التوحيد فى القرآن :
1- له بعث الرسل والأنبياء ولأجله قامت الأرض والسماء :
{يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ} [النحل: 2].
{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36].
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25 ].
{إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} [فصلت: 14].
{وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الأحقاف: 21].

2- توحيد الربوبية :
{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} [الزمر: 38].
{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ، اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [العنكبوت: 61 – 63].
{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [لقمان: 25].
{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} [الزخرف: 9].
{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} [الزخرف: 87].
وإبليس يخاطب الله عزَّ وجلَّ بالربوبيَّة: {قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ، قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ، إِلَى يَومِ الْوَقْتِ الْمَعْلُوم، قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ، إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [الحجر: 36-40].

3- لله الخلق والأمر:
{مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف: 40 (240)].
{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [الأنعام: 102].
{أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54 (157)].
{وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [هود: 123].
{رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم: 65 ].
{إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [يونس: 3].

4- نقص غير الله ربِّ العالمين:
{قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [المائدة: 76 (120)].
{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [يونس: 18 (210)].
{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ} [النحل: 73 (275)].

5-أثبت القرآن وجود آلهة كثيرة ـ أي: معبودات من دون الله ـ ولكنها باطلة:
{وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا} [مريم: 81 (311)].
{هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} [الكهف: 15 (294)].
{أَمِ اتَّخَذُوا آَلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ، لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الأنبياء: 21 -22 (323)].
{أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي} [الأنبياء: 24 (323)].
{لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آَلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ} [الأنبياء: 99].

6- لا يستحق العبودية إلا الله فى الأرض أو السماء :
{وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ} [الزخرف: 84].

7- الربوبية تحمل معنى الإلوهية :
{قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [الرعد: 16].
{رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم: 65].
وليس معنى ذلك الاعتراف بالربوبية وإهمال الإلوهية فإن الفارق الذى يفرق بين المسلم والمشرك هو توحيد الإلوهية فالمشركون يعترفون بتوحيد الربوبية أما الإلوهية الذى هو إفراد الله تعالى بالعبادة فلا فجعلوا مع الله تعالى آلهة أخرى وقالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى .

8- التوحيد طريق الراحة فى العبادة
{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ، وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [النحل: 75 – 76].
عبد اشتراه سيدا هذا يطلبه وهذا يطلبه عليه حمل هم قضاء حاجة الأول وطلب الثانى وعبد آخر اشتراه سيد واحد فلا يحمل إلا همه فهل يستويان .أبدا لا يستويان .
بل إن القرآن الكريم يكاد أن يكون كله لتقرير التوحيد ونفى الشرك ، وفى أكثر الآيات يكرر الله تعالى توحيد الإلهية وإخلاص العبادة لله تعالى وحده لا شريك له . قال تعالى : ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾[التوبة:31] .
بل حذر الله تعالى من الشرك وعاقبته الوخيمة فقال تعالى: ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾[الزمر:65] قال تعالى ﴿ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام:88]، ويدعو الله تعالى عباده إلى ما تقرر فى فطرهم وعقولهم من أن المنفرد بالخلق والتدبير والمتفرد بالنعم الظاهرة والباطنة هو الذى لا يستحق العبادة إلا هو ، وأن سائر الخلق ليس عندهم نفع ولا ضر ولادفع ولن يغنوا عن أحد من الله شيئا وانظر فى هذا قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴿21﴾ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾[البقرة:21/22]
وقال تعالى: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ﴾ [الاحقاف:5]

ثانياً :
التوحيد فى التوراة :
جاءت نصوص تنفي المثلية وأن الله ليس كمثله شيىء ومن هذه النصوص ما جاء في سفر الخروج [ 9 : 14 ] : " أَنَّهُ لَيْسَ مَثِيلٌ لِي فِي كُلِّ الأَرْضِ. "
وقال موسى عن الله : " ليس مثل الله " تثنية 33 : 26 وفي كلام داود عليه السلام : " أيها الرب الإله . . . ليس مثلك " صموئيل الثاني 7 : 22
ويقول إرميا لله : " لا مثل لك يا رب . . . ليس مثلك " ارميا 10 : 6 _ 8 ]
ويوبخ الله بني إسرائيل على لسان اشعيا فيقول : " بمن تشبهونني وتسوونني ، وتمثلوني لنتشابه ؟ " [ اشعيا 46 : 5 ] وقال اشعيا : " فبمن تشبهون الله ؟ وأي شبه تعادلون به ؟ " [ اشعيا 40 : 18 ] وقال أيضاً على لسان الله عز وجل : " بمن تشبهونني فأساويه . يقول القدوس " اشعيا 40 : 25
إن العقيدة التي دعا إليها موسى عليه السلام هي عقيدة التوحيد: عبادة الله الواحد المنزه عن الشركاء، فقد أوردت التوراة وصية الله عز وجل لموسى عليه السلام: "ثم تكلم الله بجميع هذه الكلمات قائلاً: أنا الرب إلهك، الذي أخرجك من أرض مصر من بين العبودية، لا يكن لك آلهة أخرى أمامي"(1).
وفي سفر التثنية ـ من التوراة ـ نجد هناك إشارات ناطقة بتوحيد الله عز وجل وتفرده، وهي كثيرة منها: "اسمع يا إسرائيل، الرب إلهنا رب واحد"، ومنها: "لأن الرب إلهكم هو إله الآلهة ورب الأرباب الإله العظيم الجبار المهيب"، في إشارة واضحة أن الإله المعبود بحق هو إله واحد، وما عداه آلهة ضلال وشرك وطواغيت عبدت من دونه، ولهذا جاء التحذير في نفس هذا السفر لبني إسرائيل من عبادة تلكم الآلهة حيث ورد القول: "فاحترزوا من أن تنغوي قلوبكم؛ فتزيغوا وتعبدوا آلهة أخرى وتسجدوا لها"، كما ورد على لسان داود عليه السلام في سفر أخبار الأيام الأُوَل: "يارب لستُ مثلك ولا إله غيرك حسب كل ما سمع بآذاننا"، وورد عن حزقيال (أحد أنبياء بني إسرائيل) مثل ذلك، حيث قال كما في سفر الملوك الثاني: "أنت هو الإله وحدك بكل ممالك الأرض، أنت صنعت السماء والأرض"، وفي التوراة أن الله نفى الإلوهية عن الكل ثم أثبتها لنفسه: "أنا الأول وأنا الآخر ولا إله غيري"، وتكرر هذا المعنى في موضع آخر من التوراة: "أنا الرب وليس آخر لا إله سواي، نطّقتك وأنت لم تعرفني لكي يعلموا من مشرق الأرض ومن مغربها أن ليس غيري، أنا الرب وليس آخر، مصور النور، وخالق الظلمة، صانع السلام، وخالق الشر، أنا الرب صانع كل هذه".
وختاماً :
يكفى أن أقول إن أكبر وصية أوصى الله بها موسى فى العهد القديم أن يوحد الله تعالى ما جاء فى التثنية من وصية الله تعال لموسى صلى الله عليه وسلم (( لا تكن لك آلهة أخرى أمامى )) ونهاه عن أن يتخذ لنفسه تمثالاً أو ما شابه ذلك .
فتلك هى أعظم الوصايا فى كل رسالة أن لا يعبد إلا الله تعالى وأن لا يشرك معه فى العبادة غيره والله المستعان .
ألم تر إلى بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال لمعاذ أتدرى ما حق الله على العباد ؟ لقد قال له أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً .
التوحيد فى العهد الجديد :
جاءت بعض إصحاحات الإنجيل وآياته بإثبات وحدانية الله تعالى وتفرده، وذلك بإشارات صريحة لا غموض فيها، ومن هذه الإشارات قول الإنجيل: "وهذه الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته"، فهذا نص لا يكذبه النصارى، وهو حجة عليهم في إثبات وحدانية الله تعالى ونفي ما يدعونه من التثليث، فها هو عيسى عليه السلام يعرف الناس الطريق الصحيح لحياة أبدية، وهذه الطريق هي إفراده جل وعلا بالإلهية و العبودية دون شريك معه، ولو كان عيسى إلها لقال أنت وأنا إلهان متساويان، لكنه قال: أنت الإله الحقيقي وحدك، ليخرج نفسه ـ عليه السلام ـ من أن يكون شريكاً لله تعالى في ألوهيته، كما صرح في أخر هذا النص على أنه عبد مرسل من عند الله جل وعلا لا يتعدى هذا المقام بأية حال.
كما جاء في موضع آخر من الإنجيل: "فجاء واحد من الكتبة وسمعهم يتحاورون، فلما رأى أنه أجابهم حسناً سأله أية وصية هي أول الكل، فأجابه يسوع إن أول كل الوصايا هي: اسمع يا إسرائيل، الرب إلهنا إله واحد"(10)، فهذا النص فيه إشارة واضحة لوحدانية الله، وفيه نفي قاطع لكل شريك، كما أنه يحوي دحضاً لقول النصارى بالتثليث.
كذلك ورد في رسالة بولس الأولى إلى ثيموثاوس: "لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس: الإنسان يسوع المسيح"، ويظهر من هذا النص التناقض البيِّن بين أوله الذي يدل على التوحيد وآخره الذي جعل فيه يسوع المسيح بمنزلة الروح القدس (الوسيط).
يقول العلامة أحمد ديدات ـ رحمه الله ـ: "إن علماء المسيحية أنفسهم قد أزالوا شعار التثليث هذا من الجملة السابعة من الإصحاح الخامس من رسالة يوحنا الأولى، وهي الجملة التي كانت تتضمن شعار التثليث المسيحي، إذ كانت تقول: "فإن الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة: الأب والكلمة والروح القدس، هم واحد"، وأصبحت الجملة السابعة المشار إليها بالطبعات المنقحة من الإنجيل تحتوي أربع كلمات إنجليزية فقط تقول: "يوجد ثلاثة شهود". إن تعبير "الأب والكلمة والروح القدس هم واحد" قد تم حذفه من الإنجيل باعتبار أنه كان تزييفاً، لماذا حذفوا الشعار الدال على التثليث من الإنجيل في الموضع المشار إليه".
وبعد فهذا غيض من فيض الإشارات التي وردت في الكتاب المقدس، وهذه الإشارات حجة على القوم، حيث جاءت واضحة المعالم في بيان تفرده جل وعلا بالوحدانية المطلقة، وأنه لا إله غيره ولا ثاني أو ثالث له ـ كما يدعون ـ وأنه لا شريك ولا مساو ولا مثيل له، بل إنه الرب الخالق الإله المعبود بحق المتحكم في مقاليد السموات والأرض وما بينهما، فتعالى الله عما يقول المبطلون، وهذا كله باعتبار أن هذه النصوص صحيحة ومقبولة عندهم، أما في الإسلام فمعناها صحيح لكنه مشكوك في ثبوتها .
وقد جاء فى سفر دانيال 26:6( هو الإله الحى القيوم إلى الأبد وملكوته لن يزول وسلطانه إلى الأبد ).
ثم ما هي أهم أمور الدين؟ هذه المسألة لا بدّ أن تُطرح على أي نبي! وسيسأله الناس عن أركان الدين. يَروي متّى أن أحد الناس قد سأل المسيح قائلا: «يَامُعَلِّمُ، مَا هِيَ الْوَصِيَّةُ الْعُظْمَى فِي الشَّرِيعَةِ؟» فَأَجَابَهُ: «أَحِبّ الرَّبَّ إِلهَكَ بِكُلِّ قَلْبِكَ وَكُلِّ نَفْسِكَ وَكُلِّ فِكْرِكَ! هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الْعُظْمَى الأُولَى. وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: أَحِبّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ! بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ تَتَعَلَّقُ الشَّرِيعَةُ وَكُتُبُ الأَنْبِيَاءِ! » متى (22: 37-41).
أما مرقس فقد روى القصة ذاتها، قائلا: "وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ وَاحِدٌ مِنَ الْكَتَبَةِ كَانَ قَدْ سَمِعَهُمْ يَتَجَادَلُونَ، وَرَأَى أَنَّهُ أَحْسَنَ الرَّدَّ عَلَيْهِمْ، فَسَأَلَهُ: «أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ أُولَى الْوَصَايَا جَمِيعاً؟» فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «أُولَى الْوَصَايَا جَمِيعاً هِيَ: اسْمَعْ يا إسرائيل، الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ فَأَحِبَّ الرَّبَّ إِلهَكَ بِكُلِّ قَلْبِكَ وَبِكُلِّ نَفْسِكَ وَبِكُلِّ فِكْرِكَ وَبِكُلِّ قُوَّتِكَ. هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى. وَهُنَاكَ ثَانِيَةٌ مِثْلُهَا، وَهِيَ أَنْ تُحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. فَمَا مِنْ وَصِيَّةٍ أُخْرَى أَعْظَمُ مِنْ هَاتَيْنِ». (مرقس: 12-28،31)
كما رواها لوقا في إنجيله، قائلا: "وَتَصَدَّى لَهُ أَحَدُ عُلَمَاءِ الشَّرِيعَةِ لِيُجَرِّبَهُ، فَقَالَ: «يَامُعَلِّمُ، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» فَقَالَ لَهُ: «مَاذَا كُتِبَ فِي الشَّرِيعَةِ؟ وَكَيْفَ تَقْرَأُهَا؟» فَأَجَابَ: «أَحِبَّ الرَّبَّ إِلهَكَ بِكُلِّ قَلْبِكَ وَكُلِّ نَفْسِكَ وَكُلِّ قُدْرَتِكَ وَكُلِّ فِكْرِكَ، وَأَحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ». فَقَالَ لَهُ: «جَوَابُكَ صَحِيحٌ. فَإِنْ عَمِلْتَ بِهَذَا، تَحْيَا!» (لوقا 10: 25-28)
إذن، المسيح يؤكد على ما جاء في التوراة بكل وضوح. وقد أكّد التزامه بالتوراة في قوله: "لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْغِيَ الشَّرِيعَةَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأُلْغِيَ، بَلْ لأُكَمِّلَ". (متى5: 17).
والمثال الثاني الذي بلغ من الوضوح الغاية وتكرر في الأناجيل هو حين سئل المسيح عن العمل الذي يدخل الجنة. فقد روى متى قائلا: "وَإِذَا شَابٌّ يَتَقَدَّمُ إِلَيْهِ وَيَسْأَلُ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، أَيَّ صَلاَحٍ أَعْمَلُ لأَحْصُلَ عَلَى الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ؟» فَأَجَابَهُ: «لِمَاذَا تَسْأَلُنِي عَنِ الصَّالِحِ؟ وَاحِدٌ هُوَ الصَّالِحُ. وَلكِنْ، إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ، فَاعْمَلْ بِالْوَصَايَا». فَسَأَلَ: «أَيَّةِ وَصَايَا؟» أَجَابَهُ يَسُوعُ: «لاَ تَقْتُلْ؛ لاَ تَزْنِ؛ لاَ تَسْرِقْ؛ لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ؛ أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ؛ وَأَحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ...» قَالَ لَهُ الشَّابُّ: «هَذِهِ كُلُّهَا عَمِلْتُ بِهَا مُنْذُ صِغَرِي، فَمَاذَا يَنْقُصُنِي بَعْدُ؟» فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلاً، فَاذْهَبْ وَبِعْ كُلَّ مَا تَمْلِكُ، وَوَزِّعْ عَلَى الْفُقَرَاءِ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاوَاتِ. وَتَعَالَ اتْبَعْنِي!» (متى 19: 16-22)
ويروي مرقس: "وَبَيْنَمَا كَانَ خَارِجاً إِلَى الطَّرِيقِ، أَسْرَعَ إِلَيْهِ رَجُلٌ وَجَثَا لَهُ يَسْأَلُهُ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» وَلكِنَّ يَسُوعَ قَالَ لَهُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي الصَّالِحَ؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إِلاَّ وَاحِدٌ، وَهُوَ اللهُ . أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لاَ تَقْتُلْ؛ لاَ تَزْنِ؛ لاَ تَسْرِقْ؛ لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ؛ لاَ تَظْلِمْ؛ أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ!» فَأَجَابَهُ قَائِلاً: «هَذِهِ كُلُّهَا عَمِلْتُ بِهَا مُنْذُ صِغَرِي» وَإِذْ نَظَرَ يَسُوعُ إِلَيْهِ، أَحَبَّهُ، وَقَالَ لَهُ: «يَنْقُصُكَ شَيْءٌ وَاحِدٌ: اذْهَبْ، بِعْ كُلَّ مَا عِنْدَكَ، وَوَزِّعْ عَلَى الْفُقَرَاءِ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، ثُمَّ تَعَالَ اتْبَعْنِي». (مرقس: 10: 17-22)
كما يروي لوقا: "وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ مِنَ الرُّؤَسَاءِ قَائِلاً: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» وَلَكِنَّ يَسُوعَ قَالَ لَهُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي الصَّالِحَ؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إِلاَّ وَاحِدٌ، وَهُوَ اللهُ ! أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لاَ تَزْنِ؛ لاَ تَقْتُلْ؛ لاَ تَسْرِقْ؛ لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ؛ أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ!» (لوقا: 18: 18)
هذه النصوص المتكررة الواضحة هي التي يوثق بها، وليس تلك النصوص التي ترد مرة واحدة، وتحتمل كل الوجوه.
والمثال الثالث المتكرر بكثرة بالغة هو وصف المسيح بأنه رسول الله، حيث بلغ ذلك في الأناجيل 32 مرة. وهذه بعض هذه النصوص:
1. َالْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ هِيَ أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقَّ ، وَالَّذِي أَرْسَلْتَهُ: يَسُوعَ الْمَسِيحَ (يوحنا 3:7)
2. مَنْ يَقْبَلْكُمْ، يَقْبَلْنِي؛ وَمَنْ يَقْبَلْنِي، يَقْبَلِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.(متى 10: 40)
3. وَمَنْ قَبِلَنِي، فَلاَ يَقْبَلُنِي أَنَا، بَلْ ذَاكَ الَّذِي أَرْسَلَنِي». (مرقص9: 37)
4. «لاَبُدَّ لِي مِنْ أَنْ أُبَشِّرَ الْمُدُنَ الأُخْرَى أَيْضاً بِمَلَكُوتِ اللهِ، لأَنِّي لِهَذَا قَدْ أُرْسِلْتُ». وَمَضَى يُبَشِّرُ فِي مَجَامِعِ الْيَهُودِيَّةِ(لوقا4: 44).
5. «أَيُّ مَنْ قَبِلَ بِاسْمِي هَذَا الْوَلَدَ الصَّغِيرَ، فَقَدْ قَبِلَنِي؛ وَمَنْ قَبِلَنِي، يَقْبَلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي.» (لوقا9: 48).
فهذه هى الدعوة التى ظهر بها المسيح صلى الله عليه وسلم الله واحد وهو رسول وهو عين ما نعتقده نحن المسلمين ف ذات الرب تبارك وتعالى
من هنا فإن التوحيد هو دين الأنبياء جميعا توحيد بلا تثليث ولا شرك ولا وسائط بين العبد وبين الله تعالى ولا مقربين زلفى .
كانت تلك رسالة صغيرة إلى إخولنى من المسلمين وإلى غيرهم من غير المسلمين لتكون هذه هى الخطوة الأولى فى الطريق والحق أبلج ولا يحرم إلا المحروم .