3- «فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ. هَذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللَّهِ». (يوحنا 1: 1، 2)
ما معنى عبارة "في البدء"؟ وهل تدل على أن المسيح وهو الكلمة أزلي؟ - إن معنى العبارة هو: عند ابتداء الشيء أو الحدث. وما له بداية لا يمكن أن يكون أزليًّا.
لأَنَّ يَسُوعَ مِنَ الْبَدْءِ عَلِمَ مَنْ هُمُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ وَمَنْ هُوَ الَّذِي يُسَلِّمُهُ. (يو 6: 64)
من البدء: من بدء الأحداث وتطورها.
لأَجْلِكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الْمَحْبُوبُونَ مِنَ الرَّبِّ، أَنَّ اللهَ اخْتَارَكُمْ مِنَ الْبَدْءِ لِلْخَلاَصِ، بِتَقْدِيسِ الرُّوحِ وَتَصْدِيقِ الْحَقِّ. (2تس 2: 13)
من البدء: من بداية نشر الكلمة والدعوة للدين.
لذلك تكتبها النسخة الأرامية هكذا:
In the beginning [of creation] there was the Manifestation.
في بداية (الخليقة) كان التجسد..
www.v-a.com/bible/john_1-7.html#JOHN#1
وما معنى لفظة "الكلمة"؟ - إنها logos في اللغة اليونانية، لغة العهد الجديد. ولهذه الكلمة معانٍ عدة، منها: الإيمان (مر 4: 15)، الدين (لو 4: 36)، النبوءة (يو 15: 25)، خبر (لو 7: 17)، أمر (عب 4: 13). وتكاد تجمع المراجع المسيحية المعتبرة أن كاتب إنجيل يوحنا استعار هذا المسمى "اللوجوس" ممن جاء قبله وممن عاصروه وطبقه على المسيح. وأول من استخدم هذا التعبير هم اليهود عندما أطلقوا على مسيحهم المنتظر "ميمارا" أي "كلمة الله". واستخدمه اليهود الذين تفرقوا في الأمم خاصة اليهود الذين كان لهم احتكاك بالثقافة اليونانية. ثم استخدمه أتباع بلاتو بين اليونان ليشير إلى الأقنوم (الشخص) الثاني في الثالوث. ثم اتسع استخدام التعبير بين اليهود والأمميين قبل أن يكتب يوحنا إنجيله، ومن اليقين أن المسيحيين طبقوه على الأقنوم الثاني في الثالوث (أي أقنوم الابن) سواء كان هذا التعبير مقتبس من اليهودية أو الوثنية(تفسير ألبرت بارنرز). ويرى آدم كلارك في تفسيره أن يوحنا أخذ هذا المسمى من مخطوطات العهد القديم ومن كتابات قدماء اليهود اللاحقة. ويعلق المرجع المسيحي VWS على هذا. فيقول:
"إن مفاهيم القديس يوحنا وتعبيراته قد تلونت بهذه المؤثرات التي سبقته. فخلال إقامته في أفسس لابد أنه كان على معرفة بآراء ومصطلحات العقيدة الإسكندرانية."
وتقول دائرة المعارف الكاثوليكية:
"إن التشابه (بين الفلسفة ومعتقدات اليهود من جهة واللوجوس المسيحي من جهة أخرى) يشير إلى الطريقة التي دخل بها هذا المعتقد إلى اللاهوت المسيحي."
إذن العلماء متفقون على تأثر كاتب إنجيل يوحنا بالتيارات الفكرية وكتابات معاصريه ومن جاء قبله. لا دخل للروح القدس هنا البتة.
في عبارة "في البدء" لا نجد أداة التعريف "أل" اليونانية، ومع ذلك ترجموها إلى "البداية / البدء" بالتعريف. وقد التزمت النسخة التالية الدقة في الترجمة:
In a beginning was the Word, and the Word was with the God, and a god was the Word. (Diaglot)
في بداية كان الكلمة...
أما التعبير "وكان الكلمة مع الله" فكلنا كنا مع الله في قدره وعلمه الأزلي. وهذا هو أسلوب الكتاب المقدس نتعرف عليه لاحقًا بعون الله.
وعبارة "وكان الكلمة الله" ترجمة مزيفة بالمرة لأن الأصل اليوناني يذكر theos "إله" بدون أداة التعريف "أل" لتكون "الإله" أو "الله". ولذلك ترجمتها نسخة Diaglot أعلاه إلى a god "وكان الكلمة إلهًا". ولفظة "إله" لا تثبت شيئًا في لغة الكتاب المقدس. فقد كان موسى إلهًا لفرعون، واليهود آلهة وبنو العلي كلهم. ويقول تقرير نسخة The NET BIBLE حول هذه الفقرة أن العبارة الصحيحة كما جاءت في المخطوطات هي "ما الله كان، الكلمة كان" ولكن موفات يترجمها "وكان الكلمة إلهي" وهي ترجمة لن يفهمها القاريء الإنجليزي كما يقول التقرير لأن "إلهي" divine كلمة مشتركة لها معانٍ متعددة. لذلك ترجمتها النسخة بعد استطلاع رأي العديد من متحدثي اللغة الإنجليزية إلى "وكان الكلمة الله تمامًا". وهكذا تعترف النسخة بالتزوير لتثبيت عقيدة مستحدثة. ويستمر التقرير فيقول أن التشبيه في (يوحنا 1: 1) لا يساوي "الكلمة" بأقنوم الآب، ولكنه يؤكد أن الكلمة (أقنوم الابن) والله (أقنوم الآب) واحد في الجوهر. ويرتكن التقرير في هذا إلى اللغة اليونانية التي تقول أن الاسم الموجود في العبارة قد يكون له فارق نوعي دقيق بدرجة أكثر عند وضعه قبل الفعل. وهذا يدمر عقيدة التثليث التي تقول أن الأقانيم متساوية. وتعلق نسخة The New American Bible فتقول:
Was God: lack of a definite article with "God" in Greek signifies predication rather than identification.
(والكلمة) كان الله: تنقصها أداة التعريف قبل كلمة "الله" في اللغة اليونانية فتصبح تنبؤ أكثر منها تحديدًا.
www.usccb.org/nab/bible/john/john1.htm#foot2
ولا تبنى العقيدة على التبؤ والتخمين، وإنما تبنى على التحديد القطعي المُبِين. ومن ثم اختلفت ترجمات الكتاب المقدس:
In the beginning the Word existed. The Word was with God, and the Word was divine. ((An American Translation (Smith-Goodspeed)))
http://www.tyndale.cam.ac.uk/Scriptures/SGAT.htm
In the beginning was the Word, and the Word was with God, and the Word was God. (New American Bible: NAB – 1987)
http://www.tyndale.cam.ac.uk/Scriptures/NAB.htm
When all things began, the Word already was. The Word dwelt with God, and what God was, the Word was. (New English Bible 1970)
http://www.tyndale.cam.ac.uk/Scriptures/NEB.htm
In the beginning the Word already was. The Word was in God's presence, and what God was, the Word was. (Revised English Bible 1989)
http://www.tyndale.cam.ac.uk/Scriptures/REB.htm
In the beginning there was the divine word and wisdom.The divine word and wisdom was there with God, and it was what God was. ((Scholars Version (The Five Gospels) 1993))
http://www.tyndale.cam.ac.uk/Scriptures/SV.htm
Before the world was created, the Word already existed; he was with God, and he was the same as God. ((Today's English Version (The Good News Bible) 1976))
http://www.tyndale.cam.ac.uk/Scriptures/TEV.htm
ويحتج البعض بقاعدة كولويل التي تجيز للاسم العير مُعَرَّف المسبوق بفعل تعريف أن نعتبره معلاف لا نكرة. وهذه القاعدة تجيز ذلك ولكنها لا تستلزم. فهي ليست قاعدة ثابتة ومن ثم ليست إلزامية. كما أنها قاعدة قاصرة إذ أنها لا تتعامل مع احتمالية ثالثة وهي أن هذا الاسم لابد أن يكون له فارق نوعي. وهو ما يعني أن الآب أفضل من الابن. ومن ثم فهي قاعدة غير إلزامية ومحدودة وتتناقض مع عقيدة الثالوث.
www.bible.org/netbible/joh1_notes.htm#13
وحتى لو وجدت أداة التعريف "أل" ο اليونانية فلن تسمن ولن تغني من جوع. فمن الذي قال أنها لابد من ترجمتها إلى "الله"؟! تعالوا نقرأ ما يلي على لسان بولس وهو يصف "إبليس":
الَّذِينَ فِيهِمْ إِلَهُ هَذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ. (2كو 4: 4)
ἐν οἷς ὁ θεὸς τοῦ αἰῶνος τούτου ἐτύφλωσε τὰ νοήματα τῶν ἀπίστων
إننا نرى أمامنا ὁ θεὸς وهي θεὸς "إله" مسبوقة بأداة التعريف ὁ، فتكون "الإله" أو "الله" (تجاوزًا). وترجمت هنا إلى "إله" نكرة. فانظر أنى يصرفون!!!
كان على بولس أن يستخدم كلمة δαιμόνιον وهي daimonion أي "إله" (باطل، شيطان):
فَقَابَلَهُ قَوْمٌ مِنَ الْفَلاَسِفَةِ الأَبِيكُورِيِّينَ وَالرِّوَاقِيِّينَ وَقَالَ بَعْضٌ: «تُرَى مَاذَا يُرِيدُ هَذَا الْمِهْذَارُ أَنْ يَقُولَ؟» وَبَعْضٌ: «إِنَّهُ يَظْهَرُ مُنَادِياً بِآلِهَةٍ غَرِيبَةٍ» - لأَنَّهُ كَانَ يُبَشِّرُهُمْ بِيَسُوعَ وَالْقِيَامَةِ. (أع 17: 18)
ويقولون:
"كلمة الله هو عقل الله. فاليهودي الفاهم لعقيدته يعرف أن كلمة (الممْرا)؛ التي تعني كلمة الله هي تعادل الله."
لنقرأ تعليق آدم كلارك على (رؤ 19: 13):
"مكتوب في الترجوم وفي كتابات يهودية أخرى "ميمارا" "كلمة جيهوفة" ويقصدون بها شخص وليس كلمة منطوقة."