جيم مارس يقول: (السير وينستون تشرشل نفسه.. كان ملحًا على أن السيطرة الخفية للحزب النازي يجب أن لا تكشف تحت أية ظروف، لعامة الناس، بحسب الكاتب تريفور رافينسكروفت، الذي زعم بأنه قد عمل (عن قرب) مع الدكتور وولتر جوهانسون شتاين المستشار الخاص لتشرشل؛ (إخفاق محاكمات نروبرغ لتعريف طبيعة الشر العامل وراء الواجهة الظاهرية للاشتراكية الوطنية أقنعه أن عقودًا ثلاثة أخرى يجب أن تمر قبل أن يتم وجود قراءة جماهيرية كافية لتفهم استهلال شعائر ممارسات السحر الأسود للنواة الداخلية للقيادة النازية. هذا التصريح المذهل تم دعمه من قبل إيري نيف، الذي كان واحدًا من المدعين العامين في قضية نوربرغ قبل الحرب، والذي قال: إن مسألة الممارسات السحرية والتنجيمية في نشاطات النازيين قد قرر قضائيًا بأنها أمر غير مقبول: وذلك لأن المحكمة كانت تخشى التورطات السيكولوجية والروحية في الأمم الغربية. ولقد اعتقدوا (أيضًا) أنه يمكن لمثل هذه المعتقدات، المعارضة تمامًا لعقلانية الجمهور، أن تستخدم لتعتلي فكرة الدفاع بشبهة الجنون بالنسبة إلى القادة النازيين.

يصف التاريخ أدولف هتلر بأنه شخصية مهيمنة في الحرب، وهكذا؛ فمن أجل فهم تورط المنظمات السرية، يجب على المرء أن يفهم هتلر وحزبه النازي. ولقد تم إنتاج الكثير من الكتب، والمقالات، وحتى البرامج التلفزيونية الخاصة التي تكشف بشكل موثق عن الصلات بين نازيي هتلر والمنظمات السرية، ولكن القليل منهم من بين أن هتلر كان واحدًا من مخلوقاتهم.

للفهم بشكل كامل لماذا تم خلق هتلر، بالإضافة إلى صلاتهم بالمخابرات العسكرية. كان نازيو أدولف هتلر أكثر من مجرد حركة سياسية. وجدوا أنفسهم يقودون حركة شبه دينية ولدت من منظمات سرية كانت أهدافها هي كتلك الموجودة في المستنيرين Illuminati والماسونيين الأحرار Freemasonry. كانوا طائفة.. وكما في أية طائفة نموذجية، فإن أعداءها الرئيسيين كانت الطوائف الأخرى، بحسب ملاحظة الكاتب بيتر ليفيندا في كتاب مدروس جيدًا يدرس النازية والطوائف الغامضة. هتلر ذاته أكد هذا بقوله: إن أي شخص يفسر الاشتراكية الوطنية فقط باعتبارها حركة سياسية فإنه تقريبًا لا يعرف شيئًا عنها. إنها أكثر من دين؛ إنها العزم على خلق إنسان جديد.

نمت هذه الطائفة النازية من عدد من المنظمات المختلفة، عقائد لاهوتية، والأديان الحاضرة في ألمانيا، في نهاية الحرب العالمية الأولى، جميعها نشأت من الممارسات السرية للمجموعات الأقدم. مثل المستنيرين البافارية Illuminati، جيرمان اوردن، والماسونيين الأحرار، وفرسان التيتونيك).()

وإن خفاء هذه العلوم والتكتم عليها باعتبارها أسرارًا، من شأنه حصرها في متناول يد المستفيدون الوحيدين منها، وهم السحرة برتبهم ودرجاتهم المختلفة، هذا على اعتبار فائدتها من وجهة نظرهم، فهم يمدون أيديهم بالاستجداء من الشيطان كي يحقق لهم أهدافه لا أهدافهم كما يظنون، فوحدة هدفهم المشترك في حقيقتها تحمل كل الضرر، لأن السحر ضرر محض لا نفع فيه، وعلى هذا فهم يستغلون هذه العلوم السرية ضد مصالح البشرية، باعتبارهم رسل الشيطان، وأولياءه المفسدون في الأرض، فيثيرون الحروب والفتن والقلاقل في شتى بقاع الأرض، انظر إلى المجازر البشرية، وارتفاع نسب الطلاق والعنوسة وتأخر سن الزواج، وتفشي الفاحشة والشذوذ، وشيوع الربا، وانتشار البطالة، ناهيك عن انتشار المس والسحر، وظهور أمراض مستعصية عجز الأطباء عن تشخيصها قبل عجزهم عن علاجها، لذلك لا بد من كشف هذه الأسرار وفضحها، رغم فداحة الثمن الذي سوف يتحمله من يقدم على هذا، إلا أن يدعمه الله عز وجل بمدد من عنده.

طالما أن السحر من فعل الشيطان، إذًا فالسحر ماض بإنظار إبليس إلى يوم الوقت المعلوم، وعليه فإن الكرامات والمعجزات لن تنتهي في مقابل السحر، بل إني أجزم بأن المعجزات والخوارق أكثر مضيًا وثباتًا من السحر، لأن المعجزات من صنع الله سبحانه وتعالى، وهي باقية ودائمة بدوام الله تبارك وتعالى، فمن قال بأن زمن المعجزات قد انقضى، فقد قال بتعطيل صفات الله، أليس في خلق مولود كل يوم معجزة؟‍ أليس في إنبات كل حبة معجزة؟ إذًا فأين نحن من المعجزات التي نبأ بها النبي r، كمعجزة نزول المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام؟ وأين نحن من معجزة خروج الدابة؟ وأين نجن من معجزة طلوع الشمس من مغربها؟ وأين نحن من إعجاز القرآن الكريم الذي لم ينقطع إعجازه إلى يومنا؟ن أن السحر ماض .

ولأن السحر فعل الشيطان، والمعجزة فعل الله، ولأن السحر لا يبطله إلا الله، لقوله تعالى: قَالَ مُوسَى مَاجِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ الله سَيُبْطِلُهُ [يونس: 31]، إذًا فإبطال السحر يعد من الخوارق والمعجزات، التي لا يقدر على الإتيان بها إلا الله سبحانه وتعالى، إذًا فمعجزة إبطال السحر تدحض قوة كل أسرار السحرة، لذلك تخلى سحرة فرعون عن سحرهم، لما أدركوا أن هذه الأسرار تجردت من قيمتها أمام المعجزة، إذًا فالسحر لن يهزم على وجه الأرض إلا بإحياء نقيضه، ونقيض السحر هو الخوارق والمعجزات، والخوارق بحاجة إلى أولياء لله صالحين، مسلمين عالمين عاملين غير معصومين.

ولأن المشكلة غير قاصرة فقط على إبطال السحر، والتصدي لبعض الأفراد والجماعات من السحرة، فهذا لا يعني القضاء على السحر نهائيًا، بل إن المعضلة تكمن في قبول العقائد السحرية الباطلة وانتشارها، ومن ثم رسوخها في عقول الناس، وتداولها باعتبارها عادات وتقاليد مشروعة، والتي من شأنها إحياء السحر تلقائيًا، وتوسيع رقعة انتشاره، بمجرد غياب الوعي الديني. لذلك فبيان خصائص عالم الجن، وكشف أسرار السحر والسحرة، من خلال وضع مناهج شرعية للتعامل معهم، من شأنه الإخلال بسرية هذه الخصائص، ونشر الوعي القادر على التصدي لتيارات الدجل المتدفقة تباعًا، وهتك ستار الرجل الأسطورة، مما يكشف سوءته، في أي مكان، أو زمان قد يظهر فيه، وعلى قمة هؤلاء المسيح الدجال ملك اليهود ومعبودهم من دون الله، والمنتظر ظهوره بين الحين والآخر ليعيس في الأرض فسادًا.

فقد زخر القرآن الكريم والسنة المشرفة بكشف أصول أسرار عالم الجن والشياطين، وبينها باستفاضة يعجب لها أولوا الألباب، بل أقولها بملء فمي، وبكل ثقة مطلقة؛ أنهما المصدرين الوحيدين الموثقين، والأكثر إعلانًا وكشفًا لهذه الحقائق على الإطلاق، وبغزارة تثير الانتباه والدهشة. ولكن لا أحد منا يلتفت إلى ذلك، وهذا من عمل الشيطان، لصرفنا عن هذه الحقائق، وقد تنبه أهل الكتاب إلى هذا، من السحرة ورجال الدين منهم، ففزعوا إليهما ينهلون منهما بنهم، ويتم هذا من خلال جمعيات سرية، من مهماتها الأساسية البحث عن المعارف الغيبية، نظرًا لافتقار كتبهم لهذه الحقائق، فهم لا يملكون مصادر موثقة معلنة وغير سرية تكشف هذه الأسرار، فكتبهم رغم ورود ذكر الجن فيها إلا أنهم ينكرون وجودهم، وهذا بسبب ضحالة المعلومات المتضمنة عنهم بشكل بئيس.

هذا في الوقت الذي لم يسعى أحد إلى عصرنا في توضيحها وبيانها من واقع التجربة العملية الشرعية، بينما أهل الضلال من بني جلدتنا سعوا لبيانها ولكن في إطار السحر، كأمثال ابن سينا وابن عربي والسيوطي والرازي، وغيرهم الكثيرين، والذين تشهد عليهم مؤلفاتهم في السحر والروحية، ولكن بعد أن نسج الشيطان حبائله عليهم، فسعوا في الطريق الخاطئ، فبدلاً من الاستفادة منها في علاج الناس ومداواتهم، ولإضعاف تسلط الشيطان على بني الإنسان، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن قبله سليمان عليه السلام، إذا بهم يتواصلون بها بعالم الجن وينشروا بها الأدواء والبلاء. إذًا فدراسة وكشف أسرار عالم الجن ليس بدعة محدثة، بل إن مشروعيتها ومصدر المعرفة الموثقة بها هو الكتاب والسنة، لذلك فمع شيوع السحر وانتشاره في العالم بأسره، صار حتمًا علينا اللجوء إلى الملاذ الآمن الذي نستمد منه الحصانة العقلية والمعنوية كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. وللتخلص من نير الشيطان عن كاهلنا.

تم بحمد الله تعالى