أما كيف يكون القرآن بتعاليمه هذه العقلية العلمية, فهذا ما نوضحه فى هذه الصحائف. ومن قرأ القرآن وتدبره بحق وجد مقومات هذه العقلية مجسمة فيه.


1 ـ رفض الظن فى موضع اليقين:

وأول ما توصف به هذه العقلية كما بين القرآن: أنها ترفض الظن فى كل موضع يطلب فيه اليقين, كما فى مقام تأسيس العقائد التى تقوم عليها نظرة الإنسان إلى الوجود, أعنى: إلى الله والكون والإنسان والحياة. فهذه القضايا الكبرى لايكفي فيها الظن, بل لابد فيها من العلم, أي العلم اليقيني. قد يكفي الظن فى قضايا الفروع والجزئيات, التى تقوم عليها تعاملات الناس بعضهم ببعض, ولهذا تقبل شهادة الشهود مع احتمال الخطأ والكذب, ويقبل حديث الواحد, مع احتمال ذلك. أما فى القضايا الكلية الكبرى, فلايستغني فيها عن اليقين.


ومن هنا أنكر القرآن على المشركين اتباعهم الظن فى هذه القضايا, وقال عز وجل وما يتبع أكثرهم إلا ظنا, إن الظن لايغني من الحق شيئا , إن الله عليم بما يفعلون (يونس 36).

وفى سورة أخرى: "وما لهم به من علم, إن يتبعون إلا الظن, وإن الظن لايغني من الحق شيئا" (النجم 28).

سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شئ, كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا, قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا, إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون (الأنعام 148).



وقال فى شأن المشركين عموما, ودعوتهم للأصنام من دون الله: "ألا إن لله من فى السماوات ومن فى الأرض, وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء, إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون" (يونس 66).

بل جعل القرآن اتباع الظن والخرص وراء ضلال أكثرية أهل الأرض وإضلالهم عن سبيل الله. يقول تعالي: "وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله, إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون"(الأنعام 116).

وحقيقة الخرص ـ كما قال الراغب فى "مفردات القرآن".: "أن كل قول مقول عن ظن وتخمين يقال: خرص, سواء أكان مطابقا للشئ أو مخالفا له من حيث أن صاحبه لم يقله عن علم ولا غلبه ظن ولا سماع, بل اعتمد فيه على الظن والتخمين, كفعل الخارص فى خرصه, وكل من قال قولا على هذا النحو قد يسمي كاذبا , وإن كان قوله مطابقا للمقول المخبر عنه" (مفردات القرآن ص 297 . طبعة دار القلم بدمشق والدار الشامية ببيروت).

ويقول القرآن عن أهل الكتاب:" وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسي ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم, وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه, مالهم به من علم إلا اتباع الظن, وما قتلوه يقينا * بل رفعه الله إليه" (النساء 157 ـ 158).

ويقول عن المشركين وعلاقتهم بالآخرة وقيام الساعة: وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لاريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين (الجاثية)

2 ـ عدم اتباع الأهواء والعواطف فى مجال العلم.

ولاترفض العقلية العلمية الظن فقط, بل ترفض الهوي والعاطفة أيضا , فالهوى يعمي ويصم, واتباع العواطف قد يضلل الإنسان عن الحق, وخصوصا العواطف الهوج, مثل الحب الشديد, والكره الشديد, والغضب الشديد.

ولاغرو أن جاء فى الحديث الصحيح: "لا يقضي القاضي وهو غضبان", لأن انفعال الغضب يسد عليه منافذ الإدراك الصحيح لجوانب القضية المختلفة فيظهر حكمه غير سليم.


ولهذا عاب القرآن على المشركين هذين الأمرين: اتباع الظن وهوي الأنفس معا . فقال فى شأن أصنامهم التى اتخذوها آلهة . اللات, والعزى, ومناة الثالثة الأخرى .: "إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان, إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس, ولقد جاءهم من ربهم الهدي" (النجم 23).

وقال الله تعالي لداوود: " يا داوود إنا جعلناك خليفة فى الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولاتتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله " (ص 26).

وقال فى خطاب رسوله :" فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم, ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله " (القصص 50).


وقال تعالي فى ذم اتباع الهوي: "أ فرءيت من اتخذ إلاهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله, أفلا تذكرون (الجاثية 23).

وفى سورة أخرى يقول: "أرءيت من اتخذ إلاهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا * أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون, إن هم إلا كالأنعام, بل هم أضل سبيلا (الفرقان 43, 44).

ولأجل ذلك قال ابن عباس: "شر إله عبد فى الأرض: الهوى"!


فالعقلية العلمية هي التى تنحي الأهواء والانفعالات والعواطف جانبا , وتنظر إلى الأمر نظرة موضوعية محايدة.


3 ـ رفض التقليد الأعمي للآباء والأسلاف:

والعقلية العلمية فى نظر القرآن: هي التى ترفض الجمود على ما كان عليه الآباء والأجداد, أو التسليم المطلق لما عليه السلف المعظمون, ولاتقبل أن تقلد هؤلاء أو أولئك فيما اعتقدوه أو فعلوه, بل لابد من وضعه موضع الاختبار, والنظر إليه فى ضوء العقل, وبميزانه المستقل, فليس من المعقول أن يفكر لنا الأموات ونحن أحياء, وأن يلزمنا الأقدمون بنتائج عصور مضت, إنما نحن ملزمون بما تهدي إليه عقولنا, وما ينتهي إليه تفكيرنا. فإن من الخطل والخطر أن نفكر برؤوس غيرنا, وقد خلق الله لنا رؤوسا خاصة بنا ! ولهذا شن القرآن حملة عنيفة على الجمود والتقليد فى كل صوره, ففي سورة البقرة يقول تعالي: وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا, أو لو كان آباؤهم لايعقلون شيئا ولايهتدون * ومثل الذين كفروا كمثل الذى ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء, صم بكم عمي فهم لايعقلون (البقرة 170, 171).


وفى سورة المائدة يقول سبحانه "وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا, أو لو كان آباؤهم لايعلمون شيئا ولايهتدون"
(المائدة 104).

ففى سورة البقرة بين أنهم ينقصهم العقل, وهنا بين أنهم ينقصهم العلم, وفى كلتا الحالتين بين أنهم ينقصهم الاهتداء إلى الصواب.


وفى سورة هود يقول تعالي: " فلا تك فى مرية مما يعبد هؤلاء, ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل, وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص" (هود 109).

وفى سورة الزخرف يقول تعالي:" إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون * وكذلك ما أرسلنا من قبلك فى قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون * قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم, قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون " (الزخرف 22, 24).

فبين الله تعالى أن هذا هو موقف المترفين من أهل الشرك من قديم:" الاتكاء على ما كان عليه الآباء.

وكذلك ذكر القرآن الكريم فى جملة سور هذا الجمود المقلد, أو التقليد الجامد, من الأبناء للآباء.


ففى قصة هود بعد دعوته البليغة وحواره القوى, نقرأ: قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا (الأعراف 70).

وفى قصة إبراهيم: "إذ قال لأبية وقومه ما هذه التماثيل التى أنتم لها عاكفون * قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين * قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين "
(الأنبياء 52, 54).

وفى قصة شعيب: " قالوا ياشعيب أصلا تك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل فى أموالنا ما نشاء .

وفى قصص الرسل عامة مع أقوامهم يقول الله تعالي: " قالت رسلهم أفى الله شك فاطر السماوات والأرض, يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمي, قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين"
(هود 87).

يعنون بالسلطان المبين: الآيات الكونية الخارقة, وكلها تعلات فارغة, فقد جاءت الرسل من قبل بهذه الآيات فكذبوا بها, كما فعلوا مع صالح وغيره.

العلامة ابن الجوزي: فى التقليد إبطال منفعة العقل, فقد خلق للتدبر والتأمل, وقبيح بمن أعطي شمعة أن يطفئها ويمشى فى الظلمة !.



4 ـ رفض التبعية للسادة والكبراء:



ولم تقف حملة القرآن على الجمود العقلي الذى يتمثل فى تقليد الأبناء للآباء, والأحفاد للأجداد, بل شمل الجمود الذى يتمثل فى تبعية الشعوب والجماهير للسادة والكبراء والجبابرة وأصحاب السلطان والثراء.



لقد ذم القرآن هذه التبعية العمياء, وحمل الشعوب وزرها, مع المتبوعين من أئمة أهل النار.

يقول القرآن على لسان نوح عليه السلام: " رب إنهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا "(نوح 21).

وقال فى قصة هود وقومه عاد: "وتلك عاد, جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد " (هود 59).

وقال فى قصة موسي وفرعون:" ولقد أرسلنا موسي بآياتنا وسلطان مبين * إلى فرعون وملإيه فاتبعوا أمر فرعون, وما أمر فرعون برشيد" (هود 96, 97).

وقال فى سورة أخري: فاستخف قومه فأطاعوه, إنهم كانوا قوما فاسقين" (الزخرف 245).

وقد عرض القرآن لنا من مشاهد الآخرة ما يجسد لنا تلاوم المتبوعين والاتباع يوم القيامة, وتبرؤ بعضهم من بعض, ومحاولة كل فريق إلقاء التبعة على الآخر.

يوم تقلب وجوههم فى النار يقولون ياليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا * وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا * ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا "(الأحزاب 66.68).



إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبع واورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب * وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا, كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم, وما هم بخارجين من النار (البقرة 166, 167).



ولوتري إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين * قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدي بعد إذ جاءكم, بل كنتم مجرمين * وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا, وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال فى أعناق الذين كفروا, هل يجزون إلا ما كانوا يعملون "( سبأ 31, 33).



قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس فى النار, كلما دخلت أمة لعنت أختها, حتي إذا اداركوا فيها جميعا قالت أ خراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار, قال لكل ضعف ولكن لاتعلمون * وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون" (الأعراف 38, 39).



وهنا حمل القرآن الأتباع تبعة ضلالهم, فقد منحهم الله من المواهب والقدرات والآلات ما يمكنهم من اتباع الهدى, فعطلوا ذلك, وساروا في ركاب المضلين, فما أغنوا عنهم من الله شيئا .



صحيح أن المتبوعين المضلين يحملون من الأوزار أكثر من الأتباع, لأنهم يحملون وزر الضلال, ووزر الإضلال, كما قال تعالي: ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزارالذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون "(النحل 25).



"وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم" (العنكبوت 13).



ولكن هذا لاينقص من أوزار الأتباع الذين ألغوا عقولهم, وداروا في فلك المضلين.



5 ـ التعبد بالنظر العقلي:



ومن مقومات هذه العقلية العلمية التى ينشئها القرآن: أنها عقلية تقوم على النظر والتفكر, فالنظر عندها فريضة, والتفكر لديها عبادة.



والقرآن حافل بالآيات التى تحض على النظر, وتدعو إلى التفكر, بأساليب شتي, وصور متنوعة.



والمراد بالنظر: النظر العقلي, وهو الذى يستخدم الإنسان فيه فكره في التأمل والاعتبار, بخلاف النظر البصرى, فهو الذى يستخدم الإنسان فيه عينه.



قال الإمام الراغب: "النظر: تقليب البصر والبصيرة لإدراك الشئ ورؤيته, وقد يراد به التأمل والفحص, وقد يراد به المعرفة الحاصلة بعد الفحص, وهو الروية, يقال: نظرت فلم تنظر: أي لم تتأمل ولم تترو".



فعلى الإنسان أن يبدأ بالنظر فى نفسه أولا , ثم فى أقرب الأشياء إليه, يقول تعالي:

" فلينظر الإنسان مم خلق * خلق من ماء دافق * يخرج من بين الصلب والترائب * إنه على رجعه لقادر" (الطارق 5ـ8 ).



" فلينظر الإنسان إلى طعامه * أ نا صببنا الماء صبا * ثم شققنا الأرض شقا * فأنبتنا فيها حبا * وعنبا وقضبا * وزيتونا ونخلا * وحدائق غلبا * وفاكهة وأبا * متاعا لكم ولأنعامكم (عبس 24, 32).



ثم ينتقل بنظره إلى ما حوله متأملا متدبرا معتبرا , لينتقل من المصنوع إلى الصانع, ومن الأثر إلى المؤثر, ومن الكون إلى المكون.



يقول القرآن: " أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت * وإلى السماء كيف رفعت * وإلى الجبال كيف نصبت * وإلى الأرض كيف سطحت " (الغاشية 17, 20).



" أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج * والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج * تبصرة وذكرى لكل عبد منيب (ق 6, 8)



" قل انظروا ماذا فى السماوات والأرض, وما تغني الآيات والنذر عن قوم لايؤمنون "(يونس, 101)



"أو لم ينظروا فى ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شئ "
(الأعراف 185).



فالنظر هنا عام شامل, يشمل كل ما خلق الله, من الذرة إلى المجرة.



ومن داخل النفس إلى آفاق الكون الفسيح, الذى لايعلم سعته إلا خالقه:



"وفى الأرض آيات للموقنين * وفى أنفسكم, أفلا تبصرون " (الذاريات 20, 21).



وأحيانا يأمر القرآن بالسير فى الأرض للنظر فى آيات الله فى الكون وفى الحياة وفى التاريخ.



" قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق"(العنكبوت 20).



" قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين" (النمل 69).



"قل سيروا فى الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين " (الأنعام 11).



قد خلت من قبلكم سنن فسيروا فى الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين
(آل عمران 137).



ولقد بعثنا فى كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت, فمنهم من هدي الله ومنهم من حقت عليه الضلالة, فسيروا فى الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين (النحل 36).



أو لم يسروا فى الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم, كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات, فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (الروم 9).



وقد تكرر هذا المعنى فى القرآن عدة مرات: الحث على السير فى الأرض والنظر فى سيرة الأولين ومسيرتهم, وكيف نفذت فيهم سنن الله التى لاتتخلف, رغم ما كان لديهم من كثرة العدد, وقوة العدد.



المهم أن يمروا على آثار القوم وما خلفوه وراءهم بعقول تفكر, لا بمجرد أعين تبصر



كما قال تعالي: "أفلم يسيروا فى الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها, فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التى فى الصدور" (الحج 46).



وبهذا شمل هذا النظر العقلى كل ما يقبل النظر: الإنسان نفسه... ماحوله من نبات: والنخل باسقات لها طلع نضيد (ق 10), وحيوان, وخصوصا الإبل كيف خلقت (الغاشية 17), وجماد:"الأرض كيف سطحت" (الغاشية 220), والسماء: كيف رفعت (الغاشية 18), وكل ما فى العالم علويه وسفليه بهذا الشمول الذى نبهت عليه الآية: فى ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شئ " (الأعراف 185).



ولم يكن النظر مقصورا على الأشياء, بل تعداها إلى الأحداث والسنن التى تدل عليها, مثل: سنن الله فى عقوبات المكذبين, وفى تغيير ما بالناس من نعم إذا غيروا ما بأنفسهم من خير. وسنته فى سقوط الأمم رغم عمارتها للأرض وكثرة أعدادها.



ومثل النظر العقلى: الرؤية العقلية, فقد حث القرآن فى آيات كثيرة على هذه الرؤية التى يقصد بها رؤية العقل لا رؤية العين, وهي رؤية تشمل كل المخلوقات فى الأرض أو فى السماء مما يبين عظمة خالقها, وروعة تدبيره, وبالغ حكمته, وسابغ نعمه على عباده, كما تشمل الوقائع والأحداث, التى تبرز قدرة الله تعالي وهيمنته على الكون وحده, كما تبرز عدالته وأنه يملي ويمهل, ولكنه لايغفل ولايهمل.



تقرأ مثل هذه الآيات:



"ألم يروا إلى الطير مسخرات فى جو السماء ما يمسكهن إلا الله إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون" (النحل 79)



"أو لم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن, ما يمسكهن إلا الرحمن, إنه بكل شئ بصير" (الملك 19).



"أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون * وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون * ولهم فيها منافع ومشارب, أفلا يشكرون (يس 71, 73).



وينتقل من الطير والأنعام إلى الأرض ومياهها ونباتاتها وعلاقة السماء بها, والظواهر المتعلقة بها من الليل والنهار, يقول سبحانه:



" أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم" (الشعراء 7).



" أو لم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم, أفلا يبصرون " (السجدة 27).



"ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة,إن الله لطيف خبير" (الحج 63)



والخطاب فى مثل هذه الصيغة: "ألم تر" للنبي e ولكل مكلف فى الأمة:



"ألم تر أن الله سخر لكم ما فى الأرض والفلك تجرى فى البحر بأمره ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه, إن الله بالناس لرءوف رحيم " (الحج 65).



" ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع فى الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما , إن فى ذلك لذكرى لأولي الألباب" (الزمر 21).



"ألم تر أن الله يولج الليل فى النهار ويولج النهار فى الليل وسخر الشمس والقمر كل يجرى إلى أجل مسمى وأن الله بما تعملون خبير" (لقمان 29).



" ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا , إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون" (النمل 86).



" ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها, ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود *ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك, إنما يخشى الله من عباده العلماء " (فاطر 27, 28).



" أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض, إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء, إن فى ذلك لآية لكل عبد منيب " (سبأ 9).



"أولم يروا إلى ما خلق الله من شئ يتفيؤا ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون " (النحل 248).



وتشمل هذه الرؤية تاريخ القرون الماضية, وصنع الله فى أهلها, من الطغاة والمتجبرين, الذين أفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها.



" ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم فى الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين " (الأنعام 6).


لم يغن هؤلاء ما أنشأوا من عمارة شاهقة, وما أبدعوا من آثار مادية, فقد شادوا البنيان وخربوا الإنسان, وأصلحوا الأرض وأفسدوا البشر, وعنوا بالطين ونسوا الدين, وعاشوا للدنيا وأغفلوا الآخرة, فلم تغن عنهم دنياهم من الله شيئا .



"ألم تركيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد * التى لم يخلق مثلها فى البلاد * وثمود الذين جابوا الصخر بالواد * وفرعون ذى الأوتاد * الذين طغوا فى البلاد * فأكثروا فيها الفساد * فصب عليهم ربك سوط عذاب * إن ربك لبالمرصاد."
(الفجر (6 ـ 14).



بهذا حكم القرآن على الحضارات المادية المحضة أنها غير قابلة للبقاء والاستمرار, وأن عاقبتها إلى دمار وتبار.



6 ـ لاتقبل دعوى بغير برهان :



ومن معالم العقلية العلمية فى القرآن: أنها لاتقبل أي دعوى تدعى بغير برهان علمي, يشهد لها, ويدل على صحتها وصدقها, وما لم يوجد دليل يثبت الدعوى أو القضية المطروحة, فهي فى نظر العقل المسلم مرفوضة ساقطة.



وهذه الرؤية التى دعا إليها القرآن شملت العالم العلوى كالعالم السفلى:



"أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما, وجعلنا من الماء كل شئ حي, أفلا يؤمنون" (الأنبياء 30).



" أو لم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده, إن ذلك على الله يسير"(العنكبوت 19).



وهذه الرؤية ينبغي أن تشمل النظر فيما خصهم الله به من نعم لاتتوافر لغيرهم. وهذا خطاب لأهل مكة خاصة : " أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم, أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون"(العنكبوت 67).



ومما تشمل هذه الرؤية آثار فعل الله فى الناس والمجتمعات, من بسط وقبض, ورفع وخفض, وإعزاز وإذلال, يقول تعالي:"أو لم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر, إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون "(الروم 37).



" أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها, والله يحكم لا معقب لحكمه, وهو سريع الحساب" (الرعد 41).



" أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها, أفهم الغالبون"(الأنبياء 44).



ومعنى نقص أطراف الأرض: " أن الله يديل من دولة لأخرى, ويأخذ من الدولة الكبيرة لحساب دولة صغيرة, وتلك الأيام نداولها بين الناس.



لقد رفض القرآن ما شاع لدي كثير من أرباب الديانات السابقة من قبول الدعاوي العريضة, والمعتقدات الموروثة, دون برهان يدل على صحتها, ولم يرض بمسلك الذين قالوا: " اعتقد وأنت أعمي " ! أو " أغمض عينيك ثم اتبعنى " !



إن كل مؤمن بعقيدة مطالب بإقامة البرهان على صدقها, أوالتسليم لمن يدعوه إلى عقيدة غيرها يؤيدها الدليل والحجة.



وبهذا قرر القرآن هذه القاعدة الجليلة الكبيرة: أن لا دعوى بغير برهان! نقرأ فى ذلك حديث القرآن عن دعاوي أهل الكتاب, وتعقيبه عليها: وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى, تلك أمانيهم, قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين (البقرة 111).



ونقرأ كذلك حديثه مع المشركين الذين عبدوا مع الله آلهة أخرى, وحواره معهم فى قضية الوحدانية:



"أمن يبدؤ ا الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض, أءله مع الله, قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين" (النمل 64).



وفى سورة أخرى يقول:"أم اتخذوا من دونه آلهة, قل هاتوا برهانكم"(الأنبياء 24).



قل أرءيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك فى السماوات, ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين (الأحقاف 4).



وفى قضية التحريم والتحليل, التى تجاوزوا فيها حدودهم, فحرموا وحللوا بالهوي أو بالوهم والظن أو بمجرد التقليد الأعمي, يناقشهم القرآن: ثمانية أزواج, من الضأن اثنين ومن المعز اثنين, قل ءآلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين, نبئوني بعلم إن كنتم صادقين " (الأنعام 143) .



" سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شئ, كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا, قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا, إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون " (الأنعام 148).



فأبطل بذلك دعوى الجبرية, الذين يزعمون أن ما هم فيه من ضلال الشرك وتحريم الحلال, إنما هو بمشيئة الله تعالي, يقصدون: المشيئة الملجئة لهم, التى لايملكون معها اختيارا ولا إرادة, وكذبوا. ما لهم على هذا من دليل فإن كان لديهم علم فليخرجوه.



وفى قضية ادعاء البنوة لله, وأنه سبحانه اتخذ ولدا من الملائكة ـ الذين زعموا أنهم بنات الله ! ـ أو من البشر مثل المسيح الذين قال النصاري فيه: ابن الله, ومثل عزير الذى قال اليهود فيه: ابن الله, نقرأ:



" قالوا اتخذ الله ولدا , سبحانه, هو الغني, له ما فى السماوات وما فى الأرض, إن عندكم من سلطان بهذا, أتقولون على الله ما لاتعلمون " (يونس 68).



يعني: ما عندكم من حجة تؤيدكم فيما قلتم, إن هو إلا قول على الله بلا علم.



7 ـ رعاية سنن الله فى الكون والمجتمع :

ومن معالم "العقلية العلمية" التى ينشئها القرآن: احترام السنن والقوانين التى أقام الله عليها نظام الكون, ونظام المجتمع, وهي سنن وقوانين لها صفة العموم والشمول, فهي تحكم على الناس جميعا , أبيضهم وأسودهم عربهم وعجمهم, حاضرهم وباديهم, قويهم وضعيفهم; مؤمنهم وكافرهم, لاتحابى أحدا , ولاتتحامي أحدا , الكل فى ميزانها سواء.



كما أن لها صفة الثبات والدوام, فهي لاتتغير ولاتتبدل, وهي تجري على الآخرين كما جرت على الأولين, وتعمل فى عصر سفن الفضاء, عملها فى عصر الجمل سفينة الصحراء.



يقول الله تعالي: " قد خلت من قبلكم سنن فسيروا فى الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين " (آل عمران 137).



وقد ذكر القرآن كلمة "سنن" مجموعة منكرة, كما فى هذه الآية, كما وردت مفردة ومعرفة بالإضافة كما فى الآيات الأخرى. اقرأ فى ذلك هذه الآيات من القرآن المكي.



"وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها, وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا * سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا, ولاتجد لسنتنا تحويلا" الإسراء 76, 77).



"وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدي من إحدى الأمم, فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا * استكبارا في الأرض ومكر السيئ, ولايحيق المكر السيئ إلا بأهله, فهل ينظرون إلا سنت الأولين, فلن تجد لسنت الله تبديلا , ولن تجد لسنت الله تحويلا "(فاطر 42, 43).



واقرأ فى القرآن المدني: "ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له, سنة الله فى الذين خلوا من قبل, وكان أمر الله قدراً مقدوراً(الأحزاب 38).



كان هذا تعقيبا على قصة زينب بنت جحش وطلاقها من زيد ابن حارثة متبنى الرسول صلى الله عليه وسلم, وتحرجه من ذلك, حتى لايقال: تزوج محمد امرأة ابنه! وفى نفس السورة: "لئن لم ينته المنافقون والذين فى قلوبهم مرض والمرجفون فى المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا * ملعونين, أين ما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا * سنة الله فى الذين خلوا من قبل, ولن تجد لسنة الله تبديلا "(الأحزاب 60, 62).



وقال تعالي فى سورة أخري:"ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لايجدون وليا ولانصيرا * سنة الله التى قد خلت من قبل, ولن تجد لسنة الله تبديلا "(الفتح 22), 23).



والملاحظ: أن هذه الآيات كلها ـ مكية ومدنية : أكدت ثبات السنن واطرادها ودوامها, كما أنها جميعا تتحدث عن السنن الاجتماعية.



أعني: سنن الله فى الاجتماع البشرى: فى النصر والهزيمة, والنجاة والهلاك, والبقاء والزوال.



ومن أجل ذلك أنكر القرآن "السحر" واعتبره من عمل الشياطين, ومن أساليب الكفرة, واعتبره كفرا أو قريبا من الكفر, وعد تعلمه مما يضر ولا ينفع. قال تعالي: واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان,وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت, وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر,فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه,وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله, ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم, ولقد علموا لمن اشتراه ما له فى الآخرة من خلاق, ولبئس ما شروا به أنفسهم, لو كانوا يعلمون
(البقرة 102).



والرسول صلى الله عليه وسلم أكد وجوب رعاية سنن الله تعالى, بقوله وعمله وتقريره, كما هو واضح فى سنته وسيرته.



حينما كسفت الشمس يوم مات ابنه إبراهيم, قال الناس: كسفت الشمس لموت إبراهيم, وقد كان شائعا فى اعتقادهم أن الشمس لاتكسف, والقمر لايخسف, إلا لموت عظيم فى الناس, ولو كان عليه الصلاة والسلام ممن يسكت على باطل لسكت على هذا القول الذى يضفى على أسرته هالة من العظمة والقدسية الزائفة, ولكنه أنكر ذلك ورفضه جهرة, وخطب فى الناس قائلا : "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله, لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته, فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا" (متفق عليه من حديث عائشة كما في اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان الأحاديث (520),
(521), (522), ومن حديث ابن عباس (525) وأبي مسعود (527), وأبي موسى
(528), وابن عمر (529), والمغيرة (530)..



وقد أنكر ـ صلى الله عليه وسلم ـ كل ما لايقوم على السنن الطبيعية والاجتماعية فى أمور الحياة والرزق والطب والتداوى والعلاقات المختلفة.



ومن هنا أكد تحريم السحر, وجعله من الكبائر أو "الموبقات", أي المهلكات التى يجب تحذير الأمة منها, فقال: "اجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله تعالي, والسحر, وقتل النفس...." الحديث (متفق عليه عن أبي هريرة . اللؤلؤ والمرجان (65).



وأنكر كذلك "التنجيم" الذى يقوم على التنبؤ بالغيبيات والمستقبليات, وربط ذلك بالنجوم, وحركاتها فيما زعموا, وهو الذى قيل فيه: "كذب المنجمون ولو صدقوا ". وهو غير علم الفلك الذى يقوم على أساس من المشاهدة والحسابات الرياضية.



يقول الرسول الكريم e : "من اقتبس علماً من النجوم, فقد اقتبس شعبة من السحر, زاد ما زاد" (رواه أحمد وأبو داوود وابن ماجه عن ابن عباس, كما في صحيح الجامع الصغير6074).



وشدد النكيرعلى اتخاذ التمائم الرقى الجاهلية, وأمر بمراعاة الأسباب الطبيعية فى التداوى والعلاج .



روى عنه ابن مسعود قوله : "إن الرقى والتمائم والتولة شرك" (رواه أحمد وأبو داوود وابن ماجه والحاكم عن ابن مسعود ـ صحيح الجامع الصغير 1632).



والتولة (بكسر التاء وفتح الواو): شئ يصنعة النساء (من ضروب السحر) للتحبب إلى أزواجهن.



وقال: "من علق تميمة فقد أشرك" (رواه أحمد والحاكم عن عقبة ابن عامر . صحيح الجامع الصغير 6394).



إن المسلمين فى العصور الأولي رعوا هذه السنن, واحترموا شبكة الأسباب والمسببات, فأقاموا حضارة مثلى, نشأت فى رحابها علوم كونية ورياضية, امتدت جذوعها, وبسقت فروعها, وآتت أكلها بإذن ربها