ما تدل عليه الآيات من وقوع خطيئة آدم خطاءا و نسيانا


بينت الآيات أن الشيطان وسوس لآدم عليه السلام ، و كانت وسوسة الشيطان لآدم بصورة القرب و المشارفة فقد تعدت بحرف الجر (( إلى )) الذي يفيد الغاية فقد قال تعالى : ﴿ فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى ﴾ [1] ، و الوسوسة بصورة القرب و المشارفة غير الوسوسة بصورة النفوذ في القلب و الولوج في الصدر و السلطان علي الشخص بنحو يوَثر فيه ، و إن كان لا يسلب عنه الاختيار و الحرية ، و التي يدل عليها قوله تعالى : ﴿مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ [2] ، و وسوسة الشيطان لآدم عليه السلام كانت وجها لوجه لا كما يوسوس الشيطان للناس فقد دلت الآيات أن الشيطان كان يتراءى لآدم وحواء قال تعالى : ﴿ فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى ﴾[3] و (( هذا )) إشارة للقريب مما يدل على أن الشيطان كان مرئي لهما ، و قال تعالى حكاية عن الشيطان : ﴿ فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى ﴾[4] فالشيطان قال لآدم ، و القول يدل على متكلم مشعور به ، و كذلك قسم الشيطان لآدم و حواء في قوله تعالى : ﴿ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ﴾[5] و القسم إنما يكون من مقاسم مشعور به ،و الوسوسة كانت بالإيهام بالنصح و الإرشاد فقد قال تعالى : ﴿ فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ﴾[6] أي : و أقسم الشيطان لآدم و حواء بالله إنه ممن ينصح لهما في مشورته عليهما بالأكل من الشجرة ، و هو كاذب في ذلك[7] ، فوسوسة الشيطان لآدم كانت كانت بالقرب والمشارفة و التراءى و المقاسمة بالله بالنصح مما جعلت آدم عليه السلام ينسى عهد الله بألا يأكل من الشجرة و أن يحذر الشيطان كما في قوله تعالى : ﴿ وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً [8] .







[1] - طه الآية 120
[2] - الناس الآيات 4 - 5
[3] - طه الآية 117
[4] - طه الآية 120
[5] - الأعراف الآية 21
[6] - الأعراف الآية 20 - 21
[7] - التفسير الميسر
[8] - طه الآية 115