الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم - وبعد
1-
وَإِنْ اتَّفَقَ وَقْتُ عَقِيقَةٍ وَأُضْحِيَّةٍ ، فَعَقَّ أَوْ ضَحَّى ) وَنَوَى عَنْهُمَا ( أَجْزَأَ ) مَا ذَبَحَهُ ( عَنْ الْأُخْرَى ) كَمَا لَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ يَنْوِي بِهِمَا تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ ، وَسُنَّةَ الْمَكْتُوبَةِ ، أَوْ صَلَّى بَعْدَ الطَّوَافِ فَرْضًا أَوْ سُنَّةً مَكْتُوبَةً وَقَعَ عَنْهُ وَعَنْ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ ذَبَحَ الْمُتَمَتِّعُ وَالْقَارِنُ شَاةً يَوْمَ النَّحْرِ أَجْزَأَ عَنْ دَمِ الْمُتْعَةِ أَوْ الْقِرَانِ ، وَعَنْ الْأُضْحِيَّةِ ، قَالَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ : ( وَفِي مَعْنَاهُ لَوْ اجْتَمَعَ هَدْيٌ وَأُضْحِيَّةٌ بِمَكَّةَ ) فَتُجْزِئُ ذَبِيحَتُهُ عَنْهُمَا ، لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْهُمَا بِالذَّبْحِ
2- من شروط الأضحية السن الشَّرْطُ الثَّانِي ) : أَنْ تَبْلُغَ سِنَّ التَّضْحِيَةِ ، بِأَنْ تَكُونَ ثَنِيَّةً أَوْ فَوْقَ الثَّنِيَّةِ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْمَعْزِ ، وَجَذَعَةً أَوْ فَوْقَ الْجَذَعَةِ مِنْ الضَّأْنِ ، فَلَا تُجْزِئُ التَّضْحِيَةُ بِمَا دُونَ الثَّنِيَّةِ مِنْ غَيْرِ الضَّأْنِ ، وَلَا بِمَا دُونَ الْجَذَعَةِ مِنْ الضَّأْنِ ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لَا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً ، إلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ ، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنْ الضَّأْنِ } . وَالْمُسِنَّةُ مِنْ كُلِّ الْأَنْعَامِ هِيَ الثَّنِيَّةُ فَمَا فَوْقَهَا . حَكَاهُ النَّوَوِيُّ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ . وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { نِعْمَتْ الْأُضْحِيَّةُ الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ } . وَهَذَا الشَّرْطُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ ، وَلَكِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ الثَّنِيَّةِ وَالْجَذَعَةِ . 25 - فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إلَى أَنَّ الْجَذَعَ مِنْ الضَّأْنِ مَا أَتَمَّ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ، وَقِيلَ : مَا أَتَمَّ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَشَيْئًا
لا يجوز للمسلم أن يضحي بخاروف لم يبلغ شهوره الستة ولا عبرة للوزن
) : سَلَامَتُهَا مِنْ الْعُيُوبِ الْفَاحِشَةِ ، وَهِيَ الْعُيُوبُ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تُنْقِصَ الشَّحْمَ أَوْ اللَّحْمَ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ
وَقْتُ التَّضْحِيَةِ مَبْدَأٌ وَنِهَايَةٌ مَبْدَأُ الْوَقْتِ : 39 - قَالَ الْحَنَفِيَّةُ : يَدْخُلُ وَقْتُ التَّضْحِيَةِ عِنْدَ طُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ ، وَهُوَ يَوْمُ الْعِيدِ ، وَهَذَا الْوَقْتُ لَا يَخْتَلِفُ فِي ذَاتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ يُضَحِّي فِي الْمِصْرِ أَوْ غَيْرِهِ . لَكِنَّهُمْ اشْتَرَطُوا فِي صِحَّتِهَا لِمَنْ يُضَحِّي فِي الْمِصْرِ أَنْ يَكُونَ الذَّبْحُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ ، وَلَوْ قَبْلَ الْخُطْبَةِ ، إلَّا أَنَّ الْأَفْضَلَ تَأْخِيرُهُ إلَى مَا بَعْدَ الْخُطْبَةِ ، وَإِذَا صُلِّيَتْ صَلَاةُ الْعِيدِ فِي مَوَاضِعَ مِنْ الْمِصْرِ كَفَى فِي صِحَّةِ التَّضْحِيَةِ الْفَرَاغُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي أَحَدِ الْمَوَاضِعِ . وَإِذَا عُطِّلَتْ صَلَاةُ الْعِيدِ يُنْتَظَرُ حَتَّى يَمْضِيَ وَقْتُ الصَّلَاةِ بِأَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ ، ثُمَّ يَذْبَحَ بَعْدَ ذَلِكَ . وَأَمَّا مَنْ يُضَحِّي فِي غَيْرِ الْمِصْرِ فَإِنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ لَهُ هَذِهِ الشَّرِيطَةُ ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَذْبَحَ بَعْدَ طُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ ، لِأَنَّ أَهْلَ غَيْرِ الْمِصْرِ لَيْسَ عَلَيْهِمْ صَلَاةُ الْعِيدِ . وَإِذَا كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الْأُضْحِيَّةُ مُقِيمًا فِي الْمِصْرِ ، وَوَكَّلَ مَنْ يُضَحِّي عَنْهُ فِي غَيْرِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ ، فَالْعِبْرَةُ بِمَكَانِ الذَّبْحِ لَا بِمَكَانِ الْمُوَكِّلِ الْمُضَحِّي ، لِأَنَّ الذَّبْحَ هُوَ الْقُرْبَةُ . وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ ، وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالِ الْحَنَابِلَةِ : إنَّ أَوَّلَ وَقْتِ التَّضْحِيَةِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْإِمَامِ هُوَ وَقْتُ الْفَرَاغِ مِنْ ذَبْحِ أُضْحِيَّةِ الْإِمَامِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَتَيْنِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ ، وَبِالنِّسْبَةِ لِلْإِمَامِ هُوَ وَقْتُ الْفَرَاغِ مِنْ صَلَاتِهِ وَخُطْبَتِهِ ، فَلَوْ ذَبَحَ الْإِمَامُ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ خُطْبَتَيْهِ لَمْ يُجْزِئْهُ ، وَلَوْ ذَبَحَ النَّاسُ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ ذَبْحِ أُضْحِيَّةِ الْإِمَامِ لَمْ يُجْزِئْهُمْ ، إلَّا إذَا بَدَءُوا بَعْدَ بَدْئِهِ ، وَانْتَهَوْا بَعْدَ انْتِهَائِهِ أَوْ مَعَهُ . وَإِذَا لَمْ يَذْبَحْ الْإِمَامُ أَوْ تَوَانَى فِي الذَّبْحِ بَعْدَ فَرَاغِ خُطْبَتَيْهِ بِلَا عُذْرٍ أَوْ بِعُذْرٍ تَحَرَّى النَّاسُ الْقَدْرَ الَّذِي يُمْكِنُ فِيهِ الذَّبْحُ ، ثُمَّ ذَبَحُوا أَضَاحِيَّهُمْ ، فَتُجْزِئُهُمْ وَإِنْ سَبَقُوهُ لَكِنْ عِنْدَ التَّوَانِي بِعُذْرٍ ، كَقِتَالِ عَدُوٍّ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ جُنُونٍ يُنْدَبُ انْتِظَارُهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ تَضْحِيَتِهِ ، إلَّا إذَا قَرُبَ زَوَالُ الشَّمْسِ فَيَنْبَغِي لِلنَّاسِ حِينَئِذٍ أَنْ يُضَحُّوا وَلَوْ قَبْلَ الْإِمَامِ . ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ إلَّا نَائِبُ الْإِمَامِ الْحَاكِمِ أَوْ إمَامُ الصَّلَاةِ فَالْمُعْتَبَرُ نَائِبُ الْإِمَامِ ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا هَذَا وَذَاكَ ، وَأَخْرَجَ نَائِبُ الْإِمَامِ أُضْحِيَّتَهُ إلَى الْمُصَلَّى فَهُوَ الْمُعْتَبَرُ ، وَإِلَّا فَالْمُعْتَبَرُ إمَامُ الصَّلَاةِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا وَلَا ذَاكَ تَحَرَّوْا تَضْحِيَةَ إمَامِ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ إنْ كَانَ وَاحِدًا ، فَإِنْ تَعَدَّدَ تَحَرَّوْا تَضْحِيَةَ أَقْرَبِ الْأَئِمَّةِ لِبَلَدِهِمْ . وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ ، وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالٍ لِلْحَنَابِلَةِ : يَدْخُلُ وَقْتُ التَّضْحِيَةِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ يَوْمَ عِيدِ النَّحْرِ بِمِقْدَارِ مَا يَسَعُ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ وَخُطْبَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ، وَالْمُرَادُ بِالْخِفَّةِ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا يُجْزِئُ فِي الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَتَيْنِ . قَالُوا : وَإِنَّمَا لَمْ تَتَوَقَّفْ صِحَّةُ التَّضْحِيَةِ عَلَى الْفَرَاغِ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَخُطْبَتَيْهِ بِالْفِعْلِ لِأَنَّ الْأَئِمَّةَ يَخْتَلِفُونَ تَطْوِيلًا وَتَقْصِيرًا ، فَاعْتُبِرَ الزَّمَانُ لِيَكُونَ أَشْبَهَ بِمَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا ، وَأَضْبَطُ لِلنَّاسِ فِي الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى وَالْبَوَادِي ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْأَحَادِيثِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ ، { وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي صَلَاةَ عِيدِ الْأَضْحَى عَقِبَ طُلُوعِ الشَّمْسِ } . وَالْأَفْضَلُ تَأْخِيرُ التَّضْحِيَةِ عَنْ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ قَدْرَ رُمْحٍ بِالْمِقْدَارِ السَّابِقِ الذِّكْرِ . وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ ثَالِثٍ لَهُمْ وَهُوَ الْأَرْجَحُ ، إلَى أَنَّ وَقْتَهَا يَبْتَدِئُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَلَوْ قَبْلَ الْخُطْبَةِ لَكِنَّ الْأَفْضَلَ انْتِظَارُ الْخُطْبَتَيْنِ . وَلَا يَلْزَمُ انْتِظَارُ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ فِي جَمِيعِ الْأَمَاكِنِ إنْ تَعَدَّدَتْ ، بَلْ يَكْفِي الْفَرَاغُ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهَا ، وَإِذَا كَانَ مُرِيدُ التَّضْحِيَةِ فِي جِهَةٍ لَا يُصَلَّى فِيهَا الْعِيدُ - كَالْبَادِيَةِ وَأَهْلِ الْخِيَامِ مِمَّنْ لَا عِيدَ عَلَيْهِمْ - فَالْوَقْتُ يَبْتَدِئُ بَعْدَ مُضِيِّ قَدْرِ صَلَاةِ الْعِيدِ مِنْ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ قَدْرَ رُمْحٍ . وَإِذَا فَاتَتْ صَلَاةُ الْعِيدِ بِالزَّوَالِ فِي الْأَمَاكِنِ الَّتِي تُصَلَّى فِيهَا ضَحَّوْا مِنْ حِينِ الْفَوَاتِ .
قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ : ( وَلَا يُعْطِي أُجْرَةَ الْجَزَّارِ مِنْهَا شَيْئًا ) وَالنَّهْيُ عَنْهُ نَهْيٌ عَنْ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ لِأَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِمُقَابَلَةِ عَمَلِهِ فَصَارَ مُعَاوَضَةً كَالْبَيْعِ
المفضلات