التشخيص والعلاج

عندما تشكو أم من تأخر طفلها عن الكلام، يجب أن ينصرف اهتمام الطبيب إلى طريقة كلام الأم وأسلوبها في التعبير· فالطفل يكتسب اللغة ممن حوله، وبالتالي فمن الطبيعي أن تتأثر تلك المهارة عند الطفل بمستواها من المحيطين به (وقد تكون الأم نفسها أو الأب مصاب بعيب من عيوب النطق)·

ثم ينصرف اهتمام الطبيب إلى ملاحظة النمو العام للطفل، وتحديد درجة قصور النمو بالرجوع إلى جدول النمو وليس بالاستناد إلى رأي شخصي يهدف إلى التطمين· وعندما يكون هناك قصور في النمو فيجب معرفة سبب ذلك وعلاجه ما أمكن·

أما فحص الجهاز السمعي، فيجب أن يكون جزءاً لا يتجزأ من فحص أي طفل له شكوى مرضية، بغض النظر عن طبيعة الشكوى المرضية، وعندما تكون الشكوى خاصة بالتأخر عن الكلام، يكون فحص الجهاز السمعي بالغ الأهمية، ويجب إجراؤه بدقة، مع الاستعانة باختبارات معملية·

في أثناء عرض الطفل على الطبيب يجب أن يلتفت الطبيب إلى الجهاز الصوتي عند الصغير: هل يصدر الطفل صوتا ويحدد الصوت من أي نوع أم أنه صامت تماماً؟! هل يصدر الطفل أي صوت غريب؟! (في حالات الشلل المخي "cerebral palsy"، يصدر الطفل صوتا مملا على وتيرة واحدة· وفي بعض حالات التخلف العقلي "mental retardation" يكون صوت الطفل شبيها بعواء الذئب)·

ويتعين على الطبيب أن يستعلم من الوالدين عن كيفية معاملة الطفل في البيت، وما إذا كان يترك بمفرده ساعات طويلة كل يوم، وكيف تكون ملاعبة الوالدين للطفل.

هل يفهم الطفل ما يقال له؟ وكيف تكون استجابته؟ وذلك قبل أن يكوِّن رأيه النهائي عن حال الطفل السمعية·

في أكثر الحالات، لا يكون هناك سبب عضوى أو نفسي لتأخر الطفل عن الكلام، إذ يتفاوت معدل اكتساب ونمو هذه المهارة بدرجة كبيرة بين الأطفال الطبيعيين· لاحظ أن الطفل ينطق أول كلمة بين الشهر التاسع والشهر الثامن عشر من العمر وفي معظم حالات التأخر عن الكلام يكون السبب عدم مداعبة الصغير بما يكفي لاكتساب مهارة الكلام· وحيثما أظهر الفحص الطبي سببا قابلاً للعلاج، فإن علاجه في الوقت المناسب يؤدى إلى عودة الأمور إلى خط سيرها الطبيعي·

والجدير ذكره أن التأخر في كشف العلة، وبالتالي في علاجها (إذا كانت ممكنة العلاج) لن يحول دون اكتساب الطفل للقدرة على الكلام فحسب، بل قد يؤثر على اكتساب مهارة اللغة، وقد يؤدي إلى التخلف العقلي·


بقلم: د· عبدالرحمن عبداللطيف النمر