الجواب

اعلم أخي الحبيب أن كتابة الأناجيل بدلت تكلم المسيح في المهد ونسبوه ليوحنا أو يحيي ابن زكريا عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام .

لوقا

1: 60 فاجابت امه و قالت لا بل يسمى يوحنا

1: 61 فقالوا لها ليس احد في عشيرتك تسمى بهذا الاسم

1: 62 ثم اوماوا الى ابيه ماذا يريد ان يسمى

1: 63 فطلب لوحا و كتب قائلا اسمه يوحنا فتعجب الجميع

1: 64 و في الحال انفتح فمه و لسانه و تكلم و بارك الله



واعلم اخي الحبيب ان الغرض من اخفاء هذا الأمر ينحصر في إخفاء حقيقة ما قاله { أني عبد الله} :

فقوله: { إِنّى عَبْدُ اللَّهِ } وفيه فوائد:

الفائدة الأولى: أن الكلام منه في ذلك الوقت كان سبباً للوهم الذي ذهبت إليه النصارى، فلا جرم أول ما تكلم إنما تكلم بما يرفع ذلك الوهم فقال: { إِنّى عَبْدُ اللَّهِ } وكان ذلك الكلام وإن كان موهماً من حيث إنه صدر عنه في تلك الحالة، ولكن ذلك الوهم يزول ولا يبقى من حيث إنه تنصيص على العبودية.


الفائدة الثانية: أنه لما أقر بالعبودية فإن كان صادقاً في مقاله فقد حصل الغرض وإن كان كاذباً لم تكن القوة قوة إلهية بل قوة شيطانية فعلى التقديرين يبطل كونه إلهاً.


الفائدة الثالثة: أن الذي اشتدت الحاجة إليه في ذلك الوقت إنما هو نفي تهمة الزنا عن مريم عليها السلام ثم إن عيسى عليه السلام لم ينص على ذلك وإنما نص على إثبات عبودية نفسه كأنه جعل إزالة التهمة عن الله تعالى أولى من إزالة التهمة عن الأم، فلهذا أول ما تكلم إنما تكلم بها.

الفائدة الرابعة: وهي أن التكلم بإزالة هذه التهمة عن الله تعالى يفيد إزالة التهمة عن الأم لأن الله سبحانه لا يخص الفاجرة بولد في هذه الدرجة العالية والمرتبة العظيمة. وأما التكلم بإزالة التهمة عن الأم لا يفيد إزالة التهمة عن الله تعالى فكان الاشتغال بذلك أولى فهذا مجموع ما في هذا اللفظ من الفوائد.

هذا هو قول الإمام الرازي .
.