فقد جمع الهدي العلمي النبوي جوامع القوة في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، وابن
ماجة في سننه، والإمام احمد في مسنده، حيث قال صلى الله عليه وسلم: "المؤمن القوي خير
وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز،
وان أصابك شئ فلا تقل لو أنى فعلت كذا كان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح
عمل الشيطان" صدق المصطفى صلى الله عليه وسلم.
وفي هذا الحديث دعوة عملية إلى حماية المسلم من الضعف، والتحلي بالقوة، ويراد بالقوة في هذا
الهدي العلمي النبوي، قوة البدن وحمايته من العلل والأمراض، والمهلكات، بالبعد عن الخبائث
المهلكة للبدن، كالخمر، والحشيش، والأفيون، والهيروين، وأكل لحم الخنزير، والدم، والميتة،
والزنا، والشذوذ الجنسي، وتدخين التبغ، أو التتن، والتمسك بما يقوي البدن من الطيبات
والرياضات. وفي الحديث دعوة إلى القوة النفسية، بالبعد عن التكالب على الدنيا، وعدم التطلع إلى
نعم الله على عباده، والتمسك بأشياء مهلكة، وعدم شكر الله على ما أنعم على العبد، فالقوة الجسمية
دون القوة النفسية هلاك، ودمار للفرد.

"إن قارون كان من قوم موسى، فبغى عليهم، وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة
أولي القوة، إذ قال له قومه لا تفرح، إن الله لا يحب الفرحين، وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا
تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض، إن الله لا يحب
المفسدين، قال إنما أوتيته على علم عندي، أو لم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو
أشد منه قوة، واكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون. فخرج على قومه في زينته، قال الذين
يريدون الحياة الدنيا ياليت لنا مثل ما أوتي قارون، انه لذو حظ عظيم، قال الذين أوتوا العلم ، ويلكم
ثواب الله خير لمن آمن، وعمل صالحا، ولا يلقاها إلا الصابرون، فخسفنا به، وبداره الأرض، فما كان
له من فئة ينصرونه من دون الله، وما كان من المنتصرين، وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس
يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ، ويكأنه
لا يفلح الكافرون، تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة
للمتقين" ( القصص 76-83 ).
فالقوة الإسلامية قوة رشيدة، قوة موحدة، قوة محكومة، بقانون الله، وشرعه، وهي بهذا المعنى،
قوة ذات منزله رفيعة ومكانة سامية، فهي طريق القيام بواجب العبودية لله والاستخلاف في الأرض،
وهي طريق التزام المسلمين بدينهم، وعمارتهم للكون، وسيادة عقيدة التوحيد، وحتى لا تكون
فتنة، ويكون الدين كله لله.
وحتى نصل أخي المسلم إلى القوة الراشدة، القوة المؤمنة القوة غير الطائشة، علينا بالتجرد من كل
حول وقوة إلا حول الله وقوته، وعدم شعورنا بالضعف والعجز لأن الشعور بالضعف، والعجز
يجعلنا كحسدة قارون نتمنى ما يضرنا ولا ينفعنا.
فهل عمل المسلمون بالهدي العلمي النبوي، واصبحوا أقوياء؟
هل نحن أقوياء في أبداننا أم تملكت العلل في أجسادنا؟
هل نحن أقوياء في نفوسنا؟ أن ملأ الحقد وعششت الكراهية في صدورنا؟
اللهم اجعل خير أعمالنا خواتمها وخير أيامنا يوم نلقاك.
بحث قيم _
بارك الله فيك اخى الفاضل ...
تقبل مرورى
المفضلات