نختم هذا البحث باستخلاص الوسائل لتطوير اللغة، ومسخها، وإنهائها، والتي نعدها معارك للخلاص منها، وكلها تصدر عن نبع واحد، بدأ مع الاحتلال عن طريق المبشرين والمستشرقين والمستغربين وبعض المفتونين من أبناء الأمة، وقل في بعض منهم حسن النوايا، ثم بداية ما يترتب على هذه المعاول الموجهة في شكل التطوير والتهذيب والتجديد.
ويلي هذا تعقيب عليه باقتراح الوسائل التي تساعد في تقوية اللغة وتمكينها من أداء دورها، وإقبال أبنائها على تعلمها والإقبال عليها:
أ- صورة المعاول الموجهة إلى اللغة
1- إلغاء قواعد النحو والصرف والخط
2- استعمال العامية في كتب التعليم والعلوم والصحافة ووسائل الإعلام
3- وضع معجم لكل بلد عربي يتضمن لهجته
4- إهمال النصوص القديمة والعناية بالأدب الحديث
5- انفراد كل بلد عربي باستعمال مصطلحات خاصة
6- تبني بعض المعاهد والجامعات دراسة اللهجات العامية والدعوة إليها
7- مهاجمة الفصحى في المؤتمرات ووسائل الإعلام
8- نشر فكرة أن اللغة العربية صعبة
9- الدعوة إلى الكتابة بالحروف اللاتينية
10- الدعوة إلى إلغاء الضبط التشكيلي وتسكين أواخر الكلمات دائمًا
11- الدعوة إلى إلغاء علامات التثنية ونون النسوة وتوحيد صورة الهمزة والألف
12- قبول مبدأ التطوير مبدئيًّا؛ لأنه لا يقف عند حد بل يشبعه ما وراءه
13- التحلل من كل ما صان اللغة خلال خمسة عشر قرنًا

ب- ماذا تنطوي عليه هذه المعاول؟!
1- هي دعوة إلى النزعات الانفصالية لتفكيك الأمة وتخديرها
2- مرحلة للتفكيك السياسي يرمي إليه المستعمر وهو وراء ذلك كله
3- تفريغ المجتمعات العربية لتتلقى ثقافة الأجنبي ولغته
4- هي دعوة ضمن دعوات جامعة البحر المتوسط موافقةً لدعوة فرنسا لذلك، وتعود الآن باسم
لشرق أوسطية والكيان الصهيوني
5- وراءها الاستعمار الثقافي والصهيوني والتغريب
6- هدم أقوى الروابط بين الأمة وداخل القطر الواحد
7- تمزيق الصف العربي والإسلامي
8- فصل العرب والمسلمين عن القرآن وعن كل تراثهم العلمي والفكري والتشريعي، فيصبح من الآثار المحنَّطة لا يقرؤه إلا من تخصص في فك الطلاسم
9- قطع ما يربطنا بإسلامنا وعروبتنا وشرقيتنا من وشائج وصلات، فنكون لقمةً سائغةً هينةً، يسهُل على عدونا القضاءُ علينا؛ لأننا حينها سنكون لا شيء.
ج- وسائل العلاج للنهوض باللغة
لا شك أن لغتنا تمر بضعف لا يعود إليها هي، ولكن إلى أهلها، والنهوض لا يكون بأي مساس لجوهرها، ولكن في الوسائل والأساليب التي نقوم بها تجاهها.
1- الإعداد والتخريج الأمين والجيد لمعلم اللغة العربي الفصيح المثقَّف العاشق للغة الأسلوب والجمال
2- الكتاب الجيد في إعداده واختيار نصوصه وموضوعاته وجمال تدريباته وتدرجها وغزارتها، وحل كثير منها في حجرة الدراسة عن طريق التنافس بين التلاميذ
3- غزارة الوسائل والأساليب وتنوعها من مقروءٍ ومسموعٍ ومكتوبٍ
4- تشجيع الطالب وترغيبه في حبِّ لغته، وأنها جزء من عقيدته الدينية أو القومية والوطنية، وتعويد الطالب الحديث بالفصحى وإن أخطأ؛ لكي يأنسها، ولا يخجل من الحديث بها، وتشجيع النشاط المصاحب لها من الكتابة والخطابة والتعبير والإذاعة المدرسية، وتعزيز المسابقات في هذا المضمار
5- نزع المقولة الشائعة التي ترهب المعلم والتلميذ بأن اللغة العربية صعبة ومعقَّدة، فكل اللغات تحتاج إلى صبر وأناة في تعلمها ثم تصبح سهلةً، ولتضرب الأمثلة بالعلماء والبلغاء والخطباء والشعراء، وليتبين المعلم والتلميذ الاقتداء ببعض هؤلاء، يدرس سيرته ووسائل نبوغه في لغة القرآن وحضارة الإسلام
6- تشجيع الناشئة على حفظ القرآن من المراحل الأولى
7- العمل على نشر الكتاتيب وتشجيع الحفاظ والمحفظين بالمكافآت السخية من أهل الخير، وليكن للجمعيات الأهل دور في تيسير هذا الأمر وتعميمه
8- تشجيع المسابقات الأدبية في الحفظ وإلقاء الشعر والخطب الفصيحة المنتقاة ومكافآتها
9- إشاعة إقامة المهرجانات الأدبية، ودعوة الشبان إلى حضورها، واختيار الأعمال المميزة لنشرها ومكافآتها
10- إشاعة إصدار المجلات المدرسية ليكتب فيها الطلاب مقالاتهم وقصائدهم وقصصهم على ما فيها من قصور مقبول، وتوزيعها على الطلاب وتبادلهم مع مدارس المنطقة، واحتسابها من النشاط الدراسي للتلميذ
11- تكثير الجرعات من الأدب الجميل الفصيح في برامج التعليم للغة
12- مشاركة المكتبة وأمينها في تعريف الطالب بالكتب المصادر للغة.. من المعاجم، والدواوين، وتيسير تعامله معها، ليميل إليها، ويأنس بها ويعتز
13- اعتماد مساق لغوي لكل طلاب الجامعة في الأقسام العلمية والأدبية؛ حتى لا ينقطع الطالب عن اللغة بعد الشهادة الثانوية
14- تدريس المواد العلمية في كليات الطب والهندسة والعلوم والصيدلة وغيرها باللغة العربية؛ بترجمتها من مصادرها كما هو قادم في بعض الأقطار العربية
15- اجتماع أقطار العرب على قواعد موحدة للغة لتستمر وحدتهم وتفاهمهم الذي حفظه الله أكثر من ألف عام
16- منع إسناد العمل الإعلامي سياسيًّا أو دينيًّا أو ثقافيًّا لغير المتخصصين المجاز في اللغة الفصحى
17- تحري كل مسئول ضبْط كلمته أو بيانه إلى جمهور الناس؛ ليكون أحسن قبولاً وأكثر إصابة للهدف، ولاسيما المتحدثون باسم الشعب أو الأمة
18- أن يحرص العرب جميعًا على استعمال الفصحى في الإعلام والمعاهد العملية والمحافل، ويُضمَّن هذا ضمن وثيقة تلتزم بها الحكومات أمام شعوبها وتلتزم بها المؤسسات أمام الحكومات
19- أن تفعل الجامعة العربية نشاطها فيما يخص حماية اللغة ونشرها وشدِّ أزرها ويكون لها- بالاتفاق بين دولها- حقُ المتابعة لهذه الحماية
20- أن يكون للمجامع اللغوية العربية دور إيجابي في مظاهرة اللغة، لا يقف عند البحث والمؤتمرات، بل يمتد فيَعمل على تيسير نشر أبحاثه، وأن يحصل على حق الحماية لما تتعرض له من مسخ وتشويه في الإعلانات وكتَّاب اللافتات التجارية وأسماء الشوارع والشركات؛ فتكون في بلادنا عربية في كلماتها وإعرابها ورسم كتابتها، ولسنا نستحق وصف العروبة واللسان ليس عربيًّا، وقد جاء في الأثر: "ليست العرب من أحدكم بأب ولا أم.. إنما العربية اللسان"، وروي أن عمر سمع لاحنًا، فقال "أرشدوا أخاكم فقد ضلَّ" فأرشِدوا إخوانكم لتحيا اللغة.. ويحيا سيبويه.