أسباب النزول إعجاز - مهول - !
تساؤلات فطرية


إن دعوى القساوسة من أن محمدًا صلى الله عليه وسلم كان يعلمه بشر مثل ورقة ( وحاشاه ) تدعونا إلى أن نسألهم تلك الأسئلة الفطرية :

1- إن القرآن الكريم نزل مفرقًا ولم يجمع إلا فى أخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم , ومعلوم أن ورقة بن نوفل مات بعد تبشيره للنبي صلى الله عليه وسلم بأنه نبي أخر الزمان لأنه كان يقرأ في أسفار السابقين أن نبيًا سوف يأتي رحمة للعالمين ووصفه خاتم النبيين , فكيف يزعم المهرطقة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمه بشر والقرآن الكريم قد نزل مفرقًا حسب الأحداث ؟!

2- القرآن الكريم به آيات كثيرة تشير إلى أسباب نزولها فكيف كتبها ورقة قبل أن تحدث ؟!
قال تعالى فى سورة القمر ( اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانشَقّ الْقَمَرُ * وَإِن يَرَوْاْ آيَةً يُعْرِضُواْ وَيَقُولُواْ سِحْرٌ مّسْتَمِرّ * وَكَذّبُواْ وَاتّبَعُوَاْ أَهْوَآءَهُمْ وَكُلّ أَمْرٍ مّسْتَقِرّ * وَلَقَدْ جَآءَهُم مّنَ الأنبَآءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ * حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِـي النّذُرُ * فَتَوَلّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُو الدّاعِ إِلَىَ شَيْءٍ نّكُرٍ * خُشّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجْدَاثِ كَأَنّهُمْ جَرَادٌ مّنتَشِرٌ * مّهْطِعِينَ إِلَى الدّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَـَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ ) وقد ثبت في صحيح البخاري وغيره من حديث ابن مسعود وابن عمر وأنس وجبير بن مُطْعِم وابن عباس رضي الله عنهم أن النبى صلى الله عليه وسلم شق القمر نصفين . فعن أنس قال: سأل أهل مكة النبيّ صلى الله عليه وسلم آية, فانشقّ القمر بمكة مرتين فنزلت: {اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانشَقّ الْقَمَرُ} إلى قوله: {سِحْرٌ مّسْتَمِرّ} ( رواه الترمذى ) ولفظ البخاريّ عن أنس قال: انشق القمر فرقتين .
فكيف علم ورقة بهذا و كتبه قبل أن يقع ؟ وإذا كان قد كتبه قبل أن يقع فهل كان له القدرة على أن يجعله يقع قبل أن يقع ؟! وهل كان عنده هذا العلم الغيبي المستقبلي بأن النبي صلى الله عليه وسلم سوف يشق القمر وهو يكتب زعمًا له هذا القرآن ويعلمه إياه ؟! وهل اتفق الكفار مع ورقة قبل الحادثة بخمسة عشرة سنة أن يقولوا أن ( هذا سحر مستمر ) ؟! أليس هذا تصديق منهم على وقوع المعجزة وعدم إيمانهم بها ؟!

وقال تعالى فى نفس السورة ( سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلّونَ الدّبُرَ * بَلِ السّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسّاعَةُ أَدْهَىَ وَأَمَرّ ) أي جمع كفار مكة, وقد كان ذلك يوم بدر , يوم انتصر المسلمون على الكفار . قال ابن عباس " كان بين نزول هذه الاَية وبين بدر سبع سنين " ( تفسير القرطبى ) . أي بعد موت ورقة بـخمسة عشرة سنة تقريبًا ولذا قال القرطبى : " وهذا من معجزات النبيّ صلى الله عليه وسلم لأنه أخبر عن غيب فكان كما أخبر ". فكيف يُعقل أو يُصدق أن كاتب هذا الكتاب بشر ؟! و كيف يُعقل أن ورقة كتب هذا الكلام قبل أن يحدث ؟! وكيف يُعقل أن يكتب عن خبر حدث بعد موته أصلاً ؟! وهل إذا كان قد كتبه قبل أن يحدث كيف ضمن أنه سيحدث ؟! وإذا ضمن أنه سيحدث من الذي أعطاه القوة ليجعله يحدث ؟! وهل اتحد الكفار مع ورقة واتفقوا مسبقًا معه على أن يموتوا على يد المسلمين فى بدر لكى يتطابق ذلك مع كتبه ورقة ؟!

وقال تعالى فى سورة الفتح ( وَعَدَكُمُ اللّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجّلَ لَكُمْ هَـَذِهِ وَكَفّ أَيْدِيَ النّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مّسْتَقِيماً ) قال ابن عباس: عجّل لكم صلح الحديبية . ( تفسير القرطبى ) .فهل اتحد الكون مع ورقة واتفقت الأزمان مع ورقة وحادت الأقدار عن مسارها لكي يتم ما خطط له ورقة و كتبه زعمًا قبل أن يقع ؟!أم هل شارك ورقة الرب فى الملك فسمح الرب له في التحكم فى مقتضيات الأمر لكى يقع ما أخبر به ورقة زعمًا قبل أن يقع , بل وبعد موته ؟!

وقال تعالى فى نفس السورة ( لّقَدْ صَدَقَ اللّهُ رَسُولَهُ الرّؤْيَا بِالْحَقّ لَتَدْخُلُنّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَآءَ اللّهُ آمِنِينَ مُحَلّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصّرِينَ لاَ تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً ) وهو فتح مكة الذى وقع بعد موت ورقة بعشرات السنين !!فهل كتب ذلك وهو ميت ؟!

وقال تعالى فى سورة آل عمران (فَمَنْ حَآجّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وأَنْفُسَكُمْ ثُمّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) وهذه الآية وما قبلها من السورة نزلت فى وفد نصارى نجران- قال القرطبى : ( ونزلت هذه الاَية بسبب وفد نجران حين أنكروا على النبيّ صلى الله عليه وسلم قوله: «إن عيسى عبد الله وكلمته» فقالوا: أرِنا عبداً خلق من غير أب¹ فقال لهم النبيّ صلى الله عليه وسلم: «آدم من كان أبوه أعجبتم من عيسى ليس له أب؟ فآدم عليه السلام ليس له أب ولا اُم». فذلك قوله تعالى: {وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ} أي في عيسى {إِلاّ جِئْنَاكَ بِالْحَقّ} في آدم {وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً} . ) .
فهل اتفقت نجران النصرانية مع ورقة على أنهم فى يوم كذا سوف يذهبون إلى محمد صلى الله عليه وسلم ليتناظروا معه فى شأن كذا وكذا لأن ورقة كتب هذا زعمًا قبل أن يقع و بهذا يتم ما كتبه ورقة زعمًا ؟! بل هل اتفق العاقب والسيد والصاحب أعلم القوم بالنصرانية على أن ينهزموا فى اليوم الموعود أمام النبي صلى الله عليه وسلم من أجل ورقة مضحين بأغلى وأسمى ما يمتلكه المرء إلا وهى عقيدته ؟!


3- ثم إن القرآن الكريم فيه المكي والمدني , فهل كان ورقة على علم بأن النبى عليه الصلاة والسلام سوف يهاجر إلى المدينة بعينها وأنه سوف يمكث بها ويجاهد فيها ويخرج منها للغزوات ويستقبل فيها الوفود ويتزوج فيها بل و يموت فيها و كل ذلك فضلاً عن تنزل القرآن الكريم على الرسول صلى الله عليه وسلم فى طيبة المنورة , مهبط جبريل الأمين ؟!

4- اشتمال القرأن على العديد من الإعجازات البلاغية والتصويرية والعلمية والتى يستحيل أن يأتي بها بشر عربي فضلاً عن ورقة صاحب اللسان الأعجمي ؟!

5- اشتمال القرأن على الإخبارات المستقبلية الغيبية التى نراها نحن المسلمون الأن .. أم هل اتفقنا نحن أيضًا مع ورقة لكي نكمل التمثيلية المزعومة ؟!

إنه وحي الله ...... إنه نور الله ولو كرهت نفوسكم !



قال تعالى : " وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَـَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نّهْدِي بِهِ مَن نّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنّكَ لَتَهْدِيَ إِلَىَ صِرَاطٍ مّسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللّهِ الّذِي لَهُ مَا فِي السّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ أَلاَ إِلَى اللّهِ تَصِيرُ الاُمُورُ " - الشورى 52-53.

و أخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .