اقتباس
اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جورج أبو كارو مشاهدة المشاركة
محطات حوار لا جدال ... قيل : " الإنسان عدوّ ما يجهل " . وعليه فلا سبيل إلى العيش بسلام مع الآخرين , ولا مجال لمحبّتهم , بدون معرفتهم . ومجتمعات اليوم , أكثر منها في أيّ يوم مضى , هي على اتّصال واحتكاك مستمرّ بعضها ببعض ومكتوب لها أن تتعارف لتتآلف فتتحابب فيكون لها الازدهار والبقاء . ولئن هي أصرت على التقوقع والتعالي , استشرى فيها الجهل وقِصَرُ النظر , فضِقُ الصدر والتعصّب والكراهية , فالتآكل الذاتيّ فالاضمحلال من هذا المنطلق تواترت اللقاءات والمحاورات في العقود الأخيرة بين الحكماء من سائر المشارب والملل , لاسيّما بين علماء المسلمين والمسيحيّين , أبناء الديانتين العُظمَيَينْ الموحِّدتين . وكلا المعتقدَين يهمّنا , نحن أبناء العالم العربيّ , إلى أقصى الحدود . فلا بدّ للمسيحيّ العربيّ من معرفة أخيه المسلم , رفيق عيشه , ولا مناص للمسلم العربيّ من معرفة أخيه المسيحيّ , ابن وطنه . لهذا أحببتُ المشاركة في هذا المنتدى لمحاورة المشاركين المسلمين على معرفة الديانة المسيحيّة من مصادرها وإنها لعمري مبادرة سمحاء إن دلّت على شيء فعلى الروح الجديدة المحيية التي تهبّ اليوم بنعمةٍ منه تعالى , والتي تدعونا إلى التجاوب معها كلّ التجاوب : " إذا هبّت رياحُك فاغتنمها " . ورجاؤنا وطيد أن تساهم تلك الأحاديث في تقريب القلوب من باب تقريب الأذهان , والله سبحانه من وراء القصد . أَول ما أقوله إِنَّني لا أُحاول هَدي أحد , ولا أرجو إقناع أحد باعتناق المسيحيّة بل إيجاد أرضية حوار مشتركة تتفهم الآخر مبتعداً عن الخوض في أيّ جدال لأُحاول إقامة البرهان على أنّ المسيحيّة حقّ والإسلام باطل , أو أنّ المسيحيّة أصلح من الإسلام أو خيرٌ منه . بل آمَل من هذه المشاركة توجيهَ نظرةٍ من الداخل إلى كيفيّة فَهْمِ المسيحيّين دينَهم لن أُحاول في الصفحات الآتية إقناعَ أيٍّ كان أنّ الإسلام على ضلال . بيد أنّه ينبغي الإقرار منذ البداية بأنّني مسيحيّ مؤمن , وبالتالي أُومن بما يعلِّمه المعتقَدُ المسيحيّ . وكلّ إنسان مؤمنٍ له الحقّ , مسيحيّاً كان أو مسلماً , بأنّ دينه يأتيه بالجواب الشامل عن القضايا الهامّة في الحياة البشريّة : مِن أين جئنا , إلى أين نذهب , وكيف يجب أن نعيش في أثناء حياتنا ؟ ومن البديهيّ أن يؤمن كلٌّ منا بأنّ طريقته هي الجواب الدينيّ الحقّ عمّا أوحاه الله إلينا . ولئن اعتقد بعضنا بأنّ إحدى الديانات تأتي بالأجوبة الجازمة عن مشاكل الحياة وتؤمّن الوصول إلى الله بطريقٍ أَفضل من طريقه , توجَّب عليه , بلا جدال , العدولُ عن دينه واتّباع الدين الآخر بعد أن رآه إلى الصواب أقرب وللإقتاع أجدى . وفي الواقع يبيّن التاريخُ أنّ عدد المسيحيّين أو المسلمين المخلِصين لدينهم وضميرهم , الذين تحوّلوا إلى دينٍ آخر , هو أقلّ من القليل . فإنّ بعض الأفراد انتقلوا في الماضي , وما زالوا ينتقلون اليوم , مِن دين إلى آخر لأسباب تمُتّ إلى الزواج , أو المصلحة المهنيّة , أو الضغط الاجتماعيّ؛ غير أنّ عدد الذين يهتدون إلى ديانة أُخرى ممّن هم مقتنعون راسخون في ديانتهم , ليس بالكثير . وسبب ذلك واضح : إذا وَجد المرءُ الله ورسالته من خلال ممارسته الدينيّة المألوفة , فهو لا يشعر بالحاجة إلى بدء البحث عنه تعالى في إطارٍ آخر . وإنّي لا أشكّ أنّ الله سبحانه قد أثّر في حياة الملايين من المسلمين والمسيحيّين عن طريق التعاليم والكتب والشعائر الخاصّة بالإسلام والمسيحيّة بالذات , ويقين هؤلاء الناس أنّ الله موجود في إطار المعتقدات الإسلاميّة والمسيحيّة . وإنّي لا أعني أنّ الإسلام والمسيحيّة هما في الأساس دينٌ واحد , أو أنّه ليس مِن اختلافات حقيقيّة بينهما . فثمّة بالفعل اختلافات حقيقيّة , ولا يمكن المسيحيّين والمسلمين , إذا التقوا , تهوين هذه الاختلافات أوتجاهلها . والاختلافات مؤلمة لأنّنا بشر نريد دوماً مِن الذين نعيش معهم ونهتمّ بهم أن يفكّروا ويعملوا مثلنا . فلو نظرنا إلى المتديّنين لرأينا أنّ أَلَمَهُم أشدُّ إن لم يتبع الآخرون طريقهم إلى الله , لأنّ كلاًّ منّا يحسب ايمانه " كنزاً ينبغي تقاسمه " وأعظمَ هديّة يمكننا تقديمها إلى جيراننا الأدنَين أو حتّى إلى العالم بأسره . وعلى الرغم من ذلك فعندما ندرس معاً الاختلافات القائمة بين كلًّ من ديانتينا , نصل إلى عدد من النتائج الإيجابيّة . أوّلُها أنّنا نجدِّد تقديرنا لِما هو فريد في معتقدِنا الخاص , فنعود إلى الله شاكرين له نعمة الإيمان التي مَنَّ بها علينا ؛ ثمّ إنّنا نزداد احتراماً لما يعتقده الآخرون مخلِصين , على الرغم ممّا بيننا وبينهم من اختلاف ؛ كما أنّنا نزداد فهماً للأسباب التي تدفعهم إلى القيام بما يقومون به , وأخيراً ندرك إدراكاً أوضح أنّنا من جنس بشريّ واحد يقوم في حضرة الله . من جهة أُخرى لا ينبغي أن نركِّز فقط على ما بيننا من اختلافات . فإنّي لواثق بأنّ المسيحيّين والمسلمين هم واحد في الكثير مِن أعمق وأهمّ عناصر معتقداتهم وخبراتهم الدينيّة . وقد تيقّنتُ أنّ المسلمين والمسيحيّين , إذا ما أَكبَّ كلُّ فريق منهم على دراسة ديانة الفريق الآخر , شعروا , لا بل لمسوا , أنّ بينهم الكثير من الأمور المشتركة . وغالباً ما يحدث أنّ تعابيرنا المختلفة تخفي مفاهيم تلتقي في الكثير من النقاط , كما أنّه من الأكيد أنّنا , عندما نزيد من اطّلاعنا على ديانة الآخر , نكتشف في كثيرٍ من الأحيان أنّ ثمّة كلمات متشابهة تشير إلى مفاهيم في غاية التباين فإحدى ثمار الحوار بين المسيحيّين والمسلمين هي أن نتعلم كيف نُبرز بمزيد من الدقّة مجالات التلاقي والتباين بين ديانتينا . تِلكم هي الغاية المحدودة المتواضعة من مشاركتي , فلا هي الهدي ولا هي الجدال , بل ما هو أبسط : المزيد من الفهم لما يؤمن به المسيحيّون وللطرق التي تدعوهم ديانتُهم إلى سلوكها . قال أحدهم : " بقدر ما نُحسن فهمَ إيمان الآخر نجيد فهمَ إيماننا " . ولكي تكلّل مثل هذه المساعي بالنجاح فلا بدّ من إقامة حوار رصين واعٍ بين المسلمين والمسيحيّين . ولا يقوم مثل هذا الحوار إلاّ إذا كان المسيحيّيون لهم إدراك دقيق لدين الإسلام وقيمه الأخلاقيّة ونظمه الاجتماعيّة , وإذا كان المسلمون لهم إدراك دقيق للمسيحيّة في معتقداتها وأخلاقيّاتها . إسمحوا لي بأن أعرِّفكم إلى نفسي . أنا مؤمن مسيحيّ من سورية, متزوج ولي طفلين , خضعت لفترة تنشئة درستُ في أثنائها علمَ اللاهوت الكاثوليكي مدّةَ أربع سنوات , وتضمنت الدروس اللاهوتية عدّة مواد : الكتاب المقدَّس , علم اللاهوت العقيديّ والأدبيّ , تاريخ الكنيسة , علم الآباء . بالإضافة إلى دراساتي المتواضعة في القرآن الكريم والسُنّة وأدبُ الحديث النّبوي . مارستُ التعليم المسيحي والتدريس التربوي . بالإضافة إلى عملي الوظيفي المصرفي . إني لواثق بأنّ المسلمين والمسيحيّين هم أُسرتان من المؤمنين تتحدّران من جدٍّ واحد هو إبراهيم الخليل , وبأنّ الله سبحانه يريد منّا أنّ نعيش معاً في الاحترام المتبادل والسلام , ونعمل يداً واحدة بحيث تتمّ مشيئته تعالى على وجه الأرض . فنخطوا معاً خطوةً خطوة نحو تفادي انحرافات الماضي واكتساب الثقة المبادلة في الحاضر , ونبلغ أخيراً إلى صداقة متبادلة , هي من أمنيات الحاضر وآمال المستقبل .

اهلا السيد: جورج أبو كارو انت فين ياراجل احنا اتشغلنا عليك كده اتروح واتقول عدولي
انا فاكر ان في موضوع فتحته ومارديتش تاني ياريت تزورو زياره بس وتعطي اجوبه
لناس الي غلبو نفسهم وسئلوك وانتظروك
واتمني انك كنت متابع الحوار مع اخينا الحبيب واستاذنا السيف البتار والاخ داوود((ديفد))