إن القرآن الكريم عندما أنزله الله عز وجل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان عبارة عن منهج سماوي .... وبالطبع يجب أن يكون هذا المنهج مطابق للغة أهل الجزيرة العربية .
وكان في هذا الوقت والمعروف بالعصر الجاهلي أن أهل الجزيرة العربية هم أهل الفصاحة والبلاغة .... لهذا نزل القرآن كمعجزة بلاغية يتحدى هؤلاء القوم ... وإلا لقالوا أن القرآن أضعف مما يكون أنهم أكثر منه بلاغة وفصاحة .. وبذلك لن يحقق المنهج القرآني هدفه السماوي ... ولهذا نزل القرآن أولاً بمعجزة بلاغية يتحدى العرب فيما نبغوا فيه .
فالقرآن الكريم أكتشف نوعاً من أنواع السجع باللغة العربية والتي لم يدركها شعراء الجاهلية من قبل .
فالسجع المعروف بين شعراء وخطباء الجاهلية .. هو أتفاق أخر كلمات بعض الجمل (جملتين أو أكثر ) في الحرف الأخير ... مثال :
الخطيب الجاهلي "قس بن ساعدة" في خطبته الموجودة في كتاب " جمهرة خطب العرب" ويقول :
" أيها الناس اسمعوا وعوا ، إنه من عاش مات ، ومن مات فان ، وكل ما هو آتٍ آت " .
هذا جزء من خطبته .. فنجد السجع بين " اسمعوا وعوا " وبين " مات – فات " وبين " آتٍ – آت "
فنجد أن السجع بين كلمتين فقط .
ولكن .... عندما نزل القرآن الكريم ... كشف نوع من أنواع السجع لم يعرفه العصر الجاهلي من قبل رغم تفوقهم في الفصاحة والبلاغة للغة العربية ... فالعصر الجاهلي إنتهى تفوقه في السجع بين كلمتين فقط كما ذكرت عاليه للخطيب " قس بن ساعدة " وغيره من الخطباء والشعراء .
ولكن القرآن جاء بأعلى من ذلك مما أبهر هؤلاء الخطباء والشعراء وهو السجع بين
حرف و كلمة
ومثال لذلك .. ولله المثل الأعلى
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
" ن والقلم وما يسطرون "
فهنا نجد السجع بين "ن" و "يسطرون"
وهذا نوع من أنواع السجع الذي لم يعرفه خطباء وشعراء العصر الجاهلي
فكيف اقتبس القرآن من الشعر الجاهلي إذا كان القرآن هو المتفوق على كل ما جاء عن هذا العصر.؟
المفضلات