الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولاعدوان إلا على الظالمين, وأشهد أن لا إله إلا الله إله الأولين والآخرين وقيوم السموات والأرضين الذي لاعز إلا فى طاعته ولا غنى إلا فى الإفتقار إليه, وأشهد أن محمد عبده ورسوله وصفيه وخليله وصفوته من خلقه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد فى الله حق جهاده حتى آتاه اليقين ,
الله سبحانه وتعالى يتحدث إلى أهل الكتاب فى سورة النساء أيضاً فى الآية السابعة والأربعين والثامنة والأربعين والتاسعة والأربعين والخمسين يقول ربنا سبحانه(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آَمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (47) إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48) (49) انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا (50) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا سَبِيلًا .
ياأيها الذين أوتوا الكتاب أي نداء موجه للذين أوتوا الكتاب وهو النداء السابع (آَمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ ) أي الذي أنزلناه على محمد ليس غريباً ومحمد نفسه ليس غريباً فهو رسول قد خلت من قبله الرسل صلى الله عليه وسلم إذاً فهو ليس بجديد وإنما هو كإخوانه الذين سبقوه من المرسلين وقول الله تعالى مصدقاً لما معكم مع قوله تعالى مهيمناً يعطينا صفة القرآن فالقرآن مصدق ومهيمن فما أقره القرآن فهو صدق وما نفاه القرآن فهو كذب وزور فالقرآن هو المهيمن على مابين يديه من الكتاب ,( مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا ) فكما طمسوا كتب الله يطمس الله وجوههم (فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا) أي بدلاً من أنها وجوه أمامية ستصبح خلفية أي محل القفا أي عكس كل شئ كما عكسوا آيات الله وبدلاً من أن كتب الله تؤدي إلى الجنة فقد بدلوا كلماتها وجعلوها تؤدي إلى النار وبدلاً من أنها كتب حق أصبحت كتب باطل بفعلهم فطمسوها وغيروها(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آَمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا )وأصحاب السبت هم اليهود قبحهم الله وقصتهم معروفة ومشروحة فى سورة البقرة وفى سورة الأعراف أيضاً.
فبطمسهم وتغيرهم وتبديلهم لكلمات الله سبحانه جعلوا الكتاب مكدساً بكلام موضوع بأيديهم ماأنزل الله به من سلطان بدلاً من أن يكون كتاباً مقدساً أنزله الله على رسوله المسيح عليه السلام,
فى الآية الحادية والسبعين بعد المئة من سورة النساء يقول الله تبارك وتعالى (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (171)
والغلوا فى الدين هو باب الفساد وليس هناك شخصية من شخصيات التاريخ غال فيها الناس من باب الإفراط أو من باب التفريط كشخصية عيسى عليه السلام فهناك من أفرط فجعله إله وهناك من فرط وجعله ابن إله والخلاف فيه شديد والطوائف مختلفة فأنزل الله القرآن ليحدد حقيقة المسيح حينما يقول الله تبارك وتعالى(155) وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ) فهنا يتبعون الظن أي شبهات وشكوك وظنون
وأتى محمد صلى الله عليه وسلم فوضح لنا حقيقة هذه الشبهات والشكوك والظنون وقال كل شئ صلى الله عليه وسلم
وأخبرنا الله سبحانه وتعالى على لسانه عن الحقائق التي كانت غائبة أو بعنى صحيح الحقائق التي تبدلت !! ففي سورة المائدة تأتي نداءات خمسة , النداء الأول فى الآية الخامسة عشرة(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ )
وهنا يبين لنا الله أن هناك أشياء من الكتب أخفيت تعمداً وتعمدوا إخفاءها
جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ )أي كاشف للحقائق ومن أول الحقائق التي أقرها القرآن هى كفر الذين قالوا أن المسيح ابن مريم هو الله فقال تعالى(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ )
ثم قال الله تعالى(قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17)
من يستطيع أن يدافع عنهم إن أراد الله إهلاكهم؟
والحقيقة الثانية هي كفر الذين جعلوا الله ثلاثة أي عملية التثليث فقال عز وجل(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ )
الحقيقة الثالثة أن المسيح وأمه بشر ممن خلقهم الله سبحانه وتعالى وأنظر آداب الحديث فى القرآن الكريم
فقد وصف الله سبحانه وتعالى المسيح عليه السلام وأمه أنهم كانا يأكلان الطعام أي أن صفاتهم هى صفات بشرية يأكلان ويشربان ويتبرزان فقال تعالى(مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ ) فياله من إله يجل خلقه ولم يجرحهم , فتبارك ربنا وتعالى عما يصفون ويشركون وللحديث بقية إن شاء الله
المفضلات