انظر معنا من الآية 38 إلى الآية 43 عندما طلب سليمان عرش سبأ وحين استقر عرشها قام سليمان ببعض التغييرات كمحاولة من سليمان ليعرف قدر ذكائها .. إلى أن ذهبت ملكة سبأ إلى سليمان ورأت عرشها وتعجبت ولكن بعض التغييرات التي حدثت به جعلتها تظن أنه هو فقالت : كَأَنَّهُ هُوَ ...... وبذلك شعر سليمان بقدر ذكائها وفطنتها لأنها قالت ايضاً : عرفنا أنك نبيّ لما رددتَ إلينا الهدية، وقلت ما قلت، فلم نكُنْ في حاجة إلى مثل هذه الحادثة لنعلم نُبوّتك { فَلَمَّا جَآءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا ٱلْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ } (آية 42) فآمنت وأسلمت وبعدت عن الكفر والسجود للشمس... فأين هذا الكلام من الترجوم ؟

الترجوم يذكر بأن سليمان كان يجلس في الحمام وبعض النسخ تقول شقة من زجاج .. فدخلت عليه ملكة سبأ ورفعت ثيابها لكي تعبر الماء ولكن من سياق الترجوم يتضح بأن سليمان كان جالس في غرفة حمام وليس في شقة من زجاج لأن من المؤكد أن سليمان كان جالس في حوض من ماء لأنه شاهد الشعر الموجود في أرجلها وبدأ يدخل في امور نسائية ليست اخلاقة بكونها غريبة عنه ولا يربطهم رباط شرعي ... ثم يحاول رشيد وعماري بمزج القرآن بالتفاسير بحيث أن بعض التفاسير تقول بأن سليمان رأى شعر على رجليها .. فهذه إجتهادات مُفسير وليست لها سند أو حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وطالما أن القرآن لم يذكر هذه الواقعة فالقرآن هو الأصح وهو المصدر الأصلي ولا يعلو عليه قول ... فنحن نتكلم عن كون القرآن جاء بقصة سليمان من الترجوم وليس تطابق كلام المُفسرين لكلام الترجوم لأن الفارق كبير جداً .

اما القرآن فلم يذكر هذه الحكاية التافهة لأن القرآن ذكر بأنها دخلت الصرح (القصر المشيد الفخم , وإما أن يكون البهو الكبير الذي يجلس فيه الملوك) وظنت بأن أرضه مبتله رفعت ذيل ثيابها لتمر من الماء ولكن الملك سليمان نَبهها وقال لها ادخلي لا تخافي بللاً، فهذا ليس لُجةَ ماء، إنما صَرْح ممرد من قوارير يعني: مبنيٌّ من الزجاج والبللور أو الكريستال، بحيث يتموج الماء من تحته بما فيه من أسماك... واسلمت لله مع سليمان ... فأين هذا من الترجوم ؟

يقول عماري بأن الترجوم مكتوب باللغة الآرمية وكتبه يهودي في القرن الرابع الميلادي .. كما أنا أتعجب من هذا الكلام المناقض لطبيعة اليهود الذين يتمسكوا بلغتهم العبرية ويعتبرونها هي اللغة الأقدم في العالم ، كما أن اليهود غيورة جداً على لغتها ، ولشدة غيرتهم نجدهم يرفضوا شراء الذبائح بغير عملتهم فجاء في الأناجيل بأنه وبأمر من قيادات الهيكل سمحوا بوجود صيارفة أمام ابواب الهيكل لتبديل وتغيير العملة الرومانية إلى عملتهم ليتمكنوا من شرائح الذبائح .. فكيف بعد ذلك يدعي عماري بأن يهودي كتب الترجوم بالآرمية .. فلو صدق عماري ، فلمن كتبه وهو يعلم هذا اليهودي بأنه لا أحد من اليهود سيقرئه لأن لغتهم عبرية وليست آرمية .

انتهينا الآن بالدلائل القاطعة وبالمستندات التي قدمها رشيد وحماري (اقصد عماري) بأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقتبس من الترجوم الثاني قصة سليمان وكل المعطيات تثبت ذلك بالدليل القاطع وبالمقارنة بما جاء بالقرآن والترجوم ... فهذه قصة وهذه قصة أخرى مختلف أحداثهما تماما .

نأتي الآن لبعض النقاط الأخرى

* يعتبر عماري بأن الله عندما يهب سليمان ملك ويسخر له الجن والطير وامور أخرى فهذا يعتبر من الخرافات الفارسية ... فنرد على هذا الجهل ونقول :-

فهل تسخير الله العصا لموسى لتكون ثعبان وتشق البحر ، خرافة (خروج7)(خروج8)(خروج9)(خروج10)(خروج 14:16)؟ ، تؤمن الكنيسة بأن الحمار تكلم مع بلعام ، خرافة (عد 22:28)؟ الملائكة تحمل سيوف وتحارب ، خرافة (سفر الاخبار الأول 21: 15)؟ الغربان تحمل الأكل وتقدمه للناس ، خرافة (1مل 17:6)؟ الأكل ينزل من السماء لمدة أربعين يوم ، خرافة(سفر يهوديت 5:15) ؟ الحية تكلم حواء وحواء تكلم الحية ، خرافة (تكوين3:1) ؟ الكنيسة تؤمن بأن الجن يُحيي الموتى لشاول، خرافة {1صموئيل28(7-15)}؟

فكان من باب أولى نقض هذه الأمور التي ذكرها كتاب الكنيسة .

الله عز وجل هو الخالق وناموس الحياة بين يديه وه
و القادر على أن يهب انبيائه ورسله معجزات قد تخالف بعضها البعض ولكن المعجزة في حد ذاتها مخالفة لناموس الحياة طالما انها معجزة .

* يقول عماري بأن تسخير الجن لسليمان هو خرافة فارسية .. ولكن لكونه يريد أن يطعن في الإسلام يطعن في عقيدته أيضاً .. حيث قلنا سابقاً بأنه يؤمن بأن الجن أحيا الموتى لشاول {1صموئيل28(7-15)}؟.. كما أنه يؤمن بأن الملائكة تحارب بسيوف فلماذا لا يُحارب الجن (سفر الاخبار الأول 21: 15) ؟... وهل إحياء الجن للموتى كلام حقيقي ام خرافة ؟ ولو كان الكلام عن الخرافات لكان من باب أولى أن ينتقد رشيد وعماري العهد القديم حين استخدم محتويات الوثنية في اقواله : فقال القس أنطونيوس : أستخدم رب البايبل في سفر أيوب تخاريف أساطير الأولين والخيالات المصرية الوثنية كطائر السمندل أو ما يعرف بالعنقاء وهو أسطورة مصرية عن طائر خرافي ظن قدماء المصريين أنه يعمر ٥٠٠ سنة ثم يحرق نفسه وينبعث ثانية من رماده وهكذا بلا نهاية ، وكذا إستخدم الشاعر العبراني كاتب سفر أيوب مثاًلا مصريًا عن حيوان يسمى لوياثان وهو حيوان هائل جبار ربما كان التمساح بل هو أقرب ما يمكن في و صفه للتمساح ولكن الخيال الشعري المصري أضاف له بعض الأوصاف المخيفة فصارت صورة لوياثان هي صورة مخيفة للتمساح أضيف عليها أوصافًا خيالية على ما يُعرف عن التمساح من قوة .


ولأن السفر موحى به من الله فالله سمح بوجود هذه التشبيهات ليشرح أفكارًا معينة ، فطائر العنقاء يشير إشارة واضحة للقيامة من الأموات ، ولوياثان الجبار هذا يشير للشيطان ... وتقرأ الكنيسة سفر أيوب (الوثني باساطيره وخزعبلاته) يوم الأربعاء واسمه أربعاء البصخة .انتهى كلام القس


فهل أصاب لسان الوحي الشلل والسفه ليعجز في التعبير بلسان العقل والحكمة بدلاً من أن يتحدث بلسان الوثنية وخرافات أساطير الأولين ؟ ، أم هي الوثنية الحق الظاهرة في هذه الديانة المسيحية الفاسدة التي تحاول أن تخفي حقيقة الوثنية الظاهرة في نصوصها ؟

فكيف يحارب الله الوثنية وفي نفس الوقت يستخدم الخزعبلات والتخاريف التي تؤمن بها الوثنية ؟!. ((وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)) .

* يدعي رشيد وعماري بأنه لا يوجد للطير لغة وأنها خرافة .. فيا لها من عقول : قالَ الرّبُّ لإيليَّا: مَرتُ بَعضَ الغِربانِ أن يُطعِموكَ هُناك ، فما هي لغة الغربان لتفهم أن مهمتها إطعام إيليا ؟

* 1مل-17-6: وكانَتِ الغِربانُ تأتيهِ بِخبزٍ ولَحمِ في الصَّباحِ وفي المساءِ..... ما هي لغة الغربان لكي نُسخرها وتُسخر نفسها يومياً صباحاً ومساءً لإحضار الطعام لإيليا ؟ ومن الذي يمونها بالأكل ويقول لها إذهبي لإيليا ؟ وكيف فهمت ذلك ؟ حتى الأشجار تتكلم في العهد القديم (راجع سفر قضاة9).

* وجاء في جريدة الشرق الأوسط الصادرة يوم الجمعـة 08 ربيـع الاول 1424 هـ 9 مايو 2003 العدد 8928 الآتي :-

ابحاث ودراسات حديثة ادت الى تغيير المفاهيم القديمة عن عالم الحيوان الذي لا يزال يخفي الكثير من الاسرار، كما لا يزال الكثيرون من العلماء يتجاهلون موضوع حديث الحيوانات مخافة اتهامهم باضفاء صفات الانسان على الحيوان فضلا عن الخطأ الذي ارتكبه العلماء باعتقادهم ان اصوات الحيوانات شكل بدائي للغة الحديث عند البشر.

ظل العلماء لسنوات طويلة ينظرون الى اصوات الحيوانات على اعتبار انها وسيلتها للتحدث كنداءات الطيور عندما تكون في حاجة الى الطعام او التزاوج او عند رغبتها في التحذير من الاخطار، لكن الابحاث الحديثة اكدت ان نداءات الطيور لها استخدامات اخرى مختلفة وان هناك ناحية بيولوجية تكمن وراء عملية الاتصالات بين الحيوانات.

تقول عالمة الحيوان اليزابيث مارشال في كتابها «عندما تبكي الافيال» ان اصوات الحيوانات ارتبطت في تناسق مع بيئتها الطبيعية والاجتماعية وان قوى التطور قامت بتشكيل اصوات الحيوانات لكي يمكنها مواجهة الكوارث وتجنبها.

وتضيف اليزابيث مارشال قائلة انه اذا كانت اصوات اللغات المختلفة التي يتحدث بها البشر والتي تكون معظم الكلمات لا تجسد صلة جوهرية بين الكلمة ومعناها، فانه في عالم الحيوان تؤدي اصوات الحيوانات المقصود منها، اضافة الى ان الحيوانات الكبيرة الحجم تصدر اصواتاً منخفضة والحيوانات الصغيرة الحجم تصدر اصواتاً عالية. كذلك تعني الاصوات المنخفضة للحيوانات (الزمجرة) العدوان والاصوات العالية لها (العواء) تعبر عن الخوف.

وطائفة كبيرة من الحيوانات مثل الفيلة والخنازير والقرود والصقور والبط والابقار تتبع القاعدة العامة في اصدار اصواتها فيما عدا الكلاب التي تشذ عن القاعدة وربما يكون السبب في ذلك انها تعيش بصفة مستمرة بالقرب من الانسان.

من جهة اخرى، يقول جاك كوستو، عالم البحار المعروف، ان المحيطات عالم صامت، والصمت فيه صمت صحي بالنسبة للبشر الذين اذانهم غير معدة للسمع تحت الماء. واذا حاول احد الغوص في اعماق المياه وهو يحمل جهاز تنصت مائي فسوف يصاب بالذهول للكم الهائل من الاصوات التي يسمعها من جميع الكائنات البحرية التي تصدر اصواتاً معينة للتحذير من وجوده.

وقد اثبتت الدراسات ان لغة الطيور تختلف من بيئة لاخرى، فالطيور التي تعيش في بيئة مستقرة مع نفس الجيران لسنوات طويلة تختلف في صيحاتها عن الطيور الاخرى التي تعيش في بيئة تكثر فيها الاخطار.. فالطيور في البيئة الاولى تصدر عنها اصوات غير مرتفعة والطيور في البيئة الثانية تصدر عنها صيحات غاضبة تحمل تهديدات للدفاع عن اعشاشها.

وفي الاسبوع الماضي عثر الباحثون في غابات الامازون على فصيلة من القردة تتحدث بلغة واضحة وتمكنوا من احصاء عدد الكلمات التي يستخدمها القرود فوجدوا انها تستخدم 524 كلمة.

وراجع جريدة الشرق الأوسط الصادرة يوم الاربعـاء 17 محـرم 1427 هـ 15 فبراير 2006 العدد 9941 وموضوع الكائنات الحية تكذب وتشتم كالبشر وتعرف الثنائية اللغوية .

وراجع كتاب «علم الأصوات الحيوية ـ عمّ تتكلم الحيوانات؟»

المؤلفة: الروسية ستيشكوفسكايا متخصّصة في علم حديث يعرف بـ«علم الأصوات الحيوية»

المترجم الكتاب خالد احمد خلف

الناشر: دار «علاء الدين»، دمشق

* قول رشيد وعماري بأنه لماذا ذهب سليمان لمملكة سبأ وعلى بعد 1300 كم ليُحاربها لتعتنق دينه وكان حول دولته أمم أخر وثنية لم يتعرض لها .. فنقول :-

أولاً : الهدهد جاء بنبأ مخالف عن ما حول دولة سليمان حيث أنهم عبدة أوثان ولكن ملكة سبأ كانت تعبد الشمس .

ثانياً : قدر الله ماشاء فعل وهو خالق الكون ومُدبره وهو الرزاق .. حيث سبب الأسباب ليذهب الهدهد لمملكة السبأ والتي ستصبح شريكة حياة سليمان ويتزوجها .

ثالثاً : سليمان لم يغزو أحد ولم يحارب ملكة سبأ لأن رد ملكة سبأ على رسالته بهدايا يعني بأنها ترفض القتال .. لذلك كان رفض سليمان للهدايا يؤكد لملكة سبأ بأنه لا يطلب المال أو الجاه ولكنه نبي يدعو لعبادة الله فقط لأن لو كان سليمان يسعى للجاه والمال فهو قادرعلى أن يرسل لها بجيش لا قِبل لهم به ويحولهم من ملوك إلى عبيد .

لذلك قول سليمان : { ٱرْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لاَّ قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَآ أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ }

رابعاً : قول سليمان لوفد ملكة سبأ :
{ وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَآ أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ }
[النمل: 37]

وكأنه يكشف لهم عن قَوْل ملكتهم:
{ إِنَّ ٱلْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوۤاْ أَعِزَّةَ أَهْلِهَآ أَذِلَّةً }
[النمل: 34]

وهذه من إشراقات النبوة... لأن كلام سليمان هو كلامُ النبوة التي لا تقبل المساومة، لا كلام الملك الذي يسعى لحطام الدنيا.

إذن سليمان ما كان يُريد التهديد أو الوعيد أو غزو سبأ بل كلامه جاء رداً على الهدايا المرسلة من ملكة سبأ لأن لو أن سليمان يريد ملكاً وكنوز لأرسل لها جيش لا قِبل لهم به .

* من احد الأسئلة المطروحة سؤال يقول بأنه ما هي اللغة التي تحدث سليمان بها مع الهدهد والنملة ؟ أرد عليهم وأقول هذا في علم الله فالعلم بهذه النقطة لا يُفيد وجهله لن يضر.. ولو كانت الأسئلة بهذا الأسلوب لسألت رشيد وعماري وكل مسيحي ويهودي بقول : ما هي اللغة التي تحدثت بها الحية مع حواء ؟ وما هي اللغة التي تحدث بها بلعام مع الاتان(انثى الحمار).كما جاء بالعهدين(عد 22:28) ؟ .


السؤال الأخير
هل للقرآن أدلة تثبت صحة هذه القصص؟ الرد على هذا السؤال هو :-

أولاً : القرآن هو كلام الله وتعهد الله بحفظه بقوله : إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ .

ثانياً : كل الدلائل الجغرافية تؤكد بوجود مملكة لسليمان ومملكة لسبأ .

ثالثاً : أي خلاف يحدث بين طرفين وكلاً منهم يعتمد على سنده فالفاصل في ذلك هو صحة هذا السند .. وطالما أن الكنيسة بنفسها وكل الدلائل والمستندات التي تم تقديمها سابقاً حول ما جاء بكتب الكنائس بالتشكيك في صحة كتابها المدعو مقدس والأخطاء التي وقت به ..وكذا إثبات الإختلافات وبين ما جاء بالترجوم وما جاء بالقرآن وعترافكم بأن الترجوم كتاب خرافي .. إذن نصل في النهاية بصحة الرواية كما ذكرها الله في القرآن .

أسال الله أن يتقبل منا صالح الأعمال .