* أرسل عمر أميراً على بيسان ؛ ليقيم هناك السنة والقرآن ، فسمر الأمير مع أصحابه وأنشد :
إذا كـنـت نـدمـانـي فـبـالأكـبـر اسـقـني ولا تـسـقـي بـالأصـغــر الـمـتـثـلم
لـعـل أمــيـر الـمـؤمـنـيـن يـســوؤه تـنـادمـنـا بـالـجـوسـق الـمـتـهـدم
فبلغ الخبر عمر ، فغضب وبسر ؛ لأن الخلافة الراشدة لا تتحمل تبعات الأبيات ، واستدعى الوالي فعزله ، لأن الأمة كانت تعزل ، والقرآن ينزل ، فمات عمر ليبقى صدام في الخلافة خمسين عام ، كلها ذبح للشيوخ والأيتام، وعليكم السلام .
* ابن الرواندي يهودي لعله نزعه عرق ، ألف كتاب ( الدامغ ) يدمغ به القرآن ! دمغ الله رأسه في النار.
ترجم له ابن خلكان ، فملس عليه ، وتسامح معه كأن الكلب لم يأكل له عجيناً ، فأين الغضب للدين والملة ؟ ولماذا هذا الانهزام والذلة ؟
والذهبي من ذهب السنة معدنه ، لما ترجم لابن الرواندي قال : هو الكلب المعثر ؛ لأن الذهبي يكتب بقلم الولاء والبراء ، وابن خلكان ، يسجل بقلم العجائز ( كان يا ما كان ) أهل السنة ينقدون الرجال ،فليس عندهم للتدليس مجال .
أنـت يـا أســـتـاذ مــوفــور الأدب لا تــزكــي كـــل مـن هـــب ودب
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ ) (النساء: من الآية135) .
* انتمى أهل السنة إلى ح-الله ، والعبد وما ملك لسيده ، إذا سئلت : ما اسم أهل السنة ؟ فقل : هم الذين ليس لهم اسم إلا أهل السنة ، شيخ أهل السنة : محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ، وبيوتهم : المساجد ، وكتبهم القرآن ، ودواوينهم : السنة ، يريدون وجهه ، مواعيد الدروس عندهم بالغدو والآصال ، لهم علامات ، منها : حب الصحابة ، والترضي عنهم ، وعندهم : عدم تكفير أهل الكبائر ما لم يستحلوها ، وزيادة الإيمان ونقصانه ، والقدر عندهم من الله ، خيره وشره ، والأعمال عندهم من الإيمان ، والعبد له مشيئة تحت مشيئة الله ـ عز وجل ـ .
أهل السنة رواد الجنة :
هـم الـقـوم إن قـالـوا أصـابـوا وإن دعوا أجـابـوا وإن أعـطـوا أطـابـوا وأجـزلوا
ولا يـسـتـطـيـع الـفـاعـلون فـعـالهـم ولـو حـاولـوا في النـازلات وأجـمـلـوا
* آه .. طعن عمر فما قال : آه ، خنجر أبي لؤلؤة مصنوع في الخارج ، والمؤامرة محبوكة ، سقط في المحراب ، وكفن في الثياب ، وكسر الباب .
عمر عظيم ما يموت فطيسة ، ما يموت إلا مزكي ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ) (المائدة:من الآية3) . ( وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً (12)مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً) (الإنسان :13).
قال ابن الحداد المالكي : دفنت سعادة الإسلام في أكفان عمر ، وصدق ، فلأن الإسلام لا زال جريحاً بعد جرح عمر ، فالله المستعان .
* حاطب بن أبي بلتعة عنده حصانة حضور بدر ، أراد عمر أن يؤدبه بقطع الرأس ، فقال لسان الحال : على أي أساس ، قال أبو حفص : لقد خان الله ورسوله ، فقال صاحب الشرع ، عليه الصلاة والسلام : ( وما يدريك يا عمر لعل الله اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم )!! فسالت دموع عمر واكتشف الخبر ، فمهما حدث ، ( إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث ) .
في دفتر الوحي ( أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ) (الأحقاف:16).
* قيل أيهما أقرب إلى الإسلام : الحداثة أو العلمانية ؟
قلنا : كان للعبادي حماران ، فقيل له : أيهما أقبح ؟ قال : هذا ثم هذا .
( تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ) (المائدة:80) .
* لما تولى استالين لعن لينين ، فلما تولى خروتشوف لعن استالين ، فلما جاء غورباتشوف قطع الرباط وانتهى ، ( كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا ) (لأعراف: من الآية38) .
* جوائز البشر مكتوب عليها : ( مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ ) (النحل: من الآية96) وجوائز ملك الملك كتب عليها : ( وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ ) (النحل: من الآية96) ، قل لعباد الدنيا : ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (هود:16).
* دخل سالم بن عبد الله بن عمر الحرم طائفاً ، فلقيه الخليفة هشام بن عبد الملك ، فقال لسالم : يا سالم ، آلك إلى حاجة ؟ قال سالم : أما تستحي ، تقول هذا الكلام ، وأنا في بيت ملك الملوك ؟ علم سالم أن عطايا الخدم ، لا تتجاوز القدم ، كيف يمد يديه إلى هشام ، وهو في حضرة الملك العلام ؟ كيف يترك العطاء القدسي ، لعطاء عبد الكرسي ؟ لما خرج سالم من الحرم ، عرض له هشام ، وأعاد عليه : هل من حاجة ؟ قال سالم : من حوائج الدنيا أم من حوائج الآخرة ؟ قال : حوائج الآخرة لا أملكها ، وإنما أملك حوائج الدنيا ، قال سالم : والله ، ما سألت الدنيا ممن يملكها ، فكيف أسالها منك ؟! الخدم يشترون الذمم ، حتى في الحرم ، لكن سالماً عرف الجواب ، فحوى الخطاب ، لأن جده عمر بن الخطاب :
يـا ابـن الذيـن سـما كـسـرى لجـمـعـهم فـجـلـلوا وجـهـه قـاراً بـذي قــار
يـا دوحــة الـصـدق والـفـاروق رائــدها تـلـك الـســلالـة لا أوبـاش ديــار
* جلسوا تحت الشجرة ، وتظللوا بالمرة ، وبايعوه على قتال الفجرة ، فما قاموا حتى سمعوا : ( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ) (الفتح: من الآية18) . فقل لي بربك ، أي فرح فرحوه ، وأي كسب ربحوه ؟ لو قيل لك : الملك رضي عنك ، لأصابتك نشوة الفرح ، فكيف إذا رضي ملك الملوك ؟
رضـاك رضَـاك يـا مــولاي عـنـي فـهـل يـرضـيـك أن قـدمـت نـفـسـي
أهل بيعة الرضوان ، ضيوف الرحمن ، لكن الكافر ما دري ، بسـر ( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى ) (التوبة: من الآية111) .
* ( من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله ، فالله الله لا يطلبنكم الله من ذمته بشيء ، فإنه من طلبه بذمته أدركه ، ومن أدركه كبه على وجهه في النار ) .
من علامة المنافق : حذف صلاة الفجر من جدوله ، وربما نقرها بعد الشروق ، ولكن هيهات ، الوقوف بعرفة في اليوم التاسع ، ومن فاته الوقوف بعرفات ، فليبك على نفسه قبل الوفاة ، ضيعت رأس المال ونحن نطلب الربح ، أردنا منك صلاة الليل فتركت الصبح ، حرصك على النوم الطويل ، أوقعك في الخطأ الوبيل .
فـمـا أطـال الـنـوم عـمـر ومــا قـصـر فـي الأعـمـار طـول الـسـهـر
( بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة ) .
قيل للحسن : لماذا صفت وجوه المتهجدين بالنور ؟ قال : خلوا بالرحمن ، فألبسهم نوراً من نوره .
* صلى أسيد بن حضير في الغلس ، فدنا الحرس ، وتحرك الفرس ، فأخبر معلمه ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : ( تلك الملائكة تنزلت للقرآن ، ولو بقيت تقرأ لأصبح يراها الناس لا تتواري منهم ) !
( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ) (غافر:7).
* مساكين نحن ، ندعي أنا أمة الخلافة ولا يحضر لصلاة الفجر إلا صف واحد إذا ... فلو بدأ قتال الكفار ما وجدنا ولو صفاً .
من خان حي على الصــلاة يخـون حي على الكفاح
هـاتـوا من المليار مليوناً صحاحاً من صحاح
* وزع ( صلى الله عليه وسلم ) الغنائم ، فأعطاها مسلمة الفتح ، وترك أبطال الفتح ، فجرى همس العتاب في الأصحاب .
فخلا الأنصار المختار بالأنصار بالمختار ، وبين لهم سر المسألة في قوله : ( أما ترضون أن يذهب الناس بالشاه والبعير ، وتذهبون برسول الله إلى رحاكم ؟ ! فو الذي نفسي بيده لما تذهبون به خير مما يذهب به الناس ) .
وصدق المعصوم ، فإنه ( صلى الله عليه وسلم ) نصيب الأنصار من الغنائم ، وأولئك نصيبهم البهائم .
خـذوا الـشـيـاه والـجـمـال والـبـقــر فـقـد أخـذنـا عـنـكـم خــير البـشـر
يـا قـســمـة تـرفــع رأس مـجــدنـا حـزنـا اليـواقـيـت وقـد حـازوا البـعـر
* الأبرار يأتون إلى مسجده ( صلى الله عليه وسلم ) ، من بني سلمة ، ويتخلف الظلمة ، عن صلاة العتمة ، فقام منذراً ، وصاح محذراً : ( والذي نفسي بيده لقد هممت بالصلاة فتقام ، ثم أخالف إلى أناس لا يشهدون معنا العشاء فأحرق عليهم بيوتهم بالنار ) .
أشـعـل بـيـوت الـنـاكـثـين بأهـلـهـا أصـل الـوجـوه السـود صـلـوا بـالـنـار
يـتـخــلـفـون عـن الـصــلاة دنـاءة ألـهـاك يـا سـهـران ضــرب الـطــار
* بلال يناديك من أعلى المنارة ، وأنت نائم في العمارة ، لو أطلعت بلال ، لدخلت في مسمى الرجال ، (رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) (النور:37).
* كان المنافقون يتخلفون عن صلاة العشاء والفجر ؛ لأنه لم يكن في المدينة كهرباء في ذلك العصر ، فلما أضيء الكهرباء ، ظهر الوباء .
* أشعل النمرود الفتيل ، وسعر النار في الأصيل، ورمى فيها بالخليل ، فأطفأها حسبنا الله ونعم الوكيل .
الأعداء خططوا لكم ، فخذوا حذركم ، إن الناس قد جمعوا لكم ، فحسبنا الله ونعم الوكيل .
أبرمت خيوط الفتنة ، ونسجت حبال المحنة ، ونقض عهد الهدنة ، فحسبنا الله ونعم الوكيل .
اتفق المنافقون ، واجتمع المارقون ، وقل الصادقون ، فحسبنا الله ونعم الوكيل .
سـألـتـك لا تـكـلـنـي للأعــادي فـقـد أسـكـنـت حـــبـك فـي فـؤادي
فــزودنـي مـن الـتـوفــيـق زاداً عـطـاؤك يـا إلـهــي خــــيـر زادي
( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) (الزمر:36).
* هاك بعض صفات المنافقين في الجملة ، فاحذر أن تكون في الحملة ، كسل عن الصلوات ، واستهزاء بالدين في الخلوات ، وانقضاض على الأعراض ، وسماع الآيات في إعراض ، الدين عندهم ثانوي ، لأن الجد مانوي !
الله كم من صرح للإسلام هدموه ، وكم من طريق للحق ردموه ، يظنون كل إشارة إليهم ، و ( يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ) (المنافقون: من الآية4) كم زلزلهم الوحي وأنذرهم ، ( هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ) (المنافقون: من الآية4) ( وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِم) (المنافقون: من الآية4) لكن العلامات عليهم ومن حولهم .
سهامهم في نحور العلماء مسددة ، ( كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ) (المنافقون: من الآية4) ، رفعت مع الباطل أعلموهم ، ( وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ) (المنافقون: من الآية4) .
عثرت بعبد الله بن أبي بغلة التوفيق ، فسقط في الطريق ، ما طهرته صلاة الإمام ؛ لأنه غارق في الإجرام ، أراد المعصوم أن يمده مدداً فنزلت : ( وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً ) (التوبة: من الآية84) خاف عمر على نفسه من النفاق ، قيل له : سبحان الله يا شيخ ، أنت الفاروق باتفاق .
أصبحت منهم الدنيا كالجيفة ، تستروا لأنه مات حذيفة :
أنـت مـنـي وتـدعــي حـمل حـبي كـل يـوم تـعـطي الـيـمـيـن الغـمـوسا
ول عـنـي عـرفـت فـيـك أمــوراً حـربـة فـي الـقـفـا ووجـهـاً عـبـوساً
* سقطت الأندلس لما تولى السقط ، ضعفت الملة ، وتداعى المنبر ، وعزل القرآن عن الميدان ، وطمست معالم الرسالة ، وصار اللهو أمنية ، ودوت الأغنية ، وصار الناس حيارى ، وتحالف الأدعياء مع النصارى ، وتنحى العلماء عن الدهماء ، فلا آمر ولا منكر ، ولا واعظ ولا مذكر ، الخطيب مرتج ، والسامعون يلعبون الشطرنج .
( وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً) (الكهف:59)
أبـك مـثـل الـنـسـاء مـجـداً مـضـاعـاً لـم تـحـافـظ عـلـيـه مـثـل الـرجـال
* المرأة درة مصونة ، وياقوتة مكنونة ، أرادوا أن تنزع الجلباب وتخلع الحجاب ، أرادوا لها حياة فوضوية ، والله يقول : ( وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ ) (الأحزاب: من الآية33) .
يريد المصلحون لها منهجاً قويماً ، ( وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيما ً) (النساء: من الآية27) .
يا فتاة الدين قـومي للغبي ردي عليه
حين نادى يا ابنة الإسـلام خدرك مزقيه
يا خـسيـس الـطبع كل نـذل يــدعيــه
( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) (الأحزاب:59).
* تفوق الصحابة على من بعدهم بأمور :
منها : أنهم يطالعون الغيب المستور ، كما يرون الشاهد المنظور ، فكان أحدهم في الغزوات ، لو مد يده لتناول عنب الجنة ، من يقينه بخبر الصادق المصدوق .
ومنها : أنهم بدمائهم أجود منا بدراهمنا ، ويكفي أن يصب الواحد منهم دمه في سبيل الله ، كلمات من معلم الخير ( صلى الله عليه وسلم ) ، بينما يقوم واعظنا بالخطب الطوال يطلب المال ، لوجه ذي الجلال ، فنكدي في العطية ونمن بالبذل .
ومنها : أن من عصى من أولئك يأتي إلى الموت نشيطاً ليطهر نفسه ولو كان في ذلك ذهاب رأسه ، فقل لي بربك أي إقدام هو إقدام ماعز والغامدية ؟! في طلب التطير من رسول البشرية .
ومنها : أن علم الصحابة للعمل ، وثقافتهم لما يحتاجون إليه ، بينما أصبح العلم ترفاً ، والفكر خيالاً ، والثقافة موضة .
ومنها : أن الصحابة يعيشون على الكفاية ، ومن زاد منهم ماله قدمه لمآله ، والمتأخر ون أصبح جمع المال عندهم مهنة ، والسعي وراء الحطام حرفة ، فاشتغلوا بفضول العيش عن أصول العمل .
ومنها : أن الصحابة قاموا بأعمال القلوب خير قيام ، من الخوف ، والرجاء ، والرغبة ، والرهبة ، والخشية ، والمحبة وغيرها ، مع قيامهم بأعمال الجوارح ، بينما الخلف يهتمون بالظاهر أكثر من الباطن ، فلذلك وقع الخلل في الأعمال والأقوال ، لأن ( في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب ) .
* اشكر لمن شرفك بصعود المنبر ، وعرف الناس به في كلامك ، ولا تعرف الناس بنفسك فإنه ـ سبحانه ـ أعرف المعارف ، وأنت نكرة من النكرات .
ولولا أن تعظمه ـ سبحانه ـ ما عظمك الناس .
وما دام أنه ستر معايبك عن الحضور ، فانتشر مدائحه ـ سبحانه ـ في الجمهور ، الله يستحق المدح ويحبه ، ولذلك مدح نفسه بأشرف المدائح ، ونزه نفسه عن القبائح .
كلما بالغت في مدح المخلوق ، قال الناس : هذا غير صدوق ، وكلما أكثرت من مدح الخالق ، قالت القلوب : حياك الله يا صادق .
* إذا لم تصاحب الصحابة الأخيار فأقرأ الأخبار .
فـاتـنـي أن أرى الـديــار بـطـرفـي فـلـعـلـي أن أرى الـديـار بـسـمـعـي
قراءة سير الصحابة حسنة من الحسنات ، تظهر للقارئ سمو حياتهم ، وجلالة قدرهم ، وعظيم تضحيتهم ؛ ليعرف الإنسان قدر نفسه ، وضآلته أمام هؤلاء الأعلام الكرام ، وربما شده مقام من مقاما تهم ، إلى الاتصاف ببعض صفاتهم .
كان ابن المبارك يخلو بأخبار الصحابة في خلوة شرعية روحية ، ويخبر طلابه ، أنه جلس مع الصحابة .
مـا فـي الـخـيـام أخـو وجـد نـطـاحـه حـديـث نـجـد ولا خــل نـجــاريــه
* حضرت أبا بكر الصديق الوفاة ، ليلقى بعدها رباً طالما عبده ووحده ، وأحبه ، وتقرب إليه وجاهد من أجله .
ليلقى رباً طالما أحب فيه البعيد ، وابغض فيه القريب ، سالم من أجله وحارب ، ورضي لرضاه ، وغضب لغضبه .
ربا أعطي لوجهه النفس والنفيس ، والغالي والرخيص ، سكب لمرضاته الدمع والدم ، وأتعب لدينه الروح والبدن ، ربا ملك حبه على أبي بكر كل لحظة ولفظة .
كـأن رقـيـبـاً مـنـك يـرعـى جـوارحـي وآخـر يـرعـى نـاظـري وفــؤادي
رباً سال حبه في عروق أبي بكر وعرقه ، من أخمصِه إلى مفرقه ، به يبصر وبه يرى ، وبه يسمع .
رباً هو صاحب كل خير ، وصل أبا بكر .
هو الذي خلق ورزق ، وأعطى ، وأفاد ، وهدى .
إنها أمنية ابي بكر أن يلقى ربه ، لذلك خف لهذا اللقاء ، ونشط لهذا النداء ، وتخفف لهذا السفر ، فإذا التركة بغلة ، لكن لبيت المال ، وثياب لكنها كفن للصديق ، أما الثروة الطائلة التي جمعها أبو بكر ، أما الأموال التي حصلها ، أما الكنوز ، والخيول ، والجمال ، والغنم ، فقد قدمها أبو بكر أمامه عند من لا تضيع عنده الودائع .
ماذا قدمنا نحن ؟ ماذا فعلنا ؟ ماذا بذلنا ؟ ماذا حصلنا ؟ أي جهد بذلناه ، أي دمع سكبناه ، أي دم أسلناه ؟ لاشيء .
ننكص عن الفجر ، وقد قام الصديق في الدجى ، ولا نبكي في الخوف ، والصديق يبكي في الرجا .
نحن نجر المطارف ، يوم مطارف أبي بكر تجر بسيوف الغزاة في بدر وأحد .
* قليل في اتباع خير من كثير في ابتداع .
الفرائض الخمس مع ركعتي الضحى ، والوتر قبل النوم ، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر ، ومداومة الذكر، والكف عن الذنوب ، هذا منهج الراشدين ، مع ما يتيسر من كتاب رب العالمين .
* السلف كلامهم قليل ، لكنه كله درر ، والخلف كثرة كلام وإسهاب منطق ، لكن غالبيه سقط وجله زخرف .
ختاماً :
انتهت مصارع العشاق ، وكان القصد منها طرحاً جديداً في قالب أدبي أخاذ ، فنحن أمة الإبداع ، وقرآننا سر البلاغة والإعجاز .
وصدت من هذا الفن إراحة النفوس من الرتابة ، وإقالتها من النمط الواحد ، فالنفس ملولة ، والأذن مجاجة، وتنويع الطرح وتصريف الكلام أدعى للقبول ، وكلما تعددت أساليب الحق فهم ، وكلما تنوعت قوالب الصدق علم . وتبارك القائل في كتابه : ( وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْأِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً) (الكهف :54).
سبحان ربك رب العزة عما يصفون . وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .
اللهم اغفر لأبي وأمي وارحمهما كما ربياني صغيرا
المفضلات