عم الصمت لبرهة ثم طلت علي عجوز من بينهن لقد كانت Colette و لأنها كانت قصيرة القامة لم أستطع رؤيتها .ضمتني إليها وقالت:
لا تبكي يا صغيرتي, ومسحت لي دموعي وأضافت :أنا بخير

كنت مندهشة من كل هذه النسوة ماذا يفعلن هنا,تذكرت Françoise وسألتها:

- هل Françoise بخير؟؟

- إنها بخير لا تقلقي,انتظريني قليلا هنا وسنتحدث

كانت كل مرة تكلم واحدة منهن وهي تمسك بأيديهن وهن يبكين مفجوعات,أنا كنت واقفة من بعيد أرقبهن وأرى دموع Colette التي لم تتوقف....لم أفهم ماذا يحصل واكتفيت بالمشاهدة.

بعد أكثر من نصف ساعة انتظار جاءتني Colette وأخذتني من يدي وأدخلتني الصالون وسألتها ماذا حدث؟

تنهدت وقالت: سأرحل بعد غد إلى فرنسا ودون عودة !!

استغربت جدا :- لكن لماذا؟

-هذه أوامر وعلينا تنفيذها و بدأت تبكي وهي تقول:

-أنا عشت هنا,أصدقائي هنا,أنتم أهلي أنا أحب هذا المكان ففيه عشت وفيه أريد أن أبقى وأموت,أنا اعتبر نفسي جزائرية لا فرنسية كيف أستطيع أن اترك هذا المكان كيف أتترككم انتم أهلي و أحبائي...
كانت تنظر إلى الجدران بحزن عميق وهي تمسك بيدي,لم أستطع أن أقول شيئا لأنني لم أعرف ماذا يجب أن أقول!!,لكنها أكملت:

-كل هؤلاء جئن من اجلي إنهن أهلي و صديقاتي

-أنا لم أكن اعلم, لقد جئت صدفة

-لست أنا فقط حتى Françoise يجب أن ترحل أيضا

-لكن إلى أين؟

-أنا سأذهب إلى مدينة نونسي Nancy هناك ملجأ أيتام أين سأعمل

كانت الدهشة بادية على وجهي فهل يعقل بعد كل هذه التضحية ترمى في ملجأ للأيتام!!!

وأكملت :-هناك,توجد أعمال كثيرة يلزمنا القيام بها,غسل الأواني و التنظيف و أشياء كثيرة
ثم سكتت وكانت تنظر إلى الأرض والدموع في عينيها......

والله أشفقت عليها كثيرا ,هل يعقل أنها ستعمل كمنظفة في دير!!وفي هذا السن؟؟لا حول ولا قوة إلا بالله وفوق هذا ستدخل إلى جهنم...!!!

أردت التخفيف عنها,مسحت دموعها وقلت لها أنني أحبها والحق قلته لها فقد كانت عزيزة على نفسي والله شاهد على ما أقول.

ردت علي بلطف بالغ :-أنا أيضا يا صغيرتي,فأنت جد مهذبة

-أرجو أن لا تكرهي المسلمين وتظني بأنهم سيئين

-من قال أني أكرهكم؟

-لا ادري,لكنني أعرف أننا نختلف أقصد في الديانة و..

-أنا عشت بين المسلمين وأنا احترمهم و أحبهم

في هذه اللحظات دخلت زوجة عومار ومعها امرأة أخرى,استأذنت Colette في الرحيل ووعدتها أن أزورها في الغد قبل رحيلها

أخذتني من يدي لتوصلني إلى الباب وأنا انظر لزوجة عومار التي كانت تبكي حتى أن عيناها أصبحتا حمراوين.توقفت Colette قليلا وأشارت إلى زوجة عومار وواحدة معها وقالت :هؤلاء صديقاتي وهن مسيحيات,والكثيرين من المسيحيين يعيشون هنا بسلام معكم مع أنكم المسلمين.

أيعقل زوجة عومار مسيحية؟إذن زوجها بالتأكيد مسيحي هو الآخر,وأنا أقول لماذا يخدمون الكنيسة؟!! آآآآآه لقد بدأت افهم.

شعرت بفرحة في داخلي فالإسلام لا يفخر بهما,لكن زوجته تضع الحجاب؟؟كيف ذلك؟هل يعقل لمسيحية أن تتحجب؟؟!

يتبع...........