محمود سلطان : بتاريخ 12 - 10 - 2005
ليتسع صدر البعض من الذين سيغضبهم بالتأكيد اضطراري إلى استخدام هذه القسمة "نحن" و "هم" .. إذ لا حيلة لي في تجنب ذلك و نحن نناقش "الهم القبطي" في وطن يشاركهم فيه "الأخر" المسلم بهمومه هو أيضا .
و كما قلت في مقال سابق فإن الكلام في العموميات يعتبر تضليلا و اخفاء للحقائق و شوشرة عليها ، و بعض الأقباط يثيرون قضيتهم ـ إذا افترضنا أن ثمة قضية قبطية فعلا ـ بهذه الطريقة التي تعطي شعورا "زائفا" بوجود "مشكلة قبطية" في الوقت الذي يتهرب فيه من الدخول في مناقشة و حوار هاديء حول تفاصيل ما يعتبره مشكلة ! و في تقديري فإن ترك بعض الأقباط يثيرون القضية على طريقة "اضرب و هرب" ستُبقي المشهد المتوتر في مصر بين المسلمين و الأقباط على حاله دون حل .
صحيح أن بعض الأقباط من الأبرياء راحوا ضحية الصدام الدامي بين السلطة و الجماعات الإسلامية المسلحة في التسعينيات ، إلا أنه ينبغي أن نتفهمه بأنه جاء في ظرف تاريخي استثنائي وفي إطار "ثأري" بين السلطة و الجماعات .. لا "طائفي" بين مسلمين و مسيحيين ، فضلا عن أن معظم من قضوا سواء من الطرفين(السلطة و الجماعات) أو من المدنيين الذين لا ناقة لهم و لا جمل في الأمر كله كانوا من المسلمين ، حتى تلك الاعتداءات التي تعرض لها أقباط بمبادرات فردية ، كانت صادرة من "متطرفين" أدان صنيعهم علماء الأمة و فقهاؤها ، و عامة المسلمين و خاصتهم ، فليس من الإنصاف و العدل والعقل و الحكمة أن يتخذه بعض أقباط الداخل و "سفهاء" أقباط المهجر ، ذريعة ـ كما صرح بلا خجل أحدهم ـ لاستدعاء المارينز الأمريكي لقصف مصر بصواريخ كروز !
البعض من الأقباط ـ مثلا ـ يتهم النظام بأنه يحتكم إلى معايير طائفية في تعامله مع المصريين ، و إنني أكاد أتفق معهم في هذا الرأي ، لكن ليس من قبيل المفاجئة إن قلت أنه يتعامل بطائفية ممقوته مع المسلمين و ليس مع الأقباط ! وزير التربية و التعليم السابق د. حسين كامل بهاء الدين ـ مثلا ـ سمعته بنفسي في ندوة بنقابة الصحافيين ـ و نشر كلامه في الصحف بعد ذلك ـ قال إنه قرر استبعاد 2000 معلم من التدريس و إحالتهم إلى العمل الإدراي ، بسبب أنهم "مسلمون متدينون" ، بل إن مئات مثلهم تقرر حرمانهم من العمل بالتدريس للسبب ذاته ، و غالبيتهم حصلوا على أحكام قضائية نهائية لعودتهم للتدريس ، غير أن الوزير لم يحترم أحكام القضاء و أصر على حرمانهم من حقهم في العمل..! فقط لكونهم "مسلمين متدينين"! و بالمثل فإن كل من يثبت أنه "مسلم متدين" فلا نصيب له في أن يلتحق بالأكاديميات العسكرية و الشرطية ، ولا أن يعمل في سلك القضاء و النيابة العامة ، و لايرتقي في السلم الوظيفي و لا يتولى مناصب عامة إلى أن يتوفاه الله تعالى !
و في هذا الإطارأيضا فإنه ـ و على سبيل المثال لا الحصر ـ لا يوجد معتقل قبطي واحد في قضية سياسية أو في قضايا رأي فيما تحشر الزنازين بعشرات الألوف من المسلمين بلا محاكمة منذ ما يزيد عن عشر سنوات ، بل إن الدولة في كل أحداث "شغب قبطية" تبدي سعة صدر و صبرا لا يمكن أن تحتمله مع من لا يحظون بحماية الكنيسة ، بل كانت رحيمة بثلاث قساوسة ثبت إدانتهم بإشعال فتنة الكشح و من بينها حمل السلاح في وجه الدولة ، و مع ذلك تم إحالتهم إلى الكنيسة لمجازتهم "تأديبيا" !!.. ترى لو كان من بين هؤلاء .. مثيري الفتنة رجل دين مسلم ، أكان يعامل بمثل هذه الرحمة ؟!
فضلا عن أن بناء مسجد في دولة مسلمة مثل مصر ، قد بات من قبيل من يطلب "لبن العصفور" ـ و إذا بني بعد طلوع الروح فإنه لا يفتح أكثر من 40 دقيقة في اليوم الواحد ، ثم يغلق بالضبة و المفتاح ، فيما نرى الكنائس مشرعة أبوابها 24 ساعة و لا يجرؤ "التخين" على أن يسأل عما يجري بداخلها !!
و الأمثلة على انحياز النظام "الطائفي" ضد المسلمين لا تعد و لا تحصى و لايتسع المقال للاحاطة بها ، و مع ذلك فعلينا أن نقر أن ثمة مشاكل و هموم مشتركة يتقاسمها المسلمون و الأقباط و يسددون فواتيرها معا نتيجة طريقة إدراة هذا النظام للبلد باعتبارها عزبة أو تكية و تقسيم المصريين إلى ولاد ناس وولاد بطة سوداء مسلمين كانوا أم اقباطا .. و هو ما سنتناوله لاحقا إن شاء الله تعالى
المصدر: جريدة المصريون:
http://www.almesryoon.com/ShowDetail...ID=5867&Page=1
المفضلات