اﻷخ السيف العضب
أُنظر إلى كلام اﻷنبا تكلا:
من خلال كلامه يظهر اعتراضه على كلمة صفة، فمعنى كلمة الصفة الواردة في كلامه:" هو الشيء الذي يمكن للجوهر (الذات) أنْ يقوم بدونه".اقتباسمن الخطورة أنْ نعتبر أنَّ اﻷقانيم هي مجرد صفات لله، وكأن الجوهر يخص اﻵب وحده، وبهذا ننفي الجوهر عن الابن والروح القدس، أو ننفي كينونتهما، ويتحوَّلان إلى صفات ﻷقنوم إلاهي وحيد، هو أقنوم اﻵب، وهذه هي هرطقة سابيليوس.
ماذا لو كان معنى كلمة صفة هو الـ"جوهر"؟
الجواب هو: أنَّ اﻷنبا تكلا لن يعترض، ﻷنَّ المعنى الذي أراده قد حصل وهو:"جوهرية اﻷقانيم الثلاثة"، فإذا استعملتَ كلمة صفة بدلًا من كلمة الجوهر على شرط أنْ تعني بكلمة الصفة ما تعنيه من كلمة الجوهر التي يريدها اﻷنبا تكلا؛ فلا إشكال في هذا، ذلك أنَّ المعنى هو المهم.
كلمة "صفة" في كلام اﻷنباء تكلا، وموقع نداء المحبة هي "مشترك لفظي"، والـ"مشترك اللفظي" هو "تعدد معاني لفظ ما، بحيث يعني شيء بالنسبة لـ"س"، ويعني شيء آخر بالنسبة لـ"ص" إلخ"، وهذا ما حصل، فقد استعملَ كل منهما كلمة الصفة بمعنى مختلف.
بما أنَّنا تطرقنا إلى مسألة الـ"مشرك اللفظي"، فالنتطرق اﻵن إلى مسألة الـ"ترادف"، فهي تزيد المسألة وضوحًا، وتزيل اﻹشكال.. الـ"ترادف" هو "الفاظ متعددة تشترك في معنى واحد"، كأنْ تقول: أنا استعملُ كلمة صفة لتعني: "الشيء الذي يقوم بذاته"، ثم تقول: كما أنَّني أستعملُ كلمة جوهر لتعني "الشيء الذي يقوم بذاته".
كما ترى فلا بد أنْ نفهم ماذا يعني "مشترك لفظي"، وماذا يعني "ترادف" لكي نتعامل بمرونة بشأن النصوص.
اﻷخ السيف العضب
موقع نداء المحبة استعملَ كلمة صفات للأقانيم الثلاثة، وليس ﻷقنومي الابن والروح القدس، هذا صحيح، ولم أقل غير هذا، ولكن لا بد من فهم المعنى من كلمة صفة التي استعملوها، فقد استعملوها بحيث ترادف كلمة الـ"جوهر" في موقع اﻷنبا تكلا، وما هروب اﻷنبا تكلا من استعمال كلمة صفة إلاَّ لأنَّها تجعل أقنوم الابن وأقنوم الروح القدس غير جوهريان حسب سابليوس، ولكن إذا فهمنا مسالة الـ"مشترك اللفظي" ومعني الـ"ترادف" فسيزول الاشكال.
اﻷخ السيف العضب
وهل صَدَّقْتَهم بأنَّ التمايز في اﻷقانيم لا ينفي الوحدة؟
إنْ صَدَّقتهم، فقد خالفتَ المنطق، وإنْ لم تُصَدِّقهم، فقد اتفقتَ والمنطق، والـ"اتفاق والمنطق" هو المطلوب.
لنتناول جزء من قصص الثالوث:
أقنوم الأب أرْسَلَ أقنوم الابن لِيَتَجَسَّد في "جَسَدِ المسيح (الناسوت)"، ورغم هذا تقول النصارى أنَّ اﻷقانيم إله واحد!.
كلامهم منافي للمنطق، فكيف تكون الأقانيم إله واحد، في حين يوجد مُرْسِل ويوجد مُرْسَل؟!
لو كانت اﻷقانيم إله واحد، لكان المُرْسِل هو المُرْسَل، أقصد لكان أقنوم اﻷب هو أقنوم الابن، ولكنهم لا يقولون بهذا، وقولهم هذا خطأ منطقي.
الملك الذي يتكلمون عنه يضعهم في مأزق، فهم يحبون المآزق.. صورة الملك جزء من تركيب الملك، والملك مركب من أجزاء، ووحدة الملك حاصلة بعد تركيب اﻷجزاء التي يتكوَّن منها، وهذا ما لا ينطبق بشأن الله، فالله ليس مركبًا، لكي يكون واحد بعد تركيب اﻷجزاء، فالملك مُفْتَقِر في تركيبه إلى أجزائه، أمَّا الله فغني عن التركيب، وبهذا يسقط كلامهم الذي أرادوا من خلاله أنْ يثبتوا صحة وحدة إلاههم، فقد استعلموا "قياس التمثيل"، وهو لا يصح بشأن الله، "قياس الغائب على الشاهِد" خطأ كبير كما بينَّا قبل سطور قليلة.
"قياس التمثيل" يُسْتَعْمَل بشأن المخلوقات، لا بشأن الله، فالله ليس له مثيل، وأنظر إلى حصول وحدة الملك بعد التركيب، وهذا يخالف وحدة الله، فالله لا تركيب فيه لكي يحصل على واحديته بعد أنْ يُرَكَّب، ثم لو افترضوا تركيبًا في ذات الله، وحصوله على واحديته بعد التركيب، فهم يكونون في الدرك اﻷسفل من البدائية، بل يوجد من أهل الدرك الاسفل البدائيين مَنْ لا يقول بهذا، فالتركيب يعني ببساطة افتقار المُرَكَّب إلى أجزائه، والله غني عن التركيب، كما أنَّ التركيب يجعل هناك إله واحد من المركبات، ذلك أنَّه يستحيل أنْ تكون كلها قديمة.
لقد سقط قياسهم.
ملاحظة: في مشاركتي السابقة ارتكبتُ أخطاءً مطبعية، فكلمة "التمس" ناقصة حرف كاف، فهي "التمسك"، وكلمة المُسَطِرَة ناقصة حرف ياء، فهي مُسَيْطِرَة.
المفضلات