تابع نفس مطمئنة


إذن النفس المطمئنة .. النفس الواثقة هذه مطلب ديني لك أيها الإنسان ..
مطلب لكي تحقق دين الله على الأرض ..
مطلب لكي تحقق لك السعادة لك أنت أيها الإنسان ..
مطلب لكي هي الطريق المعبّد بإذن الله أو واحد من الطرق المعبّدة إلى الجنة بإذن الله سبحانه وتعالى إن كان معها صحة في المنهج ..

إذن نحتاج إلى نفوس واثقة .. نحتاج إلى هذه النفوس والنبي صلى الله عليه وسلم أشار إليها في مواطن كثيرة : ( خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام )
يتكلم عن البنية النفسية .. يتكلم عن الشخصية ثم يضيف : ( إذا فقهوا )
قالها صلى الله عليه وسلم ..
وإن أنسى لا أنسى أيها الكرام ثمامة بن هتاف : انظر تلك الشخصية المتزنة .. تلك الشخصية المتوافقة مع حاجاتها مع ذاتها حتى قبل إسلامه رضي الله عنه ..
كلن يسير قريبا من المدينة ربما كان تائها فرآه نفر من الصحابة ما عرفوه .. لكن عرفوا أنه رجل كافر ذلك الرجل فأخذوه وأتوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم ..
فعرفه النبي صلى الله عليه وسلم فربطه في سارية من سواري المسجد ..
كان يمر عليه كل يوم فيسأله : ( يا ثمامة أسلم ) ..
قال يا محمد ( إن تعفُ تعفُ عن شاكر وإن تقتل تقتل ذا دم ) ..
انظر إلى النفس المتزنة .. لننسى أنه كافر أيها الكرام .. انظر الاتزان في التعبير الداخلي .. لم يصرخ بهدوئه بطمأنينة بثقته في نفسه من الداخل : ( إن تعفُ تعفُ عن شاكر وإن تقتل تقتل ذا دم) ..
فيتركه النبي صلى الله عليه وسلم ثم يعود إليه في اليوم الثاني فيسأله فيجيب ثمامة بنفس الجواب ..
ثم يأتي النبي صلى الله عليه وسلم باليوم الثالث فيسأله ذات السؤال فيجيبه ثمامة ذات الجواب ..
ثم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإطلاق سراحه .. فخرج إلى أقرب بئر من المدينة فاغتسل ثم دخل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ..
لم يشهدها بقوة إيمانه لأنه بالكاد الآن قد أسلم .. إن الثقة التي كان يتعامل بها مع النبي عليه الصلاة والسلام بتلك النفس هي ذات النفس التي أخرجته إلى البئر وعادت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم شاهداً أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ..
بنفس النفس واسمحوا لي على الجرأة التي دخل بها أول رجل يدخل مكة ملبيا ( لبيك اللهم لبيك ) لأنه تربّى أياما قليلة عند النبي عليه الصلاة والسلام .. ما كان الإيمان وحده كافياً إنما كانت تلك النفس القوية ثم غُلّفت بغلاف الإيمان العظيم .. فاجتمعت نفس مع إيمان .. ( خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا )


إن النفوس المطمئنة .. النفوس السوية .. النفوس ذات الشخصية الحقيقية المنهجية هي مطلب ..
إذا كان عندنا يجب أن ننميها .. ليست عندي يجب أن أوجدها في ذاتي ..
أن أبحث عن طريقة أن أستمتع ..
ما بال بعض الناس يعيش نكداً مع نفسه .. مع زوجته مع بنيه أيها الكرام ؟!! ..
لأن نفسه غير مستقرة .. ليس بالضرورة مريضا نفسيا ذلك الإنسان أيها الكرام .. إنما ما عاش استقرارا داخليا مع ذاته .. ما نظر ما هي القيم التي يحبها التي يكرهها وتعامل معها !
ما حاول ربما أن يفهم حقيقة أطروحة هذا الدين ..
ربما بعضهم يشعر أن هذا الدين ثقيلا عليه !
افهم هذا الدين .. استقرِ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ..
ولذلك أنا أتمنى لو في التربية نركز على قراءة السير في تربيتنا لأبنائنا وأجيالنا ..
ونركز على حب النبي صلى الله عليه وسلم ..
إن العلاقة في هذا النبي بهذا الدين بهذا النبي الكريم بهذا الدين الكريم يجب أن تكون انفعالية فيها قناعة معرفية بهذا الدين .. ما الذي ثبّت عبد الله بن حذافة رضي الله عنه حينما أتوا به عند هرقل الروم !!
نستمع إلى هذه القصة في التاريخ :
انظر عبد الله بن حذافة .. انظر إليه إنه عظيم .. أين عظمة عبد الله بن حذافة ؟!
أتوا بامرأة جميلة فما افتتن بها .. من الطبيعي أيها الكرام أن لا يُفتتن وهو تحت حد السيف والقدر يغلي من أمامه .. من الطبيعي ألا يكون عنده نشاط جنسي في تلك اللحظة ..
ما افتتن أن أولئك الكفار عرضوا أن يكون عندهم .. يعرف أن النصرة للمسلمين .. حاولوا به ثم استمرت القضية تلو القضية يحاولون ويرفض ! ..
ثم أخيراً أرادوا أن يلقوا به في القدر .. وحينما أخذوه - ولم أسرد القصة كلها - وإنما شاهدي هو أن أرادوا أن يلقوا فيه القدر .. بكى عبد الله !! بكى عبد الله ابن حذافة ..
فرح هرقل والروم بكى عبد الله أوتوا به إلي .. تحطّم ذلك الجبل الكريم ..
تعال يا عبد الله ( ما يبكيك يا عبد الله ؟ ) بمعنى أغيّرت رأيك يا عبد الله ؟!
قال : لكم تمنيت- ما يقولها بالضجيج والصراخ – بهدوئه – ثانية أقول أقرأ نظرة أحرف التاريخ بها لأنفس أولئك المستقرين نفسيا أن فهموا منهج الدين وعبّروا عن ذواتهم غاية التعبير ..
( لكم تمنيت أن كان لو كان لي بكل شعرة في جسدي نفسا تموت في سبيل الله يا هرقل ، أينفعكم مثلي هذا عقاب ؟!! )
ثم انتهت القصة بالتقبيل التي تعرفونها ثم عمر ابن الخطاب قبّل رأسه وقال :
حق على كل مسلم أن يقبل رأسه ..

إذن أيها الكرام نحن بحاجة أن نعود إلى ذواتنا .. أن نطمئن إلى هذه الذات ..
لكل ذات بنية نفسية خاصة أيها الكرام ..
سؤال أداعب به طلابي في كلية الطب : أيهم أقوى في الحق أبو بكر أو عمر ؟
عمر يا دكتور يقولونه الطلاب ..
أقول : أين عمر في حروب الردة ؟!
أين عمر حينما مات النبي صلى الله عليه وسلم ؟!
اهتز تأثر عمر .. أكان ضعيف الشخصية حاشا وكلا .. ولكني أقارن بأبي بكر ، كان في بنيته الشخصية الهدوء .. أنظر إليه في الجاهلية وفي الإسلام البنية الشخصية الطبيعة أعني بها هي الهدوء .. عمر شخصيته قبل الإسلام التي هي الشدة هي التي بعد الإسلام لكن وجهها للحق ..

إذن نحتاج أن نفهم ذواتنا وأن نقوّم فيها ما نستطيع التقويم .. وحتى النبي صلى الله عليه وسلم علم من ذلك في نفس عمر فوجهها التوجيه المبارك
لكي تنفس هذه القوة في الحق في مواطنها الطبيعية ..

إذن نحتاج ثانية أن نركز على ذلك لماذا ؟
لأن ذلك يمنعنا من الوقوع في النفاق .. المجاملة ما سمّوها إنما هو نفاق فيما يتعلق في أمور الدين .. وأيضا من فوائد ذلك أن أجد راحة في نفسي أيها الإنسان..استقامتي ..علاقتي مع ربي ..
بعض الناس الذي لا يعيش ثقة مع نفسه دائما إذا سجد أو ذهب إلى العمرة أو الحج : اللهم حسن علاقتي مع زميلي فلان اللهم حسن علاقتي مع زوجتي اللهم كذا ...
لا بأس بالدعاء أيها الكرام لكن ما سبب اضطراب علاقته ذلك الإنسان ؟!
لأن علاقته مع نفسه مضطربة .. لو هدأت هذه النفس لنشرت الهدوء في أغلب الأحوال ليس بالضرورة في كلها على نفسه على من حوله من زوجه من أبنائه من زملائه في العمل ..

من فوائد استقرار النفس : راحة داخلية..لا متكبر متغطرس ولا ذليل خانع ذلك الإنسان فيستقر ..
قتل للمشاعر السلبية المرضية في نفسي أنا أيها الإنسان حينما أستقر ..
أيضا وقاية من الأمراض النفسية .. إن الذين عندهم استعداد للإصابة بالأمراض النفسية حينما لا يستقروا مع ذواتهم قد تكون فترة من الإدراك التي تفجّر ذلك الاستعداد الجيني أو الوراثي لدى ذلك الفرد للإصابة بالأمراض النفسية ..

نصل إلى العلاج .. كيف أنمي الثقة في نفسي ؟!
كيف أنمي هذه الثقة .. كيف أجعل أيها الكرام هذه الثقة جيدة في نفسي ؟!

ابتداءً الصراحة : أن تتفق في جلسة صريحة مع ذاتك .. أن تكون صريحاً مع ذاتك أيها الكريم
صراحة مباشِرة ، لا تكون مجاملا لأنك لست أمام غريب .. أمام هذه النفس التي تريد تقويمها ..
إنما يكون هو الحوار الصريح ..
تحديد السلبيات : خطوة أساسية .. تحديد الإيجابيات .. ثم دعم هذه الإيجابيات ثم الذهاب إلى السلبيات وجعلها في قائمة متدرجة .. وأبدأ بعلاج الأهون منها فالأشد فالأكثر شدة ..
هذه طريقة تدرجي في التعامل مع عيوبي لماذا ؟! لأني إذا بدأت بالأقل فإني احتمال النجاح والانتصار على ذلك العيب هو أكبر ثم يأتي مردود نفسي وهذه نظريات من نظريات علم النفس
تقوّي ذاتي من الداخل فأنطلق وهكذا يكون العلاج السلوكي في علاج الإنسان لذاته ..

الجمع بين اللباقة والوضوح .. ليس معنى الوضوح عدم قدرتك على التعبير عن فلان أو ضد فلان حينما يكلمك أو يخطئ عليك ما لم تقم وتشتمه لا :
والله يا أخي الكريم بارك الله فيك أنا أعتقد وأرى رأياً آخر أننا لو فعلنا كذا وكذا ..
أنت عبّرت عن رأيك بأسلوب ممتاز بأسلوب جيد فيه ذكر الله ذكر النبي صلى الله عليه وسلم
فانتشرت السكينة في ذلك اللقاء وفي ذلك الحوار ..
ما تستطيع أن تتواصل بصرياً معه يجب أيضا أن تدرّب جسدك أن تدرب أيضاً عينيك أن تدرب أيضا نبرة صوتك ربما تحتاج إلى مراكز تدريب المهارات لا بأس في ذلك .. استخدام بعض العبارات ترددها على نفسك : أنا جرئ أنا واثق أنا كذا أنا من سلالة النبي ..
في الأطروحات الغربية هناك الكلمات : أنا جرئ أنا قوي أنا واثق لكن لا أرى النفس أن تُطرح لوحدها .. إنما الروح تُمزج معها فتأتي القوة : أنا قوي أنا عزيز بالله أنا واثق بنفسي أنا أحب النبي أنا على طريقة النبي أنا قادر على التعامل مع الآخرين ..
أنظر حينما نجعل النفس تتناقض مع الروح بإذن الله سبحانه وتعالى .. هذه الروح تنشر الهدوء على النفس ..
فإننا إذا تعاملنا بطريقة نفسية بحتة فتكون ناشفة من الداخل طريقة تقليدية لا تكفي لأن العلاج يجب أن يقوم أيها الكرام على طبيعة المجتمع ولا يقوم على طبيعة المجتمعات الأخرى .. ما دام عندنا مقوّمات معينة نوظفها في أساليب العلاج ..

من الأساليب أيضا أيها الكرام أن نقتنع ـ وأعيدها ثانية ـ أن اللباقة والوضوح مفهومان متكاملان لا متضادان .. فنركز على هذه الحقيقة وأعدتها لأهميتها أيها الكرام ..

من الوسائل عدم الانشغال بالطرف الآخر.. لا أنشغل بالطرف الآخر: ماذا يقول الناس عني؟ لاأجعل مركز تحكمي خارجي ماذا يقول الناس ؟! ما رأي فلان ؟! ..
لا بأس أن الاهتمام بعرف الناس أمر حسن لكن الاهتمام بأوامر الله بأوامر النبي بحاجاتي النفسية المباحة والشرعية هو أولى من الاهتمام بحاجات الناس الطبيعية وليست المفروضة أو العرف الشيء الواضح عند الناس ..

من الأساليب أيها الكرام أيضا أن تستوي وأشرنا لها ابتداءً عند كلا ونعم .. وإذا قلت لا تقولها بصريخ وضجيج .. فقل : والله ربما لي رأي آخر أيها الكريم .. إنها لغة من الأدب ليس الخنوع وإن اضطررت فقل : لا يا أخي أنا ما أرى هذا الرأي ..
حسب المتلقي الآخر تقول هذه الكلمة ..
حتى في العلاقة الزوجية كثيرا من المشكلات الزوجية ، بعض النساء لا تهندس علاقتها مع زوجها وبعض الرجال لا يهندس هذه العلاقة ..
يأتي الزوج مثلا متأخر ماذا تقول له هذه الزوجة تقول : والله تأخر علينا في البيت وهو يشتغل في عمله مثلا : أبتأخر ونص وأنتِ ما ينفعلك هذا الشيء ثم يخرج من بيته ! .. طيب ممكن تقولها بطريقة أخرى : والله تتعب نفسك في العمل تتأخر كثير الله يعينك ..
والله يعينكم أنتم علي ، أنا والله اللي تعّبتكم بهذا التأخر ، إذن أدّبته وعادته إلى البيت ..
إنما اللباقة الموزونة هو استخدام العبارة .. ليس خنوعاً أيها الكريم بهذه الكلمة إنما
هو المنطقية وهو التعادل ..
النبي صلى الله عليه وسلم حينما رآه رجلان من الأنصار وكان يسير مع زوجته صفية ( على رسلكما إنها صفية ) .. ما كان في حاجة إليهم ..
أستشهد في هذا الجزء أو هذا الجانب من الموقف ما كان بحاجة وإنما من فقه التعامل من فقه إدراك النفوس أرادها النبي صلى الله عليه وسلم ..
حينما قال " ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا " ويعّرض في الناس ثم يواجه حاطب بن بلتعة .. ثم ماذا فعل مع زوج خولة بنت حكيم حينما جاءت في الظهار ..

إذن تختلف النفوس .. تختلف طرق التعامل فنسايس أنفسنا ومن حولنا لما هو مناسب ..
لن تستطيع المُسايسة إن لم تبني نفساً واثقة ..
لن تستطيع التعامل الجيد إن لم تبني نفسا مطمئنة .. تستقر مع ذاتها ..
أن رفضي لأمر ما أيها الكرام ليس رفضي للإنسان الآخر .. وأن رفض الآخرين لكلامي ليس رفضا لذاتي أنا وإنما للموضوع الذي تحدثت فيه ..
يجب أن نفصل بين ذاتي وبين ما قلت .. قلت كلام فقام أحد الفضلاء : أنت مخطئ ، يجب علي ألا أتأثر، ما هو الصواب جزاك الله خير ، أنقله إلى ماذا ؟! إلى الموضوع محط الحوار ، أبعده عن ذاتي
وكذلك حينما أخاطب الآخرين قد أختلف مع هذا الرأي بعض الشيء : في الرأي بارك الله فيك جزاك الله خير على هذا الرأي لكن في الرأي أعتقد لو فعلنا كذا وكذا .. في الرأي في الرأي أعديها لكي أخرج الحديث من الشخصية إلى الموضوعية محط الحوار وهو الأمر المهم أيها الكرام ..

أن حب الذات ليس النرجسية ..
حينما تهتم ببناء ذاتك أيها الكريم .. حينما تلتفت إلى بنائها لست نرجسياً يحب الذات يهتم بها لا يهتم بالآخرين ..
إن أول خطوة في اهتمامك بأبنائك وزوجتك أن تهتم باستقرار ذاتك .. إذا استقررت فإنهم سيستقرون .. ما بال نساء كثيرات وأبناء كثيرين يتصلون يستشيرون في الأمور ..
نفس أبٍ غير مستقر أو أولاد يتصلون نفس أمٍ غير مستقرة .. لو استقرت لهدأ أولئك الأبناء أو أولئك الأمهات أيها الكرام ..

إذن نحتاج أن نكون متنوّرين واعين لحاجات ذواتنا .. وألا نكون أميين في التعامل مع الذات ..
ألا نعيش خلف شهادات خلف دالٍ تسبق كلمة الإنسان ، خلف ميمٍ إن صحت العبارة تسبق المهندس أو ألف تبسق أستاذ أو (بشت) يحميني من الناس أنا أيها طالب علم ..
يجب أن يحميني ربي ابتداءً وتحميني نفس مطمئنة أسير بين الناس وكأن الدنيا هادئة هذه .. لا ننتفخ بشهاداتنا لا ننتفخ بما حققناه لا .. الانتفاخ والاعتزاز بالله .. اتجهوا هذا الاتجاه فتطمئن نفوسنا ..
أنا أدعوكم أن تستقروا مع أنفسكم حينما تمروا بمرحلة السن الكبير .. إن الوحدة التي تأتي إليك في السن الكبير لن يحميك إلا أمران بعد توفيق الله :
إيمان حقيقي منهجي بالله ، ونفس مطمئنة هادئة ..
هذه النفس الهادئة المتوافقة مع حاجاتها ..
ما بال بعض كبار السن مضطرب قلق ذلك الإنسان وبعضهم هادئ بسيط .. أهذا بسيط !
ليس بالبسيط وإنما متوافق مع حاجاته الداخلية ..
ليس التوافق مع الحاجات الداخلية أفعل ما أردته من المعاصي بل أقوّم الذات وأروّضها ترويضاً كما فعل أبو حفص في ترويض نفسه أن روضها لله سبحانه وتعالى وأطر هذه النفس أطراً لله سبحانه وتعالى وجعل هذا القوة فقط بالحق حينما يخطئ بعض الناس في بعض ممرساتهم ..

أن تعرف ماذا تريد ؟! .. وأن تنسّق ما تريد مع ما تستطيع ..
الآن يجب أن نحدد ماذا تريد : أريد كذا وكذا ..
أسأل نفسي هل أستطيعه ؟!
إذا لم تستطع شي فدعه *** وجاوزه إلى ما تستطيعُ
إذن أكن لا أستطيع لا أفعله لأنه سيأتي الفشل فتنخدش نفسي من الداخل .. أذهب إلى ما أستطيعه وأمارسه وأحمد الله على ما وفقني إليه وما أعطانيه وهذا قدر من الله ..

إن معنى الإيمان بالقضاء والقدر في الأمة أظنه يحتاج مراجعة منا عند علمائنا أيها الكرام ..
أن نسائلهم ثانية عن معناه الحقيقي قدموه لنا لكن نفوسنا ما شربته تماماً ،
إن معنى الاحتساب الحقيقي ـ ورددتها كثيراً ـ يجب أن نراجعه في أطروحتنا .. ليس الإيمان بالقضاء والقدر حينما تصاب أيها الإنسان : قدر الله وما صار ماذا نفعل وهذه الدنيا وكذا .. إنه مرض إنه خور ليس هذا قبول القضاء والقدر ..
ثم إذا أتاه القدر : الحمد الله ما قدر الله إلا الخير وكذا ، هو فرح بنفسه ليس فرح بالخير من الله وحينما كان المصاب هو ناقم على الله لكن لا يعبّر بألفاظه
لكن عينيه لكن نفسه تنطق تلك النقمة ..
إذن يجب أيها الكريم أن يستوي في حسّك الخير والشر من الله سبحانه وتعالى ( أمر المؤمن كله خير إن أصابته سراء شكر وإن أصابته ضراء صبر ) والأحاديث في ذلك كثيرة ..
يأتي الابتلاء فيعرف أنه ابتلاء .. إذن نحتاج إلى برمجة في مناهجنا التربوية .. أن نربي شبابنا على المعاني ، على القيم الموجودة في نصوص الكتاب والسنة ..
أنا لا يهمني كثيراً شاب لا يصلي ركعتين بعد المغرب لا يحافظ على السنن الرواتب وهو لا يحب النبي .. لو اخترنا واحدة من الاثنتين لاشك أن فعل الاثنتين هو الأفضل لا شك أن نربي على الاثنتين لكن شابا لا يحب النبي لا يشعر بحب النبي صلى الله عليه وسلم لا يشعر بعظمة الله :
تخيّرني بين من يتربى على حب النبي وعلى عظمة الله أو يصلي ركعتي السنن الرواتب ؟!
أقول هذه لكن لا شك أن الجمع هو الأولى ..
عبد الله بن عمر بن الخطاب سمع أن رجلاً هو من أهل الجنة قالها النبي صلى الله عليه وسلم .. فذهب إليه يسأل عن ذلك الرجل فاستضافه فجلس عنده وقال إني اختلفت مع عمر أو بيني وبين عمر كما قال خلاف فاستضافه ثلاثة أيام ما رأى عنده زيادة عمل !
فقال له ما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، بمعنى قوله : ما عندك من الأعمال ما جعل النبي يصفك بأنك من أهل الجنة ! نريد أن نفعل فعلك !
قال : ( لا أنام وفي قلبي على أحد من الناس شيء )
كيف استطاع ذلك الصحابي ؟! : حينما اطمأنت نفسه .. فأشرق في الطمأنينة على من حوله من الناس أيها الكرام .. من هنا نستطيع أن نحقق الطمأنينة .. لا نتجه إلى التربية السلوكية مع أبنائنا ربما الطفل قبل المراهقة تسير معها التربية السلوكية يحفظ القرآن وكذا كذا .. نعم يجب أن نشد فيه في تلك الفترة لأنه متلقي مثل المسجل يكون عنده مخزون ..
لكن عند ما يقارب على نهاية الطفولة ودخول المراهقة يجب أن أتجه إلى المعاني لأنه يبدأ بفهم المعاني الرمزية ..
إشكاليتنا بعض الفضلاء يتصلون : ولدي تعبني يا طارق !
لماذا ؟ والله يا أخي ما يسمع الكلام !
نعامله كما هو الطفل ! أقول إحفظ القرآن ما يحفظ أقوله كذا وكذا ،
طيب أعلمته معاني الآيات ؟!
يا أخي كلنا ما تعلمنا دون معانيه يا أخي ذلك الوقت ما فيه دش ما فيه كذا وكذا ، لو تريد الفساد ما لقيت الفساد يا أخي الكريم ..
علمّه معاني الأشياء ، لما بعض الناس حينما يخرج عن الحدود يمنة أو يسرة وربما يكون فيه شي من الخير والفضل قد يمارس بعض الأخطاء ؟!!
.. ما استقرت نفسه ما استقرت في علاقتها مع الله ..
ما استقرت في فهم حقيقة هذا الدين ..
ما استقرت في حقيقة معنى الإحسان " أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك "

أعتقد أني أطلت أعتذر على الإطالة وأسأل الله سبحانه وتعالى الذي جمعنا في هذا المكان المبارك أن يمنّ علينا بإجتماع آخر إخواناً على سرر متقابلين لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وسلم تسليما كثيرا .

سالم