
-
(24) والارض بعد ذلك دحاها اخرج منها ماءها ومرعاها)
جاءت هذه الايه الكريمه في مطلع الربع الاخير من سوره النازعات, وهي سوره مكيه, تعني كغيرها من سور القران المكي بقضيه العقيده, ومن اسسها الايمان بالله, وملائكته, وكتبه ورسله, واليوم الاخر, وغالبيه الناس منشغلين عن الاخره واحوالها, والساعه واهوالها, وعن قضايا البعث, والحساب, والجنه, والنار وهي محور هذه السوره.
وتبدا السوره الكريمه بقسم من الله( تعالي) بعدد من طوائف ملائكته الكرام, وبالمهام الجسام المكلفين بها, او بعدد من اياته الكونيه المبهره, علي ان الاخره حق واقع, وان البعث والحساب امر جازم, وربنا( تبارك وتعالي) غني عن القسم لعباده, ولكن الايات القرانيه تاتي في صيغه القسم لتنبيه الناس الي خطوره الامر المقسم به, واهميته او حتميته.
ثم تعرض الايات لشيء من اهوال الاخره مثل( الراجفه والرادفه) وهما الارض والسماء وكل منهما يدمر في الاخره, او النفختان الاولي التي تميت كل حي, والثانيه التي تحيي كل ميت باذن الله, وتنتقل الايات الي وصف حال الكفار, والمشركين, والملاحده, المتشككين, العاصين لاوامر رب العالمين في ذلك اليوم الرهيب, وقلوبهم خائفه وجله, وابصارهم خاشعه ذليله, بعد ان كانوا ينكرون البعث في الدنيا, ويتساءلون عنه استبعادا له, واستهزاء به: هل في الامكان ان نبعث من جديد بعد ان تبلي الاجساد, وتنخر العظام؟ وترد الايات عليهم حاسمه قاطعه بقرار الله الخالق ان الامر بالبعث صيحه واحده فاذا بكافه الخلائق قيام يبعثون من قبورهم ليواجهوا الحساب, او كانهم حين يبعثون يظنون انهم عائدون للدنيا مره ثانيه فيفاجاون بالاخره...
وبعد ذلك تلمح الايات الي قصه موسي( عليه السلام) مع فرعون وملئه, من قبيل مواساه رسولنا( صلي الله عليه وسلم) في الشدائد التي كان يلقاها من الكفار, وتحذيرهم مما حل بفرعون وبالمكذبين من قومه من عذاب, وجعل ذلك عبره لكل عاقل يخشي الله( تعالي) ويخاف حسابه.
ثم تتوجه الايات بالخطاب الي منكري البعث من كفار قريش والي الناس عامه بسوال تقريعي توبيخي: هل خلق الناس علي ضاله احجامهم, ومحدوديه قدراتهم, واعمارهم, واماكنهم من الكون اشد من خلق السماء وبنائها, ورفعها بلا عمد مرئيه الي هذا العلو الشاهق مع ضخامه ابعادها, وتعدد اجرامها, ودقه المسافات بينها, واحكام حركاتها, وتعاظم القوي الممسكه بها؟ واظلام ليلها, واناره نهارها؟ واشد من دحو الارض, واخراج مائها ومرعاها منها بعد ذلك, وارساء الجبال عليها, وارساء الارض بها, تحقيقا لسلامتهم وامنهم علي سطح الارض, ولسلامه انعامهم ومواشيهم.
وبعد الاشاره الي بديع صنع الله في خلق السماوات والارض كدليل قاطع علي امكانيه البعث عاودت الايات الحديث عن القيامه وسمتها( بالطامه الكبري) لانها داهيه عظمي تعم باهوالها كل شيء, وتغطي علي كل مصيبه مهما عظمت, وفي ذلك اليوم يتذكر الانسان اعماله من الخير والشر, ويراه مدونا في صحيفه اعماله, وبرزت جهنم للناظرين, فراها كل انسان عيانا بيانا, وحينئذ ينقسم الناس الي شقي وسعيد, فالشقي هو الذي جاوز الحد في الكفر والعصيان, وفضل الدنيا علي الاخره, وهذا ماواه جهنم وبئس المصير, والسعيد هو الذي نهي نفسه عن اتباع هواها انطلاقا من مخافه مقامه بين يدي ربه يوم الحساب, وهذا ماواه ومصيره الي جنات النعيم باذن الله.
وتختتم السوره بخطاب الي رسول الله( صلي الله عليه وسلم) متعلق بسوال كفار قريش له عن الساعه متي قيامها؟, وترد الايات بان علمها عندالله الذي استاثر به, دون كافه خلقه, فمردها ومرجعها الي الله وحده, واما دورك ايها النبي الخاتم والرسول الخاتم فهو انذار من يخشاها, وهولاء الكفار والمشركون يوم يشاهدون قيامها فان هول المفاجاه سوف يمحو من الذاكره معيشتهم علي الارض, فيرونها كانها كانت ساعه من ليل او نهار, بمقدار عشيه او ضحاها, احتقارا للحياه الدنيا, واستهانه بشانها امام الاخره, وياتي ختام السوره متوافقا مع مطلعها الذي اقسم فيه ربنا( تبارك وتعالي) علي حقيقه البعث وحتميته, واهواله وخطورته, لزياده التاكيد علي انه اخطر حقائق الكون واهم احداثه, لكي يتم تناسق البدء مع الختام, وهذا من صفات العديد من سور القران الكريم.
وهنا يبرز التساول عن معني دحو الارض, وعلاقته باخراج مائها ومرعاها, ووضعه في مقابله مع بناء السماء ورفعها علي عظم هذا البناء وذلك الرفع كصوره واقعه لطلاقه القدره المبدعه في الخلق, وقبل التعرض لذلك لابد من استعراض الدلاله اللغويه للفظه الدحو الوارده في الايه الكريمه:
الدلاله اللغويه لدحو الارض
(الدحو) في اللغه العربيه هو المد والبسط والالقاء, يقال:( دحا) الشيء( يدحوه)( دحوا) اي بسطه ومده, او القاه ودحرجه, ويقال:( دحا) المطر الحصي عن وجه الارض اي دحرجه وجرفه, ويقال: مر الفرس( يدحو)( دحوا) اذا جر يده علي وجه الارض فيدحو ترابها و(مدحي) النعامه هو موضع بيضها, و(ادحيها) موضعها الذي تفرخ فيه.
شروح المفسرين للايه الكريمه:
في شرح الايه الكريمه:(والارض بعد ذلك دحاها) ذكر ابن كثير( يرحمه الله) مانصه: فسره بقوله تعالي( اخرج منها ماءها ومرعاها), وقد تقدم في سوره فصلت ان الارض خلقت قبل خلق السماء, ولكن انما دحيت بعد خلق السماء بمعني انه اخرج ما كان فيها بالقوه الي الفعل, عن ابن عباس( دحاها) ودحيها ان اخرج منها الماء والمرعي, وشقق فيها الانهار, وجعل فيها الجبال والرمال, والسبل والاكام, فذلك قوله:( والارض بعد ذلك دحاها)....
وذكر صاحبا تفسير الجلالين( رحمهما الله):( والارض بعد ذلك دحاها) اي بسطها ومهدها لتكون صالحه للحياه, وكانت مخلوقه قبل السماء من غير دحو.( اخرج) حال باضمار قد اي: دحاها مخرجا( منها ماءها ومرعاها) بتفجير عيونها, و(مرعاها) ماترعاه النعم من الشجر والعشب, وماياكله الناس من الاقوات والثمار, واطلاق المرعي عليه استعاره.
وذكر صاحب الظلال( يرحمه الله): ودحو الارض تمهيدها وبسط قشرتها, بحيث تصبح صالحه للسير عليها, وتكوين تربه تصلح للانبات,..., والله اخرج من الارض ماءها سواء مايتفجر من الينابيع, او ماينزل من السماء فهو اصلا من مائها الذي تبخر ثم نزل في صوره مطر; واخرج من الارض مرعاها, وهو النبات الذي ياكله الناس والانعام, وتعيش عليه الاحياء مباشره او بالواسطه..
وجاء في( صفوه البيان لمعاني القران):' ودحا الارض بمعني بسطها واوسعها, بعد ذكر ذلك الذي ذكره من بناء السماء, ورفع سمكها, وتسويتها, واغطاش ليلها, واظهار نهارها, وقد بين الله الدحو بقوله:( اخرج منها ماءها) بتفجير العيون, واجراء الانهار والبحار العظام.( ومرعاها) اي جميع مايقتات به الناس والدواب بقرينه قوله بعد:( متاعا لكم ولانعامكم)........ واخبرنا بعد ذلك بانه هو الذي بسط الارض, ومهدها لسكني اهلها ومعيشتهم فيها: وقدم الخبر الاول لانه ادل علي القدره الباهره لعظم السماء, وانطوائها علي الاعاجيب التي تحار فيها العقول. فبعديه الدحو انما هي في الذكر لا في الايجاد, وبجعل المشار اليه هو ذكر المذكورات من البناء وما عطف عليها لا انفسها, لايكون في الايه دليل علي تاخر الدحو عن خلق السماوات وما فيها.....'.
وجاء في( صفوه التفاسير):( والارض بعد ذلك دحاها) اي والارض بعد خلق السماء بسطها ومهدها لسكني اهلها( اخرج منها ماءها ومرعاها) اي اخرج من الارض عيون الماء المتفجره, واجري فيها الانهار, وانبت فيها الكلا والمرعي مما ياكله الناس والانعام'.
وجاء في( المنتخب في تفسير القران الكريم):' والارض بعد ذلك بسطها ومهدها لسكني اهلها, واخرج منها ماءها بتفجير عيونها, واجراء انهارها, وانبات نباتها ليقتات به الناس والدواب..
وهذا الاستعراض يدل علي ان المفسرين السابقين يجمعون علي ان من معاني دحو الارض هو اخراج الماء والمرعي من داخلها, علي هيئه العيون وانبات النبات.
دحو الارض في العلوم الكونيه
اولا: اخراج كل ماء الارض من جوفها:
كوكب الارض هو اغني كواكب مجموعتنا الشمسيه في المياه, ولذلك يطلق عليه اسم( الكوكب المائي) او( الكوكب الازرق) وتغطي المياه نحو71% من مساحه الارض, بينما تشغل اليابسه نحو29% فقط من مساحه سطحها, وتقدر كميه المياه علي سطح الارض بنحو1360 مليون كيلومتر مكعب(1.36*910); وقد حار العلماء منذ القدم في تفسير كيفيه تجمع هذا الكم الهائل من المياه علي سطح الارض, من اين اتي؟ وكيف نشا؟
وقد وضعت نظريات عديده لتفسير نشاه الغلاف المائي للارض, تقترح احداها نشاه ماء الارض في المراحل الاولي من خلق الارض, وذلك بتفاعل كل من غازي الايدروجين والاوكسيجين في حالتهما الذريه في الغلاف الغازي المحيط بالارض, وتقترح ثانيه ان ماء الارض اصله من جليد المذنبات, وتري ثالثه ان كل ماء الارض قد اخرج اصلا من داخل الارض.والشواهد العديده التي تجمعت لدي العلماء توكد ان كل ماء الارض قد اخرج اصلا من جوفها, ولايزال خروجه مستمرا من داخل الارض عبر الثورات البركانيه.
ثانيا: اخراج الغلاف الغازي للارض من جوفها:
بتحليل الابخره المتصاعده من فوهات البراكين في اماكن مختلفه من الارض اتضح ان بخار الماء تصل نسبته الي اكثر من70% من مجموع تلك الغازات والابخره البركانيه, بينما يتكون الباقي من اخلاط مختلفه من الغازات التي ترتب حسب نسبه كل منها علي النحو التالي: ثاني اكسيد الكربون, الايدروجين, ابخره حمض الايدروكلوريك( حمض الكلور), النيتروجين, فلوريد الايدروجين, ثاني اكسيد الكبريت, كبريتيد الايدروجين, غازات الميثان والامونيا وغيرها.
ويصعب تقدير كميه المياه المندفعه علي هيئه بخار الماء الي الغلاف الغازي للارض من فوهات البراكين الثائره, علما بان هناك نحو عشرين ثوره بركانيه عارمه في المتوسط تحدث في خلال حياه كل فرد منا, ولكن مع التسليم بان الثورات البركانيه في بدء خلق الارض كانت اشد تكرارا وعنفا من معدلاتها الراهنه, فان الحسابات التي اجريت بضرب متوسط ماتنتجه الثوره البركانيه الواحده من بخار الماء من فوهه واحده, في متوسط مرات ثورانها في عمر البركان, في عدد الفوهات والشقوق البركانيه النشيطه والخامده الموجوده اليوم علي سطح الارض اعطت رقما قريبا جدا من الرقم المحسوب بكميه المياه علي سطح الارض.
ثالثا: الصهاره الصخريه في نطاق الضعف الارضي هي مصدر مياه وغازات الارض:
ثبت اخيرا ان المياه تحت سطح الارض توجد علي اعماق تفوق كثيرا جميع التقديرات السابقه, كما ثبت ان بعض مياه البحار والمحيطات تتحرك مع رسوبيات قيعانها الزاحفه الي داخل الغلاف الصخري للارض بتحرك تلك القيعان تحت كتل القارات, ويتسرب الماء الي داخل الغلاف الصخري للارض. عبر شبكه هائله من الصدوع والشقوق التي تمزق ذلك الغلاف في مختلف الاتجاهات, وتحيط بالارض احاطه كامله بعمق يتراوح بين150,65 كيلومترا.
ويبدو ان الصهاره الصخريه في نطاق الضعف الارضي هي مصدر رئيسي للمياه الارضيه, وتلعب دورا مهما في حركه المياه من داخل الارض الي السطح وبالعكس, وذلك لانه لولا امتصاصها للمياه ماانخفضت درجه حراره انصهار الصخور, وهي اذا لم تنصهر لتوقفت ديناميكيه الارض, بما في ذلك الثورات البركانيه, وقد ثبت انها المصدر الرئيسي للغلاف المائي والغازي للارض.
وعلي ذلك فقد اصبح من المقبول عند علماء الارض ان النشاط البركاني الذي صاحب تكوين الغلاف الصخري للارض في بدء خلقها هو المسئول عن تكون كل من غلافيها المائي والغازي, ولاتزال ثورات البراكين تلعب دورا مهما في اثراء الارض بالمياه, وفي تغيير التركيب الكيميائي لغلافها الغازي وهو المقصود بدحو الارض.
وذلك نابع من حقيقه ان الماء هو السائل الغالب في الصهارات الصخريه علي الرغم من ان نسبته المئويه الي كتله الصهاره قليله بصفه عامه, ولكن نسبه عدد جزيئات الماء الي عدد جزيئات ماده الصهاره تصل الي نحو15%, وعندما تتبرد الصهاره الصخريه تبدا مركباتها في التبلور بالتدريج, وتتضاغط الغازات الموجوده فيها الي حجم اقل, وتتزايد ضغوطها حتي تفجر الغلاف الصخري للارض بقوه تصل الي مائه مليون طن, فتشق ذلك الغلاف وتبدا الغازات في التمدد, والانفلات من الذوبان في الصهاره الصخريه, ويندفع كل من بخار الماء والغازات المصاحبه له والصهاره الصخريه الي خارج فوهه البركان او الشقوق المتصاعده منها, مرتفعه الي عده كيلومترات لتصل الي كل اجزاء نطاق التغيرات المناخيه(8 18 كيلومترا فوق مستوي سطح البحر), وقد تصل هذه النواتج البركانيه في بعض الثورات البركانيه العنيفه الي نطاق التطبق(30 80 كيلومترا فوق مستوي سطح البحر وغالبيه ماده السحاب الحار الذي تتراوح درجه حرارته بين500,250 درجه مئويه يعاود الهبوط الي الارض بسرعات تصل الي200 كيلومتر في الساعه لان كثافته اعلي من كثافه الغلاف الغازي للارض.
والماء المتكثف من هذا السحاب البركاني الحار الذي يقطر مطرا من بين ذرات الرماد التي تبقي عالقه بالغلاف الغازي للارض لفترات طويله يجرف معه كميات هائله من الرماد والحصي البركاني مكونا تدفقا للطين البركاني الحار علي سطح الارض في صوره من صور الدحو.
ومنذ ايام ثار بركان في احدي جزر الفلبين فغمرت المياه المتكونه اثناء ثورته قريه مجاوره اهله بالسكان بالكامل.
وقد يصاحب الثورات البركانيه خروج عدد من الينابيع, والنافورات الحاره وهي ثورات دوريه للمياه والابخره شديده الحراره تندفع الي خارج الارض بفعل الطاقه الحراريه العاليه المخزونه في اعماق القشره الارضيه.
ويعتقد علماء الارض ان وشاح كوكبنا كان في بدء خلقه منصهرا انصهارا كاملا او جزئيا, وكانت هذه الصهاره هي المصدر الرئيسي لبخار الماء وعدد من الغازات التي اندفعت من داخل الارض, وقد لعبت هذه الابخره والغازات التي تصاعدت عبر كل من فوهات البراكين وشقوق الارض ولا تزال تلعب دورا مهما في تكوين واثراء كل من الغلافين المائي والغازي للارض وهو المقصود بالدحو.
رابعا: دوره الماء حول الارض:
شاءت اراده الخالق العظيم ان يسكن في الارض هذا القدر الهائل من الماء, الذي يكفي جميع متطلبات الحياه علي هذا الكوكب, ويحفظ التوازن الحراري علي سطحه, كما يقلل من فروق درجه الحراره بين كل من الصيف والشتاء صونا للحياه بمختلف اشكالها ومستوياتها.
وهذا القدر الذي يكون الغلاف المائي للارض موزونا بدقه بالغه, فلو زاد قليلا لغطي كل سطحها, ولو قل قليلا لقصر دون الوفاء بمتطلبات الحياه عليها.
ولكي يحفظ ربنا( تبارك وتعالي) هذا الماء من التعفن والفساد, حركه في دوره معجزه تعرف باسم دوره المياه الارضيه تحمل في كل سنه380,000 كيلو متر مكعب من الماء بين الارض وغلافها الغازي, ولما كانت نسبه بخار الماء في الغلاف الغازي للارض ثابته, فان معدل سقوط الامطار سنويا علي الارض يبقي مساويا لمعدل البخر من علي سطحها, وان تباينت اماكن وكميات السقوط في كل منطقه حسب الاراده الالهيه, ويبلغ متوسط سقوط الامطار علي الارض اليوم85,7 سنتيمتر مكعب في السنه, ويتراوح بين11,45 متر مكعب في جزر هاواي وصفر في كثير من صحاري الارض. وصدق رسول الله( صلي الله عليه وسلم) اذ قال: ما من عام بامطر من عام.
واذ قال:... من قال امطرنا بنوء كذا او نوء كذا فقد كفر; ومن قال امطرنا برحمه من الله وفضل فقد امن.
وتبخر اشعه الشمس من اسطح البحار والمحيطات320,000 كيلو متر مكعب من الماء في كل عام واغلب هذا التبخر من المناطق الاستوائيه حيث تصل درجه الحراره في المتوسط الي25 درجه مئويه, بينما تسقط علي البحار والمحيطات سنويا من مياه المطر284,000 كيلو مترا مكعبا, ولما كان منسوب المياه في البحار والمحيطات يبقي ثابتا في زماننا فان الفرق بين كميه البخر من اسطح البحار والمحيطات وكميه ما يسقط عليها من مطر لابد وان يفيض اليها من القارات.
وبالفعل فان البخر من اسطح القارات يقدر بستين الف كيلو متر مكعب بينما يسقط عليها سنويا سته وتسعون الفا من الكيلو مترات المكعبه من ماء المطر والفارق بين الرقمين بالايجاب هو نفس الفارق بين كميه البخر وكميه المطر في البحار والمحيطات(36,000 كيلو متر مكعب) فسبحان الذي ضبط دوره المياه حول الارض بهذه الدقه الفائقه.
ويتم البخر علي اليابسه من اسطح البحيرات والمستنقعات, والبرك, والانهار, وغيرها من المجاري المائيه, ومن اسطح تجمعات الجليد, وبطريقه غير مباشره من اسطح المياه تحت سطح الارض, ومن عمليات تنفس وعرق الحيوانات, ونتح النباتات, ومن فوهات البراكين.
ولما كان متوسط ارتفاع اليابسه هو823 مترا فوق مستوي سطح البحر, ومتوسط عمق المحيطات3800 مترا تحت مستوي سطح البحر, فان ماء المطر الذي يفيض سنويا من اليابسه الي البحار والمحيطات( ويقدر بسته وثلاثين الفا من الكيلومترات المكعبه) ينحدر مولدا طاقه ميكانيكيه هائله تفتت صخور الارض وتتكون منها الرسوبيات والصخور الرسوبيه بما يتركز فيها من ثروات ارضيه, ومكونه التربه الزراعيه اللازمه لانبات الارض, ولو انفقت البشريه كل ما تملك من ثروات ماديه ما استطاعت ان تدفع قيمه هذه الطاقه التي سخرها لنا ربنا من اجل تهيئه الارض لكي تكون صالحه للعمران...!!!.
خامسا: توزيع الماء علي سطح الارض:
تقدر كميه المياه علي سطح الارض بنحو1360 مليون كيلو متر مكعب, اغلبها علي هيئه ماء مالح في البحار والمحيطات(97,20%), بينما يتجمع الباقي(2,8%) علي هيئه الماء العذب باشكاله الثلاثه الصلبه, والسائله, والغازيه; منها(2,15% من مجموع مياه الارض) علي هيئه سمك هائل من الجليد يغطي المنطقتين القطبيتين الجنوبيه والشماليه بسمك يقترب من الاربعه كيلو مترات, كما يغطي جميع القمم الجبليه العاليه, والباقي يقدر بنحو0.65% فقط من مجموع مياه الارض يختزن اغلبه في صخور القشره الارضيه علي هيئه مياه تحت سطح الارض, تليه في الكثره النسبيه مياه البحيرات العذبه, ثم رطوبه التربه الارضيه, ثم رطوبه الغلاف الغازي للارض, ثم المياه الجاريه في الانهار وتفرعاتها.
وحينما يرتفع بخار الماء من الارض الي غلافها الغازي فان اغلبه يتكثف في نطاق الرجع( نطاق الطقس او نطاق التغيرات المناخيه) الذي يمتد من سطح البحر الي ارتفاع يتراوح بين16 و17 كيلو مترا فوق خط الاستواء, وبين6 و8 كيلو مترات فوق القطبين, ويختلف سمكه فوق خطوط العرض الوسطي باختلاف ظروفها الجويه, فينكمش الي ما هو دون السبعه كيلو مترات في مناطق الضغط المنخفض ويمتد الي نحو الثلاثه عشر كيلو مترا في مناطق الضغط المرتفع, وعندما تتحرك كتل الهواء الحار في نطاق الرجع من المناطق الاستوائيه في اتجاه القطبين فانها تضطرب فوق خطوط العرض الوسطي فتزداد سرعه الهواء في اتجاه الشرق متاثرا باتجاه دوران الارض حول محورها من الغرب الي الشرق.
ويضم هذا النطاق66% من كتله الغلاف الغازي للارض, وتتناقص درجه الحراره والضغط فيه باستمرار مع الارتفاع حتي تصل الي نحو60 درجه مئويه تحت الصفر والي عشر الضغط الجوي العادي عند سطح البحر في قمته المعروفه باسم مستوي الركود الجوي وذلك لتناقص الضغط بشكل ملحوظ عنده.
ونظرا لهذا الانخفاض الملحوظ في كل من درجه الحراره والضغط الجوي, والي الوفره النسبيه لنوي التكثف في هذا النطاق فان بخار الماء الصاعد من الارض يتمدد تمددا ملحوظا مما يزيد في فقدانه لطاقته, وتبرده تبردا شديدا ويساعد علي تكثفه وعودته الي الارض مطرا او بردا او ثلجا, وبدرجه اقل علي هيئه ضباب وندي في المناطق القريبه من الارض.
سادسا: دحو الارض معناه اخراج غلافيها المائي والغازي من جوفها:
ثبت ان كل ماء الارض قد اخرجه ربنا( تبارك وتعالي) من داخل الارض عن طريق الانشطه البركانيه المختلفه المصاحبه لتحرك الواح الغلاف الصخري للارض.
كذلك فان ثاني اكثر الغازات اندفاعا من فوهات البراكين هو ثاني اكسيد الكربون, وهو لازمه من لوازم عمليه التمثيل الضوئي التي تقوم بتنفيذها النباتات الخضراء مستخدمه هذا الغاز مع الماء وعددا من عناصر الارض لبناء خلايا النبات وانسجته, وزهوره, وثماره, ومن هنا عبر القران الكريم عن اخراج هذا الغاز المهم وغيره من الغازات اللازمه لانبات الارض من باطن الارض تعبيرا مجازيا باخراج المرعي, لانه لولا ثاني اكسيد الكربون ما انبتت الارض, ولا كستها الخضره.
سابعا: من معجزات القران الاشاره الي تلك الحقائق العلميه بلغه سهله جزله:
علي عاده القران الكريم فانه عبر عن تلك الحقائق الكونيه المتضمنه اخراج كل من الغلافين المائي والغازي للارض من داخل الارض باسلوب لا يفزغ العقليه البدويه في صحراء الجزيره العربيه وقت تنزله, فقال( عز من قائل):
والارض بعد ذلك دحاها اخرج منها ماءها ومرعاها والعرب في قلب الجزيره العربيه كانوا يرون الارض تتفجر منها عيون الماء, ويرون الارض تكسي بالعشب الاخضر بمجرد سقوط المطر, ففهموا هذا المعني الصحيح الجميل من هاتين الايتين الكريمتين, ثم ناتي نحن اليوم فنري في نفس الايتين رويه جديده مفادها ان الله( تعالي) يمن علي الارض واهلها وعلي جميع من يحيا علي سطحها انه( سبحانه) قد هياها لهذا العمران باخراج كل من اغلفتها الصخريه والمائيه والغازيه من جوفها حيث تصل درجات الحراره الي الاف الدرجات المئويه مما يشهد لله الخالق بطلاقه القدره, وببديع الصنعه, وبكمال العلم, وتمام الحكمه, كما يشهد للنبي الخاتم والرسول الخاتم الذي تلقي هذا الوحي الخاتم بانه( صلي الله عليه وسلم) كان موصولا بالوحي, ومعلما من قبل خالق السموات والارض, فلم يكن لاحد من الخلق وقت تنزل القران الكريم ولا لقرون متطاوله من بعده المام بحقيقه ان كل ماء الارض, وكل هواء الارض قد اخرجه ربنا( تبارك وتعالي) من داخل الارض, وهي حقيقه لم يدركها الانسان الا في العقود المتاخره من القرن العشرين فسبحان منزل القران من قبل اربعه عشر قرنا ووصفه بقوله الكريم:
قل انزله الذي يعلم السر في السماوات والارض انه كان غفورا رحيما( الفرقان:6)
وصلي الله وسلم وبارك علي رسولنا الامين الذي تلقي هذا الوحي الرباني فبلغ الرساله, وادي الامانه, ونصح الامه وجاهد في سبيل الله حتي اتاه اليقين, والذي وصفه ربنا( سبحانه وتعالي) بقوله الكريم:
لكن الله يشهد بما انزل اليك انزله بعلمه والملائكه يشهدون وكفي بالله شهيدا( النساء:166)
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 2 (0 من الأعضاء و 2 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة طالب عفو ربي في المنتدى منتديات الدكتور / زغلول النجار
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 26-12-2009, 01:11 PM
-
بواسطة طالب عفو ربي في المنتدى منتديات الدكتور / زغلول النجار
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 26-12-2009, 01:10 PM
-
بواسطة طالب عفو ربي في المنتدى منتديات الدكتور / زغلول النجار
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 26-12-2009, 01:08 PM
-
بواسطة طالب عفو ربي في المنتدى منتديات الدكتور / زغلول النجار
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 26-12-2009, 01:07 PM
-
بواسطة طالب عفو ربي في المنتدى منتديات الدكتور / زغلول النجار
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 20-12-2009, 10:48 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات