............................. تابع لما سبق .................................
3- دراسات د. فهد بن عبد الرحمن بن سليمان الرومي لمرحتلي الدراسات العليا: الماجستير والدكتوراة.
الأولى بعنوان: (منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير) وهي في حدود تسعمائة صفحة.
والثانية بعنوان: (اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر الهجري)، وقد وقعت في ثمان وثلاثين ومائتين وألف صفحة.
قال في الأولى تحت عنوان: "إلى من أقدم تاريخ وتراجم هؤلاء الرجال: (المدرسة العقلية، الأفغاني، وعبده ورشيد وغيرهم). قال: كل من يقرأ كلامي هذا فلا يعدو أن يكون أحد رجلين: إما رجل جعل الحقيقة نصب عينيه، وتحصيلها مقصوده، وجعلها فوق الرجال بها يوزنون ولا توزن بهم، وحسب هذا الرجل أني بذلت جهدي ما استطعت للوصول إليها وتقديمها له مستنداً إلى الأدلة والبراهين، وموثقاً لها بالرجوع إلى أصولها ومصادرها الأولى. وإما رجل نزع الحقيقة من نصب عينيه، واستبدل بها أصناماً بشرية، وأوثاناً إنسية صار همه كل همه تقديسهم، ومراده كل مراده ذب الشبهات عنهم ونفي الخطأ منهم وجعلهم في منزلة تأبى الشبهات أن تصل إلى أقدامهم"(1 ).
ثم ترجم لرجال هذه المدرسة وأتى بأدلة وبراهين من اعترافاتهم أنهم من رجال الماسون، وأنهم من عملاء الإنجليز. وتوصل إلى نتيجة مفادها أنه يجب إعادة النظر في عقيدة هؤلاء الرجال، وأنهم دخلوا الإسلام لمهمة غامضة. مستنداً إلى رسالة موجهة من الشيخ محمد عبده إلى أستاذه جمال الدين الأفغاني بخط يده يقول فيها: "نحن الآن على سنتك القويمة لا نقطع رأس الدين إلا بسيف الدين، ولهذا لو رأيتنا لرأيت زهاداً عباداً .. ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل". وعقب الدكتور الرومي على ذلك قائلاً: "هل هي دعوة باطنية يخفيها الرجلان ويسعيان تحت ستارة الدين و(بسيف الدين) لقطع (رأس الدين) ؟ وقيامهم بالصلاة أمام الناس هل هو سعي إلى القبض على سيف الدين؟ ثم تركهم للصلاة بعض الأحيان هل هو تنفيس (لضيق العيش) وعودتهم إليها حيناً لأجل (فسحة الأمل) (2 ). واقتطف نقولاً من رسائله ما تدل على الكفر الصراح. وعليه فالدكتور فهد الرومي لا يَعُدُّ جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده من رجال الإصلاح. ويرى وجوب إعادة النظر في عقيدتهم وتقييمهم. وضرورة بيان زيفهم وضلالهم وكشفهم للناس(3 ).
وقد غض د. الرومي الطرف عن علاقة الشيخ رشيد بمن حمل رايتهم، وكان خليفتهم، وفاته أن شبيه الشكل منجذب إليه، وأن المرء على دين خليله. وهي علاقة بلا شك توجب الريب على الأقل. ولكنه لم يجعل هذه العلاقة من أوزاره، أو محل شك فيه مع أنها من الأمور التي لا تغفل، لا سيما أن هدف د.الرومي في كتابه هو تعرية هذه المدرسة، وبيان الدخيل من الأصيل، ووضع الميزان القسط في أيدي الناس ليزنوا به ما يرد عليهم بغض النظر عن مكانة القائلين من البشر، ويحسن هنا أن نسجل للدكتور الرومي دافعه للإقدام على تأليف كتابه، وتناوله لموضوعه، حيث قال: لكونه أهم وأخطر المناهج المذكورة لكونها:
1- تعطي العقل مرتبة تضاهي مرتبة الوحي إن لم تتجاوزه. وفي هذا خطر عظيم آثرت أن أبدأ بكشفه.
2- ولكون رجال هذه المدرسة ممن لا تحوم حولهم الشبهات عند بعض الناس، وعند بعض العلماء أيضاً. ولا يقبلون فيهم نقداً أو عتاباً فأحببت أن أكشف حقيقتهم ما استطعت.
3- أن نهجهم في التفسير جديد لم يشاركهم أحد في جميع قواعده وأسسه(4 ).
وأما الدراسة الثانية فهي استكمال وتوسعة لما بدأ به في دراسته الأولى، فكانت متخصصة باتجاهات المدرسة في التفسير. وكان يكشف في كل فصل، وفي كل مبحث الانحرافات في كل اتجاه من اتجاهات التفسير العلمية والفقهية والأدبية والاتجاه المنحرف نفسه، وحمّل المدرسة العقلية مسؤولية الانحراف في التفسير في القرن الرابع عشر الهجري، وكان منسجماً في أبحاثه وأحكامه عميقاً مستنيراً في كتاباته، فجاءت لهجته صادقة. ولهذا فإنني أعدّ د. فهد الرومي ممن لهم قصب السبق في كشف شوائب التفسير في القرن الرابع عشر الهجري. وإن لم تكن عناوين أبحاثه تدل على ذلك. وإن كانت الدراسة جاءت كنتيجة لدراسة مناهج واتجاهات المدرسة العقلية الحديثة، وليس بحثاً في الشوائب نفسها.
............................................................ ...... الهامش ......................................................
( 1) الرومي، فهد بن عبد الرحمن بن سليمان، منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير، 1/73، ط3، ط4.
(2 ) المصدر السابق، 1/61. وانظر ص 812 المصدر نفسه.
(3 ) المصدر السابق نفسه.
( 4) مقدمة منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير، المصدر السابق، ص 9، 10.
............................................................ ............................................................ ..............
منقول من:
شوائــــب التفسيـــر فـي القرن الرابع عشر الهجري
عبد الرحيم فارس أبو علبة
............................................................ .. يتبع إن شاء الله ........................................................
المفضلات