السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين وصلاة وسلاما ً على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
أما بعد ،
فإن كانت الفاضلة تستمع إلينا فلتنظر رعاها إلى الكلمات التي قيلت وتقال وتخبرني هل ما جاء في القرآن عن المسيح عليه السلام وعن أمه عليها السلام يدل أو يعبر ولو من بعيد عن أية حقد أو حسد أو نقمة على المسيح أو أمه عليهما السلام ..
فعلى سبيل المثال ، كيف يكون الإسلام حاقدا ً على المسيح وكتاب الإسلام (وهو القرآن) قد ذكر قصة ولادة المسيح بالتفصيل لكي يوضح كيف جاء المسيح ويوضح براءة وطهر العذراء عليها السلام ويوضح وجه الإعجاز في مولده ..
فلو كان الإسلام يريد أن يمحو ذكر المسيح لما ذكره أبداً في قرآن يتلى إلى يوم القيامة على لسان الملايين ويحفظه الملايين ..
ولو نظرنا من الوجهة الأخرى ، إذا كان الكتاب هذا كما يدعي علماء النصارى من عند سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، أما كان من باب أولى أن يذكر النبيخبر ولادته هو ولا يذكر خبر ولادة المسيح .. ولكن هذا لم يحدث .. لأن الله هو القائل وليس سيدنا محمد ، والله ذكر ولادة المسيح لأنها كانت ولادة معجزة وولادة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان ولادة طببعية من أب و أم ..
فإن كان محمدهو القائل وكما تدعون أنه كذب في إدعائه النبوة (حاشاه رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادق الأمين) لذكر نفسه ولم يذكر المسيح الذي جاء بالشريعة التي تسبقه ، ولكن كل هذا لم يحدث ..
هذه نقطة ..
النقطة التالية والتي أحب أن أوضحها لكي ، هي أن ما تقوله اليهود عن المسيح هو ما يقوله النصارى عن محمد ..
ولكي أن تراجعي هذا الموضوع التي اقتبس من التلمود كتاب اليهود العنصري ما جاء عن المسيح فيه ،
http://www.ebnmaryam.com/vb/showthread.php?p=37240
واسألي نفسك ، اليهود تسب المسيح ، والنصارى يسبون محمد ..
ومحمدلما جاء كرم موسى وعيسى جل التكريم ، والقرآن كرم موسى وعيسى جل التكريم أيضا ً ولم ينسب لهم فاحشة ولا فضيحة ، وإنما جعلهم من الرسل أولوا العزم ..
نعم ، عندنا في الإسلام خسمة رسل من أولوا العزم ، وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى و محمد ، عليهم صلوات الله جميعا ً ..
وأولوا العزم من الرسل هي خصيصة لهؤلاء الخمسة لما تميزوا به من الهمة وما واجهوه في حياتهم بسبب دعوتهم وأنهم أصحاب الخلال العظيمة والصفات الجليلة ..
وقد ذكروا في القرآن ، قال تعالى: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} الأحقاف35
فقال ابن عباس تفسيرا ً لكلمة أولوا العزم: ذوو الحزم والصبر. وقال الضحاك: ذوو الجد والصبر.
وقال تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً }الأحزاب7
وقد أثنى القرآن عليهم ، ونسب جميع ما طرأ على شرائعهم من التغيير والتبديل إلى تابعيهم وليس إليهم ، فلم يتحملوا جريرة القوم بأنهم جاهدوا فيهم وقاموا بدعوتهم ، وبما أننا نتحدث عن المسيح عليه السلام ، فأحب أن أستشد بآيات القرآن في هذا الشأن ، قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } المائدة 116-117
فماذا يجعل سيدنا محمدإن كان قد جاء بالدين من عنده ، ماذا يدفعه لكي يذكر الأنبياء بهذا الذكر الحسن والثناء الجميل ؟؟ ماذا يدفعه إلى هذا إلا أن هذا الكلام ليس من عنده وإنما هو من عند الله الذي أرسل الرسل جميعا ً بدين التوحيد ونبذ الشرك وفعل الخيرات وترك المنكرات والصلاح لا الفساد .. هذا هو دين الله الواحد ، الذي بعث به الرسل جميعا ً ، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ }النحل36
فعليك أن تنظر كيف كان عاقبة المكذبين يا ضيفتنا العزيزة ، عليك أن تتصوري أو تتخيلي ، فقط تخيلي واسألي نفسك ، إن كان محمدرسول الله حقا ً كما كان المسيح عليه السلام رسول الله أيضا ً ، وجاء محمد ليصحح ما طرأ من التغيير على ما قبله كما جاء جميع الأنبياء والرسل لكي يصححوا ما غيره الناس في دين الله على مر الأزمنة .. فأين أنتي الآن ؟؟ والأهم أن تسألي أن ستكوني غدا ً إن كتب الله عليك الموت وأنت نائمة اليوم في سريرك ؟؟ .. أين ستكوني ؟ ، هل إن كان المسيح عبد الله ورسوله وأنتي تعبديه ، هل سيكون المسيح سعيدا ً بهذا ؟ ، والأولى أن نقول هل سيرضى الله مالك يوم الدين عن هذا ؟ ..
أبدا ً والله ، فقد جاءت الكثير والكثير من الآيات لتفند هذا وتصححه وتزيل هذا الشرك العالق في عقيدة النصارى ، وأذكر من هذه الآيات ، ما جاء في سورة مريم ، نعم في سورة مريم جاءت آيات تعبر عن غضب الله من ما يقوله النصارى عنه وعن نبيه عيسى ، وفي هذه السورة ذكر الله قصة ميلاد عيسى وبراءة العذراء وأثنى الله عليهما ولكن هذا لا يجعلهم فوق درجتهم ، قال تعالى: { وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً * أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً * وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً * إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً *} مريم 88-95
شيئا ً إدا ً : هو الشيء المنكر العظيم ..
فانظري حفظك الله ، كيف وأن هذا القول من شدته لتشقق الأرض منه ولتنفطر السماء منه ولتتهدم الجبال منه ، لثقل المنكر فيه ..
يتبع بإذن الله ..
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمدا ً عبده ورسوله ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
المفضلات