

-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اﻷخت راسية
لقد رددتُ على سؤالك في مشاركتي السابقة قبل ردي على مسألة :"أين الله؟".
لم أفهم سؤالك جيدًا سابقًا.. سؤالك :"أين الله عندما تناديه قتاة تتعرض للاغتاب؟"، وليس:"أين الله".
انظري أختي، اﻹنسان مُخَيَّر في هذه الحياة، ولكنه مُخَيَّر في نطاق مُحَدَّد، فهو ليس مخيرًا بأنْ يُوقِف نفَسه ثم يبقى حيًا..
كون اﻹنسان مخيَّر، يعني أنْ يفكِّر بشأن شيء معين، أو لا يفكِّر بشأنه، أو أنْ يعمل شيئًا معينًا داخل في نطاقه قدرته على عمله، أو أنْ لا يعمله، والتَّخْيير سببه التكْلِيف، فقد جعله اللهُ مُخَيَّرًا ليكلفه، ولا تكليف بلا تَخْيير، وقد ورد في اﻵية :"أدعوني استجب لكم"، ولكن هذه اﻵية لا بد من فهمها جيدًا، فهي لا تعني أنَّ اﻹنسان لو دعا الله أنْ لا يُقْلِع عن الصلاة، فلن يُقْلِع عنها، فهذا يمس بحرية اﻹنسان، فيكون آنها مسيَّرًا، ويحق لغير اﻹنسان الذي أُسْتُجِيبَت دعواه -بشأن عدم اﻹقلاع عن الصلاة - أنْ يعترض، فيقول:"لقد استجبتَ لفلان ولم تستجِب لي، فهذا عين الظلم".
مشكلة الذين ألحدوا، أنَّهم يريدون أنْ يروا الحياة في مسار واحد، يدَّعون أنَّهم لا يريدون شرًا، ولا المًا في هذه الحياة، فلا يريدون زلازل، ولا براكين، ولا موت، ولا أمراض، ولا اغتصاب، انطلاقًا من قوة عليا إنْ كانت موجودة حسب قولهم، فهم يرون في وجود الزلازل والبراكين.. والاغتصاب نفي لوجود قوة عليا عاقلة تُسَيِّر هذا الكون، وإثبات للعشوائية وللقوة العمياء، والحق أنَّ هذا غير صحيح، فالزلازل والبراكين لها فوائد كما يقول العلماء، رغم ما تُحْدِثه من الم للناس، ولها فائدة في توجيه الناس للبحث عن حقيقة هذا العالم، وعدم الاكتفاء بالعيش البسط، واﻹنسان انطلاقًا من الدين مُكَلَّف بالبحث عن حقيقة هذا العالم.. بشأن الاغتصاب، فلا يمكن أنْ لا يَحْدُث بالمطلق بسبب دعاء، ﻷنَّ عدم حُدُوثه يعني إلغاء التكليف، بحيث يمكن أنْ ينسحب الدعاء على شيء آخر، كأنْ يدعو اﻹنسان لكي لا يَحْدُث زلزال، أو بركان، أو أنْ لا يقلع عن الصلاة، وفي هذا استهانة بعقل اﻹنسان، فبدلًا من اعمال الفكر، واتخاذ الاحتياطات اللازمة لتقليل الخسائر، فإنَّه يدعو ﻷنْ لا تَحْدُث، وهذا مَكْمَن الدعوة إلى تجميد العقل، وإحالته إلى التقاعد مبكِّرًا.
اﻷفضل هو إعمال العقل، وليس تهميشه، وتجميده، فأنْ ندعو الناس أنْ لا تغتصب، أفضل من أنْ ندعو الله أنْ لا يَحْدُث اغتصاب، بل يجب أنْ نفهم أنْ الدعاء بأنْ لا يَحْدُث اغتصاب هو تعليم الناس بأنْ لا تغتصب، ذلك أنَّ الاغتصاب يمكن أنْ ينتج حملًا، فيكون المولود في العراء بسبب نظرة المجتمع، أو فقره، إلخ، وبهذه الدعوة تبرز حرية اﻹنسان، وبحرية الاخيار يبرز التكليف، فلا تكليف بلا حرية، وأي دعوة من إنسان بأنْ لا يَحْدُث الشر من إنسان، دون أنْ يَتَّخِذ اﻹنسان السُّبُل الواقعية لعدم حدوثه، هي دعوة إلى أنْ يتخلف اﻹنسان، ويكون أضل سبيلا من الحيوان، وهي دعوة إلى إزالة الحرية، ومن ثم إزالة التكليف.
التعديل الأخير تم بواسطة سمير ساهر ; 10-03-2010 الساعة 04:33 AM
قال الفيلسوف المعتزلي، القاضي عبد الجبار:"إنَّ ما شارك القديم في كونه قديمًا يستحيل أنْ يختص لذاته بما يُفَارِق به اﻵخر؛ يُبْطِل قولهم أيضًا، ﻷنَّ هذه اﻷقانيم إذا كانت قديمة، فيجب أنْ لا يصح أنْ يختص اﻷب بما يستحيل على الابن والروح، ولا يصح اختصاصهما بما يستحيل عليه، ولا اختصاص كل واحد منهما بما يستحيل على اﻵخر؛ وهذا يُوجِب كون الابن أبًا، وكون اﻷب ابنـًا، وكون اﻷب روحًا، وكون الروح أبًا".
شبكة الألوكة - موقع المسلمون في العالم: للدخول اضغط هنا.
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة n1405 في المنتدى استفسارات غير المسلمين عن الإسلام
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 10-04-2010, 12:23 AM
-
بواسطة agamozaoza في المنتدى منتدى غرف البال توك
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 14-04-2008, 12:08 PM
-
بواسطة فقيرلله في المنتدى المنتدى العام
مشاركات: 4
آخر مشاركة: 03-01-2007, 05:19 PM
-
بواسطة الاشبيلي في المنتدى المنتدى العام
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 26-12-2006, 09:46 AM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات