وهذا ما يدعوني دائماً للاستمرار في هذه المقالات.
فالمشككون لم يتركوا كلمة في كتاب الله إلا وانتقدوها بغير حق، لم يتركوا حقيقة علمية إلا وحاولوا أن يثبتوا خطأها، ولكن هيهات أن يفعلوا ذلك، ومن الأشياء التي خرجوا بها علينا أن القرآن قد أخطأ علمياً في استخدام كلمة (يجري) بالنسبة للشمس والقمر، والأدق علمياً كما يقولون أن يستخدم كلمة (يدور) لأن القمر يدور حول الأرض والشمس تدور حول مركز المجرة...
لنتأمل أولاً كيف عبر القرآن عن حركة الشمس، يقول تعالى: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) [يس: 38]. والآن لنذهب إلى علماء الغرب أنفسهم والذين لم يؤمنوا بالقرآن، ماذا يقولون؟ إن ظاهرة حركة الشمس لفتت انتباه أحد العلماء ففكر أن يدرس المسار الحقيقي للشمس فيما لو نظرنا إليه من خارج المجرة، وبالطبع الشمس هي نجم في مجرتنا التي تحوي أكثر من 100000000000 نجم!!
هذه صورة لمجرة تشبه مجرتنا، وتحوي هذه المجرة أكثر من مئة ألف مليون نجم، وكل نجم يمكن أن يكون أصغر من الشمس أو أكبر منها أو بحجمها، وأريد أن أخبركم أن الكون يحوي أكثر من مئة ألف مليون مجرة كهذه!!! فهل تدركون معي عظمة هذا الكون وعظمة خلق السماوات والأرض؟ إذا اقرأوا قوله تعالى: (لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [غافر: 57]. المصدر NASA .

إن حركة الشمس كانت لغزاً محيراً لآلاف السنين، فطالما نظر الناس إلى الأرض على أنها ثابتة وأن الشمس تدور حولها، ولكن تبين فيما بعد أن هذا الاعتقاد خاطئ، والسبب في ذلك هو ببساطة أن كتلة الشمس أكبر من كتلة الأرض بأكثر من مليون مرة، وبالتالي لا يمكن للأرض أن تجذب الشمس إليها بل العكس هو الصحيح.
فالشمس وبسبب كتلتها الكبيرة تجذب جميع الكواكب إليها تماماً كما تجذب الأرض القمر الذي هو أصغر من الأرض بكثير، ولذلك أيقن العلماء أن الشمس ثابتة والأرض تدور حولها! ولكن هل هذه هي الحقيقة كاملة؟
لقد اكتشفوا بعد ذلك أن هذه الشمس تنجذب باتجاه مركز مجرتنا (درب التبانة)، بل وتدور حوله بشكل دقيق ومحسوب تتراوح سرعة الشمس في دورانها حول مركز المجرة 200-250 كيلو متر في الثانية. فقالوا إن الشمس تدور حول مركز المجرة، وأخيراً وجدوا أن للشمس حركة أخرى صعوداً وهبوطاً، لقد أصبح الأمر أكثر تعقيداً.
لقد قام العلماء بدراسة حركة الشمس (المجموعة الشمسية) لمعرفة المسار الدقيق الذي ترسمه الشمس أثناء دورانها حول مركز المجرة. وقد وجدوا أن الشمس لا تدور دوراناً بل تجري جرياناً حقيقياً!! وأن جريانها يشبه جريان الخيل في حلبة السباق!
هذه صورة للشمس بالأشعة السينية، إنها تمتد لأكثر من مليون كيلو متر وتظهر وكأنها فرن نووي ملتهب، إنها تزن أكثر من 99 % من وزن المجموعة الشمسية، لذلك فهي تجذب الكواكب إليها وتجعلها تدور حولها، وتتحرك الشمس وتسبح مع كواكبها ومنها الأرض والقمر. وتبلغ درجة الحرارة على سطحها 6000 درجة مئوية، وهي تبث من الطاقة في ثانية واحدة ما يكفي العالم بأكمله لمدة مئة ألف سنة!! المصدر NASA .

لقد وجد العلماء أن للشمس حركتين داخل المجرة: الأولى حركة دورانية حول مركز المجرة، والثانية حركة اهتزازية للأعلى وللأسفل، ولذلك فإن الشمس تبدو وكأنها تصعد وتنزل وتتقدم للأمام! وتتم الشمس دورة كاملة حول مركز المجرة خلال 250 مليون سنة! ويستغرق صعود الشمس وهبوطها بحدود 60 مليون سنة، وهكذا تصعد وتهبط وتتقدم مثل إنسان يجري.
أيها الأحبة لقد قمتُ بدراسة حركة جريان الخيول في السباق بهدف رؤية المسار الحقيقي لجريان هذه الخيول وقد وجدتُ أن المنحني الذي يرسمه الحصان في جريانه يتطابق مع ذلك المنحني الذي ترسمه الشمس في جريانها! هل هذه مصادفة!
نرى في هذه الصورة على اليمين المسار الذي ترسمه الشمس خلال حركتها في المجرة، فهي تتم دورة كاملة كل 250 مليون سنة، وتتم هزة كاملة للأعلى والأسفل كل 60 مليون سنة تقريباً. على اليسار نرى المسار الذي ترسمه الخيول أثناء جريانها، ونلاحظ أنه يشبه إلى حد بعيد مسار الشمس، ولذلك فإن كلمة (تجري) دقيقة جداً من الناحية العلمية. المصدر (Nature).

الجريان باتجاه المستقر :
لقد وجد العلماء بعد دراسات معمقة أن الشمس تجري باتجاه محدد أسموه مستقر الشمس أو solar apex ويعرفه الفلكيون كما يلي:
A point toward which the solar system is moving; it is about 10° southwest of the star Vega.
أي هو النقطة التي تتحرك الشمس (مع كواكبها) باتجاهها أي بزاوية تميل 10 درجات جنوب غرب نجم النسر بسرعة تقدر بحدود 19.4 كيلو متر في الثانية. المهم أن القرآن قد أشار إلى وجود مستقر ما للشمس في قوله تعالى: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) [يس: 38].
جريان النجوم
من عجائب المقالات التي قرأتها مقالة بعنوان Star Streaming أي "جريان النجوم"، فقد وجد العلماء بعد دراسات طويلة أن النجوم بما فيها الشمس جميعها تتدفق بما يشبه النهر أو الجدول، ووجدتهم يستخدمون كلمة (يجري) أو Stream للتعبير عن حركة الشمس والنجوم، وهي الكلمة القرآنية ذاتها!!! ووجدتهم يستخدمون كلمة Rest أي المستقر وهي نفس الكلمة القرآنية أيضاً!!
نرى في هذا الرسم كيف يعبر علماء الغرب عن حركة الشمس والنجوم، ويرسمونها ضمن مجرى يشبه مجرى النهر، ووجدوا أن حركة الشمس في هذا المجرى تشبه حركة الأمواج صعوداً وهبوطاً ولذلك يعبرون عن هذه الحركة بكلمة Stream أي تجري! وتأملوا معي كيف يعبر العلماء عن حركة هذه النجوم بالتدفق مثل الماء الذي يجري في النهر، وكيف أن القرآ، سبقهم إلى هذا التهبير بشكل أدق، يقول تعالى: (وكل في فلك يسبحون) فسبحان الله! المصدر Star Streaming, www.astrology.com

المجرات تجري :
ولذلك فإن علماء الغرب اليوم وفي أحدث الأبحاث العلمية يشبهون حركة المجرات أيضاً بحركة الماء داخل مجرى النهر، بل إنهم عندما رسموا خريطة للكون وجدوا أن الكون عبارة عن "شبكة طرق" تتدفق خلالها المجرات بشكل بديع يشهد على عظمة الخالق عز وجل! ويصف أحد علماء ألمانيا وهو الدكتور ميلر حركة المجرات بأنها أشبه بسائل يتدفق Flow ويجري ضمن قنوات محددة، أليس القرآن يصف هذا المشهد بشكل أدق في قوله تعالى: (وكل في فلك يسبحون) [يس: 40]؟؟
تأملوا معي هذه الشبكة من المصابيح المضيئة، إن كل نقطة مضيئة هي عبارة عن مجرة تجري وتتدفق بنظام مذهل، ويقول العلماء إن المجرات تتشكل وتتدفق وتجري على طول هذه الخيوط الكونية. وتأملوا معي "العقدة" المضيئة في الوسط (وهي تجمع لآلاف المرجيات) وكأنها تربط بين هذه الخيوط في نسيج محكم لا يعلم مداه إلى الله تعالى! المصدر مختبرات ماكس بلانك – ألمانيا.
جريان القمر :
يقول تعالى: (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى) [الرعد: 2]. هذه الآية تؤكد بأن القمر يجري أيضاً، ولو تأملنا حركة القمر نلاحظ أنه يرسم مساراً متعرجاً يشبه مسار الشمس في دورانها حول مركز المجرة.
تتحرك الشمس مع الكواكب التابعة لها (مع الشمس والقمر) وتجري جميعها جرياناً حقيقياً حول مركز المجرة، ولذلك فقد عبَّر القرآن عن هذه الحركة بقوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [لقمان: 29].

ونلاحظ من خلال الشكل أن الكواكب تدور حول الشمس وتنجرف أيضاً بحركة ثانية ضمن حركة الشمس الاهتزازية حول مركز المجرة، وبالتالي يمكننا القول إن القمر أيضاً يجري والأرض تجري والكواكب تجري، وكذلك النجوم تجري...
جريان السفينة
لقد عبَّر القرآن عن حركة الفُلك في البحر بكلمة (تجري) وهي الكلمة ذاتها التي استعملها القرآن من أجل التعبير عن حركة الشمس، يقول تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ) [إبراهيم: 32]. فهذه السفن والبواخر التي نراها في البحر هي من نعمة الله تعالى، وهي مسخرة بأمره، سخر الرياح وسخر الماء وسخر وسائل صناعة هذه السفن للإنسان من أجل السفر والتنقل وحمل المتاع.
وهنا نلاحظ أيضاً وجهاً إعجازياً يتجلى في كلمة (لِتَجْرِيَ) فلو تأملنا حركة السفن في البحر نلاحظ أنها تأخذ شكل الأمواج صعوداً وهبوطاً، ولكن هذه الحركة قد لا تظهر لنا مباشرة، إنما تظهر خلال المسافات الطويلة التي تقطعها السفينة في البحر. وهنا نجد أن التعبير القرآني دقيق علمياً.
لو تأملنا حركة السفن في البحر نجد أنها أيضاً تشكل مساراً اهتزازياً صعوداً وهبوطاً، طبعاً قمنا بتكبير المسار المبين في الشكل باللون الأصفر بهدف إيضاح الحركة فقط.

ولذلك فليس غريباً أن يعبر القرآن عن حركة الشمس بكلمة (تجري) لأن الله تعالى يحدثنا عن الحقائق وهو يراها من أعلى! وليس غريباً كذلك أن نجد بعض الملحدين يحاولون التشكيك في صحة هذا القرآن، فهم يعلمون في قرارة أنفسهم أنه الحق، وهذا ما صوَّره لنا القرآن عندما أنكر فرعون آيات الله ومعجزاته وهم يعلمون أنها الحق، فكيف كانت عاقبتهم؟ تأملوا معي قول الحق تبارك وتعالى: (فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آَيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ * وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) [النمل: 13-14].
وأقول يا أحبتي إن القرآن فعلاً كتاب رائع، إنك تجد فيه ما تريد، وتجد فيه الرد المناسب للمعترضين عليه، إذا أردت أن تزداد إيماناً فمعجزات القرآن كفيلة بزيادة إيمانك، وإذا أردت أن تكون سعيداً في هذه الدنيا فالقرآن يضمن لك السعادة في الدنيا والآخرة، فما أجمل هذا القرآن وما أعظم كلماته، في كل كلمة تجد معجزة تستحق الوقوف طويلاً، اللهم انفعنا بهذه الحقائق، واجعلها حجة لنا في ظلمات هذا العصر!
ــــــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل
بعض المراجع
1- Galactic Drift and Mass Extinction, Astrophysical Journa.
2- Rohde and Muller, “Cycles in fossil diversity,” Nature 434 (10 March 2005), pp. 208-210
3- The Galactic Environment of the Sun, American Scientist, 1-2, 2000.
4- The Sun. NASA.
5- Michael Erlewine, The Astrology of Space, www.astrology.com
التعديل الأخير تم بواسطة أسد الإسلام ; 31-05-2010 الساعة 12:37 AM
(( قل هو الله أحد ، الله الصمد ، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ))
-
{وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39)} سورة فصلت
القرآن الكريم المعجزة الخاتمة لا تنقضي عجائبه ولا يخلق عن كثرة الرد ولا تشبع منه العلماء ، يتحدى العلماء في عصر التجريب والتدقيق العلمي ، فيأتينا كل يوم بالجديد.
وفي الصفحات التالية سوف نعيش مع آية من آيات القرآن الكريم أنبأنا الله سبحانه وتعالى فيها أن الماء إذا نزل على الأرض الهامدة والخاشعة اهتزت وربت لنرى أن ترتيب الكلمتين معجز، وإذا عكس وضع الكلمتين اختل المعنى العملي تماماً للآية .
قال تعالى : (وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيج)[1].
وقال تعالى :(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[2].
قال المفسرون : في معاني الكلمات :
هامدة : ميتة قاحلة .
خاشعة : يابسة متطامنة جدبة .
ربت : ازدادت وانتفخت
هذه الآيات الكريمات قمة العظمة الإلهية ، وقمة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم وحتى نفهم الأساس العلمي لكلمتي اهتزت وربت ونتعرف الإعجاز النباتي في الآيات سنطعي صورة للأرض قبل نزول الماء عليها وهي هامدة وخاشعة وصورة الأرض بعد نزول المطر عليها مباشرة وصورة للأرض بعد نزول المطر عليها بمدة طويلة .
الأول : صورة الأرض قبل نزول المطر عليها مباشرة :
في هذه الصورة ترى أن :
حبيبات التربة وجزيئاتها تأخذ أقل حيزاً لها ، والأرض قاحلة يابسة جدبة وهنا تكون الأرض هامدة خاشعة كما صورها القرآن الكريم في أبلغ صورة وأوجز عبارة حيث قال تعالى : (وترى الأرض هامدة ) وقال سبحانه : ( ومن آياته أنك نرى الأرض خاشعة ) وفيها نرى أن :
جميع الكائنات الحية الدقيقة (بكتريا ـ فطريات ـ اكتينوميسيتات ـ وغيرها ) في حالة سكون تام، وانعدام حركة ، مع شغلها أقل حيز في حياتها ومعظمها في حالة تجرثم، أو تكون حوافظ جرثومية تعمل كالدرع الواقي للكائن الحي من الظروف الخارجية القاسية وأهمها غياب الماء .
البيضات والبُييضات الخاصة ببعض الكائنات الحية الأولية الأخرى في حالة كمون وسكون تام مع وجود أغلفة حامية لها من الظروف الخارجية القاسية .
البصلات والبصيلات والكورمات والريزومات والدرنات ، والبذور والحبوب في أقل صورة من النشاط الحيوي لها حفاظاً على حياتها وبقاءً لأجيالها القادمة .
الجذور النباتية والمجموعة الخضرية الخاصة بالنباتات في حالة سكون وهدوء عجيب وقد أغلقت منافذها وتكون عليها شمعية وحراشيف شديدة التحمل للجفاف .
ثانياً : حالة الأرض بعد نزول المطر عليها بمدة قصيرة :
وقت أن ينزل المطر على الأرض تحدث العمليات الفيزيائية والكيميائية والحيوية التالية:
1. العمليات الفيزيائية الكيميائية :
ينزل المطر على الأرض فتتغير طاقة الوضع وطاقة الحركة لكل من المطر والأرض فتهتز الأرض وتتحرك لانتقال الطاقة إليها من الماء .
يزداد تأين مكونات التربة غير العضوية في وجود الماء ويزداد حجمها .
تتشرب المكونات العضوية غير القابلة للتأين الماء ، وتنتفخ وتتباعد أجزائها عن بعضها البعض ، ويزداد حجمها نتيجة لعمليات التشرب.
النتيجة النهائية للعمليات السابقة هو اهتزاز التربة وتحركها مع غياب التشقق عنها.
2. في نفس الوقت تحدث العمليات الحيوية التالية :
تخرج الكائنات الحية الدقيقة من سكونها وتهتز وتتحرك
تنشط البصلات والبصيلات والريزومات والكورمات وتهتز وتتحرك .
تفقس البيضات والبييضات وتهتز وتتحرك.
تنشط الديدان والحشرات في التربة وتهتز وتتحرك.
تنشط الجذور والسيقان ويزداد معدل امتصاص التربة وتهتز جزيئاتها وتتحرك .
المحصلة النهائية للعمليات السابقة هي أن الأرض تهتز وتتحرك.
ثالثاً : صورة الأرض بعد نزول المطر عليها بمدة طويلة :
بعد نزول المطر على الأرض بمدة طويلة، تتوالى العمليات الفيزيائية والكيمائية والحيوية وتصبح صورة الأرض كما يلي :
تبدأ الكائنات الحية الدقيقة في النمو والتكاثر فتزداد في الحجم والوزن ويزداد المحتوى العضوي للتربة .
تبدأ الديدان والحشرات في النمو والتكاثر وتعمل أنفاقاً في الأرض فتنتفش التربة.
تبدأ البصلات والبصيلات والكورمات والريزومات والجذور في النمو مع زيادة في الحجم والوزن.
تنشط الجذور ويتدرن بعضها ويخزن فيه الغذاء المدخر الناتج عن عملية البناء الضوئي والتغذية.
المحصلة النهائية للعملية السابقة هي زيادة الحجم والوزن .
رابعاً : الصور السابقة مجمعة :
1. الأرض هامدة قاحلة ميتة بسبب غياب الماء وسكون الكائنات الحية بها .
2. ينزل الماء على الأرض فتهتز ويزداد تأينها وتشربها، وتخرج الكائنات الحية من سكونها ومكامنها، فتهتز الأرض وتتحرك.
3. بعد مدة يزداد النشاط الحيوي والنمو وتموج الأرض بالحياة وتحيا وتربو.
وقد أوجز الله سبحانه وتعالى العليم الخبير كل هذه العمليات في كلمتي اهتزت وربت .
فهل كان أحد في الجزيرة العربية وقت نزول القرآن عالماً بعلم البيئة الزراعية وعلوم التربة والكيمياء والأحياء وباقي فروع العلم المتصلة بالعمليات السابقة حتى يصف العمليات السابقة في كلمتي اهتزت وربت ؟
ولولا الاهتزاز ولولا الربو ما حيت الأرض ولا أنبتت الزرع ولا أخرجت الحب . فهل بعد ذلك إعجاز ؟
وماذا يحدث لو قالت الآية ربت واهتزت ، هنا تصبح الآية معاكسة للعلم الحديث والعلم التجريبي لأن الأرض تهتز أولاً ، ثم تنمو كائناتها الحية فتربو وتزداد في الحجم .
ومن هنا كانت العظمة في ترتيب الكلمتين القرآنيتين اهتزت وربت .
إن هذه الآية من الآيات القرآنية الكافيات التي تصلح منهج حياة علمية ، ودليل على أن القرآن ليس من عند البشر بل هو من عند رب البشر خالق الأرض وقوانينها والبشر وعقولها فهل من مدَّكر؟
بقلم الدكتور نظمي خليل أبو العطا موسى
أستاذ علوم النبات في جامعة عين شمس
ومدير مركز ابن النفيس للخدمات الفنية في البحرين
http://www.nazme.net
(( قل هو الله أحد ، الله الصمد ، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ))
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة مروان ديدات في المنتدى حقائق حول الكتاب المقدس
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 20-10-2012, 06:53 PM
-
بواسطة نيو في المنتدى مشروع كشف تدليس مواقع النصارى
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 13-09-2010, 12:44 PM
-
بواسطة نعيم الزايدي في المنتدى المنتدى العام
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 12-04-2010, 02:44 PM
-
بواسطة weiaam في المنتدى المنتدى العام
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 26-02-2009, 07:17 PM
-
بواسطة b-g في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 14
آخر مشاركة: 05-12-2006, 06:31 AM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات