

-
الوحـدة الإسلامية أولاً
لا شك أن تأسيسنا لدولة إسلامية واحدة سوف يمنحنا إمكانيات باهـرة. وكوننا دولة تركية ميزة تمكننا من إقامة حوار بين جميع الدول التركية الأخرى، والعيش تحت سقف واحد، سقف الوحدة التي تعتبر أمرًا فـي غاية الأهمية. وفي الوقت نفسه، فإن كوننا دولة إسلامية يسمح لنا بالتحرك بصورة مشتركة جنبا إلى جنب مع باقي الدول الإسلامية الأخرى وإيجاد الحلول العملية والدائمة للمشاكل المشركة. ونظرا لهاتين الميزتين فإن تركيا مرشحة، خلال العشريات القليلة القادمة لأن تكون في موقع استراتيجي متقدم جدا عما هي عليه اليوم، بل إنها يمكن أن تلعب دورا رياديّا وقياديا ضمن المحيط الدولـي الـذي توجد فيه.
وقد كنا تناولنا في الكتابات السابقة تأهل تركيا للعب دور قيادي وريادي، سواء ضمن الجمهوريات التركية أو حتى بالنسبة إلى الأتراك الموزعين في أنحاء متفرقة من العالم. غير أننا بالمقابل لم نتوقف عند إمكانية قيادة تركيا لوحدة تضم جميع الدول الإسلامية، فتجمع هذه الدول تحت سقف واحد وتكون لهم بنية مشتركة يتحركون على أساسها. وإذا شئتم، لتناول الآن الأسباب التي تجعل تشكيل مثل هذه البنية أمرا ضروريا، ولماذا تعتبر هذه الوحدة حاجة ماسة سواء بالنسبة إلى تركيا أو بالنسبة إلى باقي الدول الإسلامية الأخرى.
لماذا الوحدة الإسلامية
إن من بين الأهداف الرئيسة التي تجعل من الضروري قيام الوحدة الإسلامية، تشكيل سلطة مركزية تكون موجهة لعموم المسلمين. ولهذا السبب ينبغي أن يوجه هذا المركز خطابه إلى جميع المسلمين، وبعبارة ينبغي أن يكون قادرا على جمع كافة الاتجاهات والأفكار تحت مظلته. وعلى هذه الوحدة الإسلامية أن تتخذ من القيم والعقائد الإسلامية أساسا لها، وبالنسبة إلى الممارسة من الضروري أن تقابل الأفكار والاتجاهات المختلفة بتسامح ورحابة صدر، وعليها أن تنجح في تحويل هذه الاختلافات إلى عامل ثراء ثقافي. ويتعين ألا تصبح هذه الاختلافات عنصرا معرقلا في اتخاذ قرارات مشتركة و في الدفع بالفعاليات والنشاطات السياسية. ومن الضروري أن يكون هذا المركز هو مكان الحل لمشاكل جميع الدول الإسلامية، كما يتعين إزالة جميع أنواع الخلافات. وعندما يصبح العالم الإسلامي قادرا على حل مشاكله فيما بينه فإنه سوف يساعد في مرحلة لاحقة على إيجاد الحلول التي قد تواجهه في تعامله مع الحضارات الأخرى. وعلى هذا النحو يمكن لهذا المركز الذي يوحد ويجمع كافة الدول الإسلامية أن يصيغ سياسات مشتركة ويكون قادر على تطبيقها التطبيق الصحيح.
ما هو شكل الوحدة الإسلامية
إن منظمة المؤتمر الإسلامي التي تضم 56 دولة إسلامية ، هي أكبر منظمة إسلامية من حيث عدد الدول المنضوية تحت سقفها ومن حيث التوزع الديمغرافي لتلك الدول. وإلى جانب هذه المنظمة، توجد منظمات أخرى إقليمية لدول إسلامية تجمع بينها الانتماء الجغرافي نفسه، وهناك بين هذه الدول تعاون تجاري وعسكري. وكل واحدة من هذه المنظمات تكتسي أهمية بالغـة وتقوم بنشاط مفيد. غيـر أنه من الضروري أن يكون للعالم الإسلامي صوت واحد يتكلم باسمه ويعبر عن قـراراته، يجب أن يكون له وحدة تعبر عنه وتصدر قرارت يلتزم بها الجميع. وهذه المنظمة لا تعبر عن منطقة جغرافية محددة بل تهتم بمشاكل جميع المسلمين وتبحث عن أفضل الحلول لها. ونشاطات هذه الوحدة تشمل المجال الاقتصدادي والعسكري والاجتماعـي. وبفضل هذه الوحدة سوف ينشأ بين الدول الإسلامية مناخ من الاتفاق والمصالحة، وسوف يتم تطوير جوانب التعاون والتضامن. وعلى هذا النحو تتأكد في البداية روح الثقة بين هذه الدول تحت سقف هذه الوحدة، ثم بعد ذلك يتم توسيع مجالات التعاون، وبالتالي تصل هذه الدول إلى مستوى عال من الرّخاء والازدهار. إن العالم الإسلامي في تطوره وتقدمه سوف يعمل ويتحرك تماما مثل أعضاء الجسم الواحد، وبالتالي يصبح من الممكن تطوير الاستراتيجيات التي تخدم مصالح المجتمعات الإسلامية.
نموذج الاتـحاد الأوروبـي
يمكن اتخاذ الاتحاد الأوروبي نموذجا ومثالا للوحدة الإسلامية. وميـزة الاتحاد الأوروبي أن كل دولة من الدول الأعضاء فيه تحافظ على سيادتها الوطنية وعلى نظامها السياسي الخاص بها وعلى آليات الدولة في التسيير، ولكن إلى جانب ذلك، فالاتحاد الأوروبي تم إنشاؤه وفق نظام من القيم يراعي "الثقافة الأوروبية" المشتركة. وفق هذا النظام من القيم هناك وحدة سياسية واقتصادية وثقافية بين الدول الأوروبية؛ هذه الوحدة يسيرها مركز قانوني وإداري واحد قادر على التحدث باسم جميع أعضاء هذه الدول.
والأمر نفسه بالنسبة إلى الوحدة الإسلامية، ففي هذه البنية يجب أن تحافظ جميع الدول الأعضاء على استقلالها الوطني وعلى حدودها القومية، كما يجب أن تحمي حقوقها ومصالحاها الوطنية. لكن بالموازاة مع ذلك يجب أن تكون لهذه الدول المستقلة رؤية ضمن "ثقافية إسلامية" مشتركة، وانطلاقا من هذه الرؤية يتم تطوير سياسات مشتركة ، وتكوين مؤسسات لتنفيذ القرارات المتخذة. وليس الهدف إقامة وحدة عضوية بنيويّة، بل إقامة وحدة على أساس المنافع والسياسات المشتركة. ويجب أن تكون هذه الوحدة مساعدة على تنفيـذ تلك السياسات وتطبيقها في حيز الواقـع.
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة محمد القليط في المنتدى المنتدى العام
مشاركات: 4
آخر مشاركة: 03-11-2012, 08:00 PM
-
بواسطة صدى الحقيقة في المنتدى من ثمارهم تعرفونهم
مشاركات: 6
آخر مشاركة: 18-01-2012, 08:12 PM
-
بواسطة ابو مهاب القعقاع ابن عمرو في المنتدى المنتدى الإسلامي
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 20-03-2011, 01:35 AM
-
بواسطة فريد عبد العليم في المنتدى المنتدى الإسلامي العام
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 17-01-2010, 02:01 AM
-
بواسطة جمال البليدي في المنتدى العقيدة والتوحيد
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 04-02-2007, 01:04 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات