الحمد لله وبعد :

قال بن تيمية - رحمه الله - :"من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري ومن عبده بالحب والخوف والرجاء فهو مؤمن موحد.

فإذا كان محبة الله ورسوله والمؤمنين من محبة الله وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب المؤمنين الذين يحبهم الله لأنه أكمل الناس محبة لله وأحقهم بأن يحب ما يحبه الله ويبغض ما يبغضه الله والخلة ليس فيها لغير الله نصيب بل قال : [ لو كنت متخذا خليلا من أهل الأرض لاتخذت أبا بكر خليلا ] علم مزيد مرتبة الخلة على مطلق المحبة
والمقصود هو أن الخلة والمحبة لله تحقيق عبوديته وإنما يغلط من يغلط في هذه من حيث يتوهمون أن العبودية مجرد ذل وخضوع فقط لا محبة معه وأن المحبة فيها انبساط في الأهواء أو إذلال لا تحتمله الربوبية ولهذا يذكر عن ذي النون أنهم تكلموا عنده في مسألة المحبة فقال : أمسكوا عن هذه المسألة لا تسمعها النفوس فتدعيها فكره من كره من أهل المعرفة والعلم مجالسة أقوام يكثرون الكلام في المحبة بلا خشية وقال من قال من السلف من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق ومن عبده بالرجاء فهو مرجئ ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري ومن عبده بالحب والخوف والرجاء فهو مؤمن موحد ولهذا وجد في المتأخرين من انبسط في دعوى المحبة حتى أخرجه ذلك إلى نوع من الرعونة والدعوى التي تنافى العبودية وتدخل العبد في نوع من الربوبية التي لا تصلح إلا لله ويدعى أحدهم دعاوى تتجاوز حدود الأنبياء والمرسلين أو يطلبون من الله ما لا يصلح بكل وجه إلا لله لا يصلح للأنبياء والمرسلين" من كتاب العبودية .