الجزء الثالث :
* المرحلة الثانية: من عام 11هـ إلى عام 114هـ:
تضم هذه المرحلة عصر الخلفاء الراشدين، وصدر الإسلام، وعلى وجه التحديد: من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ، إلى معركة «بلاط الشهداء» في زمن الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك، حيث بلغت الدولة الإسلامية الفتية أقصى اتساعها في غرب أوروبا، وشارفت جيوش عبد الرحمن الغافقي ـ رحمه الله ـ على اجتياح فرنسا. وتمثل هذه المرحلة «المرحلة الذهبية» للإسلام مع النصرانية، حيث تم طي بساط النصرانية عن الأقاليم المعمورة؛ في الشام، والعراق، ومصر، المغرب، بل وإسبانيا، وجنوب فرنسا، ونشرت أعلام الإسلام عبر سلسلة متتابعة من الفتوحات السريعة المذهلة، كان قوادها ولحمة سداها أصحـاب محمد صلى الله عليه وسلم .
يقول برنارد لويس(3): (لقد وصل محمد إلى السلطة والحكم أثناء حياته، وقد أسس بنفسه أول دولة إسلامية، وحَكَمَها مع أصحابه، لقد انتهت مهمة الرسالة الروحية لمحمد بوفاته، ولكن رسالته الدينية والسياسية استمرت على يد خلفائه. وتحت حكم الخلفاء؛ تقدم المسلمون من انتصار إلى انتصار، وبالتالي نشأ خلال قرن واحد كيان شاسع الأصقاع، يمتد من حدود الهند والصين، إلى جبال البيرينيه، وسواحل المحيط الأطلسي. وهو كيان يحكم ملايين الأتباع، وبأعدادٍ هائلة؛ ممن اعتنقوا الدين الجديد... إن تاريخ الدولة الإسلامية المبكر الذي يحظى بالقداسة؛ يشكل جوهر ولب ذاكرة ووعي المسلمين في كل مكان، وهو يحكي قصة الفتوحات السريعة المتواصلة، والتي تساقط أمامها زعماء العقائد الفاسدة التي تضطهد شعوبها.
لقد وصل الإسلام إلى الانتصار النهائي؛ سواء من حيث العقيدة أو السلاح، وأوصل كلمة الله إلى البشرية كلها، وفرض الشريعة الإلهية على العالم كله)(4). (.. وهكذا، فعندما وصل المسلمون في العصور الوسطى إلى صقلية، وإسبانيا، والبرتغال؛ شاهدنا بعد فترة قصيرة عمليات تحول ودخول جماعات كثيرة من النصارى إلى الدين الجديد)(5). ويقول «جيبون»: (لو انتصر العرب في تور ـ بواتييه، لتُلي القرآن وفُسّر في أكسفورد وكمبردج)(6( .
يتبع الجزء الرابع بإذنه تعالى
:::::::::::::::::::::::::::
المفضلات