تفسير المعوذتين 2
المستعاذ به هو الله
وحده رب الفلق ورب الناس ملك الناس , اله الناس الذي لا ينبغي الاستعاذة إلا به , ولا يستعاذ بأحد من خلقه , بل هو الذي يعيذ المستعيذين ويعصمهم ويمنعهم من شر ما استعاذوا من شره, وقد أخبر تعالى في كتابه عن من استعاذ بخلقه أن استعاذته زادته طغيانا ورهقا, فقال حكاية عن مؤمني الجن : (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً) (الجن : 6 )
فقد كان الرجل من العرب في الجاهلية إذا سافر فأمسى في ارض قفر, قال : أعوذ بسيد هذا الوادي من شر سفهاء قومه , فيبيت في أمن و جوار منهم حتى يصبح, أي فزاد الإنس والجن باستعاذتهم بسادتهم رهقا أي طغيانا واثنا وشرا , يقولون : سدنا الإنس والجن ,والرهق في كلام العرب: الإثم وغشيان المحارم , فزادوهم بهذه الاستعاذة غشيانا لما كان محظورا من الكبر والتعاظم , فظنوا أنهم سادوا الإنس والجن.
وأحتج أهل السنة على المعتزلة في أن كلمات الله غير مخلوقه بأن النبي صلى الله عليه وسلم استعاذ بقوله :(أعوذ بكلمات الله التامات )) وهو صلى الله عليه وسلم لا يستعيذ بمخلوق أبدا,ونظير ذلك قوله صلى الله عليه وسلم ( أعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عقوبتك) رواه الترمذي والنسائي واحمد.
فدل على أن رضاه وعفوه من صفاته وأنه غير مخلوق ..... وما استعاذ به النبي صلى الله عليه وسلم غير مخلوق , فإنه لا يستعيذ إلا بالله أو صفة من صفاته.
وجاءت الإستعاذه في هاتين السورتين باسم الرب والملك والإله وجاءت الربوبية فيها مضافة إلى الفلق والى الناس ولابد من أن يكون ما وصف به نفسه في هاتين السورتين يناسب الاستعاذة المطلوبة ويقتضي دفع الشر المستعاذ منه أعظم مناسبة وأبينها, وقد قررنا في مواضع متعددة أن الله سبحانه يدعى بأسمائه الحسنى فيُسئل لكل مطلوب باسم يناسبه ويقتضيه , وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في هاتين السورتين :(إنه ما تعوذ المتعوذون بمثلهما) رواه أبو داوود , فلابد أن يكون الاسم المستعاذ به مقتضيا للمطلوب وهو دفع الشر المستعاذ منه أو رفعه
المفضلات