بسم الله الرحمن الرحيم
نكمل على بركة الله حديثنا عن ر حمة و تسامح عباد المسيح في أستراليا، البلد الذي شهد أحد أبشع مذابح التاريخ. و سأحول الاختصار كالعادة لأن الجريمة كبيرة و فصولها متعددة يصعب ذكرها بالتفصيل.
عاش شعب الأبوريجان عل أرض أستراليا منذ آلاف السنين (مابين 40000 الى 60000 سنة)، كانت حياتهم بسيطة للغاية تقوم على البحث عن الطعام و تقديس الاههم الذي لا يمكن أن يكون له شرج( هذا ذكرني باحدى مناظرات الشيخ أحمد ديدات رحمه الله) اضافة الى اقامة الاحتفالات و الطقوس الدينية، كما أنهم كانوا يتميزون بقوة الروابط الأسرية و العائلية مما يدحض ما روج عليهم من أكاذيب صورتهم على أنهم همج و متوحشون.
المهم، استمرت حياة هؤلاء الناس على أرض أستراليا لآلاف السنين و هم يعيشون بسلام الى أن..........
في سنة 1605 وصل أول أوربي الى أستراليا في شخص الهولندي Willem Janszoon، بعد ذلك جاء الدور على الاسباني Luis Váez de Torres ، و توالى وصول العديد من المستكشفين الأوربيين، لكن الاكتشاف الحقيقي لهذا البلد يعود الى James Cook الذي استولى سنة 1770 على السواحل الشرقية باسم ملك انجلترا و أسس هناك أول مستعمرة خصصت كسجن نقل اليه 800 سجين من بينهم معارضون ايرلنديون.
فكيف كانت العلاقة بين المستعمرين القادمين من البحر وبين السكان الأصليين؟
شكل اللقاء بالمستوطنين الأوربيين كارثة حقيقية بالنسبة للأبوريجان (الذين كان تعدادهم آنذاك حوالي 1000000 نسمة، موزعين على 500 قبيلة) الذين اعتبروا كبقايا من العصر الحجري و اعتبرت أرضهم التي قطنوها لآلاف السنين "Terra nullius""أرض خالية"، و بموجب هذا الوصف فقد تم الاستيلاء على أراضيهم بالقوة و دفعهم للتراجع الى المناطق الداخلية. و نتيجة لتكرار هذا العمل الوحشي قتل الكثير من السكان الأصليين اما لرفضهم الخروج من أراضيهم و اما بسبب الأمراض التي جلبها المستوطنون معهم فتقلصت أعدادهم بشكل رهيب للغاية، ومن ظلوا على قيد الحياة تم تجميعهم داخل محميات صغيرة جدا لا طعام فيها و لا أمل في الحياة.
هنا وفي هذه اللحظة جاء دور الكنيسة التي رأت في ذلك فرصة لتنصير هؤلاء " الهمج" حيث عملت و كعادتها على ترسيخ الاستيطان و ذلك عبر المسخ الثقافي (بالقوة) للشعوب المستهدفة لتسهيل تدجينها و استعبادها، فكانت ترسل الارساليات ال داخل المحميات لتنصير الناس فيها مقابل اغراءات بتوفير الطعام لهم و اذا رفضوا يتم التضييق عليهم و ادخال الجنود لتعذيبهم و سرقة أطفالهم و وضعهم داخل الأديرة.
و استمرت الجرائم بمباركة الكنيسة
أنظر أسفل المرفقات
ودخل القرن 20م، فهل تغير شيء؟
لقد عرفت المرحلة مابين 1910م و 1970م جريمة أخرى هي استمرار للمسلسل السابق و البطولة دائما من نصيب الآب و الابن و الروح القدس. جريمة سميت ب " الأجيال المسروقة"، نعم لقد سرقت أجيال جديدة تضاف لمل سرق خلال القرن 19م.
فما بين 1910 و 1970 تم بالقوة خطف أكثر من 100000 طفل من الأبوريجان، أطفال أخذوا عنوة من بين أهاليهم تحت تهديد الشرطة و ضباط الصحة العامة، أطفال أغلبهم لم يتجاوز سن الخامسة.
أنظر أسفل المرفقات
فما الذي حدث لهؤلاء الأطفال؟
وضع أغلبهم بين يدي مؤسسات الدولة و الكنيسة حيث عانوا من سوء التغذية و من التحرش الجنسي، كما تم العمل على عدم توفير التعليم المناسب لهم بل تم توجيههم نحو الأعمال المنزلية أو داخل المزرعات.
و الهدف المنشود هو محو كل ما يرتبط بالثقافة الخاصة بالأبوريجان و لن يتم ذلك الا بابعادهم عن أسرهم و منعم من ممارسة تقاليدهم بالاضافة الى تنصيرهم ليصبحوا عبادا للصليب و بالتالي قابلين للتدجين، و للقيام بذلك كانوا يرسلوهم في بعض الأحيان الى خارج أستراليا ليتم تبنيهم من طرف عائلات نصرانية. فماذا كانت النتيجة؟
أبناء تربوا في بيئة معادية لهم بلا رابط أسري بلا هوية ثقافية و بلا مثال أبوي يتعلمون منه، فكانت النتيجة شباب بلا روح، شباب يعاني من الدونية ومن احتقار الذات، شباب لا يجد الحل الا في المخدرات و الكحول و الانتحار اذا اقتضى الحال، فكيف بجيل كهذا أن بنجب و يربي أجيال تأتي من بعده و هو الذي لم يذق معنى الأسرة.
أنظر أسفل المرفقات
دمرتم أجيالا بأكملها فطوبى لكم يا نصارى.
ثم ماذا بعد؟
قتل شعب بأكمله أصبح على حافة الانقراض(من 99% الى 1.4%)، محيت ثقافته، دمرت أجيال باسم الدولة النصرية و الكنيسة الانتهازية، و بعد كل هذا يأتون بكل تبجح و يعلنون:
* الدولة تعترف جزئيا و تنفي أغلب الجرائم عن نفسها، و تعلن البدء في اعطاء بعض الحقوق الأبوريجان(لدر الرماد في العيون)، لكن بد ماذا؟ فقط بعد أن تأكدوا من القضاء عليهم.
* البابا يرسل رسالة اعتذار الى الأبوريجان، لا يعترف فيها بمسؤولية الكنيسة بل يرمي بكل الجرائم المخطط لها في دهاليز الكنيسة على ظهر بعض ضعاف النفوس من المبشرين!!!!!!!!(مؤسسة مثل الكنيسة يرتكب أعضائها على مدى قرنين من الزمان أفظع الجرائم و هي لا تدري شيئا و لو علمت به لمنعته!)، بل و أكثر من ذلك فقد جعل البابا في رسالته الكنيسة ضحية يجب التباكي عليها، و لهذا كله فقد رفضت أغلب الجمعيات الممثلة فعلا للأبوريجان هذا الاعتذار.
نقرأ في كتابكم يا نصارى (متى:الاصحاح5/العدد39-42):
39"أَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ بِمِثْلِهِ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ، فَأَدِرْ لَهُ الْخَدَّ الآخَرَ؛": أين هو الخذ الآخر يا منافقين؟ شعب لم يفكر أبدا في لمس و لا حتى رؤية خدكم الأيمن فذبحتموه بدم بارد.
"40وَمَنْ أَرَادَ مُحَاكَمَتَكَ لِيَأْخُذَ ثَوْبَكَ، فَاتْرُكْ لَهُ رِدَاءَكَ أَيْضاً؛": شعب لم يطمع يوما فيكم و لا حتى في المنام فجوعتموه و عريتموه.
"41وَمَنْ سَخَّرَكَ أَنْ تَسِيرَ مِيلاً، فَسِرْ مَعَهُ مِيلَيْنِ.": شعب لم يفكر يوما في أن يسخر حتى الحيوان سخرتموه و استعبدتموه.
"42مَنْ طَلَبَ مِنْكَ شَيْئاً، فَأَعْطِهِ. وَمَنْ جَاءَ يَقْتَرِضُ مِنْكَ، فَلاَ تَرُدَّهُ خَائِباً!": شعب لم يطلب منكم شيئا فأخذتم بالغصب. و لم يقترض منكم فنهبتم خيراته.
و بعد كل هذا تأتون و بوقاحة ما بعدها و قاحة لاعطائنا نحن المسلمين الدروس في التسامح، خسئتم يا تجار الصليب، ففعلا اذا لم تستحي فاصنع ما شئت.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
المفضلات