

-
إسرائيليات في المسوخ من المخلوقات
إسرائيليات في المسوخ من المخلوقات
ويوغل بعض زنادقة أهل الكتاب ، فيضعون على النبي صلى الله عليه وسلم خرافات في خلق بعض أنواع الحيوانات التي زعموا أنها مسخت ، ولو أن هذه الخرافات نسبت إلى كعب الأحبار وأمثاله ، أو إلى بعض الصحابة ، والتابعين لَهَانَ الأمرُ ، ولكن عظيم الإثم أن ينسب ذلك إلى المعصوم صلى الله عليه وسلم ، وهذا اللون من الوضع والدس من أخبث وأقذر أنواع الكيد للإسلام ونبي الإسلام.
فقد قال السيوطي عفا الله عنه بعد ما ذكر طامات وبلايا في قصة هاروت وماروت ، من غير أن يعلق عليها بكلمة ؛ أخرج الزبير بن بكار في الموفقيات ، وابن مردويه ، والديلمي ، عن علي : أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن المسوخ فقال : هم ثلاثة عشر : الفيل ، والدب ، والخنزير ، والقرد ، والجريث( سمك") ، والضب ، والوطواط ، والعقرب ، والدعموص ، والعنكبوت ، والأرنب ، وسهيل ، والزهر ، فقيل : يا رسول الله وما سبب مسخهن ؟ وإليك التخريف والكذب الذي نبرئ ساحة رسول الله منهما فقال : أما الفيل : فكان رجلًا جبارًا لوطيا ، لا يدع رطبا ، ولا يابسا ، وأما الدب : فكان مؤنثًا يدعو الناس إلى نفسه ، وأما الخنزير : فكان من النصارى الذين سألوا المائدة ، فلما نزلت كفروا ، وأما القردة : فيهود اعتدوا في السبت ، وأما الجريث : فكان ديوثا ، يدعو الرجال إلى حليلته ، وأما الضب : فكان أعرابيا يسرق الحاج بمحجنه ، وأما الوطواط : فكان رجلا يسرق الثمار من رءوس النخل ، وأما العقرب : فكان رجلا لا يسلم أحد من لسانه ، وأما الدعموص(بضم الدال دويبة أو دودة سوداء تكون في الغدران إذا أخذ ماؤها في النضوب) : فكان نَمَّامًا يُفَرق بين الأحبة ، وأما العنكبوت : فامرأة سحرت زوجها ، وأما الأرنب : فإمرأة كانت لا تطهر من حيضها ، وأما سهيل : فكان عشَّارًا باليمن ، وأما الزهرة : فكانت بنتا لبعض ملوك بني إسرائيل افتتن بها هاروت ، وماروت ؛ ألا قبَّح الله من وضع هذا الزور والباطل ، ونسبه إلى من لا ينطق عن الهوى.
ومما لا يقضي منع العجب : أن السيوطي ذكر هذا الهراء من غير سند ، ولم يعقب عليه بكلمة استنكار ، ومثل هذا : لا يشك طالب علم في بطلانه ، فضلا عن عالم كبير ، وقد حكم عليه ابن الجوزي بالوضع ، وقد ذكره السيوطي في اللآلئ ، وتعقبه بما لا يجدي ، وكان من الأمانة العلمية أن يشير إلى هذا ، وبعد هذا الكذب والتخريف ينقل السيوطي ما رواه الطبراني في الأوسط بسند ضعيف كذا قال : عن عمر بن الخطاب قال : جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في غير حينه ، ثم ذكر قصة طويلة في وصف النار ، وأن النبي بكى ، وجبريل بكى ، حتى نوديا : لا تخافا إن الله أمنكما أن تعصياه(الدر المنثور ج1 ص 102 ، 103.) ، وأغلب الظن : أنه من الإسرائيليات التي دست في الرواية الإسلامية.
-
الإسرائيليات في بناء الكعبة : البيت الحرام والحجر الأسود :
أكثَرَ السيوطي في تفسيره : "الدر المنثور" عند تفسير قوله تعالى : {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}(البقرة : 127 )، من النقل عن الأزرقي ، وأمثاله من المؤرخين والمفسرين الذين هم كحاطبي ليل ، ولا يميزون بين الغث والسمين ، والمقبول ، والمردود ، في بناء البيت ، ومن بناه قبل إبراهيم : أهم الملائكة أم آدم ؟ والحجر الأسود ومن أين جاء ؟ وما ورد في فضلهما ، وقد استغرق في هذا النقل الذي معظمه من الإسرائيليات التي أخذت عن أهل الكتاب بضع عشرة صحيفة ، لا يزيد ما صح منها أو ثبت عن عُشْرِ هذا المقدار.
ولو أنه اقتصر على الرواية الصحيحة التي رواها البخاري في صحيحه(صحيح البخاري كتاب أحاديث الأنبياء باب "واتخد الله إبراهيم خليلا".) ، ورواها غيره من العلماء الأثبات ، لأراحنا ، وأراح نفسه ، ولما أفسد العقول ، وسمم النفوس بكل هذه الإسرائيليات ، التي نحن في غنية عنها بما تواتر من القرآن ، وثبت من السنة الصحيحة ؛ وفي الحق : أن ابن جرير كان مقتصدا في الإكثار من ذكر الإسرائيليات في هذا الموضع ، وإن كان لم يسلم منها ، وذكر بعضها ، وذلك مثل ما رواه بسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : لما أهبط الله آدم من الجنة قال : إني مهبط معك بيتا يطاف حوله كما يطاف حول عرشي ، ويصلى عنده ، كما يصلى عند عرشي ، فلما كان زمن الطوفان ، رفع ، فكانت الأنبياء يحجونه ، ولا يعلمون مكانه( ولا أدري كيف يحجونه ولا يعلمون مكانه ؟)، حتى بوأه الله إبراهيم عليه السلام وأعلمه مكانه ، فبناه من خمسة أجبل : من حراء ، وثبير ، ولبنان ، وجبل الطور ، وجبل الخمر.
وأعجب من ذلك : ما رواه بسنده عن عطاء بن أبي رباح ، قال : لما أهبط الله آدم من الجنة : كان رجلاه في الأرض ، ورأسه في السماء!! يسمع كلام أهل السماء ودعاءهم ، يأنس إليهم فهابته الملائكة ، حتى شكت إلى الله في دعائها ، وفي صلاتها ، فوجه إلى مكة ، فكان موضع قدمه قرية وخطوه مفازة حتى انتهى إلى مكة وأنزل الله ياقوتة من ياقوت الجنة ، فكانت على موضع البيت الآن فلم يزل يطوف به ، حتى أنزل الله الطوفان فرفعت تلك الياقوتة ، حتى بعث الله إبراهيم ، فبناه ، فذلك قول الله تعالى : {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ}(تفسير ابن جرير)إلى غير ذلك مما مرجعه إلى أخبار بني إسرائيل وخرافاتهم ، ولم يصح في ذلك خبر عن المعصوم صلى الله عليه وسلم ، ويرحم الله الإمام الحافظ ابن كثير ؛ فقد بين لنا منشأ معظم هذه الروايات التي هي من صنع بني إسرائيل ، ودس زنادقتهم ، فقد قال فيما رواه البيهقي في الدلائل من طرق عن عبد الله بن عمرو ابن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم : "بعث الله جبريل إلى آدم ، فأمره ، ببناء البيت ، فبناه آدم ، ثم أمره بالطواف به ، وقال له : أنت أول الناس ، وهنا أول بيت وضع اللناس".
قال ابن كثير : إنه من مفردات ابن لهيعة ، وهو ضعيف ، والأشبه والله أعلم أن يكون موقوفا على عبد الله بن عمرو بن العاص ، ويكون من الزاملتين(البعير الذي يحمل عليه المتاع.) اللتين أصابهما يوم اليرموك ، من كتب أهل الكتاب ، فكان يحدث بما فيهما(تفسيري ابن كثير والبغوي ).
وقال في "بدايته" : ولم يجئ في خبر صحيح عن المعصوم : أن البيت كان مبنيا قبل الخليل عليه السلام ومن تمسك في هذا بقوله : {مَكَانَ الْبَيْتِ} [u]فليس بناهض ولا ظاهر ، لأن مراده : مكانه المقدر في علم الله تعالى ، المقرر في قدرته ، المعظم عند الأنبياء موضعه من لدن آدم إلى زمان إبراهيم(البداية والنهاية)
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة عادل محمد في المنتدى منتدى الكتب
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 25-11-2011, 03:26 PM
-
بواسطة طالب عفو ربي في المنتدى منتدى الكتب
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 11-01-2010, 09:05 AM
-
بواسطة مصطفي شريف في المنتدى المنتدى الإسلامي
مشاركات: 3
آخر مشاركة: 04-02-2008, 11:19 AM
-
بواسطة صقر قريش في المنتدى المنتدى الإسلامي
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 24-06-2007, 08:06 PM
-
بواسطة نسيبة بنت كعب في المنتدى المنتدى الإسلامي
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 25-07-2006, 06:21 AM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات