

-
شبهه أخرى :-
- يحتج النصارى على اختصاص المسيح بالبنوة والإلوهية دون سائر الأنبياء والرسل بأنه كلمة الله الأزلية التي انفصلت عنه واتحدت بالمسيح من دون سائر البشر ، فكان ابناً بالطبع و ليس ابناً بالوضع الجواب : إنما خص المسيح بتسميته كلمة الله دون سائر البشر ؛ لأن سائر البشر خلقوا على الوجه المعتاد في المخلوقات ، بخلق الواحد من ذرية آدم من نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم ينفخ فيه الروح ، و خلقوا من ماء الأبوين ( الأب والأم ) . والمسيح عليه السلام لم يخلق من ماء رجل ، بل ما نفخ روح القدس في أمه حبلت به ، و قال الله له ( كن ) فكان ، و لهذا شبهه الله بآدم في قوله {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون } فإن آدم عليه السلام خلق من تراب و ماء فصار طيناً ، ثم أيبس الطين ، ثم قال له : ( كن ) فكان بشراً تاماً بنفخ الروح فيه ، و لكن لم يسم كلمة الله ؛ لأن جسده خلق من التراب والماء ، و بقي مدة طويلة يقال : أربعين سنة ، فلم يكن خلق جسده إبداعياً في وقت واحد ، بل خلق شيئاً فشيئاً ، و خلق الحيوان من الطين معتاد في الجملة ، وأما المسيح عليه السلام فخلق جسده خلقاً إبداعياً بنفس نفخ روح القدس في أمه ، قيل له : ( كن ) فكان له من الاختصاص – بكونه خلق بكلمة الله – ما لم يكن لغيره من البشر . أنظر الجواب الصحيح ( 2/166) .
- يقول ابن تيمية : إن النصارى عمدوا إلى ما هو جسد من جنس سائر أجساد بني آدم ، و قالوا : ( إنه إله تام وإنسان تام ) ، و ليس فيه من الإلهية شيء فما بقي - مع هذا – يمتنع أن يعتقد في نظائره ما يعتقد فيه .
فلو قال القائل : إن موسى بن عمران كان هو الله ، لم يكن هذا أبعد من قول النصارى فإن معجزات موسى كانت أعظم وانتصاره على عدوه أظهر و قد سماه الله في التوراة إلها لهارون و لفرعون . انظر سفر الخروج (4 :16 ، 7 :1 ) . والجواب الصحيح ( 3/174) .
ثم يقول : والمعجزات التي احتججتم بها للمسيح قد وجدت لغير المسيح ، ولو قدر أن المسيح أفضل من بعض أولئك ، فلا ريب أن المسيح عليه السلام أفضل من جمهور الأنبياء ، أفضل من داود وسليمان و أصحاب النبوات الموجودة عندكم ، و أفضل من الحواريين ، لكن مزيد الفضل يقتضي الفضيلة في النبوة والرسالة ، كفضيلة إبراهيم وموسى و محمد صلوات الله عليهم و سلامه ، و ذلك لا يقتضي خروجه عن جنس الرسل ، كما قال تعالى {ما المسيح بن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام أنظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون } و قال تعالى { و قال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي و ربكم أنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار و ما للظالمين من أنصار } .
وجماع هذا القول : إن سائر ما يوصف به المسيح عندهم و يدّعون اختصاصه به من كونه ابناً لله و كونه مسيحاً و كون الله حل فيه ، أو ظهر أو سكن أو أظهر المعجزات على يديه .. كل ذلك موجود عندهم في حق غير المسيح ، فليس للمسيح اختصاص بشيء من هذه الألفاظ في كلام الأنبياء توجب أن يكون هو الله أو ابن الله بل قد عرف – باتفاقهم واتفاق المسلمين – أن المراد بتلك الألفاظ حلول الإيمان بالله ومعرفته ، و هداه و نوره ومثاله العليّ في قلوب عباده الصالحين .
و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
كتبه : أبو عبد الله الذهبي
====================================================
بارك الله فى علماء المسلمين فى حجة الأسلام ابن تيمية الذى علمنا كيف نفند ونناظر وندفع الحجة بالحجة والأستلال السليم وليس القياس الفاسد والتأويل الباطل
التعديل الأخير تم بواسطة نوران ; 18-03-2009 الساعة 10:00 AM
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة Habeebabdelmalek في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 3
آخر مشاركة: 07-01-2012, 09:07 PM
-
بواسطة ismael-y في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 5
آخر مشاركة: 23-01-2007, 08:13 AM
-
بواسطة fares_273 في المنتدى منتدى غرف البال توك
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 17-10-2005, 06:37 AM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات