بين الحكمة والقدرة : أين يقف المسلم والمسيحي ؟؟

[مداح بشير]

الحمد لله العلي الكبير والصلاة والسلام على البشير النذير ، وبعد :



فإن من مما تتفق عليه الفطر القويمة والعقول المستقيمة تنزيه الخالق سبحانه عن
مماثلة المخلوق، وإثبات الكمال المطلق له سبحانه في العلم والقدرة والحكمة والملك وسائر الكمالات الإلهية ; فهذا الأمر غاية في البداهة وغاية في الوضوح إذ أنه مركوز في الفطرة والذي ينازع فيه فهو في غاية السفسطة ( المجادلة في إنكار الضروريات وهي العلوم التي لا تحتاج إلى دليل لوضوحها وجلائها مثل : الجزء أقل من الكل وعدم انفكاك الجسم عن الحركة أو السكون و 1+1+1=3 . . .إلخ)
وأشباه هذه المقدمات الضرورية لا ينازع فيها إلا جاهل غارق في الجهل أو مكابر جاحد ، ولولا غلبة الجهل وانحراف الفطر لكانت المناظرة في هذا من ضروب الهذيان وتضييع الزمان ، وكمخاطبة الاعجمي بالعربية ، بل كمطالبة الأخرس بالبيان !!


من هذه الكمالات صفة الحكمة وهي إحكام الصنع ووضع الأشياء في مواضعها ،والتنزه عن العبث والسفه و ما لا يليق .

ومما ينبغي التوقف عنده مليا ومعرفته والعناية به هو تعلق هذه الصفات الشريفة بعضها ببعض كالعلم بالقدرة والحكمة ، وكالسمع بالبصر ، والحلم بالمغفرة ، وغيرها فإن هذا الاقتران يدل على معان وكمالات لايتسع المقام لبسطها. . . (راجع القواعد المثلى للعلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى وكذا كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم فقد وفوا المقام حقه رحمهم الله أجمعين)

فمن ذلك تعلق المشيئة بالحكمة فكل ما شاءه الله سبحانه ففيه حكمة أو حكم بالغة سواء علمناها او لم نعلمها وفائدة هذا الأصل هو رد الكثير من الشبه السوفسطائية التي اجراها الشيطان على ألسنة أوليائه كالسؤال الشهير القبيح :

هل يستطيع الله أن يخلق شيئا أو أحدا هو أقوى منه؟؟

ففي حالة الجواب بالنفي يريد به قائله الالزام والوصول إلى نسبة الله تعالى إلى العجز ، وفي حالة الإيجاب بنعم يريد نسبة الله إلى الضعف (أي في حالة إيجاد هذا المراد الذي هو أقوى من الله سبحانه ) وفي كلا الحالتين الوقوع في المحظور و
هو نسبة الله سبحانه إلى ما لا يليق به تعالى ولا يجوز بحال.


والجواب عن هذه الشبهة الإبليسية يكون بوضع الكلام في نصابه ، وهو أن مشيئة الله سبحانه تابعة لحكمته العليا فالحكمة تقضي على المشيئة فلا مجال للقول بالمشيئة المطلقة والمجردة عن الحكمة فإن تعلق السوفسطائي بالمشيئة المطلقة لغاية في نفسه فقال: "إن الله يفعل ما يشاء وهل الله عاجز؟؟"
فقل له : "وهل الله سفيه حتى تتعلق مشيئته بهذه الاباطيل ؟؟ "، ولنضرب لذلك مثلا تقصم به ظهر هذا المعاند الأثيم : "فلو جوزنا مثلا أن أحد الوجهاء من الأشراف والنبلاء ، وأصحاب المكانة في الناس يمشي في السوق عريانا، أو ينزع ثوبه أمام الملاء، أو يرقص لكان هذا فقط من التجويز العقلي وهو محال لجزمنا التام باستحالة تعلق مشيئة هذا الوجيه بمثل تلك الأمور الشنيعة .

وهذا هو جوابنا للنصارى عند قولهم "إنكم تزعمون أيها المسلمون أن الله على كل شيء قدير وبالتالي فإنه قادر على أن يتجسد في صورة إنسان ( يسوع) ، ونفيكم أيها المسلمون يناقض كمال قدرة الله وفيه نسبته إلى العجز" ، وكما ترى أخي القاريء فإن نفينا نحن المسلمين لتجسد الله سبحانه في الصورة البشرية ليس متعلقا بنفي القدرة بل بنفي تعلق الحكمة بهذه المشيئة العبثية فتنبه !


فنحن نقول إن في هذا نسبة الله إلى السفه و ما لايليق وما ينافي كمال حكمته فلا تتعلق مشيئته بمثل ذلك البتة ، وليت شعري كيف يفكر النصارى وبأي منطق يزنون الامور؟!!
فإن قولهم بتجسد الله كإنسان تام فيه من اللوازم الباطلة الشنيعة ما لا يحاط به فليت شعري ما حال الإله مع المخاط والبراز ؟؟، وكيف حاله مع العرق ؟، ثم حينما أدرك سن البلوغ كيف كان حاله مع الغلمة والشهوة الجنسية؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!! ، وهل كان يحتلم مثل الناس التامين العاديين ؟؟ ، وإن كنتم لاترون ذلك فهل كان عنينا وعاجزا عن إتيان النساء ؟؟ فإن قلتم بذلك ناقضتم قولكم بأن يسوع إنسان تام !!

حاصل ما تقدم : إن ناظرك نصراني في تجسد الله وألزمك بالقدرة والمشيئة فقال: وهل الله عاجز أن . . . ؟؟

فجاوبه : وهل الله سفيه وعابث حتى . . .؟؟

[أسد الجهاد]

جزاك الله خيرا أخي مداح بشير
الله سبحانة وتعالى لا يفعل إلا بما يليق بعظمتة وربوبيتة
سبحانة وتعالى عما يصفون