"حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَا:كُنَّا فِي جَيْشٍ فَأَتَانَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُمْ أَنْ تَسْتَمْتِعُوا فَاسْتَمْتِعُوا وَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَا رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ تَوَافَقَا فَعِشْرَةُ مَا بَيْنَهُمَا ثَلَاثُ لَيَالٍ فَإِنْ أَحَبَّا أَنْ يَتَزَايَدَا أَوْ يَتَتَارَكَا تَتَارَكَا فَمَا أَدْرِي أَشَيْءٌ كَانَ لَنَا خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ وَبَيَّنَهُ عَلِيٌّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ".
قَوْله ( قَالَ عَمْرو )
هُوَ اِبْن دِينَار ، فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيق اِبْن أَبِي الْوَزِير عَنْ سُفْيَان " عَنْ عَمْرو بْن دِينَار " وَهُوَ غَرِيب مِنْ حَدِيث اِبْن عُيَيْنَةَ قَلَّ مَنْ رَوَاهُ مِنْ أَصْحَابه عَنْهُ ، وَإِنَّمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ مَعَ كَوْنه مُعَنْعَنًا لِوُرُودِهِ عَنْ عَمْرو بْن دِينَار مِنْ غَيْر طَرِيق سُفْيَان ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْمَاعِيلِيّ ، وَهُوَ كَمَا قَالَ قَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ طَرِيق شُعْبَة وَرَوْح بْن الْقَاسِم ، وَأَخْرَجَهُ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ اِبْن جُرَيْجٍ كُلّهمْ عَنْ عَمْرو .
قَوْله ( عَنْ الْحَسَن بْن مُحَمَّد )
أَيْ اِبْن عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَة اِبْن جُرَيْجٍ " الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ.
قَوْله ( عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه وَسَلَمَة بْن الْأَكْوَع )
فِي رِوَايَة رَوْح بْن الْقَاسِم تَقْدِيم سَلَمَة عَلَى جَابِر ، وَقَدْ أَدْرَكَهُمَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد جَمِيعًا لَكِنْ رِوَايَته عَنْ جَابِر أَشْهَر .
قَوْله ( كُنَّا فِي جَيْش )
لَمْ أَقِف عَلَى تَعْيِينه ، لَكِنْ عِنْد مُسْلِم مِنْ طَرِيق أَبِي الْعُمَيْسِ عَنْ إِيَاس بْن سَلَمَة بْن الْأَكْوَع عَنْ أَبِيهِ قَالَ " رَخَّصَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَام أَوْطَاس فِي الْمُتْعَة ثَلَاثًا ثُمَّ نَهَى عَنْهَا " .
قَوْله ( فَأَتَانَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )
لَمْ أَقِف عَلَى اِسْمه ، لَكِنْ فِي رِوَايَة شُعْبَة " خَرَجَ عَلَيْنَا مُنَادِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَيُشْبِه أَنْ يَكُون هُوَ بِلَال .
قَوْله ( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُمْ أَنْ تَسْتَمْتِعُوا فَاسْتَمْتِعُوا )
زَادَ شُعْبَة فِي رِوَايَته " يَعْنِي مُتْعَة النِّسَاء " وَضُبِطَ فَاسْتَمْتِعُوا بِفَتْحِ الْمُثَنَّاة وَكَسْرهَا بِلَفْظِ الْأَمْر وَبِلَفْظِ الْفِعْل الْمَاضِي . وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِم حَدِيث جَابِر مِنْ طُرُق أُخْرَى ، مِنْهَا عَنْ أَبِي نَضْرَة عَنْ جَابِر أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمُتْعَة فَقَالَ " فَعَلْنَاهَا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَمِنْ طَرِيق عَطَاء عَنْ جَابِر " اِسْتَمْتَعْنَا عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْر وَعُمَر " وَأُخْرِجَ عَنْ مُحَمَّد اِبْن رَافِع عَنْ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ اِبْن جُرَيْجٍ " أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْر سَمِعْت جَابِرًا " نَحْوه وَزَادَ " حَتَّى نَهَى عَنْهَا عُمَر فِي شَأْن عَمْرو بْن حُرَيْثٍ " وَقِصَّة عَمْرو بْن حُرَيْثٍ أَخْرَجَهَا عَبْد الرَّزَّاق فِي مُصَنَّفه بِهَذَا الْإِسْنَاد عَنْ جَابِر قَالَ " قَدِمَ عَمْرو اِبْن حُرَيْثٍ الْكُوفَة فَاسْتَمْتَعَ بِمَوْلَاةٍ فَأَتَى بِهَا عَمْرو حُبْلَى ، فَسَأَلَهُ فَاعْتَرَفَ ، قَالَ فَذَلِكَ حِين نَهَى عَنْهَا عُمَر " قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي رِوَايَة سَلَمَة بْن الْأَكْوَع الَّتِي حَكَيْنَاهَا عَنْ تَخْرِيج مُسْلِم " ثُمَّ نَهَى عَنْهَا " ضَبَطْنَاهُ " نَهَى " بِفَتْحِ النُّون وَرَأَيْته فِي رِوَايَة مُعْتَمَدَة " نَهَا " بِالْأَلِفِ قَالَ : فَإِنْ قِيلَ بَلْ هِيَ بِضَمِّ النُّون وَالْمُرَاد بِالنَّاهِي فِي حَدِيث سَلَمَة عُمَر كَمَا فِي حَدِيث جَابِر قُلْنَا هُوَ مُحْتَمَل.
لَكِنْ ثَبَتَ نَهْي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا فِي حَدِيث الرَّبِيع بْن سَبْرَة بْن مَعْبَد عَنْ أَبِيهِ بَعْد الْإِذْن فِيهِ ، وَلَمْ نَجْد عَنْهُ الْإِذْن فِيهِ بَعْد النَّهْي عَنْهُ ، فَنَهْي عُمَر مُوَافِق لِنَهْيِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قُلْت: وَتَمَامه أَنْ يُقَال: لَعَلَّ جَابِرًا وَمَنْ نُقِلَ عَنْهُ اِسْتِمْرَارهمْ عَلَى ذَلِكَ بَعْده صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَنْ نَهَى عَنْهَا عُمَر لَمْ يَبْلُغهُمْ النَّهْي .
وَمِمَّا يُسْتَفَاد أَيْضًا أَنَّ عُمَر لَمْ يَنْهَ عَنْهَا اِجْتِهَادًا وَإِنَّمَا نَهَى عَنْهَا مُسْتَنِدًا إِلَى نَهْي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدْ وَقَعَ التَّصْرِيح عَنْهُ بِذَلِكَ فِيمَا أَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ مِنْ طَرِيق أَبِي بَكْر بْن حَفْص عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ " لَمَّا وَلِيَ عُمَر خَطَبَ فَقَالَ: إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لَنَا فِي الْمُتْعَة ثَلَاثًا ثُمَّ حَرَّمَهَا " وَأَخْرَجَ اِبْن الْمُنْذِر وَالْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيق سَالِم بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر عَنْ أَبِيهِ قَالَ " صَعِدَ عُمَر الْمِنْبَر فَحَمِدَ اللَّه وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : مَا بَال رِجَال يَنْكِحُونَ هَذِهِ الْمُتْعَة بَعْد نَهْي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا " ، وَفِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة الَّذِي أَشَرْت إِلَيْهِ فِي صَحِيح اِبْن حِبَّان " فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَدَمَ الْمُتْعَةَ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالْعِدَّةُ وَالْمِيرَاثُ " وَلَهُ شَاهِد صَحِيح عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ .
قَوْله ( وَقَالَ اِبْن أَبِي ذِئْب إِلَخْ )
وَصَلَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْإِسْمَاعِيلِيّ وَأَبُو نُعَيْم مِنْ طُرُق عَنْ اِبْن أَبِي ذِئْب .
قَوْله ( أَيّمَا رَجُل وَامْرَأَة تَوَافَقَا فَعِشْرَة مَا بَيْنهمَا ثَلَاث لَيَالٍ )
وَقَعَ فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي " بِعَشَرَةٍ " بِالْمُوَحَّدَةِ الْمَكْسُورَة بَدَل الْفَاء الْمَفْتُوحَة ، وَبِالْفَاءِ أَصَحّ ، وَهِيَ رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ وَغَيْره . وَالْمَعْنَى أَنَّ إِطْلَاق الْأَجَل مَحْمُول عَلَى التَّقْيِيد بِثَلَاثَةِ أَيَّام بِلَيَالِيِهِنَّ .
قَوْله ( فَإِنْ أَحَبَّا )
أَيْ بَعْد اِنْقِضَاء الثَّلَاث
( أَنْ يَتَزَايَدَا )
أَيْ فِي الْمُدَّة ؛ يَعْنِي تَزَايَدَا . وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ التَّصْرِيح بِذَلِكَ ، وَكَذَا فِي قَوْله أَنْ يَتَتَارَكَا أَيْ يَتَفَارَقَا تَتَارَكَا . وَفِي رِوَايَة أَبِي نُعَيْم " أَنْ يَتَنَاقَضَا تَنَاقَضَا " وَالْمُرَاد بِهِ التَّفَارُق .
قَوْله ( فَمَا أَدْرِي أَشَيْءٌ كَانَ لَنَا خَاصَّة أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّة )
وَوَقَعَ فِي حَدِيث أَبِي ذَرّ التَّصْرِيح بِالِاخْتِصَاصِ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ قَالَ " إِنَّمَا أُحِلَّتْ لَنَا أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتْعَة النِّسَاء ثَلَاثَة أَيَّام ، ثُمَّ نَهَى عَنْهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " .
قَوْله ( وَقَدْ بَيَّنَهُ عَلِيّ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَنْسُوخ )
يُرِيد بِذَلِكَ تَصْرِيح عَلِيّ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّهْيِ عَنْهَا بَعْد الْإِذْن فِيهَا .
وَأَخْرَجَ عَبْد الرَّزَّاق مِنْ وَجْه آخَر عَنْ عَلِيّ قَالَ " نَسَخَ رَمَضَان كُلّ صَوْم ، وَنَسَخَ الْمُتْعَة الطَّلَاق وَالْعِدَّة وَالْمِيرَاث " وَقَدْ اِخْتَلَفَ السَّلَف فِي نِكَاح الْمُتْعَة ، قَالَ اِبْن الْمُنْذِر : جَاءَ عَنْ الْأَوَائِل الرُّخْصَة فِيهَا ، وَلَا أَعْلَم الْيَوْم أَحَدًا يُجِيزهَا إِلَّا بَعْض الرَّافِضَة ، وَلَا مَعْنَى لِقَوْلٍ يُخَالِف كِتَاب اللَّه وَسُنَّة رَسُوله .
وَقَالَ عِيَاض: ثُمَّ وَقَعَ الْإِجْمَاع مِنْ جَمِيع الْعُلَمَاء عَلَى تَحْرِيمهَا إِلَّا الرَّوَافِض . وَأَمَّا اِبْن عَبَّاس فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أَبَاحَهَا ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ .
قَالَ اِبْن بَطَّال: رَوَى أَهْل مَكَّة وَالْيَمَن عَنْ اِبْن عَبَّاس إِبَاحَة الْمُتْعَة ، وَرُوِيَ عَنْهُ الرُّجُوع بِأَسَانِيد ضَعِيفَة وَإِجَازَة الْمُتْعَة عَنْهُ أَصَحّ ، وَهُوَ مَذْهَب الشِّيعَة .
قَالَ : وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ مَتَى وَقَعَ الْآن أُبْطِل سَوَاء كَانَ قَبْل الدُّخُول أَمْ بَعْده ، إِلَّا قَوْل زُفَر إِنَّهُ جَعَلَهَا كَالشُّرُوطِ الْفَاسِدَة ، وَيَرُدّهُ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَمَنْ كَانَ عِنْده مِنْهُنَّ شَيْء فَلْيُخَلِّ سَبِيلهَا " . قُلْت: وَهُوَ فِي حَدِيث الرَّبِيع بْن سَبْرَة عَنْ أَبِيهِ عِنْد مُسْلِم .
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : تَحْرِيم الْمُتْعَة كَالْإِجْمَاعِ إِلَّا عَنْ بَعْض الشِّيعَة ، وَلَا يَصِحّ عَلَى قَاعِدَتهمْ فِي الرُّجُوع فِي الْمُخْتَلِفَات إِلَى عَلِيّ وَآل بَيْته فَقَدْ صَحَّ عَنْ عَلِيّ أَنَّهَا نُسِخَتْ .
وَنَقَلَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّد أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمُتْعَة فَقَالَ " هِيَ الزِّنَا بِعَيْنِهِ "
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَيُحْكَى عَنْ اِبْن جُرَيْجٍ جَوَازهَا ا ه .
وَقَدْ نَقَلَ أَبُو عَوَانَة فِي صَحِيحه عَنْ اِبْن جُرَيْجٍ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهَا بَعْد أَنْ رَوَى بِالْبَصْرَةِ فِي إِبَاحَتهَا ثَمَانِيَة عَشَر حَدِيثًا .
وَقَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد: مَا حَكَاهُ بَعْض الْحَنَفِيَّة عَنْ مَالِك مِنْ الْجَوَاز خَطَأ ، فَقَدْ بَالَغَ الْمَالِكِيَّة فِي مَنْعِ النِّكَاح الْمُؤَقَّت حَتَّى أَبْطَلُوا تَوْقِيت الْحِلّ بِسَبَبِهِ فَقَالُوا: لَوْ عَلَّقَ عَلَى وَقْت لَا بُدّ مِنْ مَجِيئِهِ وَقَعَ الطَّلَاق الْآن لِأَنَّهُ تَوْقِيت لِلْحِلِّ فَيَكُون فِي مَعْنَى نِكَاح الْمُتْعَة .
قَالَ عِيَاض: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ شَرْط الْبُطْلَان التَّصْرِيح بِالشَّرْطِ ، فَلَوْ نَوَى عِنْد الْعَقْد أَنْ يُفَارِق بَعْد مُدَّة صَحَّ نِكَاحه ، إِلَّا الْأَوْزَاعِيّ فَأَبْطَلَهُ .
وَاخْتَلَفُوا هَلْ يُحَدّ نَاكِح الْمُتْعَة أَوْ يُعَزَّر ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَأْخَذهمَا أَنَّ الِاتِّفَاق بَعْد الْخِلَاف هَلْ يُرْفَع الْخِلَاف الْمُتَقَدِّم . وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : الرِّوَايَات كُلّهَا مُتَّفِقَة عَلَى أَنَّ زَمَن إِبَاحَة الْمُتْعَة لَمْ يَطُلْ وَأَنَّهُ حَرُمَ ، ثُمَّ أَجْمَع السَّلَف وَالْخَلَف عَلَى تَحْرِيمهَا إِلَّا مَنْ لَا يُلْتَفَت إِلَيْهِ مِنْ الرَّوَافِض . وَجَزَمَ جَمَاعَة مِنْ الْأَئِمَّة بِتَفَرُّدِ اِبْن عَبَّاس بِإِبَاحَتِهَا فَهِيَ مِنْ الْمَسْأَلَة الْمَشْهُورَة وَهِيَ نُدْرَة الْمُخَالِف ، وَلَكِنْ قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : أَصْحَاب اِبْن عَبَّاس مِنْ أَهْل مَكَّة وَالْيَمَن عَلَى إِبَاحَتهَا ، ثُمَّ اِتَّفَقَ فُقَهَاء الْأَمْصَار عَلَى تَحْرِيمهَا.
وَقَدْ اِعْتَرَفَ اِبْن حَزْم مَعَ ذَلِكَ بِتَحْرِيمِهَا لِثُبُوتِ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّهَا حَرَام إِلَى يَوْم الْقِيَامَة " قَالَ فَأَمِنَّا بِهَذَا الْقَوْل نَسْخ التَّحْرِيم .
(نقلاً بتصريف عن فتح الباري لابن حجر العسقلاني)
المفضلات