في ربيع الآخر أرسل عليه الصلاة والسلام خالدبن الوليد في جمع لبني عبد المَدَان بنجران من أرض اليمن، وأمره أن يدعوهم إلى الإسلام ثلاث مرات فإن أبوا قاتلهم، فلما قدم إليهم بعث الركبان في كل وجه يدعون إلى الإسلام ويقولون: أسلموا، تسلموا، فأسلموا ودخلوا في دين الله أفواجاً، فأقام خالد بينهم يعلمهم الإسلام والقرآن، وكتب إلى رسول الله بذلك، فأرسل إليه أن يقدم بوفدهم ففعل. وحين اجتمعوا به صلى الله عليه وسلم قال لهم: «بِمَ كنتم تغلبون مَنْ قاتلكم في الجاهلية؟» قالوا: كنا نجتمع ولا نتفرق، ولا نبدأ أحداً بظلم، قال: «صدقتم» وأمَّر عليهم زيدبن حصين.

ملحوظة
قد ترى فيما سبق إكراها لأهل نجران على دخول الإسلام
و لكن لعل هؤلاء كانوا ممن بدا من أحوالهم نقض العهد مع المسلمين
فلوا كانوا وثنيين و لم أوفوا بالعهد ما كانوا ليقاتلوا بنص القرآن فى سورة التوبة
أو أنهم كانوا من أهل الكتاب فيكون القتال لو رفضوا دفع الجزية
و نصارى نجران لم يكرهوا على الإسلام بل كانوا يؤدوا صلواتهم فى المسجد النبوي الشريف
اقرأ
وفود نَجْران
ومن الوفود وفد نصارى نجران، وكانوا ستين راكباً، دخلوا المسجد وعليهم ثياب الحِبَرَةِ وأردية الحرير، مختمين بالذهب، ومعهم بسط فيها تماثيل، ومُسُوحٌ جاؤوا بها هدية للنبي صلى الله عليه وسلم، فلم يقبل البسط وقبل المُسُوح. ولما جاء وقت صلاتهم صلّوا في المسجد مستقبلين بيت المقدس.
________________________________________
ولما أتموا صلاتهم دعاهم عليه الصلاة والسلام للإسلام فأبوا وقالوا: كنّا مسلمين قبلكم، فقال عليه الصلاة والسلام: «يمنعكم من الإسلام ثلاث: عبادتكم الصليب، وأكلكم لحم الخنزير، وزعمكم أن لله ولداً»، قالوا: فمن مثل عيسى خلق من غير أب؟ فأنزل الله في ذلك في سورة آل عمران: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ ءادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ(59) فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَآءنَا وَأَبْنَآءكُمْ وَنِسَآءنَا وَنِسَآءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتُ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ(61)