بسم الله الرحمن الرحيم

استرسالا في سند الحديث اضيف:

قوله : ( يا أيها الناس إن الله طيب ولا يقبل إلا طيبا ) قال القاضي رحمه الله الطيب ضد الخبيث فإذا وصف به تعالى أريد به أنه منزه عن النقائص مقدس عن الآفات ، وإذا وصف به العبد مطلقا أريد به أنه المتعري عن رذائل الأخلاق وقبائح الأعمال والمتحلي بأضداد ذلك ، وإذا وصف به الأموال أريد به كونه حلالا من خيار الأموال . ومعنى الحديث أنه تعالى منزه عن العيوب فلا يقبل ولا ينبغي أن يتقرب إليه إلا بما يناسبه في هذا المعنى . وهو خيار أموالكم الحلال كما قال تعالى : لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون

( وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ) " ما " موصولة والمراد بها أكل الحلال وتحسين الأموال : فقال : يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم هذا النداء خطاب لجميع الأنبياء لا على أنهم خوطبوا بذلك دفعة واحدة لأنهم [ ص: 267 ] أرسلوا في أزمنة مختلفة بل على أن كلا منهم خوطب به في زمانه ، ويمكن أن يكون هذا النداء يوم الميثاق لخصوص الأنبياء ( وذكر ) أي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( الرجل ) بالنصب على المفعولية ( يطيل السفر ) أي في وجوه الطاعات كحج وزيارة مستحبة وصلة رحم وغير ذلك قاله النووي ( أشعث أغبر ) حالان متداخلان أو مترادفان ، وكذا قوله ( يمد يده ) وفي رواية مسلم : ( يديه ) بالتثنية أي مادا يديه رافعا بهما ( يا رب يا رب ) أي قائلا يا رب يا رب ( ومطعمه حرام ) مصدر ميمي بمعنى مفعول أي مطعومه حرام والجملة حال أيضا وكذا قوله ( ومشربه حرام وملبسه حرام ) أي مشروبه حرام وملبوسه حرام ( وغذي ) بضم الغين وتخفيف الذال المعجمة المكسورة ( بالحرام ) أي ربي بالحرام . قال الأشرف : ذكر قوله ( وغذي بالحرام ) بعد قوله ( ومطعمه حرام ) إما لأنه لا يلزم من كون المطعم حراما التغذية به ، وإما تنبيها به على استواء حاليه أعني كونه منفقا في حال كبره ومنفقا عليه في حال صغره في وصول الحرام إلى باطنه ، فأشار بقوله ( مطعمه حرام ) إلى حال كبره وبقوله ( وغذي بالحرام ) إلى حال صغره ، وهذا دال على أن لا ترتيب في الواو . قال القاري : وذهب المظهر إلى الوجه الثاني ورجح الطيبي رحمه الله الوجه الأول ولا منع من الجمع فيكون إشارة إلى أن عدم إجابة الدعوة إنما هو لكونه مصرا على تلبس الحرام . انتهى ( فأنى يستجاب لذلك ) أي من أين يستجاب لمن هذه صفته وكيف يستجاب له . وفي الحديث الحث على الإنفاق من الحلال والنهي عن الإنفاق من غيره . وفيه أن المشروب والمأكول والملبوس ونحوها ينبغي أن يكون حلالا خالصا لا شبهة فيه ، وأن من أراد الدعاء كان أولى بالاعتناء بذلك من غيره .



بوركتم أخ الاسلام



قوله : ( هذا حديث حسن غريب ) وأخرجه مسلم