بسم الله الرحمن الرحيم
روى البخاري في صحيحه
"حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثنا إبراهيم عن صالح عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال
قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على الله بما هو أهله ثم ذكر الدجال فقال إني لأنذركموه وما من نبي إلا وقد أنذره قومه ولكني سأقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه إنه أعور وإن الله ليس بأعور "
قال ابن حجر في كتابه "فتح الباري"
"قَوْله ( وَمَا مِنْ نَبِيّ إِلَّا وَقَدْ أَنْذَرَهُ قَوْمه )
زَادَ فِي رِوَايَة مَعْمَر " لَقَدْ أَنْذَرَهُ نُوح قَوْمه " وَفِي حَدِيث أَبِي عُبَيْدَة بْن الْجَرَّاح عِنْد أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ وَحَسَّنَهُ " لَمْ يَكُنْ نَبِيّ بَعْدَ نُوح إِلَّا وَقَدْ أَنْذَرَ قَوْمه الدَّجَّال " وَعِنْدَ أَحْمَد " لَقَدْ أَنْذَرَهُ نُوحَ أُمَّته وَالنَّبِيُّونَ مِنْ بَعْدِهِ " أَخْرَجَهُ مِنْ وَجْه آخَرَ عَنْ اِبْن عُمَر , وَقَدْ اِسْتَشْكَلَ إِنْذَار نُوح قَوْمه بِالدَّجَّالِ مَعَ أَنَّ الْأَحَادِيث قَدْ ثَبَتَتْ أَنَّهُ يَخْرُج بَعْدَ أُمُور ذُكِرَتْ , وَأَنَّ عِيسَى يَقْتُلهُ بَعْدَ أَنْ يَنْزِل مِنْ السَّمَاء فَيَحْكُم بِالشَّرِيعَةِ الْمُحَمَّدِيَّة , وَالْجَوَاب أَنَّهُ كَانَ وَقْت خُرُوجه أَخْفَى عَلَى نُوح وَمَنْ بَعْدَهُ فَكَأَنَّهُمْ أُنْذِرُوا بِهِ وَلَمْ يَذْكُر لَهُمْ وَقْت خُرُوجه فَحَذَّرُوا قَوْمهمْ مِنْ فِتْنَته , وَيُؤَيِّدهُ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْض طُرُقه " إِنْ يَخْرُج وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجه " فَإِنَّهُ مَحْمُول عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَتَبَيَّن لَهُ وَقْت خُرُوجه وَعَلَامَاته , فَكَانَ يَجُوز أَنْ يَخْرُج فِي حَيَاته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ بَيَّنَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَاله وَوَقْت خُرُوجه فَأَخْبَرَ بِهِ , فَبِذَلِكَ تَجْتَمِع الْأَخْبَار . وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ إِنْذَار الْأَنْبِيَاء قَوْمهمْ بِأَمْرِ الدَّجَّال تَحْذِير مِنْ الْفِتَن وَطُمَأْنِينَة لَهَا حَتَّى لَا يُزَعْزِعهَا عَنْ حُسْن الِاعْتِقَاد , وَكَذَلِكَ تَقْرِيب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ زِيَادَة فِي التَّحْذِير , وَأَشَارَ مَعَ ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُمْ إِذَا كَانُوا عَلَى الْإِيمَان ثَابِتِينَ دَفَعُوا الشُّبَه بِالْيَقِينِ .
قَوْله ( وَلَكِنِّي سَأَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلًا لَمْ يَقُلْهُ نَبِيّ لِقَوْمِهِ )
قِيلَ إِنَّ السِّرّ فِي اِخْتِصَاص النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّنْبِيهِ الْمَذْكُور , مَعَ أَنَّهُ أَوْضَحَ الْأَدِلَّة فِي تَكْذِيب الدَّجَّال أَنَّ الدَّجَّال إِنَّمَا يَخْرُج فِي أُمَّته دُونَ غَيْرهَا مِمَّنْ تَقَدَّمَ مِنْ الْأُمَم , وَدَلَّ الْخَبَر عَلَى أَنَّ عِلْم كَوْنه يَخْتَصّ خُرُوجه بِهَذِهِ الْأُمَّة كَانَ طُوِيَ عَنْ غَيْر هَذِهِ الْأُمَّة كَمَا طُوِيَ عَنْ الْجَمِيع عِلْم وَقْت قِيَام السَّاعَة .
قَوْله ( أَنَّهُ أَعْوَر وَأَنَّ اللَّه لَيْسَ بِأَعْوَرَ )
إِنَّمَا اِقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ مَعَ أَنَّ أَدِلَّة الْحُدُوث فِي الدَّجَّال ظَاهِرَة لِكَوْنِ الْعَوَر أَثَر مَحْسُوس يُدْرِكهُ الْعَالِم وَالْعَامِّيّ وَمَنْ لَا يَهْتَدِي إِلَى الْأَدِلَّة الْعَقْلِيَّة , فَإِذَا اِدَّعَى الرُّبُوبِيَّة وَهُوَ نَاقِص الْخِلْقَة وَالْإِلَه يَتَعَالَى عَنْ النَّقْص عُلِمَ أَنَّهُ كَاذِب (اي الدجال)" انتهى قوله
والله الهادي الى سواء السبيل









المفضلات