الإسلام دين ودوله:اتجهت الأديان التي سبقت الإسلام الى الكلام عن العقيدة ولم تعن بشئون الدنيا قط, أو عنيت بها عناية محدودة, وحتى عند العناية بها كانت التشريعات أشبه بنصائح غير ملزمة في الغالب .
أما عن الإسلام , فإن الحقيقة الواضحة انه دين ودولة, ذلك لأنه نظم شئون الدين وشئون الدنيا جميعا, فكماتكلم الإسلام عن الله والملائكة والأنبياء والجنة والنار والعبادات, وغيرها من شئون الدين, تكلم كذلك عن البيع والشراء والزواج والطلاق والميراث وغيرها من شئون الدنيا, ووضع الإسلام لهذه وتلك القوانين والنظم , والزم المسلمين باتباعها وحدد العقوبة للمخالفين والعصاة تحديدا مفصلا, أو تحديدا مجملا ترك تفصيله لاجتهاد أئمة المسلمين,ومن هذه الأمثلة:
قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء : 1 )
قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً) (النساء : 23 )
وقوله تعالى:( (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ..) (البقرة : 282 )
وغير ذلك الكثير من الآيات التي توضع التعاليم الإسلامية الشاملة لكل شئون الدنيا تقريبا ,واجبة الإتباع ومن خالفها فقد نظم الإسلام عقوبه تقع عليه, ومن ذلك قوله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (المائدة : 38 )
وهكذا لا يقتصر الإسلام على تنظيم العلاقة بين الإنسان وربه, و لكن بالإسلام جانبا كبيرا ينظم علاقة الإنسان بالإنسان ويرتب سبل العيش في مختلف شئون الحياة أو اكثرها ويلزم المؤمنين بأن يتبعوا هذه النظم وأن يبطلوا ما يخالفها وينزلوا العقوبة بالمخالفين .