إذا أردت أحتراف التجسس
«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»:bsm:«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه وجعل الجنة مثوانا وإليها يكون مصيرنا
على الرغم من قصر الفترة التى أستخدمت فيها الإنترنت ولاكنى وجدت عليه ما يشيب له الرأس وتشمإز منه القلوب وجدت فيه النفع الذى تحتار منه العقول والفساد الذى لم أكن أتصور فى يوم من الأيام أن يكون بمثل هذه الصور التى رأيت مما دفعنى لأن أكتب عن ظاهرة من هذه الظواهر القبيحة الخبيثة التى نسأل الله العافية والنجاة من أن نكون ممن يعتدونها والعجب أنها تسمى علما وتدرس وكى لا أطيل عليكم فلنبدأ بالتكلم عنها .
تعريف التجسس
ما هو التجسس أو الهكر كما يسمونه ؟
المعنوى اللغوى : البحث ويقال تجسسه أى بحث عنه , وزاد أخر هو البحث بطريقة خفية
وأصله كما فى المفردات : الجس مس العرق وتعرف نبضه للحكم به على الصحة و المرض وهو أخص من الحس .
ومنه جواس الإنسان هى : خمس اليدان والعينان والفم والشم والسمع كما ذكرت فى لسان العرب
والمقصود بها الأعضاء التى يحصل بها التجسس
والجاسوس هو : صاحب سر الشر كما ذكره بن الأثير
وقال الإمام الغزالى :لا يتجسس على العورات إلا فاسق فإن القلب المطهر من السوء لا يظن في الناس إلا خيرا
أما المعنى الشرعى : هو تتبع عورات المسلمين والبحث عن سرائرهم إبتغاء الظهور على عيوبهم
قال المناوي لا تجسسوا :أي لا تطلبوا الشيء بالحاسة كاستراق السمع وإبصار الشيء خفية
وقال الزمخشري وذكر مثله الغزالى فى الإحياء : التجسس أن لا يترك عباد الله تحت ستره فيتوصل إلى الاطلاع عليهم والتجسس على أحوالهم وهتك الستر حتى ينكشف لك ما كان مستورا عنك. وزاد الغزالى أنه لو كان ظل مستورا لكان أسلم للقلب والدين .
والتجسس هو فعل قبيح وقد عده أهل العلم فى كتبهم من الكبائر يدمر ويحطم العلاقات الإنسانية غير أن التجسس بين المسلمين لا يكون من وراءه غير الشر المحض وسميت به الخبائث منها الجساسة التى تتجسس للدجال ومنها الجا سوس الخائن لدينه ووطنه ومنها أخيرا فى عصر التكنولجيا الهكر كذلك كانت فعلا للخبيثين من الجن والإنس , وقد نهى الله سبحانه وتعالى عنه وكذلك النبى صلى الله عليه وسلم مبينا اّثاره السيئة والفتاكة على أصاحبه أما الأدلة على تحريمه فهى كثرة جداا وواضحة وضوح الشمس سأذكر بعضها كما ذكره أهل العلم فى كتبهم ...
قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ }الحجرات12
ذكر الطبرى فى التفسير
عن مجاهد قوله ( ولا تجسسوا ) قال : خذوا ما ظهر لكم ودعوا ما ستر الله ....
وعن قتادة هل تدرون ما التجسس أو التجسيس ؟ هو أن تتبع أو تبتغي عيب أخيك لتطلع على سره
وعن بن زيد ( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ) قال : حتى أنظر في ذلك وأسأل عنه حتى أعرف حق هو أم باطل قال : فسماه الله تجسسا قال : يتجسس كما يتجسس الكلاب وقرأ قول الله ( ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا )
وذكر بن كثير والقرطبى فى التفسير
ما رواة أبو داود فى المسند وصححه الألبانى عن زيد بن وهب رضى الله عنه عنه قال : أتي ابن مسعود رضي الله عنه برجل فقيل له : هذا فلان تقطر لحيته خمرا فقال عبد الله رضي الله : قد نهينا عن التجسس ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذ به
وقال تعالى
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ{27} فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ }النور ( 27 , 28 )
وذكر القرطبى فى التفسير .
ما جاء فى الصحيحين من حديث سهل بن سعد الساعدى( أن رجلا اطلع في جحر في باب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم مدرى يحك به رأسه فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
( لو أعلم أنك تنتظرني لطعنت به في عينيك ) . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إنما جعل الإذن من قبل البصر)
تنظرنى : تنظرنى
المدرى : شىء يعمل من حديد أو خشب على شكل سن من أسنان المشط .كما ذكرة بن الأثير فى البداية
جعل الإذن من قبل البصر : أى خشية أن يتطلع المسلمع على أخيه ببصره فيعرف سريرته
وقد أورد ما أخرجه مسلم فى صحيحه من حديث أبى هريرة
( لو أن رجلا اطلع عليك بغير إذن فخذفته بحصاة ففقأت عينه ما كان عليك من جناح ) .
فخذفته : أى رميته بها من بين أصابعك
أنظر إلى تعنيف النبى صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل مع أن النبى كان فى مسائل التعليم من أحلم ما يمكن ولاكن لما تعدى الأمر إلى حرمات المسلمين وبخه النبى على هذا الفعل بل ورفع الحرج عن أن تفقأت عين من يتجسس عليك يدل على عظم الأمر وحرمته الشديدة .
وقد جاء فى الصحيحين عن أبى هريرة رضى الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تناجشوا وكونوا عباد الله إخوانا )
وقد زاد فى رواية مسلم ولا تدابروا... إلى اخر الحديث
تناجشوا من النجش : وهو تنفير الناس من شىء إلى غيره أو مدح السلعة لترويجها أو الزيادة فى ثمنها ليقع فيها غيرك كما ذكره بن الأثير وكل هذه المعانى من معانى النجش
• كما حرم التجسس حتى لو كان بهدف النظر فى حال المسلم من أجل التأسى والتعلم من طباعهم ولو كان مشروع بين المسملين فليس هناك أدعى من ذلك لإباحته
قال تعالى (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)
أورد بن كثير وغيره فى التفسير عن مجاهد فى تفسير هذه الأية (خذ العفو ) : من أخلاق الناس وأعمالهم من غير تحسس أو تجسس
قال الأوزاعى وغيرة التجسس : هو البحث عن الشىء والتحسس السماع إلى حديث القوم وهم له كارهون أو يتسمع على أبوابهم وبعض أهل العلم قال أنهم بمعنى واحد
قال بن كثير عليه رحمة الله والتجسس يكون فى الشر والتحسس يكون فى الخير وقد يستخدم كل منهما فى الشر كما ورد فى الحديث ( ولا تحسسو )
وقد ورد فى مصنف عبد الرزاق والحاكم فى المستدرك واللفظ له وصححه الذهبى عن عبد الرحمن بن عوف : أنه حرس ليلة مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالمدينة فبينما هم يمشون شب لهم سراج في بيت فانطلقوا يؤمونه حتى إذا دنوا منه إذا باب مجاف على قوم لهم فيه أصوات مرتفعة فقال عمر رضي الله عنه و أخذ بيد عبد الرحمن : أتدري بيت من هذا ؟ قال : لا قال : هذا بيت ربيعة بن أمية بن خلف و هم الآن شرب فما ترى ؟ فقال عبد الرحمن : أرى قد أتينا ما نهى الله عنه نهانا الله عز و جل فقال { و لا تجسسوا } فقد تجسسنا فانصرف عمر عنهم و تركهم . أنظر إلى أى مدى وصل حرمة المسلمين وحرص الصحابة رضوان الله عليهم على حدود الله عز وجل حتى ولو كان هذا سكيرا ولاكنه يظهر الخير والسلامه .
باب مجاف : أى باب مغلق
ومن أسباب التجسس
1- سوء الظن : والظن تهمة تقع في القلب بلا دليل قال الغزالي عليه رحمة الله : من مكائد الشيطان سوء الظن بالمسلمين ومن ثمرات سوء الظن التجسس فإن القلب لا يقنع بالظن ويطلب التحقيق فيشتغل بالتجسس وهو أيضا منهي عنه قال الله تعالى ( ولا تجسسوا ) فالغيبة وسوء الظن والتجسس منهي عنه في آية واحدة ومن أهم الأسباب إنتهى كلامه أنظر وكأنه يشرح ماقاله بن زيد فى تفسير ءاية سورة الحجرات ..
ويعتبر سبب رئيسى للتجسس ألا وهو سوء الظن الذى هو مخالف للشرع جملة وتفصيلا وحينما نقول سوء الظن أعنى بذلك هو ظن السوء بالإنسان الذى ظاهره السلامه أو الذى يبدى الخير بظاهره وإن كان داخله يحوى غير ذلك فبمجرد أن يقذف الشيطان الريبة وسوء الظن من شىء معين يبدأ الإنسان بالتجسس من أجل أن يتحقق من هل هذا صحيح أم غير صحيح وهذا هوه ما قصده بن زيد فى قوله (حتى أعرف حق هو أم باطل ) .
بل وفى بعض الأحيان يبدأ بالتجسس من أجل إثبات سوء ظنه ليكون هذا إنتصارا لنفسه ومرضاة لهواه , ومن حملته نفسه على سوء الظن فهى نفس أمارة بالسوء , قال بن حجر عليه ورحمة الله ولا تجسسوا وذلك أن الشخص يقع له خاطر التهمة فيريد أن يتحقق فيتجسس ويبحث ويستمع فنهى عن ذلك قال الغزالى عليه رحمة الله : لا يتجسس على العورات إلا فاسق فإن القلب المطهر من السوء لا يظن في الناس إلا خيرا
.
كانت هناك فتاة فى مقتبل العمر تأتى إلى بيت فى حى من الأحياء وكان من الواضح أنها غريبة عن الحى فأحد هواة التجسس كان متتبعا لها فكانت تصلى التراويح فى ليل رمضان بمسجد بنفس الحى ثم تدخل ذلك البيت الذى ليس فيه مسلمين بل كل سا كنيه عائلات نصرانية فبدأ يتكلم بعد أن تجسس عليها فترة تجاوزت أسبوع وبدأ بالكلام عليها وعلى فعلها ويقول تفعل هذا وفى رمضان ومع من نصارى وأخذ يتشدق بمثل هذه الكلمات السامة حتى أظهر الله عز وجل الحق ذات يوما وعرف أنها ممرضة وكان يبدو أنها من أسرة فقيرة , وكان فى البيت الذى تدخله سيدة مسنة لم تخرج من بيتها تستطيع أن تقول سنوات بسبب مرضها وعجزها وكانت تذهب إليها لتراعيها طبيا وتعطيها عقاقير وما إلى ذلك وكان يعطونها أجر كبير نسبيا فكان حال هذا الرجل كم شعر أنه حقير وليس له همة إلا فى قذف الأبرياء وتتبع عوراتهم وكانت إذا مرت كاد أن يحترق إحتراق الشيطان عن سماع القرءان .وكما قال قائل
إذاساء فعل المرء ساءت ظنونه .. وصــدق مـا يــعتــاده مـن توهم
وعــادى محبــيـه بقول عــــدوه .. وأصبح في ليل من الشك مظلم
2- إتباع الهوى و الفضول : وهذا قد يكون سبب أخر من الأسباب وهو مجرد التطلع لعورات المسلمين ويعلم ماذا يفعلون إشباع لرغبته ربما فى بعض الأحيان يسمونه مرض وأنا أسميه هوى من الشيطان فقبل أن يكون لى سابق معرفة بهذا الإنترنت كنت جالس يوما عن أحد الأصدقاء مهندس كمبيوتر وله متجر كبير يبياع فيه ويشترى وأشياء أخرى فى هذا المجال وكان هناك صاحب له يعمل كمحقق ومخرج كتب شرعية فى أحد الدور العلمية فكان يحدثه بهذه الكلمات التى لم أستوعبها إلا من وقت قريب جداا فيقول أنه كان هناك جاسوس متربص بحاسبه الشخصى لفترة تقترب من شهرين كان يتجسس عليه وعلى عمله وبعد هذه الفترة بعث له برساله يقول ( أنا أتجسس عليك مدة شهرين وصراحة أنك من أكثر الناس التى نالت إحترامى ولاكن أحذرك لأن جهازك يحتاج إلى حماية ) يقول هذا الأخ ثم سرق قدر كبير من الأبحاث والكتب والتحقيقات التى سهر وتعب فيها اليالى ولا حول ولا قوة إلا بالله ..... ما نجده من حال هذا الإنسان أنه يتبع هواه وحسب لأنى على ثقة من أن من يسرق كتب وبحوث العلم الشرعى ليس بإنسان يريد أن يحصل من خلالها على مال أو يقرأ مثلا أو أى شىء غير أنه يسبب ضرر فحسب وإلى الله المشتكى .
4- السرقة : هناك نوع من الجواسيس الذين يتجسسون من أجل أن يسرقون ربما مال ربما مجهود أو أى شىء أخر ليتحقق لهم من خلاله مصالح دنيوية وهذا من وجة نظرى أقل الجواسيس خطرا وهنا ك امثلة على هذا كثيرة ومنتشرة بين الناس مثل هذا الرجل الذى تجسس على مصرف كبير وأخذ يأخذ من كل حساب القروش ويضعهم فى حساب خاص حتى جمع فى رصيده رصيدا كبيرا ربما ليس هناك رصيد فى المصرف بأكلمه مثله .
5- الخوف والحماية : وهما الحقيقة من أشد الأسباب التى تدفع الإنسان إلى التجسس وهناك منها ما هو محرم شرعا ويدخل تحت كل ما وصفنا به الجواسيس مثل تجسس المرأة على زوجها والزوج على زوجته وعلى الرغم من أن يكون الظاهر من حال الزوج أو الزوجة الصلاح ورغم ذلك يوسوس الشيطان للزوج أو الزوجة بالتجسس حتى يهدم حياتهم ويلقى الشبهات فى قلب كل منها وهذا يكون بتبرير الشيطان لهما بالغيرة أو عدم الثقة أو غير ذلك وهكذا وهؤلاء مادفعهم لهذا الجهل بالأحكام الشرعية وتلبيس الشيطان عليهم وهؤلاء ليسوا كباقى الجواسيس ولاكنهم مخطئين بلا شك , أما الذى يعلم من حاله الفجور والفسق فهذا شىء أخر . أيضا هناك نوع أخر هو تجسس الوالد على ولده وهذا أيضا إن كان يعلم من حاله الصلاح فلا يجوز ويدخل تحت ماذكرناه أما إن كان غير رشيد ويبدو عليه مظاهر أهل الفسق كأن يكون مدخن أو غير ذلك فهناك يكون التجسس من أجل الإصلاح وليس من أجل أن يهدمه ويثبت له أنه من أهل النار ولا خير فيه ويضحك عليه شتان مابين الحالين
6- السخرية وإستغلال جهل المسلمين : وهذا أيضا سبب مهم وهى محاولة إستعراض العضلات والضحك على المسلمين وإستغلال جهلهم بهذا الشى الخبيث الذى يسمى علما ومما تعجبت له وأنا أبحث ذات مرة لأقرأ عن هذا الشىء وجدت شخصا وإذ به له موقع لتعليم الناس التجسس وإمدادهم بالبرامج والمعلومات بئس المعلم أنت نعم والله فمن سن سنة سيئة فله أجرها ونسأل الله أن يهديه ويهدى جميع المسلمين والمسلمات ولاكن نقول لمثل هؤلاء اتقوا الله فى أنفسكم وإن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون وشأن الساخر بالناس يوم القيامة شأن عظيم عند الله تعالى . كنت أظن أن ما ينبغى فعله هو تعلم هذا الشىء من باب من عرف لغة قوم أمن شرورهم ويكون هو الدافع للتعلم والنيه هو صد مثل هؤلاء الناس عن المسلمين ومعرفة مداخلهم ومساعدة المسلمين على الحماية منهم ليس للتجسس عليهم والإستهزاء بهم
7- الحرب : هذا من الأسباب التى يكون فيها التجسس كوسيلة أخذت حكم المقصد وهذا يكون فى غير المسلمين لدلالة السنة النبوية عليه فكان يبعث النبى صلى الله عليه وسلم من يتكشف وينظر فى أحوال العدو ويعرف اخباره كما حدث فى بدر وذكربن حجر فى الفتح أنه يجوز التجسس على الكفار ليؤمن من كيدهم
أضرار ومنافع التجسس
1- من أضرار التجسس هو إفساد الناس بتتبع عوراتهم ربما يتعجب البعض من هذا ولاكن إسمع ما رواه أبو داود والنسائى وبن حبان وجاء فى الشعب عن معاوية قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم " فقال أبو الدرداء كلمة سمعها معاوية من رسول الله صلى الله عليه وسلم نفعه الله تعالى بها. صححه الألبانى
وهذا يكون بعدة أشياء
أ- أنك إذا اطلت على عورة أخيك ربما تصارحه بها فيقل حياءه منها بعد أن كان يفعلها خفاء وفى قلبه مثقال ذرة من حياء ستضيع على يديك ويفعلها جهارا نهارا دون أن يستحى بعد ذلك كما أنه سيكن لك من البغض الكثير والكثير لأنك أنت الذى كشفت عيبه وهذا غالبا يكون فى الإنسان المصر على المعصية مع علمه بحرمتها وهذا معنى ما قيل فى فتح الودودى أي إذا بحثت عن معائبهم وجاهرتهم بذلك فإنه يؤدي إلى قلة حيائهم عنك فيجترئون على ارتكاب أمثالها مجاهرة انتهى ..
ب- أنك ربما تعرف عنه شىء تظنه منكر فتشهر به وتتهمه بجهلك فيفعله عنادا من أجل ما وصفته به وهو لم يكن فاعله قبل هذا ففعله من أجلك .وهذا توضيح ما ذكر فى النهاية قال أي إذا اتهمهم وجاهرهم بسوء الظن فيهم أداهم ذلك إلى ارتكاب ما ظن بهم ففسدوا انتهى
ج- إفساد ذات بين المسلمين لأنك تكون بهذا أفسدت بينك وبين مسلم ومن ستخبره بخبره كما فعل المنافق عبد الله بن سلول عليه لعنة الله حينما إتهم الطاهرة المبرأة من فوق سبع سموات أمنا عائشة رضى الله عنها فى حادثة الإفك وجعل كل القوم يقع فى صدورهم شىء منها ولاكن يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون وهذا مثال لسوء الظن والنفاق والكذب والغش والتجسس فى ءان واحد وكفى به إثما . فهذا المنافق كان يتجسس وفى نفس الوقت يكذب ويدلس ويلبس الحق بالباطل ويزيفه ليقول قولته هو ومن معه وهذا من أمهر الجواسيس وهذا أيضا ناتج من نتاج التجسس ومن يقرأ فى حادثة الإفك يعرف ويعلم كم كانت الأزمة وكم عانت أمنا رضى الله عنها وهم فى واديهم يلعبون .
والأن يا أيها الجاسوس أعلم بعد كل هذه المفاسد التى تسببها إن أصررت فأنت ممن قال الله تعالى فيهم فى سورة النور {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }النور19
وإن اصررت فهذه بشراك فى الدنيا وفى الاخرة ولا تستهين بكلام الله جل وعلا ولا تظن أن فعلك بمثل هذه السذاجة والسهولة التى يظنها المراهقين ذهنيا من أتباع الشيطان قال تعالى {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ }النور15 وأقول لك شتان ما بين حالك وما بين حال من يستر المسلمين
2- ومن منافع التجسس
أ- يكون سببا فى غنيمة المسلمين وقت الحرب مع غيرهم وما يحصل من منفعة تتعدى إلى جيوش المسلمين من قلة الخسائر ومعرفة نقاط ضعف وقوة العدو . وسبب فى تجنب وقوع الضرر المتوقع حدوثه .
ب- إصلاح الأب لإبنه أو لبنته الفاسد أو الفاسدة وهذا يكون بتعريف الإبن والبنت خطأهم بالود والحب ويفهمه أنه لم يكن يفعل هذا من أجل إنتهاك حرمته ولاكن من أجل أنه إستحق ذلك لما جاهر بأفعاله القبيحة وأنه يراه من أفضل الناس وأنه فعل هذا مبكرا قبل أن يفعله غيرة فيكون بذلك فريسة لمن يعرف سره من ضلال الجواسيس وهكذا يكون بالحب والود والإصلاح , وبعد ذلك بعد أن يرجع الإبن أو البنت عن هذا الفعل المذموم فيجب الأخذ بالظاهر فقط وهناك فرق بين الرقابة والتجسس حتى لا تختلط الامور وأن الدافع لهذا بين المسلمين الإصلاح وليس قطع الرقاب . فالمنهي عنه هو التجسس الذي لا ينجر منه نفع للمسلمين أو دفع ضر عنهم ..
عاقبة التجسس
قد أورد البغوى فى التفسير ما رواه الترمذى وابن حبان فى صحيحه وحسنه عن بن عمر رضي الله عنهما قال صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فنادى بصوت رفيع فقال يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله ونظر ابن عمر إلى الكعبة فقال ما أعظمك وما أعظم حرمتك والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك .
أنظر يا أخى ويا أختى الكريم العاقبة الشديدة التى إستحقها هذا الجاسوس ألا وهى أن يفضحه من لا يخطىء فربما الجاسوس يفضح الناس بالكذب أحيانا ويبرهن لهم مما رءاه ولاكن الله عز وجل يقول الحق وهو يهدى السبيل لا يغفل ولا ينام يعلم السر وأخفى .
ولعظم حرمة سر المسلم
أمر الله تعالى المسلمين فى سورة النور {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }النور27
أمرهم بالإستئذان خشية الإطلاع على سريرة المسلمين وخصوصياتهم ومن عظم حرمة المسلم يعلق بن حجر على تفسير الأية الكريمة ويقول فدل سياق الآية على الأمر بصون عرض المسلم غاية الصيانة لتقدم النهي عن الخوض فيه بالظن فإن قال الظان أبحث لأتحقق قيل له ولا تجسسوا فإن قال تحققت من غير تجسس قيل له ولا يغتب بعضكم بعضا .
وقد أورد البخارى فى صحيحه عن بن عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم قال (ومن استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون أو يفرون منه صب في أذنه الآنك يوم القيامة )
والله إن الآنك هذا ليس ملطف للبشرة ولا ماء بارد أوعطر تداوى به النفوس بل هو الرصاص المذاب تخيل لو وضعوا فى أذنيك ماء مغلى فكيف يكون حالك فما بالك بنحاس مذاب ولا يخطر ببالك أنه النحاس الذى هو من نحاس الدنيا فى المناجم وأفران التشكيل فى المصانع بل هو نحاس الأخرة ونار ولهب الأخرة نسأل الله السلامه والعافية وهذا الوعيد فى السماع فإن سمعت وقلت لغيرك فهذا شىء أخر وإن سرقت فهذا حساب أخر وكل ضرر يقع من فعلتك فله بإذن الله حساب ولا يظلم ربك أحدا .
يا أيها الجاسوس إن لم ترضى بهذا العقاب فهل تخليت عن هذا الثواب إسمع ما أورده البخارى عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة
أنظر إلى هذا الحديث ينهى عن ظلمك لأخيك والتجسس هذا من ظلمك له فضلا عن أنه ظلم لنفسك قبل أى شىء وياليت إقتصر الحديث على هذا وفقط لا والله لأنه الإسلام الذىيصل بين أهله بوصال الأخوة ويجعلهم جسدا واحدا فيقول ولا يسلمه أى لايتركه للظم ويدفعه عنه إن إستطاع فبدلا من أن تكون عونا له على أمثال هذه الفئة الضالة تكون ظالما له حاشاك حاشاك أن تكون هذا أما ما عند الله من أجر فهو ستر الله لك إن سترته وعون الله لك إن أعنته ومن ستره الله فمن تظن أن يستطيع أن يفضحه ومن أعانه الله فمن تظن يستطيع أن يظلمه
وفى رواية مسلم عن أبى هريرة ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره التقوى ههنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه) الخذل ترك الإعانة والنصر ومعناه إذا استعان به في دفع ظالم ونحوه لزمه إعانته إذا أمكنه ولم يكن له عذر شرعي ( ولا يحقره ) أي لا يحتقره فلا ينكر عليه ولا يستصغره ويستقله ( التقوى ههنا ) معناه أن الأعمال الظاهرة لا تحصل بها التقوى وإنما تحصل بما يقع في القلب من عظمة الله وخشيته ومراقبته ( نقلا من الصحيح)
وأعلم رحمك الله أنه من علم من أخيه سيئة فسترها ستر الله عليه يوم القيامة أو كما قال صلى الله عليه وسلم ولتكن هذه بداية عودتك ورجوعك إلى الله عز وجل . ونسأل الله لنا ولك حسن الإنابة والخاتمة .
الحماية من التجسس :
لا أتكلم عن أوجه الحماية بكثير كلام ولاأقول لك إسم برنامج ولا فير وال ولاكن سأقول لك بعد الأخذ بالأسباب وتحصين نفسك بهذه الأشياء بعد سؤال أهل العلم من أرباب هذا العلم المسلمين الذين تثق بهم وتثق فى أمانتهم توكل على الله وإستعن بالله وأعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطأك ومن كان الله حسبه فلا يضره شىء ومن توعد الله حفظه وتتبع من تتبعه فيجب عليه أن يطمئن ولا يرتاب فإن سرق منك شىء فوالذى نفسى بيده ليخلفه الله عليك الله وإن ضرك شىء فبإذن الله وهو لك سمو وعلو فى الجنة بإذن الله فاصبر وإحتسب
رد مع اقتباس
المفضلات