و الاثار السلبية التى ترتبت على الدراسات الاستشراقية كثيرة وأهمها تزوير الحقائق ومحاولة جعلها حقائق ثابتة بعد ان تبدلت وشوهت؛ وبالفعل اعتمد عليها بعضا من الباحثين من علماء المسلمين وانتشرت فى العوام وأثرت فيهم تأثيرا عظيما ؛ ومع كل ما فعلوه فالحقائق ثابتة لم تتغير ولم تتبدل ؛لانها محفوظة فى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يقول الله سبحانه وتعالى(انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون) سورة الحجر .

وللاسف الشديد فأننا اذا نظرنا الى حال المسلمين اليوم سنجدهم يعيشون على كثير من تلك الحقائق المشوهة ، ولا يريدون الرجوع الى الحقائق الاصلية التى لم يستطع المستشرقون المساس بها .
فقد عمل المستشرقون على احياء المذاهب والتيارات المنحرفة ؛ والتركيز على نقاط الخلاف بين الفرق الاسلامية ونجدهم ينحازون لاصحاب الافكار المنحرفة ويشيدون بهم؛ وهدفهم من ذلك النيل من الاسلام بأظهاره مظهر عدم الثبات فى قواعده وهم بذلك يفرقون بين الاسلام لقواعد ثابتة نص عليها القران والسنة؛ وبين الامور المستجدة التى يستخدم فيها منهج الاجتهاد ؛ ولا يفرقون بين الاسلام وبين الخارجين عليه.

يقول المستشرق(سى روجاتياين) فى معرض مدحه للتصوف: لقد نفذت الافكار اليونانية فى بعض مفكرى الاسلام بواسطة طريق أقل مباشرة ؛ وان كانت أكثر دهاء ، وتركت هذه الافكار أثارا من الممكن أعتبارها أثارا عظيمة .

وقد وجد المستشرقون ان التعليم هو أفضل وسيلة لغسل العقول فنشروا المدارس داخل البلاد الاسلامية . من تلك المدارس (كلية روبرت) فى أستانبول او ( الجامعة الامريكية ) فى بيروت التى كانت تسمى ( الكلية السورية الانجيلية) وهى التى انشئت عام 1860م وهى بروتستانتية وهى كما يقول المستشرق ( شتر) أنها أرقى مدرسة فى الامبراطورية العثمانية ان عمل الكلية التبشيرية يتناول المسلمين فى الدرجة الاولى وهذا ما يجعلها بارزة فى ذلك بين جميع المدارس الامريكية فى الامبراطورية العثمانية و أيران.
ويوجد ايضا فى لبنان ( جامعة القديس يوسف ) وهى جامعة بابوية كاثوليكية وتعرف الان بالجامعة اليسوعية وهناك الكلية الفرنسية فى لاهور والمدارس الالمانية والانجليزية والروسية وغيرها الكثير والكثير المنتشرة فى العالم الاسلامى باسم المساعدة فى التقدم واتاحة الفرصة لابناء تلك الدول للرقى فى سلم التعلم.

يقول المنصر (هنرى رجب) أن التعليم فى مدراس الأرساليات المسيحية أنما هو واسطة الى غاية فقط هذه الغاية هى قيادة الناس الى المسيح وتعليمهم حتى يصبحوا مسيحيين.

ونجد مثلا فى جامعة ( جورج تاون) بواشنطن مركزا للدراسات العربية والاسلامية المعاصرة يتضمن عدة مقررات تتناول القضايا التراثية خلال الفترات الوسيطة والحديثة ، وهناك ايضا فى ( واشنطن) معهد لدراسات الشرق الاوسط وهناك معهد أخر يضم عددا من المتخصصين بشئون الشرق الاوسط فى (نيو جيرسى) وجامعة ( ميتشجان أناربر) وجامعة (كاليفورنيا) بلوس انجلس وجامعة ( لندن) و( أكسفورد) و(باريس) وغيرها الكثير والكثير.


ومن اوائل البعثات كانت بعثة الشيخ رفاعة الطهطاوى ، الذى جاء حاملا للواء فكر جديد أنتقده الكثيرون وعلق عليه الاخرون وأدعى أن الرقص نوع من العياقة وأن الرقص بما فيه من تلاصق للاجساد ليس فسقا ولا فجورا.
روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (لكل بنى أدم خط من الزنى ، فالعينان تزنيان وزناهما النظر ، واليدان تزنيان وزناهما البطش ، والرجلان تزنيان وزناهما المشى ، والفم يزنى وزناه القبل ، والقلب يهوى ويتمنى والفرج يصدق ذلك أو يكذبه ) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن أفكاره ايضا التى جاء بها الشعوبية ، حيث تحدث عن مصر الفرعونية ونسى أن الاسلام يعترف بالمؤمن النقى وأن فواصل اللون والجنس لا تعنى فى شىء وليس هما الاساس لبناء دولة قوية أنما الاساس هو الاسلام وهو الذى تقوم عليه الخلافة الاسلامية.
ومن الذين جاءوا بفكر جديد وثار حوله جدل كبير طه حسين ؛ حتى ان بعضهم قال عنه : انه مستشرق من أصل عربى واتهمه البعض بانه يحمل لواء المستشرقين ومن أراءه الغريبة والمثيرة للجدل انه يرى ان العرب قوم مستعمرون كالرومان والفرس.

ويعيب البعض على طه حسين فى نشره لكتب رسائل الاخوة الصفاء؛ وألف ليلة وليلة ( حيث تحتوى على أفكار أسطورية تحمل الكثير من السموم الفكرية التى قد تؤثر على عقول الاطفال والشباب)؛ وتعقبه لسير الشعراء المعرفون بالمجون وأن القرن الثانى للهجرة كان عصر شك ومجون؛ وهنا نجده يعتمد على مصادر المستشرقين من اليهود ؛ ومن ضمن تلك المصادر (أنساب الاشراف ) المطبوع فى الجامعة العبرية الواقعة تحت الاحتلال اليهودى ، ومن أراءه أنكاره لشخصية عبد الله بن سبأ؛ وشكه بوجود سيدنا أبراهيم وأسماعيل رغم ذكرهما فى الكتب المقدسة
. يتبع