قرأت جوابا مكل
الجواب

يتحدث القرآن الكريم عن مريم أم المسيح ـ عليهما السلام ـ باسم ( أخت هارون ) ، وذلك فى سورة مريم ، فيقول مخاطباً إياها فى الآية 28 : ( يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغياً ) وليس لهذه التسمية ذكر فى الإنجيل ..

بل الثابت ـ فى القرآن والأناجيل ـ أن مريم هى ابنة عمران ( ومريم ابنة عمران التى أحصنت فرجها ) [ التحريم 28] ..

وعمران هذا هو من نسل داود ـ عليه السلام ـ أى من سبط ونسل يهوذا ، وليس من سبط ونسل هارون ( سبط اللاويين ) .. فكيف دعاها القرآن ( أخت هارون ) ؟ ..

هذا هو التساؤل والاعتراض الذى يورده البعض شبهة على القرآن الكريم ..

والحقيقة ، التى تُفهم من السياق القرآنى ، أن تسمية مريم بـ ( أخت هارون ) ، ليست تسمية قرآنية ، وإنما هى حكاية لما قاله قومها لها ، وما خاطبوها ونادوها به عندما حملت بعيسى عليه السلام ، عندما استنكروا ذلك الحمل ، واتهموها فى عرضها وشرفها وعفافها .. فقالوا لها : ( يا مريم لقد جئت شيئاً فرياً . يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغياً ) [ مريم : 27 ، 28 ] ..

فلماذا نسبها قومها إلى هارون ؟

يختلف المفسرون فى التعليل .. فمنهم من يقول : إن هارون ـ المشار إليه ـ كان رجلاً فاسقاً ، اشتهر فسقه ، فنسبها قومها إليه ، إعلاناً عن إدانتهم لها ..

ومن المفسرين من يقولون : إن هارون هذا كان رجلاً صالحاً مشهوراً بالصلاح والعفة .. فنسبها قومها إليه سخرية منها ، وتهكماً عليها ، وتعريضاً بما فعلت ، واستهزاء بدعواها الصلاح والتقوى والتبتل فى العبادة ، بينما هى ـ فى زعمهم ـ قد حملت سفاحاً .

وقيل : إنه كان لها أخ من أبيها اسمه هارون ، وكان من عباد وصلحاء بنى إسرائيل ، فنسبوها إليه .. واسم هارون من الأسماء الشائعة فى بنى إسرائيل .. [ انظر فى ذلك قصص الأنبياء ص 383 ، 284 ، والقرطبى ج 11 ص 100 ، 101 ، والكشاف ج 2 ص 508 ] ..

والشاهد من كل ذلك أن هذه التسمية لمريم بـ ( أخت هارن ) ليست خبراً قرآنياً ، وإنما هى حكاية من القرآن الكريم لما قاله قومها .. وهذه الاحتمالات التى ذكرها المفسرون تعليلاً لهذه التسمية هى اجتهادات مستندة إلى تراث من التاريخ والقصص والمأثورات .