نعم بارك الله بك اختنا الكريمة على ما وضحت لنا واسمحي لي بوضع ما هو قليلٌ قريب من موضوعك وهي شهادة احد الروس عن الاسلام :


الاسلام من وجهة نظر عالم روسي ... خبرة الأجيال وحكمة القرون - رشيد رشدي


تناول البروفيسور الاختصاصي في العلوم الاسلامية ليدفري سيكيناينين بعض جوانب الاسلام وحياة المسلمين في روسيا قائلا:
ان عدد المسلمين في روسيا حاليا يتراوح بين 22 و24 مليون مسلم ومسلمة، غير ان كثيرا من مواطني روسيا يقرنون الاسلام بالارهاب والتطرف ويعتبرونه مصدرا من مصادر العنف وخرق حقوق الانسان، ولكن هل يدرك المجتمع الروسي الاسلام علي حقيقته؟
لنبدأ من الناحية التاريخية ونؤكد ان الاسلام جاء الي اراضي روسيا الحالية (شمال القوقاز وتتارستان وبشكيريا) قبل 14 قرنا، أي قبل الديانات الاخري، لكن الاسلام لم يكن دائما علي وفاق تام مع معتنقي الأديان والطوائف الاخري، وهذا شيء طبيعي تماما، الا ان البعض في روسيا لا يريد ان يفهم ان المسلمين هم أحد أعمدة الحضارة الروسية والعالمية، وتطرق سيكيناينين الي أوضاع المسلمين في الحقبة السوفياتية فقال: ان حظهم من الاضطهاد والتعسف كان غير قليل، مثل حظ المسيحيين وغيرهم من المؤمنين بالاديان.
ففي تتارستان وحدها كان يوجد الف مسجد قبل الثورة، ولم يبق منها سوي عشرات!
وان الشعوب الاسلامية في شمال القوقاز كانت محرومة من القرآن، وعندما كنت ازور تلك المناطق كانوا يقولون لي: اعطنا نسخة واحدة من القرآن ونعطيك 50 خروفا!
وكان عدد الحجاج في العهد السوفياتي يتراوح بين 10 الي 15 ألفاً اما الان فيزيد علي 25 ألف حاج!
وبدأت الآن اعمال بناء المساجد والمدارس والمعاهد الاسلامية وثمة في موسكو حاليا كلية اسلامية عليا تعد رجال الدين، ولكن لا توجد مع الأسف وحدة اسلامية في روسيا، واسباب ذلك كثيرة، كما ان الاعلام في روسيا يتناول الاسلام والمسلمين من منطلقات غريبة وغير ودية في الغالب، وكأن المسلمين غرباء في روسيا، علما انهم أقدم من غيرهم في الظهور كما أسلفنا.
ان الاسلام دين عالمي له مكانته المرموقة ويتميز بنمط حياة وحضارة وافكار وعقائد ومنظومة مفاهيم تركت بصماتها علي الحضارة العالمية كلها، وثمة في الاسلام ولدي المسلمين طاقات اخلاقية هائلة وعقول نيرة وثقافية رائعة وقدرات روحية لا تنضب، ويعود الفضل للاسلام في نشر الثقافة الاغريقية في اوروبا والعالم وترجموا اعمال افلاطون وارسطو طاليس وغيرهما، ثم كونوا حضارة راقية في الأندلس وغيرها.
وتطرف سيكيناينين الي الوضع في صفوف المسلمين في روسيا فابدي أسفه علي الانشقاقات الحاصلة في صفوفهم والي المواقف العدائية بين بعضهم البعض، وأكد ضرورة وحدتهم ووفاقهم.
واذ انتقد هذا العالم تجاهل السلطات للمسلمين قال: ان لدي المسلمين ثروة هائلة من الخبرات والتجارب الادارية وانظمة الحكم والقوانين والتشريعات التي تصب في مجري العدالة الاجتماعية، وان التسامح الاسلامي في الشؤون الاجتماعية هو ما تحتاجه شعوب شمال القوقاز الآن في علاقاتها مع شعوب روسيا الأخري.
كما ان الاسلام هو دين السلام والمحبة والاخوة، وان كثيرا من آيات القرآن الكريم تؤكد ذلك.
وتحدث سيكيناينين عن تعسف الاعلام الروسي في تناول الاسلام وقال: عندما حضرت لقاء اسلاميا في موسكو رأيت الصحفيين الشباب يأتون الي ويسألونني: لماذا لا يجب التعامل مع المسلمين الا بالقوة؟ فذهلت لهذا السؤال، وقلت لهم: انني اتعامل مع المسلمين طيلة ثلاثين عاما ولم يستخدم احدهم الخنجر أو المسدس ضدي!
وان هؤلاء لا يعرفون حقيقة الاسلام لكنهم يعرفون ما يسمي بـ الارهاب الاسلامي والارهاب الفلسطيني وغير ذلك من الترهات.
ان هؤلاء لا يعرفون ابن رشد وابن سينا أول من أجري عملية جراحية واستأصل الزائدة الدودية، وان المسلمين أول من طور علم الحقوق الشخصية وأول من انشأ نظام الأرض وحقوق الانسان ونظام الوقف وحق الملكية.
واذ تناول سيكيناينين التوتر في شمال القوقاز والحرب الشيشانية، شجب التطرف من اطراف النزاع واعتبر ان أسس المأساة تكمن في غياب العدالة الاجتماعية، فالبطالة منتشرة والفقر واسع والفساد سائد، فماذا تنتظرون من ذلك؟ ان الانسان المسلم يكره الارهاب بطبيعته لكنه يحب التضحية من أجل العدالة، فاذا توفر نظام العدالة فان المسلم وغير المسلم يعيش في سلام وامان واطمئنان.
ونحن نري ان التطرف السياسي منتشر في العالم كله فلماذا يلقي اللوم علي المسلمين فقط؟ واننا نري مثل هذا التطرف في بلدان مسيحية تاريخيا لكن احدا لا يتهمها بالارهاب!
وأود ان اطرح هذا السؤال علي أولئك الذين يصدقون الاكاذيب عن الاسلام والمسلمين، ماذا كنتم ستعملون لو انكم لا مأوي لكم وطردتم من ارضكم وبيوتكم الي قارعة الطريق، ولا عمل لكم ولا مدرسة لأطفالكم ولا مستشفي لمرضاكم؟
الجوب علي ذلك واضح ومع ذلك فان الجانب المادي وحده لا يحل المشاكل اذ ان من الضروري تلبية الحاجات الروحية للانسان اذ انها تشكل الدافع المعنوي لاستمرارية الحياة وابداع الانسان.